بسم الله الرحمن الرحيم
ربي صل على محمد وال محمد وعجّـــــل فرجهم وفرجنا بفرجهم
السلام عليكم ايها المؤمنون والمسلمون
ننقل ادناه رواية عظيمة الامر ، شريفة القدر ، بالغة الخطر .
روى الشيخ الصدوق عليه الرحمة عن ابن عباس ، قال : إن رسول الله(صلى الله عليه وآله)كان جالساً ذات يوم إذ أقبل الحسن(عليه السلام) فلمَّا رآه بكى ، ثمّ قال : إليَّ يا بني ، فما زال يُدنيه حتى أجلسه على فخذه اليمنى ، ثم أقبل الحسين(عليه السلام) ، فلمَّا رآه بكى ، ثمَّ قال : إليَّ يا بني ، فما زال يُدنيه حتى أجلسه على فخذه اليسرى ، ثم أقبلت فاطمة(عليها السلام) ، فلمَّا رآها بكى ، ثمَّ قال : إليَّ بابنية فأجلسها بين يديه ، ثمَّ أقبل أمير المؤمنين (عليه السلام)فلمّا رآه بكى ، ثمَّ قال : إليَّ يا أخي ، فما زال يدنيه حتى أجلسه إلى جنبه الأيمن ، فقال له أصحابه : يا رسول الله ، ما ترى واحداً من هؤلاء إلاَّ بكيت ، أو ما فيهم من تسرُّ برؤيته!؟ فقال(صلى الله عليه وآله) : والذي بعثني بالنبوة ، واصطفاني على جميع البرية ، إني وإياهم لأكرم الخلق على الله عزَّ وجلَّ ، وما على وجه الأرض نسمة أحبّ إليَّ منهم .
أما علي بن أبي طالب فإنه أخي وشقيقي ، وصاحب الأمر بعدي ، وصاحب لوائي في الدنيا والآخرة ، وصاحب حوضي وشفاعتي ، وهو مولى كل مسلم ، وإمام كل مؤمن ، وقائد كل تقي ، وهو وصيي وخليفتي على أهلي وأمتي في حياتي وبعد مماتي ، محبُّه محبي ، ومبغضُه مبغضي ، وبولايته صارت أمتي مرحومة* ، وبعداوته صارت المخالفة له منها ملعونة ، وإني بكيت حين أقبل لأني ذكرت غدر الأمة به بعدي حتى إنه ليزال عن مقعدي ، وقد جعله الله له بعدي ، ثم لا يزال الأمر به حتى يُضرب على قرنه ضربة تخضب منها لحيته في أفضل الشهور*{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَات مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}(1)*.
وأما ابنتي فاطمة ، فإنها سيِّدة نساء العالمين من الأولين والآخرين ، وهي بضعة مني ، وهي نور عيني ، وهي ثمرة فؤادي ، وهي روحي التي بين جنبي ، وهي الحوراء الإنسية ، متى قامت في محرابها بين يدي ربِّها جلَّ جلاله زهر نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض ، , ويقول الله عزَّ وجلَّ لملائكته : يا ملائكتي ، انظروا إلى أمتي فاطمة سيِّدة إمائي ، قائمةً بين يدي ، ترتعد فرائصُها من خيفتي ، وقد أقبلت بقلبها على عبادتي ، أُشهدكم أني قد أمنت شيعتها من النار ، وإني لما رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي ، كأني بها وقد دخل الذلّ بيتها ، وانتُهكت حرمتها ، وغصبت حقَها ، ومُنعت إرثها ، وكُسر جنبُها ، وأُسقطت جنينها ، وهي تنادي : يا محمداه ، فلا تجاب ، وتستغيث فلا تغاث ، فلا تزال بعدي محزونة مكروبة باكية ، تتذكِّر انقطاع الوحي عن بيتها مرَّة ، وتتذكَّر فراقي أخرى ، وتستوحش إذا جنَّها الليل لفقد صوتي الذي كانت تستمع إليه إذا تهجَّدتُ بالقرآن ، ثم ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت في أيام أبيها عزيزة ، فعند ذلك يؤنسها الله تعالى ذكره بالملائكة ، فنادتها بما نادت به مريم بنت عمران ، فتقول : يا فاطمة*{إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ}*، يا فاطمة*{اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} .
