إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سلمان المحمدي الطاهر

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سلمان المحمدي الطاهر


    سلمان المحمدي


    كان الوقت ضحى ، و قد جلس بعض المسلمين في مسجد النبيّ ( صلى الله عليه و آله ) ينتظرون أذان الصلاة ليؤدوا فريضة الظهر .
    دخل " سلمان " المسجد و سلّم على إخوانه من المؤمنين .
    أرادوا أن يعرفوا نسب هذا الرجل الفارسي ، فتحدّثوا مع بعضهم البعض بصوت يسمعه " سلمان " .
    قال أحدهم أنا من قبيلة تميم .
    و قال آخر أنا من قريش .
    و قال ثالث : أما أنا فمن الأوس . . و هكذا .
    ظلّ سلمان ساكتاً ، فأرادوا يعرفوا نسبه ، فقالوا :
    ـ و أنت يا سلمان ، ما هو نسبك و حسبك ؟
    أجاب ليعلمهم معنى الإيمان :
    أنا ابن الإسلام . .
    كنتُ ضالاً فهداني الله بمحمّد .
    و كنت فقيراً فأغناني الله بمحمّد .
    و كنت مملوكاً فاعتقني الله بمحمّد .
    فهذا حسبي و نسبي .
    سكت الرجال و قد تعلّموا درساً من دروس الإيمان و الإسلام .
    من هو سلمان ؟
    و لكن حقّاً ، من هو سلمان الفارسي ؟ و ما هي قصة إيمانه بالإسلام ؟
    كان اسمه " روزبه " أي " سعيد " . ولد في قرية من قرى مدينة اصفهان .

    كان أبوه رئيس القرية و كان رجلاً ثريّاً ، و في ذلك الوقت كان أهل فارس يعبدون النار لأنّها رمز النور .
    فالنار مقدسة عندهم ، لهذا كانت عندهم معابد توقد فيها النار لتبقى مشتعلة دائماً ، و هناك رجال مقدّسون يتولّون المحافظة على اشتعالها ليل نهار .
    عندما كبر " روزبه " و أصبح فتى أراد أبوه أن يكون له شأن ، فعهد إليه أن يتولّى المعبد و يحافظ على اشتعال النار .
    فكّر روزبه في شأن النار ، فأبى ذهنه المتوقد أن تكون النار إلهاً : لأن الإنسان هو الذي يتولّى رعايتها حتى لا تنطفئ .
    و ذات يوم خرج الفتى يتجوّل في المروج البعيدة .
    شاهد من بعيد بناءً جميلاً فقصده ، و كان البناء كنيسة بناها الرهبان لعبادة الله .
    و كانت النصرانية في ذلك الزمان هي دين الله الحقّ .
    تحدّث الفتى مع الرهبان ، و دخل قلبه حبّ الدين الإلهي ، فسأل عنه ، فقالوا : أصله من بلاد الشام .
    الهجرة
    قرّر روزبه الهجرة الى الشام فانتظر عودة إحدى القوافل .
    وافق تجّار القافلة اصطحابه الى بلادهم . و عندما وصلها راح يبحث عن دين الله فدلّوه على كنيسة كبيرة .
    حلّ الفتى ضيفاً على الأسقف و عاش معه يتعلّم منه أصول الدين و مكارم الأخلاق و تعاليم الإنجيل .
    و بعد مدّة مات الأسقف ، فهاجر روزبه الى مدينة الموصل و عاش في إحدى كنائسها ، ثم انتقل الى مدينة اُخرى هي " نصيبين " ثم الى مدينة " عمّورية " .
    و في عمّورية عاش روزبه فترة من الزمن ، و كان أسقفها رجلاً صالحاً ، فقال لروزبه قبل أن يموت :
    ـ انّ الله سيبعث نبياً في هذا الزمان يأتي بدين إبراهيم الخليل ، و انّه سيهاجر إلى أرض فيها نخيل كثير .
    سأل روزبه :
    ـ و ما هي علاماته ؟
    ـ من علاماته انّه يأكل الهدية و لا يأكل الصدقة و بين كتفيه خاتم النبوّة .
    مات الأسقف الطيب و بقي روزبه وحيداً .
    فكّر أن يهاجر إلى جزيرة العرب .
    و ذات يوم مرّت قافلة تريد العودة إلى الحجاز ، فعرض عليهم كلّ ما يملك لقاء السفر معهم إلى مكّة .

