إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مقتطفات من سيرة الحبيب المصطفى (صلى الله عليه واله وسلم)

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مقتطفات من سيرة الحبيب المصطفى (صلى الله عليه واله وسلم)

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين , وافضل الصلاة والسلام على خير الخلق اجمعين محمد واله الطيبين الطاهرين ..تحت شعار نحن اتباع محمد(صلى الله عليه واله وسلم) ادعوا كل اعضاء الكفيل الى كتابة مواضيع بخصوص الحبيب المصطفى(صلى الله عليه واله وسلم) لنقدم كل مابستطاعتنا ان نقدمه لسيد المرسلين وحبيب قلوب المؤمنين محمد الامين(صلى الله عليه واله وسلم) وسأبدأ انا رحلة وفاء بأدراج موضوع عن سيرته (صلى الله عليه واله وسلم) وارجو منكم التفاعل بملأ المنتدى المبارك بهكذا مواضيع
    نبدأ على بركة الله
    ولادة النبي (صلى الله عليه وآله)
    أجمع الرواة على ان ولادة النبي (صلى الله عليه واله وسلم) في عام الفيل واتفق معظمهم على أنها كانت في شهر ربيع الأول من ذلك العام، ثم اختلفوا في تعيين يوم الولادة من ذلك الشهر على أقوال منها : ـ
    فذهب بعضهم إلى ولادته في اليوم الثاني من شهر ربيع الأول
    وقيل : في الثامن منه .
    وقيل : في العاشر منه .
    وقيل : في الثاني عشر منه.
    وقيل : في السابع عشر منه .
    وقيل : لثمانٍ بقين منه.
    ولد محمد (صلى الله عليه واله وسلم) سليل أشرف عائلة في العرب ووريث أمجد اسرة ملكت من العز والجاه والقوة والشأن من لم يكن يدنو له الآخرون.
    ولد النبي الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم) في شعب بني هاشم (شعب ابي طالب) ولما ولد (صلى الله عليه واله وسلم) رجمت الشياطين وزلزل إيوان كسرى فسقطت منه ثلاثة عشر شرافة وخمدت نار فارس.
    فهو ابن عبد الله الذي فداه ربه بمائئة من الإبل إنقاذاً له من القتل وفاءً لنذر أبيه، ويسرّ له الزواج السيدة آمنة بنت وهب وهي يومئذٍ من فضليات النساء نسباً وشرفاً، غير ان الأجل لم يمهل عبد الله كي يرى ولده البكر المؤمل، فتوفي وابنه حملٌ في بطن أمه.
    وكان اول لبن شربه (صلى الله عليه واله وسلم) لبن أمه آمنة، ثم دفعه جده عبد المطلب إلى حليمة السعدية فأرضعته وبقي عندها أربع سنين ثم أعادته إلى جده وأمه.
    (النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في كفالة جده عبد المطلب بعد وفاة أمه)
    توفيت أمه آمنة بنت وهب وكان عمره الشريف ستة سنوات وثلاثة أشهر وعشرة أيام، فرّق عليه عبد المطلب رقة لم يرقها على ولده. فكان مع جده عبد المطلب (وكان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة، فكان بنوه يجلسون حول فراشه ذلك حتى يخرج إليه، لا يجلس عليه أحد من بنيه اجلالاً له، فكان رسول الله ((صلى الله عليه واله وسلم)). يأتي وهو غلام حتى يجلس عليه، فيأخذه أعمامه ليؤخروه عنه، فيقول عبد المطلب: دعوا ابني ، فوالله ان له لشأناً، ثم يجلسه ى الفراش ويمسح ظهره بيده). كان عبد المطلب بصيراً بما سيكون من النبي ((صلى الله عليه واله وسلم))في المستقبل لما عنده من العلم بخبره عن آبائه عنه إبراهيم (عليه السلام)، وما كان يرى من القرائن والعلامات في رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)
    وعندما أدركت عبد المطلب الوفاة، بعث إلى أبي طالب، فجاءه ومحمد (صلى الله عليه واله وسلم) على صدره وهو في غمرات الموت، فصار يبكي ويلتفت إلى أبي طالب، ويقول: يا أبا طالب انظر أن تكون حامياً لهذا الوحيد الذي لم يشم رائحة أبيه ولا ذاق شفقة أمه، يا ابا طالب ان أدركت أيامه. فاعلم اني كنت من أبصر الناس ومن أعلم الناس به، أنصره بلسانك ويدك ومالك، فأنه سيسود ويملك ما لم يملك أحد من آبائي، قال ابن اسحاق : ان عبد المطلب توفي ورسول الله ابن ثماني سنين.
    النبي (صلى الله عليه واله وسلم) في كفالة عمه أبي طالب)
    ضم ابو طالب النبي (صلى الله عليه واله وسلم) إليه بعد موت عبد المطلب وكان قد انتهت إليه زعامة قريش بعد أبيه، فكان يحبّه حباً شديداً ويؤثره بالنفقة والكسوة على نفسه وعلى جميع أهله وكان لا يفارقه ساعة في ليل أو نهار وكان لا ينام إلا إلى جنبه حتى بلغ ولا يأتمن عليه أحداً.
    قال ابو طالب : لم أر منه كذبه لا رأيته يضحك في غير موضوع الضحك، ولا مع الصبيان في لغب.
    وكانت فاطمة بنت اسد بن هاشم أمرأة ابي طالب وأم أولاده جميعاً تحنو عليه كأنها أمه.
    ويروى عن رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) لما توفيت فاطمة بنت أسد وكانت مسلمة فاضلة : أنه قال : اليوم ماتت أمي، وكفنّها بقميصه، ونزل في قبرها واضطجع في لحدها، فقيل له يا رسول الله لقد اشتد جزعك على فاطمة! قال : إنها كانت أمي، إن كانت لتجيع صبيانها وتشبعني وتشعثهم وتدهنني
    نشأته الشريفة

