بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
الرزق بيد الله :
من صفات الله عزوجل أنه رزَّاق ((إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلْقُوَّةِ ٱلْمَتِينُ – الذاريات ٥٨ )) : وهي صيغة من صيغ المبالغة ، أي أن الله يبالغ في رزقه ، ذو القوة المتين : هو صاحب القوة هو مسبب الأسباب ، كما وردت جملة من الآيات القرآنية في الرزق ، يقول تعالى : ((وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً- الطلاق ٢ ))… ويقول في آية أخرى : ((وَأُفَوِّضُ أَمْرِيۤ إِلَى ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ – غافر ٤٤ )) هذه الآية تدعو للتفكر ، لماذا قال تعالى بصيربالعباد ولم يقل إن الله بصير بي ؟ … لعله – والله العالم – أراد عزوجل أن يلفت الأنظار إلى نقطة جوهرية أن الرزق يأتي عن طريق العباد وهو رب العباد والله بصير بالعباد ، فالكل متساوٍ في العبودية له وهو ربهم ، والرزق من عنده هو لجميع العباد ، ويقول تعالى : ((وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ – يونس ١٠٧ )) إذا أراد الله أن يعطيك مالا.. ذرية صالحة… معافاة وأهل الأرض يجتمعون على خلاف ذلك ألا يعد من الكفر بأن نقول أنهم يغلبون الله عزوجل في قراره فالله (( فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ – البروج ١٦)) وفعال صيغة مبالغة (( إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ – يس ٨٢ )) (( مَّا يَفْتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ – فاطر ٢ )) (( قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّـلُ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ – الزمر ٣٨ )) لو تأملنا في مضمون هذه الآيات ، هل يبقى عند الإنسان قلقٌ في ميدان الرزق . من صفات الله تعالى أنه رزَّاقٌ مقتدرٌ جبارٌ قاهرٌ فعَّال لما يريد (( لاَ يَسْبِقُونَهُ بِٱلْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ – الأنبياء ٢٧ )) (وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ – المنافقون ٧ )) (( ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ – الروم ٤٠ )) ما الذي تعنيه هذه الآية المختصرة ؟ …أن الذي له الخلق له الرزق ، أنت مسَلِّم لله في الخلق ، فلماذا لا تسلم له في الرزق ؟… هل الخلق من الله والرزق من السلطان والتجار والمترفين في الدنيا ؟!… هل هذا هو الانصاف ؟!… عندما كنا في الظلمات الثلاث بين الدماء نسبح الأمر كان لله عزوجل ، ولكن في الدنيا نعيش وكأن الأمر ليس لله إلى أن نموت ، الآية تريد أن تقول أن الذي تولى خلقك هو الذي يتولى رزقك بشكل أولى من الآخرين ، ما دمنا سلمنا له في الأول والأخير في الميلاد وفي الممات فلم لا نسلم له في الوسط ؟!…
الرزق الباقي :
يقول تعالى : ((وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَٱلْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ – طه ١٣٢ )) ويقول أيضا : ((وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ – طه ١٣١ )) فرزق الله عزوجل خير بمعنى أفضل ، وأبقى بمعنى أدوم ، رأيت على أحد القصور عبارة جميلة : ( لو دامت لغيرك ما وصلت إليك ) وقد ورد مصداق ذلك في القرآن الكريم : ((وَتِلْكَ ٱلأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ ٱلنَّاسِ – آل عمران ١٤٠ )) فلنبحث عن الرزق الذي يبقى عندنا إلى أبد الآبدين ، ما هو هذا الرزق ؟… الذي تاجرته في ليالي القدر ، ركعتين الصلاة بسبع التوحيد … هل هذا فنى أم بقي في جدول أعمالك ،بقي .. و لا يمحى أبدا ، أما أنواع ما أكلته في الإفطار وغيره ذهب وولى ؟ المتع التي تمتعنا بها ماذا بقي منها ؟ … المتع التي تمتعنا بها في حياتنا ما الذي بقي منه … كلها خيال في خيال … ذهب كله . البعض ذهب للاصطياف في الصيف أين الهواء المنعش ؟ في الصيف الآن يعيش في هذا الهواء القاتل ؟ صليت قبل قليل صلاة الظهر هذا يبقى لا يمحى . يوم القيامه في ذلك الموقف العصيب يُبعث الإنسان من قبره ، ويخرج معه شاب جميل ، ويقول أنا سأبقى معك ، وكلما مر هول من أهوال يوم القيامة يقول لا تقلق أنا سأقضي حاجتك ، عجبا !!…(( يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيه . ِوَأُمِّهِ وَأَبِيهِ . وَصَٰحِبَتِهِ وَبَنِيهِ – عبس ٣٤ / ٣٦ )) يفر من زوجته ، ومن أخيه حتى لا يطالبه بشيء فيتوارى عنه ، من هو هذا الشاب في هذا اليوم العصيب ؟!… يسأله من أنت يقول له أتعلم من أنا ؟… أنا السرور الذي أدخلته إلى قلب أخيك المؤمن ، هذا عمل واحد ، سرور واحد، فكيف يإحياء صلاة الليل والحج والعمرة وإحياء ليالي القدر…. ؟… فلعله يسند بقبيلة من الأنصار والأعوان حينها ، وما هي في حقيقتها إلا أعماله التي عملها . (( وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ – طه ١٣١ )) لم يقل الله لنكرمهم لنسعدهم بل قال لنفتنهم ، الذي يبنى أكثر من حاجته لعله يطوق على رقبته يوم القيامه ، لعله يتمنى أن لم يكن من أصحاب العمارات ، وكان من الشاكرين على نعمة الكفاف . يوم القيامة (( خافضة رافعة – الواقعة ٣ )) المترفون يتمنون لو كانوا من أفقر عباد الله … بل يتمنى الكافر أن يكون ترابا (( وَيَقُولُ ٱلْكَافِرُ يٰلَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً – النبأ ٤٠ )) ولم تكن له هذه العاقبة ، ثم يقول سبحانه وتعالى : (( لَخَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ –غافر ٥٧ )) والذي (( خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا – لقمان ١٠)) غير قادر على أن يرزقك ، عندك دين … اطلب من رب العالمين أن يقضي حلجتك ((وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ – الحجر ٢١ )) .
ختام الآيات :
الله لطيف بعباده … كم يتحبب إلى هذا الظلوم الجهول … وما الداعي ؟ هل يحتاج الله لعباده ليتحبب إليهم ؟ لا ، هو الغني عن عباده ولكن لطفا بهم ورفقا (وَفِي ٱلسَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ – الذاريات ٢٢ ) ابن آدم لا يكتفي بهذا الوعد ، المزيد من الرزق في قوله تعالى : ((فَوَرَبِّ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَآ أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ – الذاريات ٢٣ ) هل تشك أيها الإنسان برزقي ، يقسم الله بنفسه . لماذا لا تعطل المحل يوم الجمعة لتحضر الصلاة مع المؤمنين أتخاف من الرزق ؟ في أيام محرم تتشبث بالتجارة أكثر … أو إنسان يفتح محل لجوارك يبدأ العزاء و تبدأ المصيبة ، خوفا من الافلاس ، أين الاطمئنان بوعده سبحانه و تعالى ؟
ما أنصفنا ربنا تبارك وتعالى لا في عبادته ولا في التوكل عليه ولا في الاستعانة به ( وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ – الطلاق ٣ ) . هل يتوقع الإنسان أن يجد تحت جدار كنزا ؟ ما قيمة الجدار ؟ ولكن الله تعالى يقول : (وَأَمَّا ٱلْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي ٱلْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَاوَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا – الكهف ٨٢ ) الله جعل تحت الجدار كنزا ليكون ذلك ثروة للغلامين اليتيمين في المدينة ، هذا هو الرَّزَّاق ذو القوة المتين .