    و لكن التّجار لم يكتفوا بما أخذوه من أموال فصادروا حرّيته و باعوه إلى أحد اليهود كرقيق .
    تألّم روزبه لهذا الغدر و لكنه صبر ، و راح يعمل باخلاص في بستان الرجل اليهودي .
    و تمرّ الأيام ، و ذات صباح جاء من يهود بني قريظة لزيارة ابن عمه ، فرأى روزبه و انهماكه في العمل فقال لابن عمه :
    ـ ارجو أن تبيعني هذا العبد .
    فرح " روزبه " لأن بني قريظة يسكنون في مدينة يثرب المليئة بأشجار النخيل ، و هي المدينة التي قال أسقف " عمّورية " أن النبي الموعود سيهاجر اليها .
    كان روزبه يعدّ الأيام مترقّباً ظهور النبي .
    و ذات يوم و بينما كان يعمل في البستان سمع سيّده يتحدّث إلى أحد أصدقائه :
    ـ لقد وصل محمّد منطقة " قبا " و قد استقبله بعض أهل يثرب هناك .
    و شعر " روزبه " بالفرحة فقد حانت اللحظة التي كان ينتظرها منذ أعوام طويلة .
    انتظر إلى المساء ، و عندما حلّ الظلام تسلل " روزبه " بعد أن أخذ معه كمية من التمر .
    كانت المسافة بين " يثرب " و " قبا " تبلغ ميلين قطعهما " روزبه " بسرعة . و عندما وصل إلى " قبا " دخل على سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) و قال :
    ـ سمعت بأنّك رجل صالح و معك أصحاب غرباء فأحضرت لكم هذا التمر صدقة .
    وزّع سيّدنا محمّد التمر على أصحابه و لم يأكل منه .
    قال روزبه في نفسه :
    ـ هذه العلامة الاُولى .
    و في اليوم التالي جاء مرّة اُخرى و معه كمية اُخرى من التمر أيضاً و قال لسيّدنا محمّد :
    ـ هذه هدية .
    تناول النبيّ التمر شاكراً و وزّعه على أصحابه و أكل منه .
    فقال روزبه في نفسه :
    ـ و هذه العلامة الثانية .
    هكذا تأكّد " روزبه " ان هذا هو النبي الموعود فعانقه و أعلن إسلامه فسمّاه سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) " سلمان " .
    الحرية
    جاء الإسلام ليحرّر البشر من عبادة غير الله عزّ و جلّ ، فلقد وهب الله الإنسان نعمة الحرّية ، لهذا قال سيّدنا محمّد لأصحابه :
    ـ أعينوا أخاكم سلمان على فكاك رقبته .
    كان الرجل اليهودي قد اشترط على سلمان أن يغرس له ثلاثمائة نخلة .
    جمع له إخوانه فسائل النخل ، و قام سيدنا محمد بغرسها فعاشت جميعاً .
    و هكذا أنعم الله على سلمان بنعمة الحرية فعاش سعيداً مع سيدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) .
    الدفاع عن المدينة
    في شهر رمضان من العام الخامس للهجرة سمع المسلمون عن نيّة المشركين بغزو المدينة .
    كان اليهود يخططون لذلك ، فقاموا بتحريض قريش و القبائل العربية على غزو المدينة و القضاء على الإسلام .
    تمكّن اليهود من تحشيد عشرة آلاف مقاتل و أنفقوا من أجل ذلك مبالغ طائلة .
    كان سيّدنا محمّد يستشير أصحابه في مواجهة المشاكل التي تعترض المسلمين .
    اجتمع المسلمون في مسجد النبي ( صلى الله عليه و آله ) للتشاور .
    كان الغزو الجديد يحمل أخطاراً كبيرة ، فالمسلمون لا يملكون العدد الكافي لمواجهة الأعداء ، و القوّات الإسلامية لا تتجاوز الألف مقاتل فقط ، بينما الغزاة عشرة آلاف مسلّحين بأفضل أنواع السلاح .
    حار المسلمون في أمرهم و شعر البعض بالخوف . و كان المنافقون يخوّفون الناس و يبثّون الشائعات .
    و بينما كان المسلمون يتبادلون الآراء لمواجهة الخطر القادم ، نهض سلمان فقال : ـ يا رسول الله كنّا في أرض فارس إذا غزانا العدوّ حفرنا الخنادق .
    و كانت فكرة سلمان مفاجأة للجميع .
    استبشر النبي ( صلى الله عليه و آله ) المسلمون جميعاً .
    الخندق
    كانت نقطة الضعف في شمال المدينة رأى سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) أن يكون طول الخندق خمسة آلاف متر تقريباً ، و بعرض تسعة أمتار ، أما عمقه فيكون سبعة أمتار .
    و في اليوم التالي خرج المسلمون و هم يحملون أدوات الحفر . و لكي تكون عملية الحفر منظّمة و دقيقة أمر سيّدنا محمّد أن يشترك كل عشرة مقاتلين بحفر أربعين متراً من الخندق .
    كان الفصل شتاءً و الرياح باردة جدّاً و المسلمون صائمون ، و مع كل ذلك كانوا يعملون بحماس و لا يصغون الى الشائعات التي يبثّها اليهود و المنافقون .
    و كان سيّدنا محمّد يعمل بنشاط و يبثّ روح العزيمة في نفوس أصحابه و ينشد شعراً حماسياً لأحد أصحابه و هو عبد الله بن رواحة .