    نشأ محمد (صلى الله عليه واله وسلم) نشأة فريدة بين حنان الجد وعواطف الأعمام وحبهم العميق ورعايتهم الفائقة، تنقل بين مكة والمدينة فتعايش مع خشونة الصحراء وجفافها وخبر صعابها وأهوالها، فأصبح بفضل ذلك قوي الشكيمة، شجاع القلب صلب العود، خرج وهو غلام في التاسعة من عمره أو في الثانية عشر مع عمه أبي طالب إلى بلاد الشام وكان عمه قد ذهب إليها تاجراً، فزاده ذلك معرفةً بشؤون الحياة.
    ثم شهد مع أعماه وهو في العشرين أو أقل من ذلك أو أكثر على اختلاف الروايات بعض أيام حرب الفجار بين قريش وأحلافهم من كنانة وبين قيس عيلان، فأضاف بهذا الشهود إلى خبرته خبرة وحنكة، وإلى درايته واتقاناً.
    كما حضر حلف الفضول مع آله وقبيلته ـ وهو ابن عشرين سنة ـ وكان قد دعا إليه عمه الزبير بن عبد المطلب، فتعاقدت فيه قريش وتعاهدت بالله على ان تكون مع المظلوم حتى يؤدى إليه حقه، فكان له (صلى الله عليه واله وسلم) في هذا الحضور المزيد من الصقل والتعلم والإطلاع.
    تزوج بخديجة بنت خويلد (رض) في عامة الخامس والعشرين فحفظ الله تعالى ذريته ونسبه ببركة هذه المرأة الصالحة وما ولدت وأنجبت.
    ولما كان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) في عامه الخامس والثلاثين قامت قريش بهدم الكعبة لتحديد بنائها بعد ان هدّم السّيل الكعبة، فجمعت القبائل الحجارة وبدأوا العمل حتى إذا بلغ البنيان موضع الركن أختصموا فيه، كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون الأخرى، ثم اشتد الخصام في ذلك إلى حد الإستعداد للقتال فيما بينهم، فمكثت قريش أربع ليالٍ أو خمس ليالٍ على ذلك، فأقترح عليهم أحد رجالهم ـ وكان أسنهم ـ ان يجعلوا بينهم حكماً أول من يدخل من باب المسجد، فرضوا بذلك، فكان أول من دخل عليهم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم). فلما رأوه قالوا : هذا الأمين: قد رضينا به، هذا محمد، فلما انتهى إليهم وأخبروا الخبر قال : هلمّ إليّ ثوباً، فأتي به ، فأخذ الركن موضعه فيه بيده ثم قال : لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ثم أرفعوه جميعاً ففعلوا، حتى إذا بلغوا به موضعه وضعه بيده ثم بنى عليه.
    وهكذا دلف محمد (صلى الله عليه واله وسلم) إلى عامه الأربعين وقد تكاملت فيه جميع صفات الرجولة الحقة نبلاً ومجداً وعراقة وشرفاً وذكاءً وفهماً، ومعرفة وعبقرية ثم ضم إليها كل ما منحته الحياة من خبرات واسعة وتجارب عظيمة الآثار، فقد رعى القطعان ومارس التجارة وشهد الحروب وحضر مجالس الأحلاف وجرّب الأسفار وعاش حياة الصحراء القاحلة الماحلة وكل ذلك مما يدعم تلألؤ الرجولة ولمعانها في الإنسان.
    وربما يصح ان يضاف إلى قائمة ميزات هذا الرجل: أنه فقير لم تلامس قلبه قسوة الغني والترف ولم تطغه مشاعر الثراء واليسار، وأنه يتيم الأبوين لم تلن قناته التربية العاطفية السائبة ولم يقعد به التدليل المفسد، فكان ـ كما أريد له ومنه ـ قوي الإرادة حصيف الرأي متواضع الخلق عظيم الصبر، على الرغم مما كان يمنحه جده ثم عمه من بعده وسائر أهله من ألوان الود والدلال والحنان والتفضيل.
    وبمجموع هذه الصفات الفضلى والخصال الرائعة كان محمداً مؤهلاً ـ بأعلى درجات التأهيل ـ لحمله الرسالة الكبرى والقيام بواجب الأمانة العظمى، وكانت جميع ملكاته وقابلياته وتصرفاته في مستوى ذلك المركز الكبير الخطير الذي أعده الله له، ولم يكن ينقصه إلا نزول الوحي والأمر بالتبليغ


