عالم الحيوانات في نهج البلاغة ( الخفاش )
بسم الله الرحمن الرحيم ..
هذه سلسلة من عجائب وصف الامام عليه السلام للحيوانات مطبقا فيها حكمة واتقان صنعة الله تعالى .. نبدئها بالخفاش ..
قال في ( الخطبة 153 ) عن الخفاش :
و من لطائف صنعته و عجائب خلقته ، ما أرانا من غوامض الحكمة في هذه الخفافيش ، الّتي يقبضها الضّياء الباسط لكلّ شيء ، و يبسطها الظّلام القابض لكلّ حيّ ، و كيف عشيت أعينها ( أي ضعفت عن الرؤية ) عن أن تستمدّ من الشّمس المضيئة نورا تهتدي به في مذاهبها ، و تتّصل بعلانيّة برهان الشّمس إلى معارفها . و ردعها بتلألؤ ضيائها عن المضيّ في سبحات إشراقها ( أي درجاته و أطواره ) ، و أكنّها في مكامنها ، عن الذّهاب في بلج ائتلاقها ( أي وضوح لمعانها ) . فهي مسدلة الجفون بالنّهار على حداقها ، و جاعلة اللّيل سراجا تستدلّ به في التماس أرزاقها ، فلا يردّ أبصارها إسداف ظلمته ، و لا تمتنع من المضيّ فيه لغسق دجنّته ( أي شدة ظلمته ) . فإذا ألقت الشّمس قناعها ، و بدت أوضاح نهارها ، و دخل من إشراق نورها على الضّباب ( جمع ضب ) في وجارها ( مكان سكنها ) ، أطبقت الأجفان على مآقيها ، و تبلّغت بما اكتسبته من المعاش في ظلم لياليها . فسبحان من جعل اللّيل لها نهارا و معاشا ، و النّهار سكنا و قرارا و جعل لها أجنحة من لحمها تعرج بها عند الحاجة إلى الطّيران ، كأنّها شظايا ( أي شقق ) الآذان ، غير ذوات ريش و لا قصب . إلاّ إنّك ترى مواضع العروق بيّنة أعلاما . لها جناحان لمّا يرقّا فينشقّا ، و لم يغلظا فيثقلا . تطير و ولدها لاصق بها ، لاجىء إليها ، يقع إذا وقعت ، و يرتفع إذا ارتفعت ، لا يفارقها حتّى تشتدّ أركانه ، و يحمله للنّهوض جناحه ، و يعرف مذاهب عيشه ، و مصالح نفسه . فسبحان الباريء لكلّ شيء ، على غير مثال خلا من غيره .
بسم الله الرحمن الرحيم ..
هذه سلسلة من عجائب وصف الامام عليه السلام للحيوانات مطبقا فيها حكمة واتقان صنعة الله تعالى .. نبدئها بالخفاش ..
قال في ( الخطبة 153 ) عن الخفاش :
و من لطائف صنعته و عجائب خلقته ، ما أرانا من غوامض الحكمة في هذه الخفافيش ، الّتي يقبضها الضّياء الباسط لكلّ شيء ، و يبسطها الظّلام القابض لكلّ حيّ ، و كيف عشيت أعينها ( أي ضعفت عن الرؤية ) عن أن تستمدّ من الشّمس المضيئة نورا تهتدي به في مذاهبها ، و تتّصل بعلانيّة برهان الشّمس إلى معارفها . و ردعها بتلألؤ ضيائها عن المضيّ في سبحات إشراقها ( أي درجاته و أطواره ) ، و أكنّها في مكامنها ، عن الذّهاب في بلج ائتلاقها ( أي وضوح لمعانها ) . فهي مسدلة الجفون بالنّهار على حداقها ، و جاعلة اللّيل سراجا تستدلّ به في التماس أرزاقها ، فلا يردّ أبصارها إسداف ظلمته ، و لا تمتنع من المضيّ فيه لغسق دجنّته ( أي شدة ظلمته ) . فإذا ألقت الشّمس قناعها ، و بدت أوضاح نهارها ، و دخل من إشراق نورها على الضّباب ( جمع ضب ) في وجارها ( مكان سكنها ) ، أطبقت الأجفان على مآقيها ، و تبلّغت بما اكتسبته من المعاش في ظلم لياليها . فسبحان من جعل اللّيل لها نهارا و معاشا ، و النّهار سكنا و قرارا و جعل لها أجنحة من لحمها تعرج بها عند الحاجة إلى الطّيران ، كأنّها شظايا ( أي شقق ) الآذان ، غير ذوات ريش و لا قصب . إلاّ إنّك ترى مواضع العروق بيّنة أعلاما . لها جناحان لمّا يرقّا فينشقّا ، و لم يغلظا فيثقلا . تطير و ولدها لاصق بها ، لاجىء إليها ، يقع إذا وقعت ، و يرتفع إذا ارتفعت ، لا يفارقها حتّى تشتدّ أركانه ، و يحمله للنّهوض جناحه ، و يعرف مذاهب عيشه ، و مصالح نفسه . فسبحان الباريء لكلّ شيء ، على غير مثال خلا من غيره .