    اللّهم لولا أنت ما اهتدينا .
    و لا تصدقنا و لا صلّينا .
    فأنزِلن سكينةً علينا .
    و ثبِّت القلوب إن لاقينا .
    الصخرة
    كان سلمان يعمل مع اخوانه من المهاجرين و الأنصار . و ذات يوم اعترضت عملهم صخرة بيضاء قاسية .
    حاول سلمان تحطيمها بمعوله فلم يستطع .
    حاول أصحابه و لكنّهم عجزوا أيضاً ، و كانوا كلّما ضربوها تطاير منها الشرر .
    فاستشار المسلمون سلمان في ذلك .
    ذهب سلمان ليخبر سيّدنا بقصة الصخرة و ان يسمح لهم في تغيير اتجاه الحفر .
    جاء النبيّ ( صلى الله عليه و آله ) إلى منطقة الحفر و أخذ المعول من سلمان و نزل في الخندق ، و طلب منهم أن يحضروا بعض الماء .
    صبّ النبيّ ( صلى الله عليه و آله ) الماء فوق الصخرة ، و أمسك بالمعول و هتف ، بسم الله ، و ضرب الصخرة فانشق ثلثها .
    هتف النبيّ ( صلى الله عليه و آله ) :
    ـ الله اكبر أعطيت مفاتيح الشام و الله إني لأبصر قصورها .
    و ضرب النبيّ ( صلى الله عليه و آله ) الصخرة مرّة ثانية فقطع ثلثاً آخر و هتف :
    ـ الله أكبر أُعطيت مفاتيح فارس و الله إني لأبصر قصر المدائن .
    و ضرب مرّة ثالثة فقطع ما تبقّى من الصخرة فقال :
    ـ الله أكبر اُعطيت مفاتيح اليمن و الله إني لأبصر أبواب صنعاء .
    فرح المسلمون و استبشروا بنصر الله .
    أما المنافقون فقد راحوا يسخرون و يقولون للمؤمنين :
    ـ كيف تصدّقون بفتح بلاد فارس و الروم و اليمن و أنتم تحفرون الخندق في يثرب ؟‍
    و لكن المؤمنين لم يكونوا يشكّون بنصر الله لأن الله ينصر عباده المخلصين .
    استمر المسلمون في حفر الخندق ليل نهار مدّة شهر كامل .
    و خلال تلك الفترة كان المسلمون يقومون بعمل آخر و هو نقل المحاصيل الزراعية إلى داخل المدينة ، لكي تساعدهم على تحمّل مدّة الحصار ، و حتى لا يستفيد منها العدوّ .
    الحصار
    وصلت جيوش " الأحزاب " بقيادة أبي سفيان . و عندما رأى المشركون الخندق تعجّبوا و قالوا :
    ـ ان العرب لا يعرفون هذه المكيدة .
    و عرفوا انّها فكرة سلمان الفارسي .
    فرض المشركون الحصار على المدينة . . و كان أبو سفيان يبحث عن ثغرة في الخندق يمكن اقتحام الخندق منها و لكن لا فائدة .
    و خلال مدّة الحصار تبادل المسلمون و المشركون إطلاق السهام .
    و ذات يوم تمكّن فرسان المشركين من اقتحام الخندق و العبور إلى جبهة المسلمين .
    أمر سيدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) بقطع الطريق على المقتحمين ، و نهض علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) لقتال قائدهم " عمرو بن عبد ودّ " و كان من أبطال المشركين .
    و عندما توجّه الإمام علي لقتال عدوّ الإسلام دعا سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) له بالنصر و قال :
    ـ اليوم برز الإيمان كلّه إلى الشرك كلّه .
    و انتصر فتى الإسلام على عدوّه ، و صاح المسلمون :
    ـ الله أكبر . . الله أكبر .
    و فرّ المشركون باتجاه الخندق فطاردهم فرسان الإسلام و قتلوا بعضهم .
    الانتصار
    فشل المشركون في عبور الخندق و طالت مدّة الحصار و نصر الله رسوله و المؤمنين ، فكانت العواصف العاتية تهبّ على جيوش الأحزاب فتقلع و تدخل في قلوبهم الخوف .
    و ذات ليلة و بعد أن ملّ المشركون الحصار قرّر أبو سفيان الإنسحاب .
    و في الصباح أرسل سيدنا محمد ( صلى الله عليه و آله ) حذيفة ليستطلع له جبهة العدوّ .
    أخبر حذيفة رسول الله بهزيمة جيوش الأعداء .
    عمّت الفرحة جيش الإسلام و شكروا الله على أن نصرهم على أعداء الدين و الإنسانية .
    و عاد المسلمون إلى منازلهم فرحين بعد حصار بلغ شهراً كاملاً .
    في مسجد النبي
    اجتمع المؤمنون في مسجد النبي ( صلى الله عليه و آله ) يشكرون الله سبحانه و كانوا ينظرون بحبّ و احترام إلى الصحابي الجليل سلمان الذي أنقذ بخطّته المدينة المنوّرة و الإسلام من الغزاة .
    لهذا قال الأنصار من أهل المدينة :
    ـ سلمان منّا .
    و صاح المهاجرون :
    ـ سلمان منّا .
    و نظر المسلمون إلى سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) ما يقول في سلمان .
    قال النبيّ بحبّ :
    ـ سلمان منّا أهل البيت . .
    ثم قال ( صلى الله عليه و آله ) :
