تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد
الانسان يمتلك ارادة تمكنه من اتخاذ القرارات وهذه القرارات في حياتنا الدنيا تعتمد على العقل وما يختاره العقل، فالإنسان مختار بما ينفعه تحت الإرادة الإلهية والمشيئة الإلهية، فلما يريد الانسان اتخاذ قرار ما بخصوص شؤون حياته المستقبلية فلا بد من الاعتماد على المشيئة الإلهية، وذلك عندما يقول إن شاء الله وهذا ليس فقط هو نوع من الادب في محضر الخالق عز وجل وحسب؛ وانما هو بيان لحقيقة أنّ الانسان لا يملك شيئا ولا يمكن ان يكون مستقلا في قراراته من دون المشيئة الإلهية لقوله تعالى: ﴿وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ۚ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ ۚ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾[1]، فكلنا نعتمد ونستند الى الله تعالى لان الله هو المستقل بذاته فقط ونحن مرتبطون به عز وجل ومحتاجين إليه وهو يعطينا ما يناسبنا بحسب ما يريد، لأنّه اختبار وامتحان للإنسان لقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾[2].
لو فرضنا أنّ كل الشفرات والسكاكين والمناشير في هذا الوجود اذا تحركت لتقطع عرقا واحدا لهذا الانسان فلا تستطيع الا بإذنه تعالى، وهذا ما يسمى في العقيدة توحيد الأفعال؛ فالإنسان يملك الحرية والإرادة فأي شيء يتحقق او أي عمل إنّما هو مرتبط بمشيئته عز وجل، فلما ننطق بعبارة إن شاء الله فهذا سيجعلنا متمسكين وملتزمين بالتوكل على الله عز وجل وتوجهنا كله إليه تعالى فيعطينا القوة والقدرة والاصرار على انجاز ما نحن نريد أن ننجزه، مما يؤدي الى أن تكون الاعمال صحيحة وطاهرة ومزكاة، وفي رواياتنا نستفيد أنّ الانسان كلما تكلم عما يريد في المستقبل بدون ان يقول إن شاء الله فإنّ الله عز وجل سوف يكله الى نفسه ويخرجه من مظلته وحمايته، فقد ورد عَنْ مُرَازِمِ بْنِ حَكِيمٍ قَالَ: أَمَرَ أَبُوعَبْدِ اللهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ بِكِتَابٍ فِي حَاجَةٍ فَكُتِبَ ثُمَّ عُرِضَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ اِسْتِثْنَاءٌ فَقَالَ: ((كَيْفَ رَجَوْتُمْ أَنْ يَتِمَّ هَذَا وَلَيْسَ فِيهِ اِسْتِثْنَاءٌ اُنْظُرُوا كُلَّ مَوْضِعٍ لاَ يَكُونُ فِيهِ اِسْتِثْنَاءٌ فَاسْتَثْنُوا فِيهِ))[3].
وهذا الكلام للإمام الصادق يصب بمصب تفسير الآية الشريفة من سورة الكهف بخصوص اعداد اصحاب الكهف، في قوله تعالى: ﴿سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ ۖ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ۚ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ۗ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَدًا* وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا﴾[4]، فهاتان الآيتان تبينان أنّ على الانسان التخلص من التردد والتشكيك ويلتزم بأنّه واقع ضمن المشيئة الإلهية، فلا يصيبه أي شك بخصوص ما يريد أن يعرفه وما يريد أن يفعله، فكل تصميم تتخذه أو مشروع تريد أن تفعله فإن لم يشأ الله عز وجل فكائنا من يكون ليس له القدرة على أي يعمل لك هذا العمل، فلكي تثبت قوة الانسان ويقتبس من قوه الله الأزلية، والتي هي مرتبطة بقدرته عز وجل، فعليك أن تضيف عبارة إن شاء الله الى كلامك، ومن وجه منطقي لا يصح للإنسان ان يقطع في مواقفه وتصميماته وأخباره المستقبلية، بأنّ الامر حاصل فمهما تكون قدرته فهي محدودة امام قدره الله عز وجل، والقدرة الإلهية تتجلى بأنّ الله سبحانه وتعالى ممكن أن يضع الموانع المختلفة لكي لا يحصل مثل هذا الامر الذي تريده لقوله تعالى: ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللهُ ۚ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾[5].
[1] سورة الطلاق، الآية: 3.
[2] سورة الإسراء، الآية: 70.
[3] الكافي، ج 2، ص 673.
[4] سورة الكهف، الآيتان: 22-23.
[5] سورة الإنسان، الآية: 30.
تعليق