بسمه تعالى
تحقيق روائي وتحليل
الاسم الصريح للامام المهدي ( الحجة بن الحسن ع ) هل يمكن اعلانه ،،، او الواجب عدم اعلانه او مكروه التصريح باسمه الصريح
تنوعت الروايات في هذه الحيثية وهي ناظرة لحيثيتين مهمتين كما يظهر حيثية الزمان ( زمان الغيبة الصغرى والكبرى ) والضرف الواقعي ( ضرف الاحداث والمحاذير في كلا الغيبتين )
نضع ادناه الروايت محل الطرح والتحليل
نبدأ بالروايات التي ذكرت اسم القائم المهدي من ال البيت ع " صراحتاً " وهو الامام الثاني عشر الغائب والموعود بظهوره في آخر الزمان
1- ما ورد عن النبي (ص) " إن الله تعالى لم يبعث نبيا ولا رسولا إلا جعل له اثني عشر نقيبا . . . ثم ابنه محمد بن الحسن المهدي القائم بأمر الله ثم قال يا سلمان ... وذلك تأويل هذه الآية ( وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ) (القصص:5-6) . )
2- وقد ورد عن الباقرين الصادقين (ع) محمد الباقر وجعفر الصادق القول : ( ... كرر في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان قائما وقاعدا ، وعلى كل حال ، والشهر كله وكيف أمكنك ، ومتى حضرك في دهرك ، تقول بعد تمجيد الله تعالى والصلاة على النبي وآله عليهم السلام : اللهم كن لوليك القائم بأمرك ، محمد بن الحسن المهدي عليه وعلى آبائه أفضل الصلاة والسلام ، في هذه الساعة وفي كل ساعة ، وليا وحافظا وقائدا و ناصرا ودليلا ومؤيدا ، حتى تسكنه أرضك طوعا وتمتعه فيها طولا وعرضا ، وتجعله وذريته من الأئمة الوارثين)*
3- وقد ورد إن قول النبي صلى الله عليه وآله لسلمان المحمدي :-( لم يبعث الله رسولا إلا وجعل له اثني عشر نقيبا قلت : قد عرفت هذا من أهل الكتابين ، قال (ص) : عرفت من نقبائي الاثنى عشر الذين اختارهم الله للإمامة ؟ ثم قال : خلقني الله من نوره ، ومن نوري علياً ، ومن نورينا فاطمة ومن أنوارنا الحسن والحسين ، ومن الحسين التسعة الأئمة ، قلت : عرفني بهم قال (ص) : سيد العابدين علي بن الحسين ، ثم ابنه محمد بن علي باقر علم الأولين والآخرين ، ثم جعفر بن محمد لسان الله الصادق ، ثم موسى بن جعفر الكاظم غيظه صبرا في الله ، ثم علي بن موسى الرضا لأمر الله ، ثم محمد بن علي المختار من خلق الله ، ثم علي بن محمد الهادي إلى الله ، ثم الحسن بن علي الصامت الأمين على سر الله محمد بن الحسن المهدي الناطق القائم بحق الله )
4- وورد عن النبي (ص) أيضاً قوله : ( ... ثم ابنه محمد بن علي المختار لأمر الله ، ثم ابنه على بن محمد الهادي إلى الله ، ثم ابنه الحسن بن علي الصامت الأمين لسر الله ، ثم ابنه محمد بن الحسن المهدي القائم بأمر الله )
5- روي عن أمير المؤمنين*(عليه السلام)*وفيه: "أنه كان إذا أقبل إليه الحسن قال: مرحباً يا ابن رسول الله.*وإذا أقبل الحسين يقول: بأبي أنت وأمي يا أبا ابن خير الإماء.*فقيل له: يا أمير المؤمنين وما بالك تقول هذا للحسن وتقول هذا للحسين؟ ومن ابن خيرة الإماء؟ فقال: ذاك الفقيد الطريد الشريد محمد بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين هذا .*ووضع يده على راس الحسين ع .
اقول : يظهر من الروايات التي استحصلناها اعلاه ان اسم الامام المهدي ع ذكر صراحتا ، وان الذاكر لها هو الرسول الخاتم ص في اكثرها ، والامام امير المؤمنين ع والامام الباقر ع .