    ـ لا يقولوا سلمان الفارسي و لكن قولوا سلمان المحمّدي .
    و منذ ذلك اليوم و المسلمون ينظرون إلى سلمان باحترام و إجلال .
    الجهاد
    لم يفارق سلمان سيدنا محمّداً ( صلى الله عليه و آله ) في الجهاد و الدفاع عن رسالة الإسلام ، فاشترك في جميع المعارك الإسلامية ، مع اليهود في " بني قريظة " و " خيبر " و كان في طليعة الذين بايعوا رسول الله تحت " الشجرة " و التي تدعى " بيعة الرضوان " و في فتح مكّة و معركة " حنين " و رافق النبي ( صلى الله عليه و آله ) في مسيرته إلى " تبوك " .
    كان سلمان صادق الإيمان مخلصاً في جهاده ، حتى سمع المسلمون سيّدنا محمّداً ( صلى الله عليه و آله ) يقول :
    ـ إنّ الجنّة تشتاق إلى ثلاثة : عليّ و عمّار و سلمان .
    ذات يوم كان سلمان يتحدّث الى أخويه بلال الحبشي و صهيب الرومي . كان منظرهم جميلاً فهم من ثلاثة بلدان مختلفة جمعهم الإسلام فأصبحوا إخواناً .
    و في الأثناء مرّ أبو سفيان فنظر إليهم باستعلاء ، فهو ما يزال يفكّر بطريقة أهل الجاهلية ، فالعرب في رأيه أفضل من سائر الأقوام و الشعوب .
    أما سيدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) فيقول :
    ـ لا فرق بين عربي و أعجمي إلاّ بالتقوى .
    أراد سلمان و بلال و صهيب أن يلقّنوه درساً و يذكروه بسماحة الإسلام فقالوا :
    ـ ما أخذت السيوف من عدوّ الله ؟
    سمع أبو بكر ذلك فقال لهم منزعجاً :
    ـ أتقولون هذا لشيخ قريش و زعيمها ؟‍
    ذهب أبو بكر ليخبر سيّدنا محمّداً ( صلى الله عليه و آله ) بما قالوه .
    و لكن سيّدنا محمّد قال له :
    ـ هل أغضبتهم يا أبا بكر ؟ إن أغضبتهم أغضبت الله .
    ندم أبو بكر على ما قاله لهم و عاد إليهم مسرعاً و قال :
    ـ يا اخوتي لعلّي أغضبتكم .
    أجابوا بتسامح الإسلام :
    ـ لا يا أبا بكر يغفر الله لك .
    وفاة النبي
    في يوم الاثنين 28 صفر ، انتقل سيّدنا محمّد الى الرفيق الأعلى و حزن المسلمون و بكى سلمان .
    كان سلمان يحبّ سيدنا محمّداً ( صلى الله عليه و آله ) كثيراً و كان يقتدي بسيرته و يسير في طريقه و يحفظ كلّ ما يسمعه منه .
    لهذا كان سلمان يحبّ عليّاً لأن الله و يحبّه و رسوله ، و قد سمع أكثر من مرّة النبيّ ( صلى الله عليه و آله ) يقول :
    ـ عليّ مع الحقّ و الحقّ مع عليّ .
    ـ أنت مني بمنزلة هارون من موسى و لكن لا نبيّ بعدي .
    ـ من كنتُ مولاه فهذا عليٌّ مولاه ، اللّهمّ والِ من والاه و عادِ من عاداه و انصر من نصره و اخذل من خذله .
    كان سلمان قد سمع هذه الأحاديث و غيرها ، و لهذا فهو يعتقد بإمامة علي و انّه خليفة سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) بعده .
    البيعة
    بويع أبو بكر بالخلافة في سقيفة " بني ساعدة " و كان الإمام علي مشغولاً بتجهيز النبي ( صلى الله عليه و آله ) .
    فوجئ الكثير من الصحابة بهذه البيعة و اعترضوا عليها ، لأن الخليفة الحقّ في رأيهم هو عليّ ( عليه السَّلام ) .
    لهذا امتنع سلمان و أبو ذر و المقداد و عمّار بن ياسر و عبد الله بن عباس و الزبير بن العوام و قيس بن سعد و اسامة بن زيد و أبو أيوب الأنصاري و عبد الله بن مسعود و غيرهم من الصحابة .
    و ظلّ الإمام علي على موقفه من البيعة إلى أن توفيت زوجته فاطمة الزهراء بنت سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) .
    بايع الإمام ( عليه السَّلام ) أبا بكر من أجل الإسلام ، و كان سلمان ينتظر ، فقال له الإمام :
    ـ بايع يا أبا عبد الله .
    كان سلمان مطيعاً لله مطيعاً لرسول الله مطيعاً للإمام ، فبايع .
    كان علي ( عليه السَّلام ) يحبّ سلماناً و يقول عنه :
    ـ سلمان امرؤ منّا أهل البيت .
    ـ من لكم بمثل لقمان الحكيم .
    ـ قرأ الكتاب الأوّل و الكتاب الآخر أي الإنجيل و القرآن الكريم .
    المدائن
    شارك سلمان في معارك الفتح الإسلامي في بلاد فارس و كان يتقدّم المقاتلين بشجاعة نادرة .
    و كان إلى جانب قائد الحملة على المدائن سعد بن أبي وقاص فعبر النهر بجواده .
    قام بدور الترجمة بين المسلمين و أهل فارس ، فاستسلمت مدينة " إيوان " بدون إراقة الدماء .
    عيّنه الخليفة عمر بن الخطاب والياً على المدائن فكان مثالاً للحاكم المسلم العادل .