ثم يبتدىء بها الوجع فتمرض ، فيبعث الله عزَّ وجلَّ إليها مريم بنت عمران ، تمرِّضها وتؤنسها في علّتها ، فتقول عند ذلك : يا رب ، إني قد سئمت الحياة ، وتبرَّمت بأهل الدنيا ، فألحقني بأبي . فيلحقها الله عزَّ وجلَّ بي ، فتكون أول من يلحقني من أهل بيتي ، فتقدم عليَّ محزونة مكروبة مغمومة مغصوبة مقتولة ، فأقول عند ذلك : اللهم العن من ظلمها ، وعاقب من غصبها ، وأذِلَّ من أذلَّها ، وخلِّد في نارك من ضرب جنبها حتى ألقت ولدها ، فتقول الملائكة عند ذلك : آمين .
قال(صلى الله عليه وآله) : وأمَّا الحسن فإنه ابني وولدي ، ومني ، وقرّة عيني ، وضياء قلبي ، وثمرة فؤادي ، وهو سيِّد شباب أهل الجنة ، وحجة الله على الأمة ، أمره أمري ، وقوله قولي : من تبعه فإنه مني ، ومن عصاه فليس مني ، وإني لما نظرت إليه تذكَّرت ما يجري عليه من الذلّ بعدي ، فلا يزال الأمر به حتى يُقتل بالسم ظلماً وعدواناً ، فعند ذلك تبكي الملائكة والسبع الشداد لموته ، ويبكيه كل شيء حتى الطير في جوّ السماء ، والحيتان في جوف الماء ، فمن بكاه لم تعم عينه يوم تعمى العيون ، ومن حزن عليه لم يحزن قلبه يوم تحزن القلوب ، ومن زاره في بقيعه ثبتت قدمه على الصراط يوم تزلّ فيه الأقدام .
قال (صلى الله عليه وآله) : وأمَّا الحسين فإنه مني ، وهو ابني وولدي ، وخير الخلق بعد أخيه ، وهو إمام المسلمين ، ومولى المؤمنين ، وخليفة ربّ العالمين ، وغياث المستغيثين ، وكهف المستجيرين ، وحجة الله على خلقه أجمعين ، وهو سيد شباب أهل الجنة ، وباب نجاة الأمة ، أمره أمري ، وطاعته طاعتي ، من تبعه فإنه مني ، ومن عصاه فليس مني ، وإني لما رأيته تذكَّرت ما يصنع به بعدي ، كأني به وقد استجار بحرمي وقبري فلا يجار ، فأضمُّه في منامه إلى صدري ، وآمره بالرحلة عن دار هجرتي ، وأبشِّره بالشهادة ، فيرتحل عنها إلى أرض مقتله وموضع مصرعه ، أرض كرب وبلاء وقتل وفناء ، تنصره عصابة من المسلمين ، أولئك من سادة شهداء أمتي يوم القيامة ، كأني أنظر إليه وقد رمي بسهم فخرَّ عن فرسه صريعاً ، ثم يذبح كما يذبح الكبش مظلوماً .
ثم بكى رسول الله(صلى الله عليه وآله) وبكى من حوله ، وارتفعت أصواتهم بالضجيج ، ثمَّ قام(صلى الله عليه وآله) ، وهو يقول : اللهم إني أشكو إليك ما يلقى أهل بيتي بعدي ، ثم دخل منزله .
----- انتهى -------
اقول : متن الرواية كمضمون عام وتفاصيل له شواهد ادلة كثيرة في تراث ال البيت ع ، ولكن محل حديثنا عن مضامين بعض العبارات المهمة
1- قول الرسول ص : ( وبولايته صارت أمتي مرحومة*)
اقول : لعله الان بان واضح بالدقة حيثية وسبب هذه الرحمة الخاصة التي اختصت بها امة الرسول الخاتم محمد ص , سببها الولاية وتفعيلها الموالاة ، فلتفخر شيعة ومحبين ال البيت ع بهذا الوسام والمقام والتفضيل .
وفي نفس الوقت فان فالرواية تقول : ( وبعداوته صارت المخالفة له منها ملعونة ) !!! أي هناك من هذه الامة استحق اللعن بسبب رفض الولاية ومخالفة الوصاية ، وهم يعلمون !!!
