إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ليلى المسرفة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ليلى المسرفة

    كانت صَبيّةٌ صغيرة اسمُها ليلى ، لها أخ اسمُه مهدي ، وكان مهدي أكبرَ مِن ليلى ، فهو كانَ في الصفِّ الثالث ، وهي في الصفِّ الثاني ، كما أن مهدي كان يُحبّ ليلى كثيراً ، ولكنّهُ يَدري أنّ أُختَهُ الصغيرةَ لا تَعرِفُ بعضَ الأشياء .

    فلاحظ مرّاتٍ أنّ ليلى تَترُكُ حَنَفيّةَ الماء مَفتوحةً كثيراً ، فلا تغلقها جيداً ، وفي كلِّ مرّةٍ تَقولُ لها أُمُّها : أغلِقي الحَنَفيّة : يا عزيزتي ، لماذا هذا الإسراف ؟! .

    كما أن لِليلى عاداتٌ أخرى أيضاً ، فهي لا تأكُلُ طعامَها كلَّه ، فعندما تأخُذُ تُفّاحة مَثَلاً وتَعَضُّ منها قِطعَتَين أو ثلاثاً ثمّ تَرمي البَقيّة .

    فيتأذى أبوها أيضاً ويقول : لماذا هذا الإسراف يا عزيزتي ؟! إذا كنتِ شَبعانةً فلا تأكُلي ، لماذا تَرمِينَ نِعَمَ الله ؟!

    وكانت وليلى تُطرِقُ برأسِها إلى الأرض ، ومهدي يَتمنّى لو تَعرِفُ أُختُهُ معنى هذه الكلمات ، فكانَ هُو يُعلّمُها كثيراً ، ولكنّ ليلى لا تَعرِف لماذا يُعتَبَرُ الإسرافُ عَمَلاً سَيّئاً .

    وفي أحدِ الأيّام لَمّا رَجَعتْ ليلى مِن المدرسة نَسِيَتْ أيضاً كلَّ شيء ، نَسِيَتْ أنّها يَنبَغي أنْ لا تُسرِف .

    مَرّةً أخرى تَرَكتْ حَنَفيّةَ الماءِ مَفتوحةً كثيراً ، رَمَتْ تفّاحةً مأكولةً على النِصف ، تَبري قَلمَها وتَظَلُّ تَبريهِ وتَبريه ، مَزَّقَتْ عِدّةَ أوراقٍ مِن دَفتَرِها ، وفي اللَّيل تَركَتِ المَصابيحَ مُضاءة بِدونِ حاجَة .

    وفي وقتِ العَشاءِ كانَ عندَها شَراهة لأنّها كانت شَبعانة ، فما أكَلَتْ طَعامَها كُلَّه .

    وفي تلكَ اللَّيلة أبوها وأُمُّها وأخوها كُلُّهم كانوا مُتأذِّين منها ، فقالتَ أُمُّها لأبيها : تَعِبتُ مِن هذهِ الصَبِيّة ، أُنظُر كم هي مُسرِفة .

    فقالَ أبوها : إذَنْ أنا لا أُحِبُّها .

    وقالَت أُمّها : وإذَنْ أنا أيضاً لا أحِبُّها .

    فقالَت ليلى : ولكنْ أخي يُحِبُّني .

    فقالَ أخوها : إذا كانَ أبي لا يُحِبُّكِ ، وأمّي لا تُحِبُّكِ ، فأنا أيضاً لا أُحِبُّكِ .

    فقالَت ليلى : ولكن الله يُحِبُّني .

    فقال أبوها : كلاّ ، اللهُ أيضاً لا يُحِبُّ المُسرِفين ، فأخذ ليلى البكاء ، وذَهَبتْ للنَوم .

    ثم رَأتْ أنّ الوقتَ قريبٌ مِن الصُبح قامَت مِن مكانِها لِتَغسِلَ وَجهَها ويَدَيها ، فضَغَطتْ على زُرِّ المصباح ولكنّ المصباحَ ما أضاء .

    ثم فَتَحَتْ حَنفيّةَ الماء ولكنْ لم تَنزِلْ ولا قَطرةٌ واحدة ، يا لَلعَجَب ، ذَهَبتْ إلى المطبخِ لِتَجِدَ شيئاً تأكُلُه فكانت سَلّةُ الفاكهةِ كانت فارِغة .

