: الصيامُ في وجههِ الآخر حَقّا :
=================== ==========
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
قال الإمام جعفر الصادق : عليه السلام :
قال رسول الله : صلى الله عليه وآله وسلَّم :
: الصوم جُنّة - أي ستر - من آفات الدنيا
وحجابٌ من عذاب الآخرة –
إلى أن قال –
وقال رسول الله : صلى الله عليه وآله :
قال الله تعالى : الصومُ لي وأنا أجزي به
فالصوم يُميتُ مراد النفس ، وشهوة الطبع الحيواني
وفيه صفاء القلب وطهارة الجوارح
وعمارة الظاهر والباطن ، والشكر على النعم
والاحسان إلى الفقراء
وزيادة التضرع والخشوع والبكاء
وحبل الالتجاء إلى الله ، وسبب انكسار الشهوة
وتخفيف السيئات ، وتضعيف الحسنات
وفيه من الفوائد ما لا يحصى وكفى بما ذكرناه منه ، لِمَن عَقِله ، ووفقَ لاستعماله :
:مُستدرَك الوسائل:الميرزا النوري:ج7:ص500.
إنَّ الحديث عن فلسفة الصيام بلحاظ كونه حكماً شرعيا واجباً على الذين يتمكنون من إمتثاله
قد يأخذ بسط الكلام فيه مديات متعددة ومُعطيات فعليّة التحقق .
لكن بما أنَّ الإمام المعصوم :عليه السلام: هو ذاته يتحَّدث عن حكمة الصوم وفائدته
وينقل حديث جده رسول الله :ص: بشأن قيمة وقداسة الصيام عبادةً وقصدا .
فسنتقيَّد بذلك إختصارا :
إذ في متن الحديث أعلاه يبدو أنَّ الصيام
هو
عبادة جامعة مانعة في مفهومها وتطبيقها حياتيا.
بمعنى أنَّ الصيام يجمع في تطبيقه كلّ كمالٍ تنشده الشريعة للإنسان والمجتمع.
ويتوفر في تطبيقه الفعلي
كل خير وصلاح ومصلحة للإنسان الصائم
ويُمثِّل الصيام في تطبيقه الخير المحض .
على مستوى ذات الصائم أو على مستوى المجتمع
لذا قال الله تعالى:
(( فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ
وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ )) البقرة184
لاحظوا قوله تعالى:
فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ
هذا على مستوى الفرد
وأما على مستوى المجموع:
وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
إذاً ممكن أن تتجلى خيريَّة الصيام في كون
: الصوم جُنّة - أي ستر - من آفات الدنيا
وحجابٌ من عذاب الآخرة :
فمفردة :الصوم جُنّة:
هي بذاتها قد إختزلتْ فلسفة الصيام حياتيا وحتى أخرويا.
وإنما يكون الصيام درعاً قويا يتمترس به الصائم
إذا أدرك فعلاً الحكمة والمصلحة من تشريع الصيام وجوباً.
وربّما لو لم لم يكن للصيام محله من السنة مرةً واحدة لتعرض جسم الإنسان ونفسه إلى أزمات صحيّة ومعنوية
وهذا ما تعرّضَ لبيانه المعصوم :عليه السلام:
في قوله:
فالصوم يُميتُ مراد النفس ، وشهوة الطبع الحيواني
وفيه صفاء القلب وطهارة الجوارح
وعمارة الظاهر والباطن ، والشكر على النعم
والاحسان إلى الفقراء
وزيادة التضرع والخشوع والبكاء
وحبل الالتجاء إلى الله ، وسبب انكسار الشهوة
وتخفيف السيئات ، وتضعيف الحسنات
وفيه من الفوائد ما لا يحصى وكفى بما ذكرناه منه ، لِمَن عَقِله ، ووفقَ لاستعماله :
إنَّ كلّ تلك المصالح المادية والمعنوية ممكن تحققها
فيما لو عَقِلَ الإنسان الصائم فلسفة الصيام وأتقن وأخلص في صومه.
إنَّ الصيام هو بمثابة صيانة مرحليّة لظاهر وباطن الصائم تؤهله للتكامل في مرحلة ما بعد الصوم.
وهذه الصيانة المرحليّة الحكميّة تهدف إلى وضع الإنسان الصائم في رتبة الوعي والإدراك لما حوله
من نعم قد تحفه أو لا تحفه.
فليس كل ما إعتاد عليه الإنسان مضموناً بقائه
سواء على مستوى إشباع الشهوات أو الأكل والشرب وغيرها.
وهنا يكمن الإعتبار الحقيقي عند من يَعقل الصيام حكما وقصدا وأثرا.
بدءاً من تقوية الإرادة الذاتية عند الصائم في مواجهة الأزمات المادية والنفسية.
كما هو الحال في الإمتناع عن تناول المفطرات في نهار الصوم.
ومروراً بتقوية الشعور بحرمان الفقراء والمعوزين والمحتاجين
وتنميّة ملكة الإحسان إليهم فعلا.
وتحسس قيمة النعم الإلهية على الإنسان الصائم.
وشكر ذلك .
ثمَّ إنَّ الصيام كعبادة هو الوحيد من بين العبادات
ليس فيه وجه ظاهرا محسوسا كالصلاة في أفعالها.
ومن هنا يكون محلاً للإخلاص والخلوص لله تعالى حصرا
بخلاف غيره فقد يشوبه الرياء
وهذا المعنى أكده المعصومون:عليهم السلام:
فقالتْ الصديقة الزهراء:عليها السلام:
في فلسفة الفروض الإلهية على الإنسان.
:والصيام تثبيتاً للإخلاص:
أي: وفرض اللهُ تعالى الصيامَ تثبيتاً للإخلاص:
:علل الشرائع: الصدوق :ج1:ص248.
وإذا ما أدركنا ذلك المعنى فيقيناً سندرك معنى قول الله تعالى في الحديث أعلاه
:الصوم لي وأنا أجزي به :
بمعنى أنَّ الصوم هو العبادة الخالصة لي وأنا أثيب عليها
والسلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :
تعليق