    كان المرتّب الذي يتقاضاه خمسة آلاف درهم و لكنه كان ينفقه جميعاً على الفقراء .
    كانت حياته بسيطة فهو يشتري خوصاً بدرهم واحد فيصنع منه سلالاً يبيعها بثلاثة دراهم ، ينفق درهماً واحداً على عياله و يتصدّق بدرهم و يدّخر الدرهم الثالث ليشتري به " الخوص " .
    كانت ثيابه بسيطة ، و كان المسافرون و الغرباء عندما يرونه يحسبونه رجلاً من فقراء المدائن .
    و ذات يوم كان سلمان يمشي في السوق رآه أحد المسافرين و كان معه أمتعة فأمره أن يحملها .
    تقدّم سلمان و حمل الأثقال و راح يمشي وراء الرجل .
    كان الناس في الطريق ينحنون إجلالاً للأمير و يسلمون عليه باحترام .
    تعجّب الرجل الغريب و سأل :
    ـ من يكون هذا الرجل الفقير ؟
    فأجابوه :
    ـ هذا سلمان الفارسي صاحب رسول الله و أمير المدائن .
    اندهش الرجل و تقدّم من سلمان معتذراً و طلب منه أن ينزل الأثقال .
    رفض سلمان ذلك و قال :
    ـ حتى أوصلك .
    تأثّر الرجل و أدرك ان سلمان من أولياء الله .
    الكوفة
    بعد فتح المدائن كان المسلمون يبحثون عن مكان مناسب للسكنى ، فانطلق سلمان و حذيفة بن اليمان للبحث عن أرض تلائم طبيعة المسلمين .
    وقع اختيارهما على أرض الكوفة فصلّيا فيها ركعات ، و منذ ذلك التاريخ نشأت مدينة الكوفة التي أصبحت عاصمة للدولة الإسلامية فيما بعد و مركزاً من مراكز العلم و المعرفة .