    نَظَرَت إلى صَحنِ الطَعام هو أيضاً كانَ فارِغاً ، فَتَحَت كِيسَ الخُبزِ هو أيضاً كانَ فارِغاً .

    انفَعَلتْ ، ثُمّ تَذكّرتْ أنّها لم تُكمِل واجبَها المدرسي ، رَكضَتْ وأحضَرَت مِحفَظتَها ، فذهَبتْ نَحوَ الشُبّاك وأزاحَتِ السِتارةَ لِيَدخُلَ شيءٌ مِن الضَوء إلى الغرفة وتَكتُبَ واجبَها .

    فأخرَجَتْ قلمَ الرَصاص ولكنّ قَلَمَها كانَ بدون لُبّ ، أرادَت أن تَبريهِ بالبَرّاية ولكنّ البَرّايةَ كانتْ بدونِ شَفرَة ، فقَلّبتْ أوراقَ الدفتر ولكنْ لَيس في الدفترِ ولا ورقةٌ بيضاء .

    ثم أخَذها البُكاء ، وقالَت : لا ماء ، لا كهرباء ، لا طعام ، ما في دفتري أوراق ، قلمي لا يكتب ، بَرّايتي لا تَبري ، ماذا أفعل إذَن .

    في ذلكَ الوقت رأتْ شيئاً عجيباً ما كانَت رَأَتهُ قبلَ ذلكَ اليوم : حَنَفيّة الماء ، المصباح ، سَلَّة الفاكهة ، صَحنُ الطَعام ، القَلم ، البَرّاية كلُّهم قد أحاطوا بها ، وصاحوا في وقتٍ واحد : ماذا تَفعَلين ؟! لا تُسرِفي هذا الإسراف .

    نَظَرتْ ليلى إلَيهم وهي تبكي قائلة : الإسراف ؟! ماذا تَقصِدونَ بالإسراف ؟! .

    قالت حَنفيّةُ الماء : أنتِ تَترُكينَني مَفتوحةً كثيراً ، وقال المصباح : تَتركينَني مُضاءً بدونِ حاجَة .

    وقالت سَلّة الفاكهة : تَعضِّينَ فاكهتي ثمّ تَرمينَها ، وقال صحنُ الطعام : عِندَكِ شَراهَة ، فتَضَعِين فيَّ طعاماً كثيراً ثمّ لا تُطِيقين أكلَه كُلَّه ، وقال الدفتر : دائماً تُمَزِّقينَ أوراقي ، وقال القلم والبَرّاية : أنتِ سَبَبُ عِراكِنا .

    فتأذت ليلى كثيراً وصاحَت : أصلاً أنا لا أُحِبُّكم ، فصاحُوا كلّهم : ونَحنُ أيضاً لا نُحِبُّك .

    ثم صاحَت ليلى : بابا وماما ومهدي يُحبُّونَني ، فقالوا : لا يُحِبُّكِ أحَد ، فصَرَختْ ليلى : اللهُ يُحِبُّني ، قالوا : كلاّ ، اللهُ أيضاً لا يُحِبُّ المُسرِفين .

    تذكّرتْ ليلى أنّ أباها قد قالَ نفسَ هذا الكلام ، فبَكِيَتْ أكثر ، وقالت : أنا أُحِبُّ اللهَ كثيراً .

    فتَقَدّمَ المصباح ، ثم ضَحِك وقالَ : إذا أصبَحتِ بِنتاً طَيّبةً ولا تُسرِفين فإنَّ اللهَ يُحِبُّك .

    فقالت ليلى : وبَعدَها هَل سَتُحِبُّونَني أنتُم أيضاً ؟ فقالوا بِصَوت واحِد : نَعَمْ ، قالت ليلى : كيف ؟ قالوا : هكذا ، أُنظُري :

    فَجأةً أضاءَ المصباح ، بَدأ الماءُ يَقطُرُ مِن الحَنَفيّة ، وَقَعَتْ في السَلَّةِ تفّاحةٌ حمراء ، وانسَكَبَ في الصَحنِ بَعضُ الطَعام ، امتلأ الدفترُ بالوَرَق الأبيض ، وصارَ لِلقَلمِ لُبّ وللبَرّايةِ شَفرَة .

