حدثنا القرآن عن علامات تظهر على وجه من يحاول الكذب وعلى صوته أيضاً، وهذا ما كشفه العلماء في القرن الحادي والعشرين.
هناك تغيرات مهمة تحدث في الإنسان حينما يحاول الكذب، وقد اخترع العلماء أجهزة لكشف الكذب تعتمد على قياس سرعة النبض (سرعة
نبضات القلب)، وعلى كمية العرق المفرز من اليدين والوجه مثلاً، وعلى قياس ضغط الدم وغير ذلك، ولكن بقيت كفاءة هذه الأجهزة
لا تزيد على عشرين بالمئة.
فاللصوص المحترفون تمكنوا من خداع هذه الأجهزة ببراعة ولم تظهر عليهم أي تغييرات تذكر.
ولكن في بحث علمي جديد وجد الباحثون في هذا المجال وبعد الكثير من التجارب أن الإنسان حينما يبدأ بالكذب
وفي هذه اللحظة تحدث تغيرات على وجهه تدوم لأجزاء من الثانية، ومعظم الناس لا يلاحظون هذه التغيرات،
ولكن بالتصوير السريع تظهر هذه التغيرات بوضوح على معظم أجزاء الوجه.
ويؤكد الباحثون في معهد الحساب العصبي أنّ أية عاطفة أو إحساس يمر بها الإنسان تولد تغيرات في وجهه ولكنها تمر سريعاً بحيث تصعب
ملاحظتها، ولذلك فقد طور هؤلاء الباحثون برنامج كمبيوتر يحلل تغيرات الوجه بسرعة مذهلة ويرصد أي تغيرات مهما كانت صغيرة.
ويقولون إنّ التعابير التي تظهر على الوجه في حالة الكذب تختلف عن تلك التعابير التي تظهر في حالة الغضب،
وتلك التي تظهر في حالة الإحساس بالذنب وهكذا.
والنتيجة التي نصل إليها أنّ الأحاسيس التي يمر بها الإنسان تظهر على وجهه، ولذلك قال تعالى في حق أولئك الملحدين الذين ينكرون القرآن..
(وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ)/ (الحج:72). فقد ربط القرآن بين تعابير الوجه وبين ما يدور في دماغ
هؤلاء من أحاسيس ومشاعر تجاه القرآن.
ويقول العلماء إن أي تصرف لدى تكراره بكثرة فإنه يترك آثاره الواضحة على الوجه بالدرجة الأولى حتى يصبح جزءاً من تعابير الوجه،
ولذلك قال تعالى في حق المؤمنين الذين يكثرون من السجود: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا
يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ)/ (الفتح:29).
وفي تجربة جديدة أيضاً وجد العلماء أن هناك تغيرات تحدث للصوت أثناء الكذب! ومعظم الناس لا يلاحظون هذه التغيرات ولكن بعض العلماء
صمموا برنامج كمبيوتر لتحليل الترددات الصوتية ولاحظوا بأن الإنسان بمجرد أن يبدأ بالكذب فإن انحناءً بسيطاً يحدث في المنحني البياني
الخاص بصوته، وهذا ما أخبر الله به حبيبه محمداً صلى الله عليه واله عن أولئك المنافقين الذين يقولون عكس ما في قلوبهم.. (وَلَوْ نَشَاءُ
لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ)/ (محمد:30).
ففي هذه الآية أكد المولى تبارك وتعالى أنّ النفاق والكذب يظهران على وجه صاحبهما (فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ) أي بالتعابير المرسومة على وجوههم،
وأن هذا الكذب يظهر في قولهم وفي صوتهم: (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ)، ولحن القول هي تلك النغمة الخفيفة التي تظهر على الصوت أثناء
الحديث، ومن ذلك الألحان واللحن أي التصنع في الصوت.
وهذه معجزة تشهد على صدق هذا القرآن لأنه أخبرنا عن حقيقة طبية لم تنكشف أمامنا إلا في القرن الحادي والعشرين، فقد أخبرنا عن علاقة
الكذب بالوجه وعلاقة الكذب بالصوت، وهو ما أثبته العلماء يقيناً اليوم.
علياء حسين
تم نشره في المجلة العدد41
تعليق