    الجهاد مرّة اُخرى
    أصبح عثمان خليفة المسلمين و يأتي قرار بعزله عن الولاية .
    فرح سلمان و انطلق الى المدينة ليزور ضريح سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) و يصلّي في مسجده .
    كان يحبّ حياة الجهاد دفاعاً عن دولة الإسلام فالتحق بصفوف المقاتلين في فتح مدينة " بلنجرد " و هي من مدن الخزر ( في تركيا ) و كانت له مواقف مشهودة .
    العودة
    أصبح سلمان شيخاً طاعناً في السنّ .
    و يشعر بدنو أجله و هو راقد في فراش المرض ، و يأتي المسلمون لعيادته يدعون الله له بالشفاء .
    كانوا ينظرون بحبّ إلى رجل قضى حياته زاهداً يحبّ الله و الناس .
    و ذات صباح طلب من زوجته أن تحضر له صرّة . كان سلمان يحتفظ بها مند سنوات .
    تساءلت زوجته عنها ، فقال سلمان :
    ـ قال لي حبيبي رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) : اذا جاءك الموت حضر أقوام يجدون الطيب و لا يأكلون الطعام .
    فتح الشيخ الصرّة و رشّها بالماء ففاحت روائح طيبة ملأت فضاء الحجرة .
    طلب سلمان من زوجته ان تفتح الباب .
    و مرّت لحظات نورانية و أغمض الشيخ عينيه ليرقد بسلام .
    مرقده
    في منطقة يقصدها السواح لمشاهدة آثار المدائن حيث يرتفع طاق كسرى ، يجد الزائر مقاماً كبيراً يدعى ( سلمان باك ) ، يضمّ مرقد الصحابي الجليل سلمان المحمدي . . سلمان ابن الإسلام البارّ .
    ذلك الفتى الذي غادر أرض إيران و طاف المدن في تركيا و الشام و العراق و الحجاز ليموت في المدائن بعد حياة طويلة قضاها في الجهاد و الزهد و العبادة .
    و لا ننسى أن نذكر أن أهل المدائن كانوايدعونه سلمان باك


