إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

السر في مُطالبة فاطمة الزهراء عليها السلام بفدك, ماالذي جعل الزهراء الزاهدة عن الدنيا

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • السر في مُطالبة فاطمة الزهراء عليها السلام بفدك, ماالذي جعل الزهراء الزاهدة عن الدنيا


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته





    السر في مُطالبة فاطمة الزهراء عليها السلام بفدك

    من الممكن أن يقال : إن السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام الزاهدة عن الدنيا وزخارفها ، والتي كانت بمعزل عن الدنيا ومغريات الحياة ما الذي دعاها إلى هذه النهضة وإلى هذا السعي المتواصل والجهود المستمرة في طلب حقوقها ؟

    وما سبب هذا الإصرار والمتابعة بطلب فدك والاهتمام بتلك الأراضي والنخيل مع ما كانت تتمتع به السيدة فاطمة من علو النفس وسمو المقام ؟

    وما الداعي إلى طلب الدنيا التي كانت أزهد عندهم من عفطة عنز وأحقر من عظم خنزير في فم مجذوم ، وأهون من جناح بعوضة ؟

    وما الدافع بسيدة نساء العالمين أن تتكلف هذا التكليف ، وتتجشم هذه الصعوبات المجهدة للمطالبة بأراضيها وهي تعلم أن مساعيها تبوء بالفشل وأنها لا تستطيع التغلب على الموقف ، ولا تتمكن من انتزاع تلك الأراضي من المغتصبين ؟ ؟
    هذه تصورات يمكن أن تتبادر إلى أذهان حول الموضوع .

    أولا : أن السلطة حينما صادرت أموال السيدة فاطمة الزهراء وجعلها في ميزانية الدولة ( بالاصطلاح الحديث ) كان هدفهم تضعيف جانب أهل البيت , أرادوا أن يحاربوا علياً محاربة اقتصادية ، أرادوا أن يكون علي فقيراً حتى لا يلتف الناس حوله , ولا يكون له شأن على



    - ص 232 -



    الصعيد الاقتصادي , وهذه سياسة أراد المنافقون تنفيذها في حق رسول الله
    ( ص ) حين قالوا : لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله .


    ثانيا : لم تكن أراضي فدك قليلة الإنتاج ، ضئيلة الغلات بل كان لها وارد كثير يعبأ به ، بل ذكر ابن أبي الحديد أن نخيلها كانت مثل نخيل الكوفة في زمان ابن أبي الحديد .

    وذكر الشيخ المجلسي عن كشف المحجة أن وارد فدك كان أربعة وعشرين ألف دينار في كل سنة ، وفي رواية أخرى سبعين ألف دينار ولعل هذا الاختلاف في واردها حسب اختلافهم السنين .
    وعلى كل تقدير فهذه ثروة طائلة واسعة ، لا يصح التغاضي عنها .

    ثالثا : إنها كانت تطالب ( من وراء المطالبة بفدك ) الخلافة والسلطة لزوجها علي بن أبي طالب ، تلك السلطة العامة والولاية الكبرى التي كانت لأبيها رسول الله ( ص ) .

    فقد ذكر ابن أبي الحديد في شرحه قال : سألت علي بن الفارقي ، مدرس المدرسة الغربية ببغداد فقلت له : أكانت فاطمة صادقة ؟ قال : نعم . قلت : فلمَ لم يدفع إليها أبو بكر فدك وهي
    عنده صادقة ؟ فتبسم ، ثم قال كلاماً لطيفاً مستحسناً مع ناموسه وحرمته وقلة دعابته قال : لو أعطاها اليوم فدك ، بمجرد دعواها لجاءت إليه غداً وادعت لزوجها الخلافة وزحزحته عن
    مقامه ، ولم يكن يمكنه الاعتذار ، والموافقة بشيء ، لانه يكون قد أسجل على نفسه بأنها صادقة فيما تدعي ، كائناً ما كان من غير حاجة إلى بينة وشهود .

    رابعاً : الحق يُطلب ولا يُعطى ، فلا بد للإنسان المغصوب منه ماله أن يطالب بحقه ، لأنه حقه ، وإن كان مستعيناً عن ذلك


    - ص 233 -


    المال وزاهداً فيه ، وذلك لا ينافي الزهد وترك الدنيا ، ولا ينبغي السكوت عن الحق .

    خامساً : إن الإنسان وإن كان زاهداً في الدنيا راغباً في الآخرة فإنه مع ذلك يحتاج إلى المال ليصلح به شأنه ، ويحفظ به ماء وجهه ويصل به رحمه ، ويصرفه في سبيل الله كما تقتضيه الحكمة .
    أما ترى رسول الله ( ص ) وهو أزهد الزهاد كيف انتفع بأموال خديجة في سبيل تقوية الإسلام ؟ كما مر كلامه ( ص ) حول أموال خديجة ص (39) .

    سادساً : قد تقتضي الحكمة أن يطالب الإنسان بحقه المغصوب ، فإن الأمر لا يخلو من أحد وجهين :
    إما أن يفوز الإنسان ويظفر بما يريد وهو المطلوب وبه يتحقق هدفه من المطالبة .
    وإما أن لا يفوز في مطالبته فلن يظفر بالمال ، فهو إذ ذاك قد أبدى ظلامته ، وأعلن للناس أنه مظلوم ، وأن أمواله غصبت منه .
    هذا وخاصة إذا كان الغاصب ممن يدعي الصلاح والفلاح ، ويتظاهر بالديانه والتقوى ، فإن المظلوم يعرفه للأجيال أنه غير صادق فيما يدعي .

