بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
قال صاحب كتاب علم اليقين ، نقلاً عن كتاب التهاب نيران الأحزان ما هذا لفظه : ثم إنّ عمر جمع جماعةً من الطلقاء والمنافقين ، وأتى بهم إلى منزل أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فوافوا بابه مغلقاً ، فصاحوا به : أخرج يا علي فإنّ خليفة رسول الله يدعوك ، فلم يفتح لهم الباب .
فأتوه بحطب فوضعوه على الباب ، وجاؤوا بالنار ليضرموه فصاح عمر وقال : والله لئن لم تفتحوا لنضرمنّه بالنار ، فلمّا عرفت فاطمة (عليها السلام) أنّهم يحرقون منزلها قامت وفتحت الباب ، فدفعها القوم قبل أن تتوارى عنهم ، فاختبت فاطمة (عليها السلام) وراء الباب ، فدفعها عمر حتّى ضغطها بين الباب والحايط (1) ، ثم إنّهم تواثبوا على أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو جالس على فراشه ، واجتمعوا عليه حتّى أخرجوه سحباً من داره ملبّباً بثوبه يجرّونه إلى المسجد ، فحالت فاطمة (عليها السلام) بينهم وبين بعلها ، وقالت : والله لا أدعكم تجرّون ابن عمّي ظلماً ، ويلكم ، ما أسرع ما خنتم الله ورسوله فينا أهل البيت ، وقد أوصاكم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) باتباعنا ومودّتنا والتمسّك بنا ، فقال الله تعالى : ( قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) (2) . قال : فتركه أكثر القوم لأجلها ، فأمر عمر قنفذاً ابن عمه أن يضربها بسوطه ، فضربها قنفذ بالسوط على ظهرها وجنبيها إلى أن أنهكها وأثّر في جسمها الشريف ، وكان ذلك الضرب أقوى ضرر في إسقاط جنينها ، وقد كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سمّاه محسناً ، وجعلوا يقودون أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى المسجد حتّى أوقفوه بين يدي أبي بكر ، فلحقته فاطمة (عليها السلام) إلى المسجد لتخلّصه فلم تتمكّن من ذلك ، فعدلت إلى قبر أبيها ، فأشارت إليه (3) بحرقة ونحيب وهي تقول :
نفسي على زفراتها محبوسة = يا ليتها خرجت مع الزّفراتِ
لا خير بعدك في الحياة ، وإنّما = أبكي ، مخافة أن تطول حياتي
ثم قالت : وا أسفاه عليك يا أبتاه ، وا ثكل حبيبك أبو الحسن المؤتمن وأبو سبطيك الحسن والحسين ، ومَن ربيّته صغيراً وواخيته كبيراً ، وأجلّ أحبّائك لديك ، وأحبّ أصحابك إليك ، أوّلهم سبقاً إلى الإسلام ، ومهاجرة إليك يا خير الأنام ، فها هو يساق في الأسر كما يقاد البعير .
ثم إنّها أنّت أنّة ، وقالت : وا محمّداه ، وا حبيباه ، وا أباه ، وا أبا القاسماه ، وا أحمداه ، وا قلّة ناصراه ، وا غوثاه ، وا طول كربتاه ، وا حزناه ، وا مصيبتاه وا سوء صباحاه ، وخرّت مغشيّة عليها ، فضجّ الناس بالبكاء والنحيب ، وصار المسجد مأتماً ، ثم إنّهم أوقفوا أمير المؤمنين (عليه السلام) بين يدي أبي بكر وقالوا له : مدّ يدك فبايع !!! فقال : والله لا أبايع ، والبيعة لي في رقابكم .
فروي عن عدي بن حاتم ، أنّه قال : والله ما رحمت أحداً قط رحمتي على علي بن أبي طالب (عليه السلام) حين أتى به ملبّباً بثوبه ، يقودونه إلى أبي بكر ، وقالوا : بايع !! قال : فإن لم أفعل ؟ قالوا : نضرب الذي فيه عيناك ، قال : فرفع رأسه إلى السماء ، وقال : اللّهمّ إنّي أُشهدك أنّهم أتوا أن يقتلوني ، فإنّي عبد الله وأخو رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، فقالوا له : مدّ يدك فبايع !!! فأبى عليهم ، فمدوا يده كرها فقبض (عليه السلام) على أنامله ، فراموا بأجمعها فتحها فلم يقدروا ، فمسح عليها أبو بكر وهي مضمومة ، وهو (عليه السلام) يقول وينظر إلى قبر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ( يا ابن عم إنّ القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ) .
قال الراوي : إنّ علياً (عليه السلام) خاطب أبا بكر بهذين البيتين :
فإن كنتَ بالشورى ملكتَ أُمورَهم = فكيف بهذا والمشيرون غُيَّبُ
وإن كنتَ بالقربى حججتَ خصيمَهم = فغيرُك أولى بالنبيّ وأقربُ
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
قال صاحب كتاب علم اليقين ، نقلاً عن كتاب التهاب نيران الأحزان ما هذا لفظه : ثم إنّ عمر جمع جماعةً من الطلقاء والمنافقين ، وأتى بهم إلى منزل أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فوافوا بابه مغلقاً ، فصاحوا به : أخرج يا علي فإنّ خليفة رسول الله يدعوك ، فلم يفتح لهم الباب .