2- قول الرسول ص في حق فاطمة الزهراء ع : ( وهي الحوراء الإنسية ، متى قامت في محرابها بين يدي ربِّها جلَّ جلاله زهر نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض ) .
اقول : لعله هذا يفسر اسمها الشريف الذي اختصت به ( الزهراء ) , وهذه يظهر منها حقيقة ملكوتية يشهدها ملائكة السماء ، وهي يظهر انها من مرتبة قوس الصعود كما يصطلح اي في عالم الدنيا ، ولها نظير وحقيقة اخرى لمقام الزهراء وحقيقته في عالم الامكان في قوس النزول كما في الرواية ادناه عند بدأ الخلق :
ورد عن سلمان الفارسي أنّه قال: كنت جالساً عند النبي المكرّم(صلى الله عليه وآله وسلم) إذ دخل العباس بن عبد المطّلب فسلّم، فردّ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)عليه ورحّب به، فقال: يا رسول الله! بم فضّل علينا أهل البيت علي بن أبي طالب (عليه السلام) والمعادن واحدة؟
فقال لـه النبي المكرّم (صلى الله عليه وآله وسلم): «إذاً اُخبرك ياعم، إنّ الله تبارك وتعالى خلقني وخلق علياً ولا سماء ولا أرض، ولا جنّة ولا نار، ولا لوح ولا قلم، ولمّا أراد الله تعالى بدو خلقنا فتكلّم بكلمة فكانت نوراً، ثم تكلّم بكلمة ثانية فكانت روحاً، فمزج فيما بينهما فاعتدلا فخلقني وعلياً منهما، ثم فتق من نوري نور العرش فأنا أجلّ من نور العرش، ثم فتق من نور علي(عليه السلام) نور السماوات فعلي أجلّ من نور السماوات، ثم فتق من نور الحسن (عليه السلام) نور الشمس، ومن نور الحسين (عليه السلام) نور القمر، فهما أجلّ من نور الشمس ومن نور القمر، وكانت الملائكة تسبّح الله وتقدّسه وتقول في تسبيحها: سبّوح قدّوس من أنوار ما أكرمها على الله تعالى، فلمّا أراد الله جلّ جلاله أن يبلو الملائكة أرسل عليهم سحاباً من ظلمة فكانت الملائكة لا ينظر أولها من آخرها ولا آخرها من أولها، فقالت الملائكة: إلهنا وسيدنا منذ خلقنا ما رأينا مثل ما نحن فيه فنسألك بحق هذه الأنوار إلاّ ما كشفت عنّا.
فقال الله تبارك وتعالى: وعزّتي وجلالي لأفعلنّ، فخلق نور فاطمة (عليها السلام) يومئذ كالقنديل وعلّقه في قرط العرش، فزهرت السماوات السبع والأرضون السبع، ومن أجل ذلك سمّيت فاطمة الزهراء، وكانت الملائكة تسبّح الله وتقدّسه.
فقال الله عزّوجلّ: وعزّتي وجلالي لأجعلنّ ثواب تسبيحكم وتقديسكم إلى يوم القيامة لمحبّي هذه المرأة وأبيها وبعلها وبنيها».
---- انتهت الرواية ------
اقول : قول الرسول ص : ( ولمّا أراد الله تعالى بدو خلقنا فتكلّم بكلمة فكانت نوراً، ثم تكلّم بكلمة ثانية فكانت روحاً )
لعل هذا يعاضد الرواية التي تنقل عن الصحابي الجليل جابر عن السول ص لما سئله عن اول شيء خلقه الله ، فاجابه الرسول ص انه " نور نبيك ياجابر "
ويظهر ان مرتبة النور اعلى واشرف واسبق من مرتبة الروح (كما في المقطع المقتبس اعلاه) وهي تختلف عن الروح .
3- وقول الرسول ص : ( وأمَّا الحسن فإنه ابني وولدي ، ومني ، وقرّة عيني ، وضياء قلبي ، وثمرة فؤادي )
اقول : اعلم ان كل عبارة وكلمة وحرف يصدر من مقام الرسول لها معنى وقصد يناسبها
لذلك قول الرسول في حق الحسن ع " ومني " اشارة الى حقيقة اتباعه الامثل للرسول شريعتا ومنهاجا ودينا .