    وبسرورٍ وَضَعتْ ليلى المصباح ، والحنفيّة ، وصحنَ الطعام ، والبَرّاية ، في سَلّة الفاكهة .

    ثم احتَضَنَت السلّةَ بيَدِها اليُسرى وحَمَلَت القَلم بيدِها اليُمنى ، وكتبتْ على أوّلِ صفحةٍ في الدفتر : مِنَ اليوم لن أُسرِف لأنّ اللهَ لا يُحِبُّ المُسرِفين .

    وفي تلكَ اللحظة صاحَت مِن الفَرَح وأفاقَتْ مِن النوم .

    كانُ الصُبح طالِعاً ، رأتْ أباها وأُمَّها وأخاها جالِسِين حَولَها ، وهُم يَضحَكون ، فالأُمّ مَسَحَتْ على رأسِ ليلى وقالت : هَل كنتِ تَرِينَ حُلماً يا عزيزتي ؟

    فضَحِكتْ ليلى ، ومَدَّتْ ذِراعَها وطَوَّقَتْ عُنُقَ أُمِّها ، ثمّ قبّلَتها ، وقالت : لَن أُسرِفَ بَعدَ الآن ، لكي يُحبَّني الله ، ثم نظر مهدي وأبوه نَظَرَ أحدُهما إلى الآخر ، وضَحِكا بِسُرور .

    نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ

  • #2
    شكراً لك عزيزي

    و بارك الله في مجهودك

    في ميزان أعمالك




    تعليق


    • #3
      السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      +++++++++++++
      قصة جميلة وراقية تحمل العبرة والموعظة بوركتم أخي الفاضل :توجد ايات قرأنية وأحاديث تنهى عن الاسراف والتبذير.
      الاسراف بالمعنى اللغوي هو الاكثار او التفريط بالشئ دون الحاجة اليه / مما نها الله عنه في الكثير من آيات كتابه الكريم (بسم الله الرحمن الرحيم )(وكلوا واشربوا ولا تسرفوا ان الله لايحب المسرفين ) وهذه الآيه الشريفه تحدد الاسراف في الماكل والمشرب غير ان هنا آيات تتجاوز المعنى الى الاسراف بشكل عام وفي جميع جوانب الحياة /وقد قال الامام علي عليه السلام (خير الامور اوسطها )
      ولكي نحيط بالموضع زيادة للفائده سوف نتناول الموضوع من حيث ابتدانا الا وهو الاسراف في الاكل والشرب فاقوال الائمة (عليهم السلام ) تنسجم تماما مع الآيه القرآنيه المباركه بالنهي عن الاسراف والحث على الاقتصاد وليس التقتير .....
      وقد سال الامام الصادق (ع)عن الفرق بين الاسراف والتقتير فقال: انما الاسراف فيما اتلف المال واضر بالبدن ....
      قيل وما الاقتار ؟ قال (ع) : اكل الخبز والملح وانت تقدر على غيره.....
      وهذه بعض من اقوال الرسول (ص)والائمه (ع) بهذا الخصوص
      1- من تتبع ما يقع من مائدته فاكلهذهب عنه الفقر وعن ولده وولد ولده الى السابع (الرسول الاكرم (ص)
      2- كلو ما سقط من الخوان فانه شفاء من كل داء باذن الله لمن اراد ان يستشفي به (الامام علي (ع)
      3-صفة المؤمن لايبذر ولا يسرف ولا يقتر بل يقتصد (الامام الحسين (ع)
      4-ان القصد امر يحبه الله عز وجل فانه يورث الغنى والسرف يبغضه الله عز وجل فانه يورث الفقر (الامام الحسين (ع)
      5- من افتخر بالتبذير احتقر بالافلاس (الامام علي (ع)

      تعليق


      • #4
        جزيتم خيرا
        الاسراف هو مجاوزة الحد في الشيء
        وضروري ان نثقف ابنائنا على كيفية التعامل مع الاشياء وايقافهم على الحدود المناسبة في ستخدام الاشياء

        شكرا لكم اخي نأمل المزيد من مشاركاتكم النافعة


        شرفا وهبه الخالق لي ان اكون خادما لابي الفضل



        تعليق

        المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
        حفظ-تلقائي
        Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
        x
        يعمل...
        X