    يتبـــــــع
    التعديل الأخير تم بواسطة رحلة وفاء; الساعة 30-09-2010, 07:15 AM.
    كل الاعمال بين القبول والرد الا الصلاة على محمد وال محمد
    اللهم صلِ على محمد وال محمد

  • #2
    نزول الوحي
    كان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) من قبل ان يظهر له جبرئيل (عليه السلام) برسالة الله عزوجل إليه يرى ويعاين من آثار فضل الله أشياء.
    فكان من ذلك أنه إذا مرّ في طريق لا يمر بشجر ولا حجر إلا سلم عليه فقال : السلام عليك يا رسول الله ، فيلتفت يميناً ويساراً فلا يرى أحد[1].
    قال علي بن أبي طالب (ع) لقد رأيتني أدخل معه يعني النبي (ص) الوادي فلا يمر بحجر ولا شجر إلا قال : السلام عليك يا رسول الله وأنا أسمعه[2].
    ثم كان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، وصيب إليه الخلاء فكان يخلو بغار حراء كما كان يفعل ذلك جده عبد المطلب، فيقيم فيه الليالي ذوات العدد، ثم يرجع إلى أهله فيتزود لمثلها، يتحنث بحراء ومعه علي (ع) يقتدي به ويتعلم منه.
    قال علي (ع) : ولقد كنت أتبعه أتباع الفصيل أثر أمه، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علماً، ويأمرني بالإقتداء به، ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري.
    وكان يخرج إلى حراء في كل عام شهراً من السنة ينسك فيه، حتى إذا أتمَّ مدة نسكه عاد إلى مكة ولكنه لا يدخل داره بعد عودته حتى يطوف بالكعبة، حتى إذا كان الشهر الآخر الذي أراد الله عزوجل ما أراد من كرامته من السنة التي بعثه فيها.
    وكانت الليلة التي أكرمه الله عزوجل فيها برسالته جاءه بأمر الله تعالى : (فقال: اقرأ)[3].
    قال : (اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم ثم انتهى فأنصرف[4] .
    وكان ظهور جبرئيل (ع) له (ص) بغار حراء في شهر رجب لثلاث ليالي بقين منه وله من العمر أربعون سنة.
    وقيل كان ذلك لسبع عشر ليلة خلت من شهر رمضان وقيل لثمان من ربيع الأول[5].
    ثم كان جبرئيل (ع) يأتي النبي (ص) فلا يدنو منه إلا بعد ان يستأذن عليه وكان من أوائل ما نزل عليه سورة الحمد وسورة العلق وكان اول شيء فرض الله عزوجل من شرائع الإسلام عليه بعد الإقرار بالتوحيد والبراءة من الأوثان والأصنام وخلع الأنداد[6]، الصلاة[7] .
    وكان أول نزول جبرئيل والوحي إليه كان لا يعرف من هذا ما هو وقد وعيت وحفظت ما أوحى إليه وكأنما كتبت في قلبي وخرج حتى إذا كان وسط الجبل سمع صوتاً من السماء يقول : يا محمد أنت رسول الله وأنا جبرئيل، فرفع رأسه إلى السماء ينظر فإذا جبرئيل في صورة رجل حاف قدميه في أفق السماء وجعل يصرف وجهه الشريف عنه، فلا ينظر إلى ناحية إلا رآه كذلك، ثم انصرف راجعاً إلى أهله حتى أتى خديجة (رض) وحدثها بما صنع به وما رأى، فقالت : أبشر يا ابن العم فو الذي نفس خديجة بيده إني ارجوا أن تكون نبي هذه الأمة.