وذكر اسم الامام المهدي ع الصريح يثبت وجود التصريح باسمه ولكن لا يتم به المطلب من امكانية التصريح باسمه بعد ان علم لعوام شيعتهم لما سيتبين لاحقا من روايات اخرى تنهي ذلك
وسوف نذكر لاحقا تعليل مناسب يوفق بين ما ذكر من صريح اسمه وما يوافق المنهج العام في الغيبتين الصغرى والكبرى .
ننقل ادناه روايات تنهي ذكر اسم الامام المهدي صراحتا في الغيبة الصغرى مع التعليل :
1- الكليني بسنده عن علي بن محمد بن أبي عبد الله الصالحي قال: "سألني أصحابنا بعد مضي أبي محمد (ع) أن أسأل عن الاسم والمكان فخرج الجواب – أي من الناحية المقدسة – إنْ دللتم على الاسم أذاعوه وإن عرفوا المكان دلُّوا عليه".*
2- ومنها أورده الكليني عن محمد بن عثمان العمري أنه قال: أنت رأيت الخلف، قال: أي والله إلى أن قال: الاسم، قال: محرَّم عليكم أن تسألوا عن ذلك، ولا أقول لكم من عندي فليس لي أن أحلِّل وأحرِّم ولكن عنه (ع) فإن الأمر عند السلطان أنَّ أبا محمد مضى ولم يخلِّف ولدًا إلى أن قال: وإذا وقع الاسم وقع الطلب فاتقوا الله وامسكوا عن ذلك.*
اقول : يمكن استظار امور من الروايتين اعلاه في نقاط مهمة
1- ان هناك نهي واجب لزوما على الشيعة تسمية امامهم باسمه الصريح .
2- ان احداث هذا النهي يظهر انها في عصر الغيبة الصغرى . ( بدلالة نفس زمان احداثه )
3- ان علة النهي كانت : ( اذا دللتم على الاسم اذاعوه ) ، اي اذا اخبرتم عن اسمه الحقيقي فهذا يعني كشفه ويؤدي الى كشف سّره , وهذا لعله وبدلالة الرواية رقم 2 اعلاه سيؤدي الى ان اعدائه سوف يبدأون بالبحث عنه وهم اصلا يعتقدون بان اباه الامام الحسن العسكري ( مضى ولم يخلّف ) !
اي هنا كانت سرية حفظ الامام الحجة ع داخلة في اصل ولادته ، واخفائها عن اعدائه ، وبالتالي لاستمرار وضمان حفظه وسلامته في الغيبة الصغرى ( على الاقل ) يتطلب عدم ذكر اسمه ، لان ذكر الاسم يعني ان الامام الحسن العسكري ع له خلف ( وهو الذي كانوا يبحثون ويتربصون به ) وهذا بالاضافة الى ان نفس الاسم هو فيه تحديد اكثر للشخصية ( لان فقط انكشاف ان للامام الحسن العسكري خلف مشكلة وخطر على المهدي ع ، وذكر اسمه بالصريح مشكلة اكبر لان الاسم هو تحديد من بين اسماء مختلفة كثيرة يصعّب الوصول للغاية بشكل اكبر ،،، فتامل )
4- ويظهر ان السرية تعدت حتى الى عدم كشف المكان ! لان المكان ايضا يساعد العدو على حصر منطقة البحث ، وهنا سيكون المكان شامل بكل تحديداته كالقرية والمدينة والبلاد ، فكلما كان غامضا اكثر كلما صعب على الاعداء اكثر .
الروايات التي تنهي ذكر اسم القائم بتاتا وفي كل الازمنة ( حتى الغيبة الكبرى )
1- ما رواه الصدوق بإسناده عن عبد العظيم الحسني عن أبي الحسن الثالث عليه السلام أنه قال في القائم عليه السلام:*لا يحل ذكره باسمه حتى يخرج فيملأ الأرض قسطا و عدلا .
2- وما رواه بسند حسن عن الكاظم عليه السلام أنه قال عند ذكر القائم عليه السلام:*لا تحل لكم تسميته حتى يظهره الله عز و جل فيملأ به الأرض قسطا و عدلا .
