تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد
كلمة مناسبة في اللغة: معناها الفرصة او الحدث، والفرصة بخصوص ما نحن بصدد الحديث عنه هو موضوع احياء المناسبات.
ممّا لا شك فيه أنّ لله نعم كثيرة على عباده وهذه النعم عندما يلتفت اليها الانسان وهي محيطة به وكثيرة ويفكر في استثمارها والاستفادة من هذه النعم؛ لأنّها خلقت لأجله فمن باب أنّ الانسان عليه الاهتمام بأداء واجب الشكر تجاه المنعم وذلك بأن يخضع لله تعالى ويلتزم بأوامره ويجتنب نواهيه، فعند ذكر النعم من قبل الانسان يكون قد أدى واجب الشكر بهذا التذكير وبما هو في داخله من الشكر للمنعم، والله سبحانه وتعالى في موارد ثمانية ذكر النعم واكثر منها، فقال عز وجل في كتابه العزيز: ﴿.. وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ..﴾[1]، وفي آية اخرى يخاطب بني إسرائيل، قال تعالى: ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾[2]،وعشرات بل المئات من الآيات الكريمة الشريفة تستعرض اداء الخالق عز وجل والعطاءات اللامحدودة منه الى خلقه، فهنا ايضا يقول تعالى في كتابه الكريم: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ﴾[3]،فالرسول نعمة الله العظمى للناس فالمناسب دوام الشكر لله تعالى عليها.
ونحن قادمين على مناسبة ولادة امير المؤمنين عليه السلام علي بن ابي طالب في الثالث عشر من رجب، وهي مظهر من مظاهر شكر المنعم عز وجل، فهي ذكرى اعتادت المجتمعات الشيعية الإسلامية أن تحتفي بها وذلك استجابة لتوجيهات الائمة الاطهار صلوات الله عليهم اجمعين فقد ورد عَنْ عَلِيِّ بْنِ اَلْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ فَضَّالٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ اَلرِّضَا عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: ((.. وَمَنْ جَلَسَ مَجْلِساً يُحْيَا فِيهِ أَمْرُنَا لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ اَلْقُلُوبُ اَلْحَدِيثَ))[4]، وتهنئة للامام المهدي عجل الله فرجه الشريف.
فهو احتفاء ينطلق من وازع ديني ذاتي لدى الجمهور الشيعي من باب الولاء لأهل البيت صلوات الله عليهم، وفي نفس الوقت يؤكد من يحيي هذه المناسبة هويته الخاصة بالانتماء اليهم صلوات الله وسلامه عليهم، فتبذل جهود كبيرة وكثيرة من خلال اقامة الاحتفالات والمواليد وتوزع الحلوى، فهناك ميزانية خاصة لهذا الموضوع ومن ضمن نشاط جماهيري اهلي تشارك فيه كل الفئات والطبقات فهذا يؤدي:
أولاً: الى أنّ الانسان يتعمق في دينه من خلال احياء مناسبات القادة والهداة الى هذا الدين.
ثانياً: هذه المناسبات عندما تحيا وتحضر الناس بكل اطيافها سيكون هناك نوع من العلاقة الطيبة الشريفة العفيفة التي يحبها الله عز وجل ويريدها لعباده في هذه اللقاءات، فيحصل نوع من التنمية الاجتماعية بين الناس بحيث أنَ المسلم يعرف ماذا يجري على الاخر ويحاول ان يتواصل معه من بعد ذلك، وممكن أنّ الناس تعرف من هو محتاج فيتواصل معه لحاجته وهكذا.
ثالثاً: تحصل وحدة وطنية واسلامية بين الحاضرين لإحياء هذه المناسبة ونحن بحاجة الى الوحدة الإسلامية، باعتبار أنّ العدو قد تنوع في اساليبه لنشر الفرقة ونشر الفساد في المجتمع لإبعاده عن دينه وعن مناسباته.
فمن اهم فوائد المناسبات الإسلامية هي اهتمام المجتمعات بهذا الاحياء لولادات النبي والائمة عليهم السلام ووفياتهم، فهي فرصة ممتازة لكي تعرف الاجيال قدواتها الصالحة وفي نفس الوقت تُقدم السيرة لكي يتعرف عليها الصغير والكبير، لأنّ الناس قليلا ما يقرأون فسيكون لهم قدوة ويتأسون بما جرى عليهم.
فهذا الاحياء عبارة عن تذكير للأمة بهذه القدرات والنماذج الصالحة وفي نفس الوقت هي اطلالة على صفحات مشرقة من سير الاولياء صلوات الله عليهم.
رابعاً: التعرف على القدوة الحقة والالتزام بخطها ونهجها والسير على ما هي عليه في هذه الحياة للالتزام بالخط الرسالي المحمدي الاصيل.
[1] سورة آل عمران، الآية: 103.
[2] سورة البقرة، الآية: 40.
[3] سورة آل عمران، الآية: 164.
[4] الأماليّ للصّدوق، ص131.
تعليق