وقوله " وقرّة عيني " هي فرحه بالحسن ع الذي احسن المشايعة المثلى لجده الخاتم عليهما السلام
وقوله " وضياء قلبي " فالقلب لب الشيء ، وفي المعنويات جوهره ،،، والحسن ع ضياء قلب الرسول بمعنى جوهر حقيقة الرسول ص هو يتجلى للوجود بالحسن ع .
وقوله " ثمرة فؤادي " فالفؤاد اشرف واهم شيء في حقيقة كل موجود ، وشجرة فؤاد الرسول ص ثمرتها تجلت بالحسن ع .
والله اعلــــم
4- وقول الرسول ص : ( وأمَّا الحسين فإنه مني ، وهو ابني وولدي ، وخير الخلق بعد أخيه )
أقول : هنا لعله نفس الوصف لاخيه الحسن ع مع تقديم وتاخير " فانه مني ، وهو ابني وولدي " ومردها لعله لمقام الابتلاء ، ومن ثم الصبر والثبات والتسليم للامام الحسين ع فاستحق تقديم " مني " على " ابني وولدي " فتامل ، والله اعلم .
وقوله : " وخير الخلق بعد اخيه " لعلها تفهم خير الخلق على الارض من بعد اخيه الحسن ع ، او قد تفيد خير الخلق بعد اخيه الحسن رتبتا ، ولا يرجح احدهما الا بدليل .
ملاحظة : ما ذكره الرسول الخاتم محمد ص من اصابت الذل لآل بيته من بعده ، يفهم منه انه ذل الضعف بعد الخذلان وقلة الناصر ، وليس ذل الضعيف المهان ! فهذا الفهم الاخير لا يناسب ومقام اولياء الله ولا يرتضيه الله لهم ، كيف لا وقد قال الامام الحسين ع ( والله لا اعطيكم بيدي اعطاء الذليل ، ولا افر فرار العبيد ) فتأمل .
وهناك لعله الكثير من المضامين العالية في هذه الرواية
والسلام عليكم
ربي صل على محمد وال محمد وعجّـــــل فرجهم وفرجنا بفرجهم
السلام عليكم ايها المؤمنون والمسلمون
ننقل ادناه رواية عظيمة الامر ، شريفة القدر ، بالغة الخطر .
روى الشيخ الصدوق عليه الرحمة عن ابن عباس ، قال : إن رسول الله(صلى الله عليه وآله)كان جالساً ذات يوم إذ أقبل الحسن(عليه السلام) فلمَّا رآه بكى ، ثمّ قال : إليَّ يا بني ، فما زال يُدنيه حتى أجلسه على فخذه اليمنى ، ثم أقبل الحسين(عليه السلام) ، فلمَّا رآه بكى ، ثمَّ قال : إليَّ يا بني ، فما زال يُدنيه حتى أجلسه على فخذه اليسرى ، ثم أقبلت فاطمة(عليها السلام) ، فلمَّا رآها بكى ، ثمَّ قال : إليَّ بابنية فأجلسها بين يديه ، ثمَّ أقبل أمير المؤمنين (عليه السلام)فلمّا رآه بكى ، ثمَّ قال : إليَّ يا أخي ، فما زال يدنيه حتى أجلسه إلى جنبه الأيمن ، فقال له أصحابه : يا رسول الله ، ما ترى واحداً من هؤلاء إلاَّ بكيت ، أو ما فيهم من تسرُّ برؤيته!؟ فقال(صلى الله عليه وآله) : والذي بعثني بالنبوة ، واصطفاني على جميع البرية ، إني وإياهم لأكرم الخلق على الله عزَّ وجلَّ ، وما على وجه الأرض نسمة أحبّ إليَّ منهم .