    وكانت خديجة أول من آمن بالله ورسوله وصدّق ما جاء به، من النساء، وأولا من صدّق وآمن بالله ورسوله من الرجال علي بن أبي طالب (ع).
    ثم ان جبرئيل أتى رسول الله (ص) حين افترضت عليه الصلاة، فتوضأ جبرائيل (ع) ومحمد (ص) ينظر إليه ثم قام فصلى ركعتين ثم رجع النبي (ص) قد أقر الله عينيه وطابت بنفسه فأخذ بيد خديجة فتوضأ كما توضأ جبرائيل فتوضأ كما توضأ جبرئيل، ثم ركع ركعتين وأربع سجدات هو وخديجة ثم أن رسول (صلى الله عليه واله وسلم) كان إذا حضرت الصلاة خرج إلى شعاب مكة وخرج معه علي (عليه السلام) مستخفياً من قومه، فيصليان الصلوات فيها، فإذا أمسيا رجعا، ثم ان ابا طالب (رض) عثر عليهما يومأً وهما يصليان، فقال لرسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) يا ابن أخي ما هذا الدين الذي أراك تدين به؟ قال : اي عم : هذا دين الله ودين ملائكته ودين رسله ودين أبينا إبراهيم . بعثني الله به رسولاً إلى العباد، وأنت (أي عم) أحق من بذلت له النصيحة ودعوته إلى الهدى.
    قال ابن اسحاق : وذكروا انه قال لعلي (عليه السلام) أي بنيّ ما هذا الدين الذي أنت عليه؟
    فقال : يا أبت آمنت بالله وبرسول الله وصدّقته بما جاء به، وصليت معه لله وأتبعته فقال له : أما أنه لم يدعك إلا إلى خير فالزمه.
    وقال علي (عليه السلام) : ولم يجمع بيت واحد يومئذٍ في الإسلام غير رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وخديجة وأنا ثالثهما، أرى نور الوحي والرسالة وأشم ريح النبوة[8]
    ثم اسلم زيد مولى النبي ((صلى الله عليه واله وسلم) ) وكان غلاماً اشتراه النبي ((صلى الله عليه واله وسلم) ) لخديجة (رضى الله عنه) فوهبته للنبي ((صلى الله عليه واله وسلم) ).
    ومرت أيام، دخل أبو طالب (رضى الله عنه) على رسول الله ((صلى الله عليه واله وسلم) ) ومعه جعفر (رضى الله عنه) فنظر إلى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وعلي (عليه السلام) بجنبه يصليان: فقال لجعفر : يا جعفر صل جناح أبن عمك فوقف جعفر (رضى الله عنه) من الجانب الآخر، فلما وقف جعفر على يساره، برز رسول الله ((صلى الله عليه واله وسلم) ) من بينهما وتقدم.
    وأنشأ ابو طالب في ذلك يقول :
    ان علياً وجعفراً ثقتي ,,,,, عند ملمّ الزمان والكرب
    والله لا أخذل النبي ولا ,,,,,,,,,, يخذله من بنيّ ذو حسب
    لا تخذلا وأنصرا ابن عمكما,,,,,, أخي لأمي من بينهم وأبي
    فكان يصلي خلف رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) علي (عليه السلام) وجعفر (عليه السلام) وزيد وخديجة (عليهما السلام)؟
    وتتابع بعد ذلك آحاد قليلون من الناس في الدخول في دين الله، ثم دخل الناس فيه أرسالاً من النساء والرجال، حتى فشا ذكر الإسلام وتحدّث به... فأعظمت ذلك قريش وغضبت له، وظهر فيهم لرسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) البغي والحسد، وشخص له منهم رجال فبادوه العداوة وطلبو له الخصومة.


