بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد
ما أن يأوي الانسان الى الفراش ويغط في نومه حتى يستغرق في هذا النوم، فإنّه احيانا يرى احلاما قد تتعلق بالمستقبل أو بالحاضر أو بالماضي، وهذا التعلق يعيش فيه الانسان كما يعيش في هذه الحياة الدنيا؛ يعني يكون في عالم مثالي، فتمر عليه هذه الاحلام كأن يكون في بلد آخر أو يرقى الى السماء أو يتعرض الى هجمة من عدو، أو من حيوان مفترس، أو يعيش في بيت جميل وحدائق ناظرة وجمال للطبيعة، وايضا احيانا يكون في بحر هائج والامواج المتلاطمة الكثيرة، وايضا ممكن أن يكون في صحراء جرداء قاحلة أو يكون محاط بالأحبة والاصدقاء الذين فقدهم وما شابه ذلك، والسؤال هو ما حقيقة هذه الاحلام؟ طبعا العلماء المختصين بهذا الموضوع وعلماء النفس وهناك علماء يسمون بمفسري الاحلام لهم آراء مختلفة ومتعددة، فمنهم من قال: أنّه موضوع نفسي ليس له علاقة بأي امر آخر، والحقيقة اننا نلجأ الى اسلامنا الحنيف من خلال القرآن الكريم لقوله تعالى: ﴿لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ... ﴾[1]، ومن خلال الرسول الاكرم صلى الله عليه واله والائمة الاطهار عليهم السلام ونجد التوضيح الذي نحتاج اليه من خلالهم ففي رواية وردت عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ اَلْقَاسِمِ اَلنَّوْفَلِيِّ قَالَ: ((قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اَللَّهِ اَلصَّادِقِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ اَلْمُؤْمِنُ يَرَى اَلرُّؤْيَا فَتَكُونُ كَمَا رَآهَا وَرُبَّمَا رَأَى اَلرُّؤْيَا فَلاَ تَكُونُ شَيْئاً فَقَالَ: إِنَّ اَلْمُؤْمِنَ إِذَا نَامَ خَرَجَتْ مِنْ رُوحِهِ حَرَكَةٌ مَمْدُودَةٌ صَاعِدَةٌ إِلَى اَلسَّمَاءِ فَكُلَّمَا رَآهُ رُوحُ اَلْمُؤْمِنِ فِي مَلَكُوتِ اَلسَّمَاءِ فِي مَوْضِعِ اَلتَّقْدِيرِ وَاَلتَّدْبِيرِ فَهُوَ اَلْحَقُّ وَكُلَّمَا رَآهُ فِي اَلْأَرْضِ فَهُوَ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ فَقُلْتُ لَهُ: وَتَصْعَدُ رُوحُ اَلْمُؤْمِنِ إِلَى اَلسَّمَاءِ قَالَ: نَعَمْ قُلْتُ: حَتَّى لاَ يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ فِي بَدَنِهِ فَقَالَ: لاَ لَوْ خَرَجَتْ كُلُّهَا حَتَّى لاَ يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ إِذاً لَمَاتَ قُلْتُ: فَكَيْفَ يَخْرُجُ فَقَالَ: أَمَا تَرَى اَلشَّمْسَ فِي اَلسَّمَاءِ فِي مَوْضِعِهَا وَضَوْؤُهَا وَشُعَاعُهَا فِي اَلْأَرْضِ فَكَذَلِكَ اَلرُّوحُ أَصْلُهَا فِي اَلْبَدَنِ وَحَرَكَتُهَا مَمْدُودَةٌ))[2] .
وتقسم الرؤى الى قسمين أو اكثر إما أن تكون رؤيا قبيحة فيها ما لا يسر كأن يرى الانسان أفعى تريد أنْ تهاجمه أو حيوان مفترس أو شخص قبيح المنظر نتن الرائحة أو يرى احدا من احبائه وهو يموت أو يرى صديقا من اصدقائه يهاجمه، والأمثلة كثيرة وقد تكون هناك رؤية صالحة ومما لا شك فيه أنّ مثالها الاوحد هم الانبياء كما رأى النبي في منامه صلى الله عليه واله كما في سورة الفتح الآية: 27 أعلاه، ورأى النبي يوسف عليه السلام في منامه واخبر أبيه النبي يعقوب عليه السلام بما رأى لقوله تعالى: ﴿إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ* قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾[3]. ورؤيا النبي ابراهيم عليه السلام وهناك امثلة كثيرة في القرآن الكريم، ومن الأمثلة لغير الأنبياء مثلا رؤيا فرعون في المنام وهي بشرى لفرعون لكي يأتي بالنبي يوسف عليه السلام ويمنع عن قومه الجفاف والهلاك لقوله تعالى: ﴿وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ..﴾[4]. ورؤيا صاحبي سجن النبي يوسف عليه السلام، وما شابه فالرؤيا الصالحة بالنسبة الى مثالها الانبياء ومن بعدهم الناس هي امر جيد وممدوح ومحبوب، وهناك قسم ثالث يسمى بأضغاث الأحلام.
ولكي نكون من اهل الرؤيا الصالحة علينا أولاً أنْ ننام على وضوء وثانياً نسبح تسبيحة الزهراء سلام الله عليها وثالثاً نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ورابعاً نقرأ آية الكرسي والمعوذتين وما شابه من السور والآيات لكي نتحصل على رؤيا صالحة وننعم بها في منامنا.
______________________________________
[1] سورة الفتح، الآية: 27.
[2] الأمالي للصدوق، ج 1، ص 145.
[3] سورة يوسف، الآية: 4 و 5.
[4] سورة يوسف، الآيات: 43 – 49.