بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
في وصية هشام التي أوصى بها الإمام الكاظم سلام الله عليه وردت هذه الفقرات: (يا هشام أصلح أيامك الذي هو أمامك، فانظر أي يوم هو وأعدَّ له الجواب فإنك موقوف ومسؤول، وخذ موعظتك من الدهر وأهله، فإن الدهر طويله قصير، فاعمل كأنك ترى ثواب عملك لتكون أطمع في ذلك، واعقل عن الله عز وجل وانظر في تصرف الدهر وأحواله، فإنما هو آت من الدنيا كما ولى منها فاعتبر بها)، هذه الفقرة من الإمام عليه السلام هي توجيه لهشام أن ينتقل بفكره وتأمله إلى جهتين: الجهة الأولى وهي جهة المستقبل، والجهة الثانية هي جهة الماضي.
التوجه إلى جهة الماضي هو بقصد الإعتبار، فإن ما سيأتي عليك من الدنيا هو نفسه ما مضى فلا تكرر التجربة، فهناك قسم من الناس وإن لم يقل ذلك صراحة إلا أنه يتعامل على أساسه عملاً فيتوقع أن تحدث له أشياء غير طبيعية في المستقبل، لكن الإمام عليه السلام يقول اعتبر من الدنيا فإن ما مضى منها هو نفسه ما سيأتي، فإن مات والدك وجدك فإن الدنيا لم يتغير بها شيء وقد سارت بوجودهما وعدمهما، فما اكتسباه من عمل صالح سيستثمراه في الآخرة، فلن تتغير معادلة الدنيا من أجلك أنت فاعتبر، فمثلاً لو أن شخصاً كان في طريق ورأى الناس يرجعون من ذلك الطريق لأنه مغلق فسيقول لنفسه بأن لو ذهب من هذا الطريق سيجده مغلقاً أيضاً فلا داعي لأن يذهب ويتأكد بنفسه، فإن هذا الإنسان إذا لم يلتفت فسيعاب عليه بقلة الفطنة وبفقدان الحكمة وسيلام على ذلك، وهكذا بعضنا بالنسبة للدنيا فإنه لا يعتبر، فيرى بأن الذين ذهبوا وراء الشهوات ارتطموا بحائط الخطيئة ومع ذلك يمشي في نفس الطريق، فالدنيا لن تتغير لأجله وأن ما جرى على الذين مضوا سيجري عليه وعلينا، والحكيم العاقل هو الذي يتعظ ويعتبر.
الجهة الثانية هي النظر إلى المستقبل فإن فيه أصلح وأحسن الأيام لأنه لا نهاية له ولا انقضاء فيه، فإذا استثمره الإنسان بشكل جيد فهو خالد في النعيم، البعض يفسر قول الإمام: أن أصلح أيامك هو الذي أمامك أي أيامك المستقبلية لأن بإمكانك أن تستثمرها وأن تخطط لها، بينما لا تستطيع ذلك في الأيام الماضية ولا في يومك الحاضر بالمقدار الذي تصرم منه، فكل يوم مستقبلي هو أصلح من الذي سبقه، لكن يظهر بقرينة كلام للإمام عليه السلام أن المقصود ليس مطلق الأيام المستقبلية وإنما المقصود هو يوم القيامة، فيوم القيامة تحدده هذه الأيام المستقبلية، فأنت مثلاً تستطيع من يوم غد أن تحدد موقفك في يوم القيامة بمزيد من الصالحات ومزيد من الإلتفات والتأمل ومزيد من العبادة وفعل الخير، فكلام الإمام: (فانظر أي يوم هو وأعدَّ له الجواب فإنك موقوف ومسؤول) لعل هذه قرينة على أن المراد هو يوم القيامة، فالإنسان موقوف ومسؤول يوم القيامة كما جاء في قوله تعالى: ((وقفوهم إنهم مسؤولون)) فلا بد للإنسان من تقديم جواب حينها، فمثلاً عندما يسألك رب العمل عن سبب غيابك أو تأخرك في العمل فإنك ستقدم له بعض الأعذار التي سيقوم بتصديقها وإن لم تكن صحيحة، لكن يوم القيامة ما هي الأعذار التي سيقدمها الإنسان وكل جوارحه تشهد عليه بالإضافة إلى المكان والوقت وكل شيء سيشهد عليه، وفي المقابل كل تلك الأشياء أيضاً ستشهد عليه إذا كان في طاعة كمكان الصلاة ومقدار المال الذي تصدق به والحسنة التي قالها وكل شيء كما قال تعالى: ((ووجدوا ما عملوا حاضراً)) أي أن الأشياء كما هي من مكان وغيره ستحضر يوم القيامة ولا يستعصي ذلك عن الله سبحانه وتعالى.