    ولمّا حان الوقت وآن الأوان أمر الله تعالى رسوله (صلى الله عليه واله وسلم) :أن يصدع بما جاء به وأن ينادي الناس بأمره وأن يدعو إلى الله تعالى، وأنزل عليه قوله عزوجل: (فأصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين) وقوله تعالى : (وأنذر عشيرتك الأقربين..)[9] ولم يجد النبي (صلى الله عليه واله وسلم) بداً ـ وقد أمره الله تعالى من أطاعة هذا الأمر على كل حال، فجرع عشيرته الأقربين، (وهم يومئذٍ اربعون رجلاً، يزيدون رجلاً أو ينقصونه، فيهم أعمامه: أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب، فخاطبهم النبي (صلى الله عليه واله وسلم) قائلاً: (يا بني عبد المطلب: إني ـ والله ـ ما أعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه، فإيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ فأحجم القوم عنها جميعاً، ولم يقم إلا علي فقال: أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه، فنادى النبي (صلى الله عليه واله وسلم) في القوم قائلاً : (إن هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم، فأسمعوا له وأطيعوا له) فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب (رضى الله عنه) : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع.
    ومضى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) على ما هو عليه يظهر دين الله ويدعو إليه.
    ولما رأت قريش ذلك من رسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) أنكروا عليه عيب آلهتهم ومناسكهم، ورأوا عمه أبا طالب (رضى الله عنه) قد حدب عليه وقام دونه، مشى رجال من أشرف قريش إلى أبي طالب (رضى الله عنه) فقالوا يا ابا طالب ان ابن أخيك قد سبّ آلهتنا وعاب ديننا وسفّه أحلامنا وظلل آبائنا، فأما أن تكفه عنا وإما أنتخلي بيننا وبينه، فقال ابو طالب (رضى الله عنه) قولاً رقيقاً، وردّ رداً جميلاً، فانصرفوا عنه: ثم ان قريشاً تأمروا بينهم على من في القبائل منهم من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) الذين أسلموا، فوثبت كل قبيلة على من فيها من المسلمين يعذبونهم ويفتنونهم عن دينهم، ومنع الله منهم رسوله بعمه أبي طالب[10].
    ثم أن قريشاً اشتدّ أمرهم للشقاء الذي أصابهم في عداوة رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ومن أسلم معه منهم، فأغروا برسول اله (صلى الله عليه واله وسلم) سفهاءهم فكذبوه وآذوه ورموه بالشعر والسحر والكهانة والجنون، ورسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) مظهر لأمر الله لا يستخفي به، مبادٍ لهم بما يكرهون من عيب دينهم واعتزال أوثانهم وفراقة إياهم على كفرهم.
    ثم انهم عدوا على من اسلم واتبع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) من أصحابه، فوثبت كل قبيلة على من فيها من المسلمين فجعلوا يحسبونهم ويعذبونهم بالضرب والجوع والعطش وبرمضاء مكة إذا اشتد الحر.
    وتحمل النبي (صلى الله عليه واله وسلم) على أثر ذلك كله من صنوف الأذى وألوان العدوان ما لا يتسع هذا المختصر لسرد وقائعه وتفاصيله.
    عمّار وأهل بيته
    قال ابن اسحاق وكانت بنو مخروم يخرجون بعمار بن ياسر وبأبيه وأمه وكانوا أهل بيت إسلام إذا عميت الظهير، يعذبونهم برمضاء مكة، فيمر بهم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) فيقول : صبراً آل ياسر، موعدكم الجنّة .
    قالت أم هاني: فمات ياسر في العذاب وأغلظت سمية لأبي جهل فطعنها في قلبها فماتت[11].
    وروي ان المشركين أخذوا عمار بن ياسر فلم يتركوه حتى نالَ من رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وذكر آلهتهم بخير، فلما أنى النبي (صلى الله عليه واله وسلم) قال ما وراءك ؟ قال شرٌ يا رسول الله ، والله ما تركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير، قال : فكيف تجد قلبك؟ قال : مطمئن بالإيمان، قال : فإن عادوا فعد: قال الراوي فنزلت فيه[12] .
    (من كفر بالله من بعد إيمانه الا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضبٌ من الله ولهم عذابٌ عظيم) النحل / 106.
    خبّاب بن الأرت
    بيع خباب بمكة ثم حالف بني زهرة واسلم قديماً وكان من المستضعفين وكان قيّناً، وعذب عذاباً شديداً، ثم ان خبابً جاء النبي (صلى الله عليه واله وسلم) فشكا له ما أصابه فقال له النبي (صلى الله عليه واله وسلم) :
    لقد كان الرجل ممن قبلكم يمشط بأمشاك الحديد حتى يخلص إلى ما دون عظمه من لحم وعصب وشقَّ بالمناشير... والله ليمضين هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه.
    نصرة أبي طالب للرسول (صلى الله عليه وآله) .
    صان الله رسوله من قريش بعمه أبي طالب (رضى الله عنه) لأنه كان شريفاً مطاعاً فيهم لا يتجاسرون على مفاجأته بشيء في أمر رسول الله ((صلى الله عليه واله وسلم) ) لما يعلمون من محبته له وحمايته له ولقوله فيه:
    والله لن يصلوا إليك بجمعهم ,,,, حتى أوسد في التراب دفيناً
    فأصدع بامرك ما عليك غضاضة ,,,,, أبشر وقر بذاك منك عيوناً.