    وباك هي كلمة فارسية تعني الطاهر.


    مع تحيات اخوكم الشرطي


    منقول



    التعديل الأخير تم بواسطة الشرطي; الساعة 11-05-2011, 05:20 PM.
    sigpic

  • #2
    بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين ..



    ان التكلم عن سمات هذه الشخصيات المباركة العظيمة لا ينحصر في موضوع
    او اكثر باعتبارها من الشخصيات الرائعة المقدمة للاسلام الكثير الكثير حيث
    كانت معاصرة للرسول وعاملة وفق ما كان يريد للحفاظ عن الدين الاسلامي الحنيف ..

    الاخ الشرطي .. نسأل الله تعالى ان يمن عليكم بالعافية
    ونسألكم الدعاء

    تعليق


    • #3
      المشاركة الأصلية بواسطة الناصح مشاهدة المشاركة
      بسم الله الرحمن الرحيم

      وبه نستعين ..



      ان التكلم عن سمات هذه الشخصيات المباركة العظيمة لا ينحصر في موضوع
      او اكثر باعتبارها من الشخصيات الرائعة المقدمة للاسلام الكثير الكثير حيث
      كانت معاصرة للرسول وعاملة وفق ما كان يريد للحفاظ عن الدين الاسلامي الحنيف ..

      الاخ الشرطي .. نسأل الله تعالى ان يمن عليكم بالعافية
      ونسألكم الدعاء

      اشكر مرورك النير الذي أنار موضوعي


      تقبل مني خالص الدعاء


      sigpic

      تعليق


      • #4
        اللهم صلي على محمد وآل محمد
        أحسنت أخي الشرطي سلمت اناملك كان توضيحا وافيا لحياة هذا الصحابي الجليل الذي كانت حياته مليئه بالعطاء
        بارك الله فيك وزادك الله ايمانا وعلما

        تعليق


        • #5
          اشكر مرورك العطر لموضوعي

          بيرق



          sigpic

          تعليق


          • #6
            اللهم صل على محمد و ال محمد
            كنت اود لو يكون هناك مصدر لرواية مبايعة سلمان المحمدي كما اشرتم
            حيث انني اذكر قوله لابا بكر سابايعك بلساني و ليس بقلبي و لكن اعلم يا ابا بكر بانه لو تطارق حجران في قاع المحيط لكان ذنبهما معلق في عقنك و عنق عمر من الان الى يوم القيامه
            ارجو الافادة و شكرا لكم
            ابراهيم علي عوالي العاملي

            تعليق

            المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
            حفظ-تلقائي
            Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
            x
            يعمل...
            X