ثم يقول الإمام عليه السلام: (وخذ موعظتك من الدهر وأهله، فإن الدهر طويله قصير،)، فكم يتوقع الإنسان أن يعيش من العمر، وكم من أحداث يتذكرها كأنها حدثت بالأمس بالرغم من أنها حدثت قبل عشرين سنة أو أكثر وهذا مما ينبغي ان يعتبر منه الإنسان، فإذا كان طويل الدهر قصير فكيف بقصير الدهر كأعمارنا وأوقاتنا.
(فاعمل كأنك ترى ثواب عملك لتكون أطمع في ذلك)، من الجيد أن يسمع الإنسان أو يقرأ بعض الجزاءات كجزاء الصلاة على محمد وآل محمد كما جاء: (من صلى علي مره صليت عليه عشراً، ومن صلى علي عشراً صليت عليه مئة، ومن صلى علي مئة صليت عليه ألفاً) فهنا بالإضافة إلى المضاعفات العشرة للصلاة على النبي إلا أن النبي أيضاً يصلي عليه، والأكبر من ذلك أن من صلى على النبي ألفاً فإن الله سبحانه وتعالى هو الذي يصلي عليه ومن صلى الله عليه لم يعذبه أبداً، فلا شك أنه عندما يذكر الإنسان نفسه بهذا الثواب يكون ذلك أطمع له في إنجاز العمل، ولذلك نرى أن كثير من الأدعية والأذكار تتبع بالثواب الذي يترتب عليها، فلو تعرف الإنسان على هذا الثواب سيكون أكثر رغبة وحرصاً في العطاء والعبادة والطاعة.
(واعقل عن الله عز وجل)، فإن الله سبحانه وتعالى أعطى الإنسان عبره وتوجيهاته والكثير من الدروس في القرآن الكريم ثم قال بعدها: لعلهم يتدبرون، لعلهم يتفكرون، لعلهم يبصرون، ولذلك على الإنسان أن يتعقل عن الله ما أعطاه من درس وعبرة.
(وانظر في تصرف الدهر وأحواله، فإنما هو آت من الدنيا كما ولى منها)، فلا يتصور الإنسان أن يحدث له شيئاً استثنائياً بل سيمر عليه الزمان وتنتهي منه الأيام وتذهب عنه الصحة والعمر كما ذهب عن أبيه وجده وغيرهم من المجتمعات السابقة والقرون الماضية، ولذلك ينبغي للإنسان أن يبادر أجله بعمله وعمره بإنتاجه وأن يعدَّ نفسه من الراحلين، كما جاء في وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأبي ذر: (وعدَّ نفسك من أهل القبور)، فلا ينبغي للإنسان أن يعدَّ نفسه من الآمنين الوادعين فما دام الليل والنهار يعملان فيه فليعمل فيهما، وما داما يأخذان منه فليأخذ منهما، وفي حديث آخر: (إذا كنت في إدبار والموت في إقبال فما أقرب الملتقى)، نسأل الله سبحانه وتعالى ان يبصرنا بأمورنا وأن يكتب قادم أيامنا خيراً من حاضرها وماضيها وأن يعفو عنا ويغفر لنا إنه على كل شيء قدير.