أما علي بن أبي طالب فإنه أخي وشقيقي ، وصاحب الأمر بعدي ، وصاحب لوائي في الدنيا والآخرة ، وصاحب حوضي وشفاعتي ، وهو مولى كل مسلم ، وإمام كل مؤمن ، وقائد كل تقي ، وهو وصيي وخليفتي على أهلي وأمتي في حياتي وبعد مماتي ، محبُّه محبي ، ومبغضُه مبغضي ، وبولايته صارت أمتي مرحومة* ، وبعداوته صارت المخالفة له منها ملعونة ، وإني بكيت حين أقبل لأني ذكرت غدر الأمة به بعدي حتى إنه ليزال عن مقعدي ، وقد جعله الله له بعدي ، ثم لا يزال الأمر به حتى يُضرب على قرنه ضربة تخضب منها لحيته في أفضل الشهور*{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَات مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}(1)*.
وأما ابنتي فاطمة ، فإنها سيِّدة نساء العالمين من الأولين والآخرين ، وهي بضعة مني ، وهي نور عيني ، وهي ثمرة فؤادي ، وهي روحي التي بين جنبي ، وهي الحوراء الإنسية ، متى قامت في محرابها بين يدي ربِّها جلَّ جلاله زهر نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض ، , ويقول الله عزَّ وجلَّ لملائكته : يا ملائكتي ، انظروا إلى أمتي فاطمة سيِّدة إمائي ، قائمةً بين يدي ، ترتعد فرائصُها من خيفتي ، وقد أقبلت بقلبها على عبادتي ، أُشهدكم أني قد أمنت شيعتها من النار ، وإني لما رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي ، كأني بها وقد دخل الذلّ بيتها ، وانتُهكت حرمتها ، وغصبت حقَها ، ومُنعت إرثها ، وكُسر جنبُها ، وأُسقطت جنينها ، وهي تنادي : يا محمداه ، فلا تجاب ، وتستغيث فلا تغاث ، فلا تزال بعدي محزونة مكروبة باكية ، تتذكِّر انقطاع الوحي عن بيتها مرَّة ، وتتذكَّر فراقي أخرى ، وتستوحش إذا جنَّها الليل لفقد صوتي الذي كانت تستمع إليه إذا تهجَّدتُ بالقرآن ، ثم ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت في أيام أبيها عزيزة ، فعند ذلك يؤنسها الله تعالى ذكره بالملائكة ، فنادتها بما نادت به مريم بنت عمران ، فتقول : يا فاطمة*{إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ}*، يا فاطمة*{اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} .
ثم يبتدىء بها الوجع فتمرض ، فيبعث الله عزَّ وجلَّ إليها مريم بنت عمران ، تمرِّضها وتؤنسها في علّتها ، فتقول عند ذلك : يا رب ، إني قد سئمت الحياة ، وتبرَّمت بأهل الدنيا ، فألحقني بأبي . فيلحقها الله عزَّ وجلَّ بي ، فتكون أول من يلحقني من أهل بيتي ، فتقدم عليَّ محزونة مكروبة مغمومة مغصوبة مقتولة ، فأقول عند ذلك : اللهم العن من ظلمها ، وعاقب من غصبها ، وأذِلَّ من أذلَّها ، وخلِّد في نارك من ضرب جنبها حتى ألقت ولدها ، فتقول الملائكة عند ذلك : آمين .
قال(صلى الله عليه وآله) : وأمَّا الحسن فإنه ابني وولدي ، ومني ، وقرّة عيني ، وضياء قلبي ، وثمرة فؤادي ، وهو سيِّد شباب أهل الجنة ، وحجة الله على الأمة ، أمره أمري ، وقوله قولي : من تبعه فإنه مني ، ومن عصاه فليس مني ، وإني لما نظرت إليه تذكَّرت ما يجري عليه من الذلّ بعدي ، فلا يزال الأمر به حتى يُقتل بالسم ظلماً وعدواناً ، فعند ذلك تبكي الملائكة والسبع الشداد لموته ، ويبكيه كل شيء حتى الطير في جوّ السماء ، والحيتان في جوف الماء ، فمن بكاه لم تعم عينه يوم تعمى العيون ، ومن حزن عليه لم يحزن قلبه يوم تحزن القلوب ، ومن زاره في بقيعه ثبتت قدمه على الصراط يوم تزلّ فيه الأقدام .
