إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

هل هناك ثمرة من ثورة الحسين عليه السلام؟

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هل هناك ثمرة من ثورة الحسين عليه السلام؟

    هل هناك ثمرة من ثورة الحسين عليه السلام؟ )
    أيها القارئ الكريم لا تظن أن ثورة الحسين عليه السلام وتضحياته السخية المباركة قد خدمت التشيع فحسب. كلا. وبل وخدمت المسلمين كأمة واحدة وبأجمعهم أيضاً وذلك بما ولدته فيهم من وعي وإحساس تنبهوا بهما إلى أمر خطير وغلط كبير جداً كان محدقاً بهم وكاد أن يبدل دينهم وهم لا يشعرون.

    وهو أن المسلمين من حيث العموم كانوا ينظرون إلى الخلفاء والأمراء الذين حكموهم منذ أن قبض النبي محمد صلى الله عليه واله بصفة مزدوجة هي صفة المشرعين والمنفذين في آن واحد أي كانوا يتصورون أن الخليفة له صلاحية التشريع والتحليل والتحريم والتغيير والتبديل. كما له حق التطبيق وصلاحية التنفيذ قياساً لهم على رسول الله صلى الله عليه واله الذي كان هو المشرع والمنفذ معاً ومن هذه النظرة الخاطئة من المسلمين إلى حكامهم تجرأ بعض أولئك الحكام على الاجتهاد ضد نصوص الكتاب والسنة الشريفة وعلى التلاعب بأحكام الإسلام حسب شهواتهم ومصالحهم.

    فما أن التحق رسول الله صلى الله عليه واله بالرفيق الأعلى حتى بدأ الاختلاف بين سيرته وسيرة المسؤولين بعده إلى أن جاء دور عثمان فكان الاختلاف بين سيرته وسنة رسول الله بلغ الى حد قالت عنه أم المؤمنين عائشة وقد أخرجت ثوباً من ثياب النبي صلى الله عليه واله تعرضه على الناس. انظروا هذا ثوب رسول الله بعد لم يبل وعثمان قد ابلى سنته.

    والخطر الأكبر الذي كان يكمن في تلك الظاهرة هو أن المسلمين كانوا يأخذون تلك التصرفات الشاذة عن نصوص القرآن والسنة الشريفة من قبل الخلفاء بعين الاعتبار وبأنها من صميم الإسلام وشريعة الله تعالى. لذا فقد استغل الأمويون تلك النظرة أكبر فرصة لهم في سبيل تحقيق مؤمراتهم العدوانية ضد الإسلام ونبي الإسلام فأخذوا يحرفون ويشوهون ويتلاعبون بشعائره ومقدساته حيثما شاءوا. فمن ذلك مثلاً أن معاوية صلى بهم ذات مرة صلاة الجمعة يوم الأربعاء فصلوها معه. وسن لهم سب الإمام أمير المؤمنين على المنابر وفي صلاة الجمعة.

    وأعطى الجزية للرومان مقابل سحبه المرابطين على الحدود ليحارب بهم أمير المؤمنين عليه السلام ولبس الحرير والذهب وشرب الخمر وقتل النفوس المحترمة على الظنة والتهمة وألحق زياد بن سمية بأبيه أبي سفيان خلافاً لنص الحديث الشرف: الولد للفراش وللعاهر الحجر وحول الخلافة الإسلامية الى ملك وراثي عضوض. والخ. وإلى ذلك من بدعه ومخالفاته التي يطول شرحها وكان الناس يأخذون تلك البدع بعين الاعتبار وإنها من الدين كما قدمنا.

    ولكن بعد ثورة الحسين عليه السلام تغيرت نظرة المسلمين الى الحكام والأمراء وظهروا أمام الرأي العام الإسلامي على أنهم سلاطين جور وحكام بالقهر والغلبة وملوك دنيويون ليس لهم صفة شرعية ولا سلطة تشريعية. فالإسلام شيء وسيرة الحكام والأمراء الذين يحكمون المسلمين شيء آخر لا يمثل أحدهما الآخر في شيء أبداً.