اللهم صل على محمد وآل محمد
في وصية هشام التي أوصى بها الإمام الكاظم سلام الله عليه وردت هذه الفقرات: (يا هشام أصلح أيامك الذي هو أمامك، فانظر أي يوم هو وأعدَّ له الجواب فإنك موقوف ومسؤول، وخذ موعظتك من الدهر وأهله، فإن الدهر طويله قصير، فاعمل كأنك ترى ثواب عملك لتكون أطمع في ذلك، واعقل عن الله عز وجل وانظر في تصرف الدهر وأحواله، فإنما هو آت من الدنيا كما ولى منها فاعتبر بها)، هذه الفقرة من الإمام عليه السلام هي توجيه لهشام أن ينتقل بفكره وتأمله إلى جهتين: الجهة الأولى وهي جهة المستقبل، والجهة الثانية هي جهة الماضي.
التوجه إلى جهة الماضي هو بقصد الإعتبار، فإن ما سيأتي عليك من الدنيا هو نفسه ما مضى فلا تكرر التجربة، فهناك قسم من الناس وإن لم يقل ذلك صراحة إلا أنه يتعامل على أساسه عملاً فيتوقع أن تحدث له أشياء غير طبيعية في المستقبل، لكن الإمام عليه السلام يقول اعتبر من الدنيا فإن ما مضى منها هو نفسه ما سيأتي، فإن مات والدك وجدك فإن الدنيا لم يتغير بها شيء وقد سارت بوجودهما وعدمهما، فما اكتسباه من عمل صالح سيستثمراه في الآخرة، فلن تتغير معادلة الدنيا من أجلك أنت فاعتبر، فمثلاً لو أن شخصاً كان في طريق ورأى الناس يرجعون من ذلك الطريق لأنه مغلق فسيقول لنفسه بأن لو ذهب من هذا الطريق سيجده مغلقاً أيضاً فلا داعي لأن يذهب ويتأكد بنفسه، فإن هذا الإنسان إذا لم يلتفت فسيعاب عليه بقلة الفطنة وبفقدان الحكمة وسيلام على ذلك، وهكذا بعضنا بالنسبة للدنيا فإنه لا يعتبر، فيرى بأن الذين ذهبوا وراء الشهوات ارتطموا بحائط الخطيئة ومع ذلك يمشي في نفس الطريق، فالدنيا لن تتغير لأجله وأن ما جرى على الذين مضوا سيجري عليه وعلينا، والحكيم العاقل هو الذي يتعظ ويعتبر.
الجهة الثانية هي النظر إلى المستقبل فإن فيه أصلح وأحسن الأيام لأنه لا نهاية له ولا انقضاء فيه، فإذا استثمره الإنسان بشكل جيد فهو خالد في النعيم، البعض يفسر قول الإمام: أن أصلح أيامك هو الذي أمامك أي أيامك المستقبلية لأن بإمكانك أن تستثمرها وأن تخطط لها، بينما لا تستطيع ذلك في الأيام الماضية ولا في يومك الحاضر بالمقدار الذي تصرم منه، فكل يوم مستقبلي هو أصلح من الذي سبقه، لكن يظهر بقرينة كلام للإمام عليه السلام أن المقصود ليس مطلق الأيام المستقبلية وإنما المقصود هو يوم القيامة، فيوم القيامة تحدده هذه الأيام المستقبلية، فأنت مثلاً تستطيع من يوم غد أن تحدد موقفك في يوم القيامة بمزيد من الصالحات ومزيد من الإلتفات والتأمل ومزيد من العبادة وفعل الخير، فكلام الإمام: (فانظر أي يوم هو وأعدَّ له الجواب فإنك موقوف ومسؤول) لعل هذه قرينة على أن المراد هو يوم القيامة، فالإنسان موقوف ومسؤول يوم القيامة كما جاء في قوله تعالى: ((وقفوهم إنهم مسؤولون)) فلا بد للإنسان من تقديم جواب حينها، فمثلاً عندما يسألك رب العمل عن سبب غيابك أو تأخرك في العمل فإنك ستقدم له بعض الأعذار التي سيقوم بتصديقها وإن لم تكن صحيحة، لكن يوم القيامة ما هي الأعذار التي سيقدمها الإنسان وكل جوارحه تشهد عليه بالإضافة إلى المكان والوقت وكل شيء سيشهد عليه، وفي المقابل كل تلك الأشياء أيضاً ستشهد عليه إذا كان في طاعة كمكان الصلاة ومقدار المال الذي تصدق به والحسنة التي قالها وكل شيء كما قال تعالى: ((ووجدوا ما عملوا حاضراً)) أي أن الأشياء كما هي من مكان وغيره ستحضر يوم القيامة ولا يستعصي ذلك عن الله سبحانه وتعالى.