قال (صلى الله عليه وآله) : وأمَّا الحسين فإنه مني ، وهو ابني وولدي ، وخير الخلق بعد أخيه ، وهو إمام المسلمين ، ومولى المؤمنين ، وخليفة ربّ العالمين ، وغياث المستغيثين ، وكهف المستجيرين ، وحجة الله على خلقه أجمعين ، وهو سيد شباب أهل الجنة ، وباب نجاة الأمة ، أمره أمري ، وطاعته طاعتي ، من تبعه فإنه مني ، ومن عصاه فليس مني ، وإني لما رأيته تذكَّرت ما يصنع به بعدي ، كأني به وقد استجار بحرمي وقبري فلا يجار ، فأضمُّه في منامه إلى صدري ، وآمره بالرحلة عن دار هجرتي ، وأبشِّره بالشهادة ، فيرتحل عنها إلى أرض مقتله وموضع مصرعه ، أرض كرب وبلاء وقتل وفناء ، تنصره عصابة من المسلمين ، أولئك من سادة شهداء أمتي يوم القيامة ، كأني أنظر إليه وقد رمي بسهم فخرَّ عن فرسه صريعاً ، ثم يذبح كما يذبح الكبش مظلوماً .
ثم بكى رسول الله(صلى الله عليه وآله) وبكى من حوله ، وارتفعت أصواتهم بالضجيج ، ثمَّ قام(صلى الله عليه وآله) ، وهو يقول : اللهم إني أشكو إليك ما يلقى أهل بيتي بعدي ، ثم دخل منزله .
----- انتهى -------
اقول : متن الرواية كمضمون عام وتفاصيل له شواهد ادلة كثيرة في تراث ال البيت ع ، ولكن محل حديثنا عن مضامين بعض العبارات المهمة
1- قول الرسول ص : ( وبولايته صارت أمتي مرحومة*)
اقول : لعله الان بان واضح بالدقة حيثية وسبب هذه الرحمة الخاصة التي اختصت بها امة الرسول الخاتم محمد ص , سببها الولاية وتفعيلها الموالاة ، فلتفخر شيعة ومحبين ال البيت ع بهذا الوسام والمقام والتفضيل .
وفي نفس الوقت فان فالرواية تقول : ( وبعداوته صارت المخالفة له منها ملعونة ) !!! أي هناك من هذه الامة استحق اللعن بسبب رفض الولاية ومخالفة الوصاية ، وهم يعلمون !!!
2- قول الرسول ص في حق فاطمة الزهراء ع : ( وهي الحوراء الإنسية ، متى قامت في محرابها بين يدي ربِّها جلَّ جلاله زهر نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض ) .
اقول : لعله هذا يفسر اسمها الشريف الذي اختصت به ( الزهراء ) , وهذه يظهر منها حقيقة ملكوتية يشهدها ملائكة السماء ، وهي يظهر انها من مرتبة قوس الصعود كما يصطلح اي في عالم الدنيا ، ولها نظير وحقيقة اخرى لمقام الزهراء وحقيقته في عالم الامكان في قوس النزول كما في الرواية ادناه عند بدأ الخلق :
ورد عن سلمان الفارسي أنّه قال: كنت جالساً عند النبي المكرّم(صلى الله عليه وآله وسلم) إذ دخل العباس بن عبد المطّلب فسلّم، فردّ النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)عليه ورحّب به، فقال: يا رسول الله! بم فضّل علينا أهل البيت علي بن أبي طالب (عليه السلام) والمعادن واحدة؟
فقال لـه النبي المكرّم (صلى الله عليه وآله وسلم): «إذاً اُخبرك ياعم، إنّ الله تبارك وتعالى خلقني وخلق علياً ولا سماء ولا أرض، ولا جنّة ولا نار، ولا لوح ولا قلم، ولمّا أراد الله تعالى بدو خلقنا فتكلّم بكلمة فكانت نوراً، ثم تكلّم بكلمة ثانية فكانت روحاً، فمزج فيما بينهما فاعتدلا فخلقني وعلياً منهما، ثم فتق من نوري نور العرش فأنا أجلّ من نور العرش، ثم فتق من نور علي(عليه السلام) نور السماوات فعلي أجلّ من نور السماوات، ثم فتق من نور الحسن (عليه السلام) نور الشمس، ومن نور الحسين (عليه السلام) نور القمر، فهما أجلّ من نور الشمس ومن نور القمر، وكانت الملائكة تسبّح الله وتقدّسه وتقول في تسبيحها: سبّوح قدّوس من أنوار ما أكرمها على الله تعالى، فلمّا أراد الله جلّ جلاله أن يبلو الملائكة أرسل عليهم سحاباً من ظلمة فكانت الملائكة لا ينظر أولها من آخرها ولا آخرها من أولها، فقالت الملائكة: إلهنا وسيدنا منذ خلقنا ما رأينا مثل ما نحن فيه فنسألك بحق هذه الأنوار إلاّ ما كشفت عنّا.