    ولهذا التبدل والفصل بين الحكام وأعمالهم من جهة وبين الإسلام والمسلمين من جهة أخرى بقي الإسلام محفوظاً ومصاناً على الصعيد الفكري إلى يومنا هذا. ولولا ذلك لكان الإسلام خبراً بعد عين ولكان المسلمون اليوم أمة جاهلية أباحية لا تعرف الله ولا تؤمن بنبي ولا تقرأ كتاباً.

    وليس أدل على ذلك أي على ما قلناه من أن ثورة الحسين عليه السلام عزلت الحكام عن الشعب وانتزعت منهم صلاحية التشريع وصفة الشرعية عن سلوكهم. من ظهور الطوائف ، وتعدد المذاهب وتزايد الفرق الإسلامية بعد عصر الحسين عليه السلام مباشرة. ووجه الدلالة فيه هو من حيث أن الحكام لما شعروا بمقت الأمة لهم وتنفر الرأي العام منهم وان الحسين عليه السلام قد انتزع بثورته المقدسة الخالدة. السلطة الروحية من أيديهم وبالتالي تبين لهم أنهم أصبحوا معزولين عن الشعب روحياً ودينياً لذا حاولوا أن يستعبدوا سلطتهم على الأمة. وسيطرتهم على الشعب ولو من طريق غير مباشر أي بواسطة عملاء لهم من رجال الدين والعلماء الذين تغريهم المناصب وتستغويهم الأموال ليكون هؤلاء العملاء كحلقة وصل بين الشعب والحكام ينفذون سياسة الحكام ويبررون اجرامهم ويدعون سلطانهم اللاشرعي ومن ثمة يكونوا سلاحا بيد السلطات يحاربون بهم الدين ويدافعون بهم عن حكمهم وسلطانهم القائم باسم الدين.

    وهكذا كان. فقد بدأ الحكام بعد الحسين سياسة التفرقة الطائفية وتمزيق وحدة المسلمين بالطائفية وتعدد المذاهب التي بلغت في أواسط الدولة العباسية إلى أكثر من ثلاثمائة طائفة وفرقة وكل طائفة تنتمي وتنتسب إلى رجل دين أو عالم أو محدث إما مساير للسياسة والحكام كلياً. أو سلبي مجامل لهم على أحسن الفروض وبذلك نجحت سياسة (فرق تسد) في خدمة الحكام نجاحاً كبيراً وظلوا محتفظين بكراسيهم وسيطرتهم من هذا الطريق.

    وظل أئمة الهدى من أهل البيت عليهم السلام ومعهم شيعتهم وأصحابهم هم الطائفة الوحيدة بين تلك الطوائف الإسلامية الكثيرة الذين يمثلون الحزب المعارض لتلك الحكومات الجائرة والذين يقفون في وجه أولئك العلماء الدجالين ورجال الدين المنافقين السائرين في ركاب الحكام والأمراء. فهذا مثلاً الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام بعث اليه المنصور الدوانيقي مرة يقول له يا ابا عبد الله هلا تغشانا وتزورنا كما يغشنا غيرك من العلماء. فأرسل اليه الإمام عليه السلام يقول له ليس عندنا من الدنيا ما نخافك عليه وليس عندك من الآخرة ما نرجوك له ولست في نعمة حتى نهنيك ولا ترى نفسك في مصيبة حتى نعزيك وقد قال رسول الله صلى الله عليه واله إذا رأيتم العلماء على أبواب الأمراء فقولوا بئس العلماء وبئس الأمراء وإذا رايتم الأمراء على أبواب العلماء فقولوا نعم العلماء ونعم الأمراء. فعلام نصحبك بعد هذا. فأرسل اليه المنصور ثانية يقول له تصحبنا لتنصحنا. فقال الإمام عليه السلام ان من يريد الدنيا لا ينصحك وان من يريد الآخرة لا يصحبك.