    سابعاً : إن حملة المبادئ يتشبثون بشتى الوسائل الصحيحة لجلب القلوب إليهم ، فهناك من يجلب القلوب بالمال أو الأخلاق أو بالوعود وأشباه ذلك .
    ولكن أفضل الوسائل لجلب القلوب ( قلوب كافة الطبقات ) هو التظلم وإظهار المظلومية فإن القلوب تعطف على المظلوم كائناً من كان ، وتشمئز من الظالم كائناً من كان .

    وهذه الخطبة ناجحة وناجعة لتحقيق أهداف حملة المبادئ الذين يريدون

    - ص 234 -


    إيجاد الوعي في النفوس عن طريق جلب القلوب إليهم .
    وهناك أسباب ودواعٍ أخرى لا مجال لذكرها .

    لهذه الأسباب قامت السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام وتوجهت نحو مسجد أبيها رسول الله ( ص ) لأجل المطالبة بحقها .
    إنها لم تذهب إلى دار أبي بكر ليقع الحوار بينها وبينه فقط ، بل اختارت المكان الأنسب وهو المركز الإسلامي يومذاك ، ومجمع المسلمين حينذاك ، وهو مسجد رسول الله ( ص ) .

    كما أنها اختارت الزمان المناسب أيضاً ليكون المسجد غاصاً بالناس على اختلاف طبقاتهم من المهاجرين والأنصار ولم تخرج وحدها إلى المسجد، بل خرجت في جماعة من النساء ، كأنها
    في مسيرة نسائية، وقبل ذلك تقرر اختيار موضع من المسجد لجلوس بضعة رسول الله وحبيبته ، وعلقوا ستراً لتجلس السيدة فاطمة خلف الستر ، إذ هي فخر المخدرات وسيدة المحجبات .

    كانت هذه النقاط المهمة جداً ، واستعد أبو بكر لاستماع احتجاج سيدة نساء العالمين ، وابنة أفصح من نطق بالضاد وأعلم امرأة في العالم كله .

    خطبت السيدة فاطمة الزهراء خطبة ارتجالية ، منظمة ، منسقة ، بعيدة عن الاضطراب في الكلام ، ومنزهة عن المغالطة والمراوغة ، والتهريج والتشنيع .
    بل وعن كل ما لا يلائم عظمتها وشخصيتها الفذة ، ومكانتها السامية .

    وتُعبر هذه الخطبة معجزة خالدة للسيدة فاطمة الزهراء عليها السلام وآية باهرة تدل على جانب عظيم من الثقافة الدينية التي كانت تتمتع بها الصديقة فاطمة الزهراء .


    - ص 235 -


    وأما الفصاحة والبلاغة ، وحلاوة البيان ، وعذوبة المنطق ، وقوة الحجة ، ومتانة الدليل ، وتنسيق الكلام ، وإيراد أنواع الاستعارة بالكناية ، ، وعلو المستوى ، والتركيز على الهدف , وتنوع البحث , فالقلم وحده لا يستطيع استيعاب الوصف ، بل لا بد من الاستعانة بذهن القارئ .

    كانت السيدة فاطمة مسلحة بسلاح الحجة الواضحة والبرهان القاطع ، والدليل القوي المقنع وكان المسلمون الحاضرون في المسجد ينتظرون كلامها ، ويتلهفون إلى نتيجة ذلك الحوار والاحتجاج الذي لم يسبق له مثيل إلى ذلك اليوم .

    جلست السيدة في المكان المعدة لها خلف الستر ، ولعل دخولها يومذاك كان لأول مرة بعد وفاة أبيها الرسول الأعظم ( ص ) .
    فلا عجب إذا هاجت بها الأحزان ، وأنَت أنَة .
    إنني أعجز عن تعبير عن تحليل تلك الأنَة ، ومدى تأثيرها في النفوس .
    أنًة واحدة فقط - بلا كلام - تهيج عواطف الناس ، فيجهش القوم بالبكاء .
    أنا ما أدري ما كانت تحمل تلك الأنَة من معاني ؟
    ولماذا أجهش الناس بالبكاء ؟
    وهل الأنَة الواحدة تُبكي العيون ، وتُجري الدموع وتُحرق القلوب ؟
    هذه ألغازٌ لا أعرف حلها ، ولعل غيري يستطيع حل هذه الألغاز !!

    رؤوس نُقاط الخطبة

    اختارت السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام لخطبتها هذا الاسلوب للبداية والنهاية إنها لم تكتف بالتركيز على مطالبة حقها فقط ، بل انتهزت الفرصة لتفجير للمسلمين عيون المعارف الإلهية
    ، وتكشف لهم محاسن الدين الإسلامي وتبين لهم علل الشرائع والأحكام وضمناً تهيء الجو لكلامها المقصود وهدفها المطلوب

    وهذه رؤوس أقلام الخطبة ومواضيعها :
    الحمد والثناء على الله .
    التوحيد الإستدلالي .
    النبوة .
    التحدث عن العهد الجاهلي .
    انجازات الرسول .
    توجيه الخطاب إلى الحاضرين .
    التحدث عن القرآن .
    بيان علل الشرائع وفلسفة الإسلام .
    الدخول في صميم الموضوع .
    حوادث فترة الرسالة .
    موقف زوجها العظيم من تلك الحوادث .
    بيان انقلاب الحكم ضد آل الرسول .
    بيان تخاذل المسلمين تجاه أهل البيت .


    - ص 237 -



    توجيه الخطاب إلى رئيس الدولة حول الإرث .
    إقامة الأدلة والبراهين .
    توجيه العتاب إلى الأنصار وتوبيخهم .
    جواب رئيس الدولة .
    تزييف كلامه وتفنيد مغالطاته .
    اعتذار رئيس الدولة .
    توجيه الخطاب إلى الحاظرين ، شكوى إلى رسول الله .


    sigpic

  • #2
    اللهم صلى على محمد وال محمد
    sigpic

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X