فقال الله تبارك وتعالى: وعزّتي وجلالي لأفعلنّ، فخلق نور فاطمة (عليها السلام) يومئذ كالقنديل وعلّقه في قرط العرش، فزهرت السماوات السبع والأرضون السبع، ومن أجل ذلك سمّيت فاطمة الزهراء، وكانت الملائكة تسبّح الله وتقدّسه.
فقال الله عزّوجلّ: وعزّتي وجلالي لأجعلنّ ثواب تسبيحكم وتقديسكم إلى يوم القيامة لمحبّي هذه المرأة وأبيها وبعلها وبنيها».
---- انتهت الرواية ------
اقول : قول الرسول ص : ( ولمّا أراد الله تعالى بدو خلقنا فتكلّم بكلمة فكانت نوراً، ثم تكلّم بكلمة ثانية فكانت روحاً )
لعل هذا يعاضد الرواية التي تنقل عن الصحابي الجليل جابر عن السول ص لما سئله عن اول شيء خلقه الله ، فاجابه الرسول ص انه " نور نبيك ياجابر "
ويظهر ان مرتبة النور اعلى واشرف واسبق من مرتبة الروح (كما في المقطع المقتبس اعلاه) وهي تختلف عن الروح .
3- وقول الرسول ص : ( وأمَّا الحسن فإنه ابني وولدي ، ومني ، وقرّة عيني ، وضياء قلبي ، وثمرة فؤادي )
اقول : اعلم ان كل عبارة وكلمة وحرف يصدر من مقام الرسول لها معنى وقصد يناسبها
لذلك قول الرسول في حق الحسن ع " ومني " اشارة الى حقيقة اتباعه الامثل للرسول شريعتا ومنهاجا ودينا .
وقوله " وقرّة عيني " هي فرحه بالحسن ع الذي احسن المشايعة المثلى لجده الخاتم عليهما السلام
وقوله " وضياء قلبي " فالقلب لب الشيء ، وفي المعنويات جوهره ،،، والحسن ع ضياء قلب الرسول بمعنى جوهر حقيقة الرسول ص هو يتجلى للوجود بالحسن ع .
وقوله " ثمرة فؤادي " فالفؤاد اشرف واهم شيء في حقيقة كل موجود ، وشجرة فؤاد الرسول ص ثمرتها تجلت بالحسن ع .
والله اعلــــم
4- وقول الرسول ص : ( وأمَّا الحسين فإنه مني ، وهو ابني وولدي ، وخير الخلق بعد أخيه )
أقول : هنا لعله نفس الوصف لاخيه الحسن ع مع تقديم وتاخير " فانه مني ، وهو ابني وولدي " ومردها لعله لمقام الابتلاء ، ومن ثم الصبر والثبات والتسليم للامام الحسين ع فاستحق تقديم " مني " على " ابني وولدي " فتامل ، والله اعلم .
وقوله : " وخير الخلق بعد اخيه " لعلها تفهم خير الخلق على الارض من بعد اخيه الحسن ع ، او قد تفيد خير الخلق بعد اخيه الحسن رتبتا ، ولا يرجح احدهما الا بدليل .
ملاحظة : ما ذكره الرسول الخاتم محمد ص من اصابت الذل لآل بيته من بعده ، يفهم منه انه ذل الضعف بعد الخذلان وقلة الناصر ، وليس ذل الضعيف المهان ! فهذا الفهم الاخير لا يناسب ومقام اولياء الله ولا يرتضيه الله لهم ، كيف لا وقد قال الامام الحسين ع ( والله لا اعطيكم بيدي اعطاء الذليل ، ولا افر فرار العبيد ) فتأمل .
وهناك لعله الكثير من المضامين العالية في هذه الرواية
والسلام عليكم
تعليق