    ولقد بذل الحكام جهوداً كثيراً وحاولوا شتى المحاولات لكي يستميلوا أهل البيت عليه السلام نحوهم ويجذبوهم الى جانبهم ليكسبوا تأيدهم. ولكن فشلوا وخاب ظنهم وما وجدوا من آل محمد صلى الله عليه واله إلا الاستقامة على الحق والتصلب ضد الباطل واعلان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا تأخذهم في الله لومة لائم. لذلك قابلوهم بكل ظلم واضطهاد وحاربوهم بكل قسوة وعنف واضطهدوا شيعتهم ومنعوا الناس من الوصول اليهم وأغلقوا أبوابهم وتركوهم شتى مصارعهم وأجمعها فظيعة:
    حشـاشتـه نقـيعـه فمكابد للسم قد سقيت
    عـزه وأبى خضوعه ومضرج بالسيف آثر
    مـا قـاسـا جميعه ومصفد لله سلم أمـر
    الهم مهجهـا لسيعـه و سبية باتت بأفعـى
    وهذا الاضطهاد والتعسف الذي مارسه الحكام ضد أئمة الهدى من آل البيت عليه السلام هو السبب في انقسام الشيعة أنفسهم إلى عدة فرق وطوائف ايضاً لأن امام الحق كان ممنوعاً من اظهار نفسه والدعوة اليه وكان بسطاء من الشيعة يخدعون بالدعايات المضلة والمظاهر الجذابة فيلتفون حول بعض الأشخاص من أبناء الأئمة عليهم السلام أو من أقاربهم ويقولون بإمامتهم. مثل الكيسانية الذين دانوا بإمامة محمد بن الحنفية بعد الحسين عليه السلام لما كان يتحلى به محمد من علم وشجاعة وانه ابن الإمام علي عليه السلام وأخو الحسين عليه السلام وبالتالي هو أكبر من الإمام زين العابدين عليه السلام.

    ثم الزيدية الذين دانوا بإمامة زيد بن علي بن الحسين عليه السلام بدل الإمام محمد الباقر عليه السلام.
    ثم الاسماعيلية الذين قالوا بإمامة اسماعيل بن الصادق عليه السلام بدل أخيه الإمام موسى الكاظم عليه السلام. وهكذا الى غيرها من الفرق الشيعية الأصل والتي شذت عن طريق الحق بسبب اختفاء صوت امام الحق أو الارهاب الذي كان يحول دون وصولهم إلى امام الحق وقد أبيد أكثر تلك الطوائف والفرق ولم يبق منها الى اليوم سوى الطائفة الزيدية في اليمن والطائفة الاسماعيلية في الهند والباكستان. إلى جانب الطائفة الحقة الجعفرية الإمامية الذين يشكلون أكبر طائفة إسلامية في العالم والذي ساروا مع التشيع الصحيح إلى آخر الشوط ودانوا بإمامة الأئمة الاثني عشر المنصوص عليهم من رسول الله صلى الله عليه واله بالإمامة وهم علي بن أبي طالب ثم ابنه الحسن عليه السلام ثم أخوه الحسين عليه السلام ثم ابنه علي زين العابدين عليه السلام ثم ابنه محمد الباقر عليه السلام ثم ابنه جعفر الصادق عليه السلام ثم ابنه موسى الكاظم عليه السلام ثم ابنه علي الرضا عليه السلام ثم ابنه محمد الجواد عليه السلام ثم ابنه علي الهادي عليه السلام ثم ابنه الحسن العسكري عليه السلام ثم ابنه محمد المهدي عليه السلام صاحب العصر والزمان عليهم السلام جميعاً صلوات الله وسلامه.

    وهنا بمناسبة ذكر صاحب الزمان يتولد سؤال كثيراً ما يتسائل به شباب عصرنا الحاضر حول هذا الإمام الثاني عشر عند الشيعة الجعفرية الذي يعتقد في أنه غاب عن الأبصار بعد وفاة أبيه الامام الحادي عشر الحسن العسكري عليه السلام وذلك قبل أكثر من ألف ومائة وعشرين عاماً اي في سنة 260من الهجرة وهو لا يزال حياً يرزق حتى الآن في هذه الدنيا إلى أن يأذن الله له بالظهور فيظهر ويطهر العالم من الظلم والجور والفساد في وقت لا يعرفه على وجه التحديد إلا الله تعالى.