    [1] ـ تاريخ الطبري ج2 ص 295.

    [2] ـ أعلام الورى ج1 ص 104.

    [3] ـ سيرة ابن هاشم : 1 / 251.

    [4] تاريخ الطبري : 2/ 298.

    [5] تاريخ اليعقوبي : 2/ 15، سيرة ابن هشام : 1/ 256.

    [6] ـ أي البراءة من كل ند لله تعالى صنم أو غيره.

    [7] تاريخ الطبري ج1 ص535.

    [8] نهج البلاغة الخطبة 190.

    [9] أعلام الورى للطبرسي ج1 ص103

    [10] سيرة ابن هشام : 1 / 282 ـ 287.

    [11] في طبقات ابن سعد ج3 ص 246 ـ عمار بن ياسر بن عامر من مزحج وكان ياسر بن عامر قد قدم هو وأخواه الحارث ومالك من اليمن إلى مكة يطلبون أخاً لهم، فرجع الحارث ومالك إلى اليمن وأقام ياسر بمكة واحلف ابا حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، فزوجه حذيفة أمه له يقال لها :سمية بنت خياط فولدت له عماراً فأعتقه ابو حذيفة ولم يزل ياسر وعمار مع أبي حذيفة إلى ان مات وجاء الله بالإسلام فأسلم ياسر وسمية وعمار وأخوه عبد الله بن ياسر.

    [12] أنساب الأشراف ج1 ص 160.


    يتبع
    كل الاعمال بين القبول والرد الا الصلاة على محمد وال محمد
    اللهم صلِ على محمد وال محمد

    تعليق


    • #3
      بسم الله الرحمن الرحيم
      اللهم صل على محمد وآل محمد و عجل فرجهم و اهلك اعداءهم يا كريم
      السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


      أحسنت، بارك الله فيكِ
      في ميزان حسناتك إن شاء الله تعالى

      دمت بخير

      تعليق


      • #4
        (وفاة ابي طالب وخديجة)
        وفي عام واحد وبعد حصار قريش لبني هاشم توفيت خديجة بنت خويلد (رضى الله عنها) زوج رسول الله ((صلى الله عليه واله وسلم)) ورفيقته الحنون التي طالما شاركت الرسول ((صلى الله عليه واله وسلم)) آلامه وعذابه فعندها فقد الرسول ((صلى الله عليه واله وسلم)) الصدر الثابت بالإيمان العامر بالحنان الذي طالما لجأ إليه الرسول ((صلى الله عليه واله وسلم)) ولم يمض كثير حتى أصاب الرسول ((صلى الله عليه واله وسلم)) المصاب الأكثر وقعاً إلا وهو وفاة عمه أبو طالب الذي عظم ألم فراقه على قلب رسول الله ((صلى الله عليه واله وسلم)) وما قال رسول الله ((صلى الله عليه واله وسلم)) فيهم عند وفاته : يا عم ربّيت صغيراً وكفلت يتيماً ونصرت كبيراً فجزاك الله عني خيراً ومشى بين يدي سريره، وقد فقد الرسول الأعظم ((صلى الله عليه واله وسلم)) بموت أبو طالب النصير والحامي الذي جزعت قريشاً على ان تنول من محمد ((صلى الله عليه واله وسلم)) شيئاً في حياته.


