بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد واله المعصومين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في الحقيقة ان احدى الحِكَم من تمتُّع الإنسان "بلذّات الدنيا" هي أن "يعرف الجنة". بدليل ما يقول أمير المؤمنين(عليه السلام ) في هذا الباب: «وَأَرَاهُمْ طَرَفاً مِنَ اللَّذَّاتِ لِيَسْتَدِلُّوا بِهِ عَلَى مَا وَرَاءَهُمْ مِنَ اللَّذَّاتِ الْخَالِصَةِ.. أَلا وَهِيَ الْجَنَّةُ» (احتجاج الطبرسي/ ج1/ ص207)، وذلك لكي نُدرك ولو اليسير مما يقول الله عز وجل عن الجنة. فإن عرفتَ الجنة فسوف لا تعود ترغب في لذات الدنيا. إنك ستنال من معرفة الجنة من اللذّة ما لا يناله الآخرون من الدنيا نفسها!
ما هي الحكمة من المعاناة؟ على سبيل المثال ما الذي سيجري في نار جهنم فنبتعد عنها، ولنعلم أنّ المعاناة، أساساً، هي هناك.
يقول أمير المؤمنين علي(عليه السلام ): «وَأَرَاهُمْ طَرَفاً مِنَ الآلَامِ لِيَسْتَدِلُّوا بِهِ عَلَى مَا وَرَاءَهُمْ مِنَ الآلامِ.. أَلا وَهِيَ النَّارُ» (احتجاج الطبرسي ج 1). فاعرِفْ نار جهنم بنفسك وخَفْ منها، وعندها سوف لا تعود هناك حاجة لأن يُعرِّفُوك بها!
ومشاكل الدنيا تَحُلّ بالجميع لكنها تحُلّ بالمؤمنين أكثر لأن الله يريد أن يحافظ عليهم في هذه الدنيا أكثر سلامةً (أي يقلّل ابتلاءهم بالفساد) كي يُوليهم في الآخرة المزيد من الاهتمام.
فماذا لو أردنا أن نبقى على إيماننا، وأن تَقِلّ مشاكلُنا أيضاً؟ يقول إمامنا الصادق(عليه السلام) في هذا الباب: «لَوْلا إِلْحَاحُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى اللهِ.. لَنَقَلَهُمْ مِنَ الْحَالِ الَّتِي هُمْ فِيهَا إِلَى حَالٍ أَضْيَقَ مِنْهَا» (الكافي/ ج2/ ص261). وإلا فما داموا مُحبّين لنا فستتفاقم بلاياهم ومشاكلهم. قال رجل للإمام الباقر(عليه السلام): «وَاللهِ إِنِّي لأُحِبُّكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ. قَالَ(عليه السلام): فَاتَّخِذْ لِلْبَلَاءِ جِلْبَاباً» (أمالي الطوسي/ ص154).
كان من المقرر أن تتعذب كي تسمو! لكن، عوضاً عن ذلك، ابكِ عند أعتاب أهل البيت(عليهم السلام) وستسمو. فحين تتصل بالله تعالى عبر الدعاء والتوسل لا يعود هناك داعٍ لأن تتعذّب كثيراً. فأمورُنا في خضم المشكلات والمكاره إنما تسير بالدعاء والتوسل.
بالبلاء والنعمة نعرف النارَ والجنة قليلاً، لكن في مجلس عزاء الإمام الحسين(عليه السلام ) نعرف النار والجنة بعمق، فمجلس العزاء يهبُنا بُغضَ النار والشوقَ إلى الجنة؛ لأن النار تضمّ حرملة والشمر، والجنة تضم أبا الفضل العباس(عليه السلام ). فما ندركه نحن هو أن "المكان الخالي من الحسين(عليه السلام ) هو جهنم، والمكان الذي فيه العباس(عليه السلام) هو الجنة!"
تعليق