بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد
توجد اعراف سائدة في المجتمعات على مر الأزمنة هذه الاعراف تتحكم بتصرفات الناس؟ وايضا بماذا يفكرون؟ وماذا يجعلون من الاسباب للأحداث التي تمر عليهم؟
وفي زمن الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام لما بلغ الاربعين سنة من عمره الشريف، كان العرف السائد عند الناس أنّ الرجل عندما يتزوج ويمضي من عمره الكثير ولم يولد له ولد تحدث حالة من القلق والاضطراب يعيش فيه المجتمع، خصوصا لمّا يتعلق الموضوع بالإمام الذي يأتي من بعد الامام السابق، فلم تكن هناك أية امارات لولادة امام يخلف الامام الرضا عليه السلام، وتأخرت هذه الولادة والامام من جهته يَعدُ اصحابه بل يؤكد لهم أنّ الخلف الذي سيحمل عبء الإمامة قادم لا محالة، والله سبحانه وتعالى هو الذي يعطي وهو الذي يأذن بمجيء الامام الى ساحة الأمة الإسلامية فهو لم يأذن الى الآن لحكمة هو بالغها.
لكن كلنا يعرف أنّ الانسان هو الانسان حتى وإن عاش مع الامام فشكوكه هي الغالبة على تفكيره الا القليل من وفا البيعة، فهنا بالرغم من أنّ الامام يوعد لكنهم لا يصدقون ذلك، وفي ليلة العاشر من رجب سنة 195 للهجرة تهلل وجه الامام الرضا عليه السلام فرحا بمولوده، فأبلغ اخته حكيمة وقال لها: أن تبقى هذه الليلة الى جانب زوجته خيزران التي هي ام الامام الجواد عليه السلام وذلك بعد أن ظهرت عليها امارات الطلق، واذا بالمولود الجديد قد نزل الى الارض بمساجده السبعة شاهدا بالوحدانية لله ولمحمد بالرسالة اشهد أن لا اله إلّا الله وأنّ محمدا رسول الله، هنا اصاب عمته حكيمة العجب عندما رأت نور الامام الجواد عليه السلام الذي خر ساجدا لله عز وجل في اول لحظات حياته، وهو دأب الائمة سلام الله عليهم الذين اختارهم الله عز وجل ليكونوا الحجج على الخلق، فسلوكهم ليس سلوك باقي الخلق حتى وإن كانوا أجنة في ارحام الأمهات، فليس العجب لمّا يأتي امام الى هذه الدنيا يهوي ساجدا لله عز وجل وينطق بالشهادتين، وهذا امر فيه دليل يثبت صدقه في امامته امام الناس كل الناس.
فالأمام الجواد عليه السلام كان اعجوبة لم تسبق بها الامة الإسلامية، لأنّه نهض بأعباء الإمامة بعد أبيه الرضا عليهما السلام وله من العمر تسع سنوات، حيث أنّ الامام سلام الله عليه لمّا اصرّ المأمون العباسي بالتوجه الى خراسان يقال أنّ الامام الجواد كان في المدينة له من العمر خمس الى ست سنين، لكن لما استشهد الامام الرضا عليه السلام من خلال دس السم الذي قام به المأمون العباسي كان عمر الامام الجواد تسع سنين، وهذا ايضا استدعى التأمل والغرابة لدى مجتمع التشيع ولدى بقية الناس، وفي روايات كثيرة تتحدث أنّ الناس او اتباع الامام الرضا عليه السلام يسألونه عن الذي يخلفه من بعده فأشار الى الامام الجواد وهو صغير فأصابهم الهلع الاستغراب وهو أمر لم يألفوه من قبل، ولقد عرفوا من خبر عيسى علي بن مريم عليه السلام وخبر يحيى ابن زكريا عليه السلام كيف أنّ القرآن قد قص عليهم نبوتهما وهما صغيران، لكن من طبيعة الانسان الركون الى المحسوس والمشهود هنا الفرق أنّهم رأوا القرآن يتحدث عن حادثة سابقة، والآن في زمنهم رأوا كيف أنّ الامام يكون له من العمر تسع سنين ويستلم الإمامة من بعد ابيه، فهي آية لله عز وجل حاضرة وناطقة، فلم يكن امامهم إلّا التسليم بهذا الامر وهذا ما ميز الامام الجواد عليه السلام بين الائمة سلام الله عليهم، أولاً تأخرت ولادته زمنا وكان اتباع اهل البيت في قلق مستمر، وثانياً تقلد الإمامة وهو صغير السن لكنه كبير العقل، وكان خارقا في منطقه وحكمته وعلمه ثم استشهد وهو في عمر الشباب في ربيع الشباب لهم من العمر 25 عاما.
فكل عام وأنتم بألف خير لهذه الولادة الطيبة الشريفة التي نحتفل ونعتز بها.
تعليق