        واجترأت قريش على رسول الله ((صلى الله عليه واله وسلم)) بعد موت ابي طالب وطمعت فيه وهمت به مرة بعد أخرى وآذته اشدّ الإيذاء وكان المؤذون له كثيرين منهم: أبو جهل عمرو بن هشام بن المغيرة عن بني مخزوم، وأبو لهب عم النبي (صلى الله عليه واله وسلم)الحكم بن أبي العاص، والعاص بن وائل وعقبة بن أبي معيط وعتبة بن ربيعة بن عبد شمس وشيبة بن ربيعة بن عبد شمس وغيرهم.
        وفاة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله).
        أخذ النبي (صلى الله عليه واله وسلم) بيد علي بن ابي طالب (عليه السلام) واتبعه جماعة توجه نحو البقيع وقال : ـ إني أمرت بالاستغفار لأهل البقيع فأنطلقوا معه حتى وقف بين أظهرهم وقال : السلام عليكم أهل القبور ليهنئكم ما أصبحتم فيه مما فيه الناس، اقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع أولها آخرها، ثم استغفر لأهل البقيع طويلاً، وأقبل على علي (عليه السلام) فقال له : ان جبرئيل كان يعرض عليّ القرآن في كل سنة مرة وقد عرضه عليّ العام مرتين ولا أراه الا لحضور أجلي، ثم عاد منزله.
        وعاد رسول الله ((صلى الله عليه واله وسلم)) إلى بيته وما هو الا أن اشتد به وجعه وثقل عليه مرضه.
        وقال ابن عباس : لما اشتد برسول الله(صلى الله عليه واله وسلم) المرض، قال لرجال كانوا في البيت، هلموا أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده، فقال بعضهم ان رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)قد غلبه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله، فأختلف أهل البيت واختصموا، فمنهم من يقول قربوا يكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده، ومنهم من يقول غير ذلك، فلما أكثروا اللغو والاختلاف قال رسول الله ((صلى الله عليه واله وسلم)) قوموا.

        ولما كان من الغد حجب النبي (صلى الله عليه واله وسلم) الناس عنه وثقل في موضعه وكان أمير المؤمنين علي (عليه السلام) لا يفارقه إلاّ لضرورة.
        ثم ثقل (صلى الله عليه واله وسلم) وحضره الموت، فقال لعلي : ضع يا علي رأسي في حجرك فقد جاء أمر الله، فإذا فاضت نفسي فتناولها بيدك وأمسح بها وجهك وتولَّ أمري وصلّ عليّ أول الناس ولا تفارقني حتى تواريني رمسي واستعن بالله تعالى، فأخذ علي (عليه السلام) رأسه ((صلى الله عليه واله وسلم)) فوضعه في حجره، فأغمي عليه فأكبت فاطمة (عليها السلام) تنظر في وجهه وتندبه وتبكي ، ففتح رسول الله ((صلى الله عليه واله وسلم)) عينه وقال بصوت ضئيل: يا بنية قولي : (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسول أفأين مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين).

        فبكت طويلاً فأومأ إليها بالدنو منه، فدنت به فأسرّ إليها شيئاً تهلل وجهها له، فسئلت فيما بعد فقالت: أنه اخبرني أنني أول أهل بيته لحوقاً به وأنه لن تطول المدة بين بعده حتى أدركه فسرّي ذلك عنه (عليه السلام)

        ثم قبض ((صلى الله عليه واله وسلم)) ويد أمير المؤمنين (عليه السلام) اليمنى تحت حنكه ((صلى الله عليه واله وسلم)) ففاضت نفسه فرفعها إلى وجه فمسحه به ثم وجه وغمّضه، ومدّ عليه إزاره واشتغل بأمره

        وكانت وفاته يوم الإثنين ضحى لليلتين بقيتا من صفر ولم يحضر غسله ولا تكفينه إلاّ أهل بيته وغسّله علي (عليه السلام) وكان الفضل بن العباس يناوله الماء والعباس يعينهم.

