بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد
ولد في قرية صريا من نواحي المدينة المنورة، الثاني من رجب، عام 212 للهجرة.
استلم الإمامة سنة 220 للهجرة بعد شهادة ابيه الجواد عليه السلام وعمره ثمانية سنين، واستشهد في زمن المعتز سنة 254 للهجرة.
وتميّز عصره عليه السلام بقربه من عصر الغيبة المرتقب، فمارس دور التهيئة وتربية الجماعة الصالحة العاملة على استقبال هذا العصر استقبالا صحيحا.
فهو زمن حرج وصعب عاش فيه الامام علي بن محمد الهادي عليه السلام حيث انه عاصر مجموعة من حكام بني العباس (المعتصم والواثق والمتوكل والمنتصر والمستعين والمعتز) المجرمين القتلة الذين اباحوا قتل الابرياء وعاشوا حياة نعيم وترف وحياة رقص ومجون وغناء وشرب للخمر وحفلات وغلمان وما شابه من مثل هذه الأمور، في حين أنّ معظم الناس خصوصا العلويين وشيعة اهل البيت سلام الله عليهم كانوا يعيشون في فقر مدقع وضيق حال، واقصوا من قبل هذه الدولة الغاشمة، بالإضافة الى ما رأوا من القتل الممنهج والتشريد والتهجير من قبل هؤلاء الحكام.
فعاش الامام الهادي عليه السلام عصر الارهاب بكل ما للكلمة من معنى، فرأى الظلم والاضطهاد، وابرز من مارسهما المتوكل العباسي حيث حاول أن يمنع الشيعة ومن انتهج أو سار بخط اهل البيت، فمنع مثلا من زيارة الامام الحسين عليه السلام فوضع ازلامه على طريق كربلاء لكي يمنعون الناس من زيارته ولم ينفع، وفرض الغرامات المالية ولم ينفع، وقطع الايادي ولم ينفع، واخيرا ماذا فعل حاول أن يهدم قبر الحسين عليه السلام وامر بإجرار ماء الفرات عليه لكي يغرق لكن الماء حار فسمي بالحائر الحسيني.
وضيّق المتوكل على الامام ولكن الامام عليه السلام لم يهتم لمثل هذا، إنّما مارس دورا عظيما وهو الاهتمام البالغ بنشرعلوم محمد وال محمد صلوات الله وسلامه عليه اجمعين، فخرّج العشرات من العلماء كما قال الشيخ الطوسي عن ذلك وذكر بانه قد خرج 185 تلميذا من اشهر تلاميذه في مختلف العلوم الإسلامية وبينهم شخصيات علمية وروحية بارزة مثل عبد العظيم الحسني والفضل شاذان وعثمان بن سعيد الأهوازي والحسين بن سعيد الأهوازي وأبي علي الحسن بن راشد والحسن بن علي الناصر الكبير وغيرهم، فهنا الامام سلام الله عليه ترك اثرا علميا وصرحا شامخا له الفضل الكبير الى يومنا هذا، وكذلك ترك منهجا عقائديا وعلميا نفيسا وهي: الزيارة الجامعة الكبيرة، فبيّن فيها العديد من مقامات اهل البيت العظيمة سلام الله عليهم وذكر بعض علمائنا ان هذه الزيارة لها مضامين عالية جدا وهي زيارة عظيمة للعقيدة الحق التي يجب ان تتبع.
ونذكر فضيلة من فضائل الامام سلام الله عليه ألا وهي: حَدِيثُ تَلِّ اَلْمَخَالِي وَذَلِكَ: أَنَّ اَلْمُتَوَكِّلَ - وَ قِيلَ اَلْوَاثِقُ - أَمَرَ اَلْعَسْكَرَ وَهُمْ تِسْعُونَ أَلْفَ فَارِسٍ مِنَ اَلْأَتْرَاكِ اَلسَّاكِنِينَ بِسُرَّ مَنْ رَأَى أَنْ يَمْلَأَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِخْلاَةَ فَرَسِهِ مِنَ اَلطِّينِ اَلْأَحْمَرِ، وَيَجْعَلُوا بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فِي وَسَطِ بَرِّيَّةٍ وَاسِعَةٍ هُنَاكَ فَفَعَلُوا فَلَمَّا صَارَ مِثْلَ جَبَلٍ عَظِيمٍ، صَعِدَ فَوْقَهُ وَاِسْتَدْعَى أَبَا اَلْحَسَنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ
وَقَالَ: اِسْتَحْضَرْتُكَ لِنَظَارَةِ خُيُولِي، وَقَدْ كَانَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَلْبَسُوا اَلتَّجَافِيفَ وَيَحْمِلُوا اَلْأَسْلِحَةَ وَقَدْ عَرَضُوا بِأَحْسَنِ زِينَةٍ وَأَتَمِّ عُدَّةٍ وَأَعْظَمِ هَيْئَةٍ، وَكَانَ غَرَضَهُ أَنْ يَكْسِرَ قَلْبَ كُلِّ مَنْ يَخْرُجُ عَلَيْهِ، وَكَانَ خَوْفُهُ مِنْ أَبِي اَلْحَسَنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَنْ يَأْمُرَ أَحَداً مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ أَنْ يَخْرُجَ عَلَى اَلْخَلِيفَةِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو اَلْحَسَنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: وَهَلْ تُرِيدُ أَنْ أَعْرِضَ عَلَيْكَ عَسْكَرِي؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَدَعَا اَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَإِذَا بَيْنَ اَلسَّمَاءِ واَلْأَرْضِ مِنْ اَلْمَشْرِقِ إِلَى اَلْمَغْرِبِ مَلاَئِكَةٌ مُدَجَّجُونَ، فَغُشِيَ عَلَى اَلْخَلِيفَةِ فَقَالَ لَهُ أَبُو اَلْحَسَنِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ لَمَّا أَفَاقَ مِنْ غَشْيَتِهِ: نَحْنُ لاَ نُنَافِسُكُمْ فِي أَمْرِ اَلدُّنْيَا فَنَحْنُ مُشْتَغِلُونَ بِأَمْرِ اَلْآخِرَةِ فَلاَ عَلَيْكَ مِنِّي مِمَّا تَظُنُّ بَأْسٌ. اثبات الهداة، ج 4، ص 438.
تعليق