فأتوه بحطب فوضعوه على الباب ، وجاؤوا بالنار ليضرموه فصاح عمر وقال : والله لئن لم تفتحوا لنضرمنّه بالنار ، فلمّا عرفت فاطمة (عليها السلام) أنّهم يحرقون منزلها قامت وفتحت الباب ، فدفعها القوم قبل أن تتوارى عنهم ، فاختبت فاطمة (عليها السلام) وراء الباب ، فدفعها عمر حتّى ضغطها بين الباب والحايط (1) ، ثم إنّهم تواثبوا على أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو جالس على فراشه ، واجتمعوا عليه حتّى أخرجوه سحباً من داره ملبّباً بثوبه يجرّونه إلى المسجد ، فحالت فاطمة (عليها السلام) بينهم وبين بعلها ، وقالت : والله لا أدعكم تجرّون ابن عمّي ظلماً ، ويلكم ، ما أسرع ما خنتم الله ورسوله فينا أهل البيت ، وقد أوصاكم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) باتباعنا ومودّتنا والتمسّك بنا ، فقال الله تعالى : ( قُل لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) (2) . قال : فتركه أكثر القوم لأجلها ، فأمر عمر قنفذاً ابن عمه أن يضربها بسوطه ، فضربها قنفذ بالسوط على ظهرها وجنبيها إلى أن أنهكها وأثّر في جسمها الشريف ، وكان ذلك الضرب أقوى ضرر في إسقاط جنينها ، وقد كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سمّاه محسناً ، وجعلوا يقودون أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى المسجد حتّى أوقفوه بين يدي أبي بكر ، فلحقته فاطمة (عليها السلام) إلى المسجد لتخلّصه فلم تتمكّن من ذلك ، فعدلت إلى قبر أبيها ، فأشارت إليه (3) بحرقة ونحيب وهي تقول :
نفسي على زفراتها محبوسة = يا ليتها خرجت مع الزّفراتِ
لا خير بعدك في الحياة ، وإنّما = أبكي ، مخافة أن تطول حياتي
ثم قالت : وا أسفاه عليك يا أبتاه ، وا ثكل حبيبك أبو الحسن المؤتمن وأبو سبطيك الحسن والحسين ، ومَن ربيّته صغيراً وواخيته كبيراً ، وأجلّ أحبّائك لديك ، وأحبّ أصحابك إليك ، أوّلهم سبقاً إلى الإسلام ، ومهاجرة إليك يا خير الأنام ، فها هو يساق في الأسر كما يقاد البعير .
ثم إنّها أنّت أنّة ، وقالت : وا محمّداه ، وا حبيباه ، وا أباه ، وا أبا القاسماه ، وا أحمداه ، وا قلّة ناصراه ، وا غوثاه ، وا طول كربتاه ، وا حزناه ، وا مصيبتاه وا سوء صباحاه ، وخرّت مغشيّة عليها ، فضجّ الناس بالبكاء والنحيب ، وصار المسجد مأتماً ، ثم إنّهم أوقفوا أمير المؤمنين (عليه السلام) بين يدي أبي بكر وقالوا له : مدّ يدك فبايع !!! فقال : والله لا أبايع ، والبيعة لي في رقابكم .
فروي عن عدي بن حاتم ، أنّه قال : والله ما رحمت أحداً قط رحمتي على علي بن أبي طالب (عليه السلام) حين أتى به ملبّباً بثوبه ، يقودونه إلى أبي بكر ، وقالوا : بايع !! قال : فإن لم أفعل ؟ قالوا : نضرب الذي فيه عيناك ، قال : فرفع رأسه إلى السماء ، وقال : اللّهمّ إنّي أُشهدك أنّهم أتوا أن يقتلوني ، فإنّي عبد الله وأخو رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، فقالوا له : مدّ يدك فبايع !!! فأبى عليهم ، فمدوا يده كرها فقبض (عليه السلام) على أنامله ، فراموا بأجمعها فتحها فلم يقدروا ، فمسح عليها أبو بكر وهي مضمومة ، وهو (عليه السلام) يقول وينظر إلى قبر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : ( يا ابن عم إنّ القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ) .
قال الراوي : إنّ علياً (عليه السلام) خاطب أبا بكر بهذين البيتين :
فإن كنتَ بالشورى ملكتَ أُمورَهم = فكيف بهذا والمشيرون غُيَّبُ
وإن كنتَ بالقربى حججتَ خصيمَهم = فغيرُك أولى بالنبيّ وأقربُ
وكان (عليه السلام) كثيراً ما يقول : ( وا عجباً ، تكون الخلافة بالصحابة ، ولا تكون بالقرابة والصحابة ) انتهى (4) .
-----------
(1) ويقول المسعودي في إثبات الوصيّة : ص123 : فهجموا عليه وأحرقوا بابه وضغطوا سيّدة النساء بالباب حتى أسقطت محسناً .
(2) الشورى : 23 .
(3) أي إلى القبر الشريف .
(4) علم اليقين : ج2 ص 686 ـ 688 .
-----------
(1) ويقول المسعودي في إثبات الوصيّة : ص123 : فهجموا عليه وأحرقوا بابه وضغطوا سيّدة النساء بالباب حتى أسقطت محسناً .
(2) الشورى : 23 .
(3) أي إلى القبر الشريف .
(4) علم اليقين : ج2 ص 686 ـ 688 .