ترك لنا الإمام زين العابدين عليه السلام تراثاً ضخماً وكنزاً قل نظيره؛ ألا وهو الصحيفة السجادية، وهي من ذخائر التراث الإسلامي ومن مناجم
كتب البلاغة والتربية والأخلاق، والأدب في الإسلام ومن هنا سُميت بـ (إنجيل أهل البيت)، و (زبور آل محمد). كان الإمام عليه السلام يريد من
خلال هذه الأدعية تكريس مبادئ الإسلام وترسيخها في النفوس؛ لمواجهة المساعي الأموية الهدامة، وقد تمثلت الأدعية منهاجاً كاملاً للحياة
الإنسانية الفريدة ولم يترك الإمام عليه السلام جانباً مما تحتاجه الأمة الإسلامية؛ إلا وتعرض له وعالجه بأسلوبه الفذ، وبلاغته البديعة ووضع
منهجاً لتقييم وتحديد علاقة الفرد بالمجتمع، وأفراد عائلته بأسلوب رائع كامل البلاغة والفصاحة.
توفي الإمام زين العابدين عليه السلام في زمن الطاغية الوليد بن عبد الملك بن مروان، الذي كان من أحقد الناس على الإمام عليه السلام؛ لأنه
عليه السلام كان يتمتع بشعبية كبيرة حتى تحدث الناس بإعجاب وإكبار عن علمه وفقهه وعبادته، وعجت الأندية بالتحدث عن صبره وسائر
ملكاته، واحتل مكاناً كبيراً في قلوب الناس وعواطفهم.
وقد روى الزهري عن الوليد إنه قال: "لا راحة لي، وعلي بن الحسين موجود في دار الدنيا"، فأجمع رأيه على اغتيال الإمام زين العابدين عليه
السلام حينما آل إليه الملك فبعث سُماً قاتلاً إلى عامله على يثرب، وأمره أن يدسه للإمام عليه السلام، فنفذ عامله ذلك، فَسَمَتْ روح الإمام عليه
السلام العظيمة إلى خالقها بعد أن أضاءت آفاق هذه الدنيا بعلومها وعباداتها وجهادها وتجردها من الهوى.
تم نشره في العدد 40
تعليق