ثم يقول الإمام عليه السلام: (وخذ موعظتك من الدهر وأهله، فإن الدهر طويله قصير،)، فكم يتوقع الإنسان أن يعيش من العمر، وكم من أحداث يتذكرها كأنها حدثت بالأمس بالرغم من أنها حدثت قبل عشرين سنة أو أكثر وهذا مما ينبغي ان يعتبر منه الإنسان، فإذا كان طويل الدهر قصير فكيف بقصير الدهر كأعمارنا وأوقاتنا.
(فاعمل كأنك ترى ثواب عملك لتكون أطمع في ذلك)، من الجيد أن يسمع الإنسان أو يقرأ بعض الجزاءات كجزاء الصلاة على محمد وآل محمد كما جاء: (من صلى علي مره صليت عليه عشراً، ومن صلى علي عشراً صليت عليه مئة، ومن صلى علي مئة صليت عليه ألفاً) فهنا بالإضافة إلى المضاعفات العشرة للصلاة على النبي إلا أن النبي أيضاً يصلي عليه، والأكبر من ذلك أن من صلى على النبي ألفاً فإن الله سبحانه وتعالى هو الذي يصلي عليه ومن صلى الله عليه لم يعذبه أبداً، فلا شك أنه عندما يذكر الإنسان نفسه بهذا الثواب يكون ذلك أطمع له في إنجاز العمل، ولذلك نرى أن كثير من الأدعية والأذكار تتبع بالثواب الذي يترتب عليها، فلو تعرف الإنسان على هذا الثواب سيكون أكثر رغبة وحرصاً في العطاء والعبادة والطاعة.
(واعقل عن الله عز وجل)، فإن الله سبحانه وتعالى أعطى الإنسان عبره وتوجيهاته والكثير من الدروس في القرآن الكريم ثم قال بعدها: لعلهم يتدبرون، لعلهم يتفكرون، لعلهم يبصرون، ولذلك على الإنسان أن يتعقل عن الله ما أعطاه من درس وعبرة.
(وانظر في تصرف الدهر وأحواله، فإنما هو آت من الدنيا كما ولى منها)، فلا يتصور الإنسان أن يحدث له شيئاً استثنائياً بل سيمر عليه الزمان وتنتهي منه الأيام وتذهب عنه الصحة والعمر كما ذهب عن أبيه وجده وغيرهم من المجتمعات السابقة والقرون الماضية، ولذلك ينبغي للإنسان أن يبادر أجله بعمله وعمره بإنتاجه وأن يعدَّ نفسه من الراحلين، كما جاء في وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأبي ذر: (وعدَّ نفسك من أهل القبور)، فلا ينبغي للإنسان أن يعدَّ نفسه من الآمنين الوادعين فما دام الليل والنهار يعملان فيه فليعمل فيهما، وما داما يأخذان منه فليأخذ منهما، وفي حديث آخر: (إذا كنت في إدبار والموت في إقبال فما أقرب الملتقى)، نسأل الله سبحانه وتعالى ان يبصرنا بأمورنا وأن يكتب قادم أيامنا خيراً من حاضرها وماضيها وأن يعفو عنا ويغفر لنا إنه على كل شيء قدير.
تعليق