    والسؤال في هذا الموضوع يدور غالباً حول بقائه حياً هذه المدة الطويلة وانه كيف يعيش انسان حوالي ألف ومائة وعشرين سنة ولا يزال حياً إلى ما شاء الله؟
    الجواب:
    أولاً من الناحية العلمية لا مانع في ذلك ولا استحالة. لأن العلم لم يحدد عمر الانسان وإنما حدد أسباب الوفاة وهي تتلخص في اختلال المزاج والتوازن الصحي واصابة الأعضاء الرئيسية في الجسم بعطب خطير فكلما حافظ الانسان على توازن صحته وسلامة أعضائه الرئيسية كلما استمر بقائه وطالت حياته ومن هنا يختلف الناس في طول البقاء وقصره تبعاً لسلامة أجسامهم من الأمراض.

    ومما لا شك فيه أن الإمام المعصوم المؤيد من قبل الله تعالى يكون أعرف الناس بقوانين الوقاية الصحيحة واكثر الناس عملاً بها وتمسكاً بها فلا بد أن يكون أطول الناس عمراً وأكثرهم بقاء في هذه الحياة. وقد حدثنا التاريخ عن أشخاص عمروا في الدنيا مئات السنين مثل نوح عليه السلام الذي عمر أكثر من ألف وخمسمائة سنة وغيره كثيرون ممن عمر مدداً ترواح بين المائة سنة والألف سنة وأحوالهم مذكورة في بطون كتب التاريخ والمعمرين ومنهم مثلاً سطيح كاهن الشام الذي عاش ثلاثين قرناً حسب نصوص التاريخ ومات بعد ولادة النبي محمد صلى الله عليه واله بمدة قليلة وقصته معروفة... والواقع أن البحث حول الإمام المهدي عليه السلام يحتاج إلى تفصيل واسع لا يسعه المقام وسنعود اليه بمناسبة أخرى إن شاء الله.

    والخلاصة هي: ان ثورة الحسين عليه السلام حفظت للمسلمين اسلامهم من خطر انقلاب جاهلي ماحق وعرفتهم بأعدائهم المتسترين بثياب الإسلام والحاكمين باسم الإسلام وبعثت فيهم روح الثورة والمعارضة ضد أولئك الأعداء وحفظت لهم شخصيتهم الإسلامية وقد أجاد المرحوم السيد جعفر الحلي حيث قال:

    لـه حميـة ديـن الله إذ تركـا يوم بحامية الإسلام قـد نهضـت
    والرشد لم تـدرِ قـومٌ أية سلكـا رأى بـأن سبيـل الغنـيّ متّبــعٌ
    كأن مـن شرع الإسلام قد أفكـا و النـاس عادت اليهـم جاهليتهـم
    يمسي و يصبح بالفحشاء منهمكـا وقـد تحكـم بالإسـلام طـاغيـة
    وكيـف صار يزيـد بينهم ملكـا لم أدرى أين رحال المسلمين مضوا
    و من خساسة طبع يعصر الودكـا العاصر الخمـر من لئـم بعنصره
    فسيفه بحشـا التوحيـد قـد فتكا لئن جرت لفظة التوحيد مـن فمـه
    ومـا إلى أحد غيـر الحسين شكا قد أصبح الدين منه يشتكـي سقمـاً
    إلا إذا دمـه فـي كربـلا سفكـا فما رأى السبط للدين الحنيف شفـاً
    إلا بنفـس مـداويـة إذا هلـكـا و ما سمعنـا عليـلاً لا علاج لـه
    بنفـسـه وبـأهليـه ومـا ملكـا نفسـي الفداء لفـادٍ شـرع والـده
    وكلمـا ذكرتـه المسلمـون ذكـا 1. بقتلـه فـاح للاسـلام نشر هـدى

    sigpic
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X