بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد
ممّا لا شك فيه ان حالة الاحتضار هي الحالة الانتقالية من عالم الحياة الى عالم البرزخ، الحالة الوداعية من هذه الحياة الى حياه البرزخ، فالإنسان لما يحتضر ويكون في حالة النزع وتبدأ الروح بالخروج من هذا الجسد كما قال الباري عز وجل. في القرآن الكريم: ﴿فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ* وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ* وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَكِن لَّا تُبْصِرُونَ﴾[1]، فانسلاخ الروح بهذه الطريقة قد تكون سهلة وقد تكون صعبة.
فالمؤمن تخرج روحه بسهولة ولا يرى سكرات وشدة الموت لقوله تعالى: ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ* ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً﴾[2]، أمّا العاصي والكافر فينغّص عليه الموت لقوله تعالى: ﴿..وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ ۖ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ﴾[3]، ويكون في لحظات سمّاها القرآن غمرات الموت التي تغشى الظالمين.
والمهم أنّ هذه الحالة تحتاج الى اعمال تساعد المؤمن في خروج الروح منه بيسر وسهولة ولا يستوحش ولا يخاف ولا يرتعب من الحال الذي هو يمر فيه، لأنّ الوارد عندنا أنّ الملائكة تحضر عند المحتضر وممكن أنّ الرسول صلى الله عليه واله والائمة يحضرون عند المؤمن، خصوصا أنّه يعيش في تلك اللحظات حالة الوداع التي ممكن أنْ يعاد من خلالها الشريط الحياتي الذي يعود اليه منذ الصغر الى كبره، يريه الله عز وجل تلك الحياة في لحظات سريعة جدا وممكن ان يرى الاموات الذين فقدهم من قبل، وهذا مما يذكر عند بعض الأموات، فهذه الحالة تحتاج الى من يحضر عند الميت ببعض المستحبات وقد ورد أنّ الامام الكاظم أمر بمثل هذه المستحبات فعَنْ سُلَيْمَانَ اَلْجَعْفَرِيِّ قَالَ: ((رَأَيْتُ أَبَا اَلْحَسَنِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) يَقُولُ لاِبْنِهِ اَلْقَاسِمِ، قُمْ يَا بُنَيَّ فَاقْرَأْ عِنْدَ رَأْسِ أَخِيكَ وَاَلصَّافّٰاتِ صَفًّا، حَتَّى تَسْتَتِمَّهَا فَقَرَأَ فَلَمَّا بَلَغَ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا، قَضَى اَلْفَتَى فَلَمَّا سُجِّيَ وَخَرَجُوا أَقْبَلَ عَلَيْهِ يَعْقُوبُ بْنُ جَعْفَرٍ فَقَالَ لَهُ: كُنَّا نَعْهَدُ اَلْمَيِّتَ إِذَا نَزَلَ بِهِ اَلْمَوْتُ يُقْرَأُ عِنْدَهُ يس وَاَلْقُرْآنِ اَلْحَكِيمِ فَصِرْتَ تَأْمُرُنَا بِالصَّافَّاتِ، فَقَالَ يَا بُنَيَّ لَمْ (تُقْرَأْ عِنْدَ) مَكْرُوبٍ مِنْ مَوْتٍ قَطُّ إِلاَّ عَجَّلَ اَللَّهُ رَاحَتَهُ))[4].
ابو الحسن هو الامام الكاظم وابنه هو القاسم أخو الامام الرضا عليهم السلام من ابيه وأمه كما ذكره الشيخ المفيد رحمه الله فيأمر ابنه القاسم بأن يقرأ سورة الصافات عند رأس اخيه وهو في حالة الاحتضار وبعد موته فيسجى بما معناه إذا مددت عليه ثوبه يعني لما يوضع الثوب وهو الكفن على الميت، وعليه لما تقرأ سورة الصافات هي لتعجيل الفرج للميت، وورد عَنِ اَلْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي اَلْعَلاَءِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ قَالَ: ((مَنْ قَرَأَ سُورَةَ اَلصَّافَّاتِ فِي كُلِّ يَوْمِ جُمُعَةٍ، لَمْ يَزَلْ مَحْفُوظاً مِنْ كُلِّ آفَةٍ مَدْفُوعاً عَنْهُ كُلُّ بَلِيَّةٍ فِي اَلْحَيَاةِ اَلدُّنْيَا مَرْزُوقاً فِي اَلدُّنْيَا بِأَوْسَعِ مَا يَكُونُ مِنَ اَلرِّزْقِ وَلَمْ يُصِبْهُ اَللَّهُ فِي مَالِهِ وَلاَ وَلَدِهِ وَلاَ بَدَنِهِ بِسُوءٍ مِنْ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ وَلاَ مِنْ جَبَّارٍ عَنِيدٍ وَإِنْ مَاتَ فِي يَوْمِهِ أَوْ لَيْلَتِهِ بَعَثَهُ اَللَّهُ شَهِيداً وَأَمَاتَهُ شَهِيداً وَأَدْخَلَهُ اَلْجَنَّةَ مَعَ اَلشُّهَدَاءِ فِي دَرَجَةٍ مِنَ اَلْجَنَّةِ))[5]، وورد ايضا تقرأ سورة يس وآية الكرسي عند الميت فهذه الرواية من اروع الروايات بهذا الخصوص.
ومن المستحبات الكثيرة بخصوص التخلص من سكرات الموت مثلا صلة الرحم وبر الوالدين وكسوة المؤمن وهناك المزيد، وعليه فعلينا أن نعمل بمثل هذه المستحبات كي نهون ونفرج عن المحتضر لينتقل الى جوار ربه وهو في حالة راحة وهذا في حال يعمل به من الكل فكل مؤمن يحتضر سيكون هناك من يعمل له بهذا العمل.
اعملوا على هذه المستحبات يكون النفع عام وتهون على الناس أو على المؤمنين حالة الموت والاحتضار.
_____________________________
[1] سورة الواقعة، الآيات: 83-84-85.
[2] سورة الفجر، الآيتان: 27-28.
[3] سورة الأنعام، الآية: 93.
[4] وسائل الشيعة، ج 2، ص 465.
[5] وسائل الشيعة، ج 7، ص 412.
تعليق