إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

التكليف الشرعي ما بين القاصر والمقصر

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • التكليف الشرعي ما بين القاصر والمقصر

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اللهم صل على محمد وآل محمد

    جعل المولى تبارك وتعالى بينه وبين عباده حُججاً يُحاسبهم ويعاتبهم على ضوئها، ويجزيهم (ثواباً وعقاباً) ضمن قانون الحجة الذي وضعه سبحانه وفي مقدمها العقل.
    ولذا ورد عن الإمامِ الكاظمِ عليه السلام : ((إنَّ للهِ عَلَى النّاسِ حُجَّتَينِ : حُجَّةً ظاهِرَةً، وحُجَّةً باطِنَةً، فأمّا الظّاهِرَةُ فَالرُّسُلُ والأنبِياءُ والأئمَّةُ عليهم السلام، وأمّا الباطِنَةُ فَالعُقولُ))
    [1].
    إنّ العلماء قسّموا العقل بحسب ما يتعلّق به إلى قسمين
    :

    العقل النظري: وهو الحاكم في القضايا التي يجب أن تُعلم، فإذا كان الهدف من إدراك الشيء هو معرفته لا العمل به، من قبيل إدراك حقائق الوجود واجتماع النقيضين محال.
    والعقل العملي: فإذا كان الهدف من الإدراك هو العمل، وهو الحاكم فيما يجب أن يعمل، وأنّ فاعله يُمدح ويستحقّ الثواب، مثل: العدل حسن، والظلم قبيح، وحسن الصبر وقبح الجزع.
    وقالوا: إنّه لا قدرة للعقل النظري على الإحاطة بكلّ ما يتعلّق بالأشياء ويعرف عللها، والمصالح التي تدور عليها، بينما يمكن للعقل العملي أن يأمر بحسن فعل بعض الأفعال، وأنّ حكم الشارع سيوافق حكم العقل العملي؛ لأنّ مدار حكم العقل العملي هو: اتّفاق العقلاء، كاتّفاقهم بأنّ الإحسان حسن، والشارع من العقلاء، بل هو أعقلهم، فلا يخرج عنهم.
    قال الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ۗ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ
    [2].
    إنّ الشريعة، أيّ شريعة، تنقسم إلى قسمين: قسم واجب الاعتقاد به، وهي: الاعتقادات، ويبحث عنها في أُصول الدين.
    وقسم لا بدّ من العمل بها، وهي: الفقهيات، ويُصطلح عليها بـ(فروع الدين).
    وهذه الأحكام التشريعية، فيجوز بها التقليد والأخذ من الآخرين، على أن يكون الآخذ مستنداً إلى حجّة قطعية ثابتة.
    وهذه الأحكام تنقسم إلى الأقسام الخمسة: من الواجب والمستحبّ والمباح والمكروه والحرام، وهي يجب أن نأخذ حكمها من الشارع المقدّس، وإن ترك لنا الخيار في قسم المباح، فيمكن للعقل، أو العرف، أو قانون تنظيم الجماعات من التدخّل فيه، على ألا يخرجه من المباح الشرعي.
    والإنسان الذي بلغ مرحلة التكليف الشرعي (بالغ، عاقل) يكون على قسمين:
    1- عالماً بالتكاليف الشرعية: وهو إما يمتثل أو يخالف الشريعة.
    2- جاهلاً بالتكاليف: وهو على نوعين:
    أ: جاهل قاصر: وهو الجاهل المعذور في جهله، أي أنه يعتقد بصحة فعله، فهو اعتمد على طريق شرعي تبيّنَ خطأه لاحقاً، كمن اعتقد بحليّة عمل تَبينَ حرمته لاحقاً. كمن كان يُصافح بنت عمه معتقداً الجواز، وقد وقع بهذا الخطأ لأنه تربى بعيدا عن الأجواء الدينية، وهذا معذور عند الله سبحانه.
    ب: جاهل مُقصّر: وهو الجاهل الذي لا يهتم لأمور دينه ولا يسأل عنها ولا يبحث ليصل اليها، وقد ترك العقل ولم يتصرف به بما أراد الله عز وجل وقد ورد عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وآله : ((إنَّ العَقلَ عِقالٌ مِنَ الجَهلِ، والنَّفسَ مِثلُ أخبَثِ الدَّوابِّ ، فإن لَم تُعقَلْ حارَت))
    [3]، وقد تصرف بالحكم الشرعي وتبين خلافه، فهذا غير معذور، ويحاسب على فعله لأنه مقصّر بالتعلُم. كما إذا أكل بعض ما يخرج من البحر من حيوانات معتقداً حليتها وهي حرام شرعاً.
    عَنْ هَارُونَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْعَدَةَ بْنِ زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى فَلِلّٰهِ اَلْحُجَّةُ اَلْبالِغَةُ - فَقَالَ: ((إِنَّ اَللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ لِلْعَبْدِ يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ عَبْدِي أَكُنْتَ عَالِماً فَإِنْ قَالَ نَعَمْ قَالَ لَهُ أَفَلاَ عَمِلْتَ بِمَا عَلِمْتَ وَإِنْ قَالَ كُنْتُ جَاهِلاً قَالَ لَهُ أَفَلاَ تَعَلَّمْتَ حَتَّى تَعْمَلَ فَيَخْصِمُهُ وَذَلِكَ اَلْحُجَّةُ اَلْبَالِغَةُ))
    [4].

    [1] الكافي، ج 12، ص 16، ح 1.
    [2] سورة الزمر، الآية: 9.
    [3] تحف العقول، ص 15.
    [4] الأمالي للمفيد، 292.


  • #2
    اللهم صل على محمد وال محمد
    احسنتم ويبارك الله بكم
    شكرا لكم كثيرا

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X