اللهم صل على محمد وآل محمد
الرزق بيد الله :
من صفات الله عزوجل أنه رزَّاق ((إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ ذُو ٱلْقُوَّةِ ٱلْمَتِينُ – الذاريات ٥٨ )) : وهي صيغة من صيغ المبالغة ، أي أن الله يبالغ في رزقه ، ذو القوة المتين : هو صاحب القوة هو مسبب الأسباب ، كما وردت جملة من الآيات القرآنية في الرزق ، يقول تعالى : ((وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً- الطلاق ٢ ))… ويقول في آية أخرى : ((وَأُفَوِّضُ أَمْرِيۤ إِلَى ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ – غافر ٤٤ )) هذه الآية تدعو للتفكر ، لماذا قال تعالى بصيربالعباد ولم يقل إن الله بصير بي ؟ … لعله – والله العالم – أراد عزوجل أن يلفت الأنظار إلى نقطة جوهرية أن الرزق يأتي عن طريق العباد وهو رب العباد والله بصير بالعباد ، فالكل متساوٍ في العبودية له وهو ربهم ، والرزق من عنده هو لجميع العباد ، ويقول تعالى : ((وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ – يونس ١٠٧ )) إذا أراد الله أن يعطيك مالا.. ذرية صالحة… معافاة وأهل الأرض يجتمعون على خلاف ذلك ألا يعد من الكفر بأن نقول أنهم يغلبون الله عزوجل في قراره فالله (( فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ – البروج ١٦)) وفعال صيغة مبالغة (( إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ – يس ٨٢ )) (( مَّا يَفْتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ – فاطر ٢ )) (( قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ ٱللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّـلُ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ – الزمر ٣٨ )) لو تأملنا في مضمون هذه الآيات ، هل يبقى عند الإنسان قلقٌ في ميدان الرزق . من صفات الله تعالى أنه رزَّاقٌ مقتدرٌ جبارٌ قاهرٌ فعَّال لما يريد (( لاَ يَسْبِقُونَهُ بِٱلْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ – الأنبياء ٢٧ )) (وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ – المنافقون ٧ )) (( ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ – الروم ٤٠ )) ما الذي تعنيه هذه الآية المختصرة ؟ …أن الذي له الخلق له الرزق ، أنت مسَلِّم لله في الخلق ، فلماذا لا تسلم له في الرزق ؟… هل الخلق من الله والرزق من السلطان والتجار والمترفين في الدنيا ؟!… هل هذا هو الانصاف ؟!… عندما كنا في الظلمات الثلاث بين الدماء نسبح الأمر كان لله عزوجل ، ولكن في الدنيا نعيش وكأن الأمر ليس لله إلى أن نموت ، الآية تريد أن تقول أن الذي تولى خلقك هو الذي يتولى رزقك بشكل أولى من الآخرين ، ما دمنا سلمنا له في الأول والأخير في الميلاد وفي الممات فلم لا نسلم له في الوسط ؟!…
الرزق الباقي :
يقول تعالى : ((وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَٱلْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ – طه ١٣٢ )) ويقول أيضا : ((وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ – طه ١٣١ )) فرزق الله عزوجل خير بمعنى أفضل ، وأبقى بمعنى أدوم ، رأيت على أحد القصور عبارة جميلة : ( لو دامت لغيرك ما وصلت إليك ) وقد ورد مصداق ذلك في القرآن الكريم : ((وَتِلْكَ ٱلأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ ٱلنَّاسِ – آل عمران ١٤٠ )) فلنبحث عن الرزق الذي يبقى عندنا إلى أبد الآبدين ، ما هو هذا الرزق ؟… الذي تاجرته في ليالي القدر ، ركعتين الصلاة بسبع التوحيد … هل هذا فنى أم بقي في جدول أعمالك ،بقي .. و لا يمحى أبدا ، أما أنواع ما أكلته في الإفطار وغيره ذهب وولى ؟ المتع التي تمتعنا بها ماذا بقي منها ؟ … المتع التي تمتعنا بها في حياتنا ما الذي بقي منه … كلها خيال في خيال … ذهب كله . البعض ذهب للاصطياف في الصيف أين الهواء المنعش ؟ في الصيف الآن يعيش في هذا الهواء القاتل ؟ صليت قبل قليل صلاة الظهر هذا يبقى لا يمحى . يوم القيامه في ذلك الموقف العصيب يُبعث الإنسان من قبره ، ويخرج معه شاب جميل ، ويقول أنا سأبقى معك ، وكلما مر هول من أهوال يوم القيامة يقول لا تقلق أنا سأقضي حاجتك ، عجبا !!…(( يَوْمَ يَفِرُّ ٱلْمَرْءُ مِنْ أَخِيه . ِوَأُمِّهِ وَأَبِيهِ . وَصَٰحِبَتِهِ وَبَنِيهِ – عبس ٣٤ / ٣٦ )) يفر من زوجته ، ومن أخيه حتى لا يطالبه بشيء فيتوارى عنه ، من هو هذا الشاب في هذا اليوم العصيب ؟!… يسأله من أنت يقول له أتعلم من أنا ؟… أنا السرور الذي أدخلته إلى قلب أخيك المؤمن ، هذا عمل واحد ، سرور واحد، فكيف يإحياء صلاة الليل والحج والعمرة وإحياء ليالي القدر…. ؟… فلعله يسند بقبيلة من الأنصار والأعوان حينها ، وما هي في حقيقتها إلا أعماله التي عملها . (( وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ – طه ١٣١ )) لم يقل الله لنكرمهم لنسعدهم بل قال لنفتنهم ، الذي يبنى أكثر من حاجته لعله يطوق على رقبته يوم القيامه ، لعله يتمنى أن لم يكن من أصحاب العمارات ، وكان من الشاكرين على نعمة الكفاف . يوم القيامة (( خافضة رافعة – الواقعة ٣ )) المترفون يتمنون لو كانوا من أفقر عباد الله … بل يتمنى الكافر أن يكون ترابا (( وَيَقُولُ ٱلْكَافِرُ يٰلَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً – النبأ ٤٠ )) ولم تكن له هذه العاقبة ، ثم يقول سبحانه وتعالى : (( لَخَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ –غافر ٥٧ )) والذي (( خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا – لقمان ١٠)) غير قادر على أن يرزقك ، عندك دين … اطلب من رب العالمين أن يقضي حلجتك ((وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ – الحجر ٢١ )) .
ختام الآيات :
الله لطيف بعباده … كم يتحبب إلى هذا الظلوم الجهول … وما الداعي ؟ هل يحتاج الله لعباده ليتحبب إليهم ؟ لا ، هو الغني عن عباده ولكن لطفا بهم ورفقا (وَفِي ٱلسَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ – الذاريات ٢٢ ) ابن آدم لا يكتفي بهذا الوعد ، المزيد من الرزق في قوله تعالى : ((فَوَرَبِّ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَآ أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ – الذاريات ٢٣ ) هل تشك أيها الإنسان برزقي ، يقسم الله بنفسه . لماذا لا تعطل المحل يوم الجمعة لتحضر الصلاة مع المؤمنين أتخاف من الرزق ؟ في أيام محرم تتشبث بالتجارة أكثر … أو إنسان يفتح محل لجوارك يبدأ العزاء و تبدأ المصيبة ، خوفا من الافلاس ، أين الاطمئنان بوعده سبحانه و تعالى ؟
ما أنصفنا ربنا تبارك وتعالى لا في عبادته ولا في التوكل عليه ولا في الاستعانة به ( وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ – الطلاق ٣ ) . هل يتوقع الإنسان أن يجد تحت جدار كنزا ؟ ما قيمة الجدار ؟ ولكن الله تعالى يقول : (وَأَمَّا ٱلْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلاَمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي ٱلْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَاوَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَآ أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا – الكهف ٨٢ ) الله جعل تحت الجدار كنزا ليكون ذلك ثروة للغلامين اليتيمين في المدينة ، هذا هو الرَّزَّاق ذو القوة المتين .
تعليق