        وأخبر العباس عليّاً (عليه السلام) أن الناس قد اجتمعوا أن يدفنوا النبي ((صلى الله عليه واله وسلم)) في البقيع وأن يؤمهم رجل منهم فخرج أمير المؤمنين إلى الناس وقال أيها الناس أن النبي ((صلى الله عليه واله وسلم)) إمام حياً وميتاً وقال : إني أدفن في البقعة التي اقبض فيها.
        وقال : (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلموا تسليما)
        وروى ابن سعد في طبقاته: لما وضع النبي ((صلى الله عليه واله وسلم)) على السرير قال علي (عليه السلام) لا يقوم عليه أحد لعله يؤم، هو أمامكم، فكان يدخل الناس رسلاً رسلاً، فيصلون عليه صفاً صفاً ليس لهم إمام ويكبرون وعلي (عليه السلام) قائم بحيال النبي ((صلى الله عليه واله وسلم)) يقول : اللهم إنا نشهد أنه قد بلغ ما أنزل إليه ونصح لأمته وجاهد في سبيله حتى أعز الله دينه وتمت كلمته، اللهم فأجعلنا ممن يتبع ما أنزل عليه وثبتنا بعده واجمع بيننا وبينه، وكان أول من صلى عليه علي (عليه السلام) ثم بنو هاشم ثم المهاجرون ثم الأنصار ثم الصبيان ثم النساء، ودفن (صلى الله عليه واله وسلم) ليلة الثلاثاء، قالت عائشة: ما علمنا بدفن رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) حتى سمعنا صوت المساحي ليلة الثلاثاء في السحر

        حبيب قلوبنا وسيدنا محمد ابن عبد الله
        ارواحنا لك فداء
        بأبي انت وامي يامولاي
        اللهم صل ِ على محمد آل ِ محمد ..كلما ذُكر الأبرار ،
        وصل ِ على محمد وآل ِ محمد مااختلف الليل والنهار ،،
        صلاةً تشحنُ الهواء ، وتملأ الأرض والسماء ،،
        صلى الله عليهـ حتى يرضى ،، وصلى الله عليهـ وآلهـ بعد الرضآ
        صلاةً لاحد لها ولامنتهى ...


        رحـــــــــــلة وفـــــــــاء

        كل الاعمال بين القبول والرد الا الصلاة على محمد وال محمد
        اللهم صلِ على محمد وال محمد

        تعليق


        • #5
          اللهم صل على محمد وآل محمد عجل فرجهم والعن اعدائهم

          تعليق


          • #6
            المشاركة الأصلية بواسطة عطر الولايه مشاهدة المشاركة
            بسم الله الرحمن الرحيم
            اللهم صل على محمد وآل محمد و عجل فرجهم و اهلك اعداءهم يا كريم
            السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

            أحسنت، بارك الله فيكِ
            في ميزان حسناتك إن شاء الله تعالى
            دمت بخير

            اللهم صلِ على سيدنا محمد وال سيدنا محمد
            بوركتم
            كل الاعمال بين القبول والرد الا الصلاة على محمد وال محمد
            اللهم صلِ على محمد وال محمد

            تعليق


            • #7
              المشاركة الأصلية بواسطة حاتم المياحي مشاهدة المشاركة
              اللهم صل على محمد وآل محمد عجل فرجهم والعن اعدائهم

              اللهم صلِ على سيدنا محمد وال سيدنا محمد
              بوركتم
              كل الاعمال بين القبول والرد الا الصلاة على محمد وال محمد
              اللهم صلِ على محمد وال محمد

              تعليق


              • #8
                احسنتم على البحث المتميز
                وحياة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كلها اشراقات تنير درب المسلمين
                sigpic

                تعليق


                • #9
                  المشاركة الأصلية بواسطة عمارالطائي مشاهدة المشاركة
                  احسنتم على البحث المتميز
                  وحياة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كلها اشراقات تنير درب المسلمين


                  احسن الله اليكم
                  بوركتم
                  كل الاعمال بين القبول والرد الا الصلاة على محمد وال محمد
                  اللهم صلِ على محمد وال محمد

                  تعليق


                  • #10
                    أحسنت، بارك الله فيكِ
                    في ميزان حسناتك إن شاء الله تعالى
                    دمت بخير

                    تعليق

                    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                    حفظ-تلقائي
                    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
                    x
                    يعمل...
                    X