3- *(الغيبة للشيخ الطوسي) سعد عن اليقطيني عن إسماعيل بن أبان عن عمرو بن شمر عن جابر الجعفي قال سمعت أبا جعفر (ع) يقول سئل عمر بن الخطاب أمير المؤمنين (ع) فقال أخبرني عن المهدي ما اسمه؟
فقال: أما اسمه فإن حبيبي عهد إلي أن لا أحدث باسمه حتى يبعثه الله.
قال: فأخبرني عن صفته؟
قال: هو شاب مربوع حسن الوجه حسن الشعر يسيل شعره على منكبيه ونور وجهه يعلو سواد لحيته ورأسه بأبي ابن خيرة الإماء .
اقول : يظهر من الروايات اعلاه ان النهي عن تسمية الامام المهدي باسمه الصريح والمعلوم عند شيعته خصوصا .
ادلة هذا لعلها واضحة من قرائن الروايات , وليست يفهم منها كما لعله اشتبه او فهم البعض ان القضية محصورة بالغيبة الصغرى !
انظر الرواية رقم 1 اعلاه ( لا يحل ذكر اسمه حتى يخرج ... ) , ونعلم ان خروجه سيكون بعد انتهاء وكسر غيبته الكبرى / التامة ، يعني حتى في غيبته الكبرى لا تحل لك تسميته باسمه الصريح !
وانظر الرواية رقم 2 اعلاه ، ( لا تحل لكم تسميته حتى يظهره الله .... ) ، اي حتى يظهره الله بعد غيبته التامة الكبرى ، وهذا يقارب مضمون الرواية السابقة . ويفهم منها ظهوره بعد غيبته وليس ظهوره للدنيا بعد ولادته مثلا او اول امامته ، لان سياق الرواية يتحدث عن ظهوره فإملاء الارض قسطا وعدلا . وهذا ثابت معلوم يكون بعد الغيبة لكبرى .
وانظر الرواية رقم 3 اعلاه ، كان جواب الامام علي ع لما سئله عمر عن اسمه : ( أما اسمه فإن حبيبي عهد إلي أن لا أحدث باسمه حتى يبعثه الله ) , وهنا قد يحتمل البعض من قول " يبعثه الله " الى اول امامته او وجوده بعد ولادته ! ولكن بضم مضمون الروايتين السابقتين يفهم منها انه " لا يحدّث باسمه " حتى يبعثه الله من بعد غيبته الكبرى .
اذن خلاصة فهم الرواية وما يمكن استنتاجه منها ان واقع حال التوجيه المعصوم هو النهي عن تسمية الامام الحجة ع باسمه الصريح في كل الازمان قبل ولادته واثنائها وفي غيبتيه الصغرى والكبرى وعللت ذلك بعلل مردها السرية الكبرى في كتمان امره عن اعدائه وهذا ساري م€گخاصتا م€‘في اول حياته الشريفة منذ ولاته وحتى نهاية غيبته الصغرى . ولكنها عدى ذلك سارية في كل الازمان قبلا وبعدا .
بقي اشكال واحد مهم وهو اذا كان هذا هو التوجيه الحكيم في التعامل مع اسم الامام الحجة ع وذلك بالنهي عن ذكر اسمه الصريح ، فلماذا هناك روايات كما ذكرناها اعلاه ذكرت اسمه الشريف صراحتا ومن عدة معصومين عليهم السلام وخاصتا الرسول الخاتم محمد ص .
الجواب يمكن ان يكون على مستويين وكلاهما لا يغير ما اثبتناه والله اعلم
اولا : طالما ثبت النهي عن تسميته ، اي النهي بشكل مخصص لهذه الحيثية وتعليلها وامضائها في كلا غيبتيه الصغرى والكبرى ، يكون الواجب الالتزام بهذا التوجيه او الواجب الخاص المحدد ولو تعبديا بالرغم مما ذكر احيانا اسمه الصريح من مقام اكثر من معصوم عليهم السلام .
ثانيا : ذكر تسميته صريحا هو اطلاق عام وما ذكر من نهي عن التسمية تخصيص ، وفي فقه الاصول ومقتضى الصناعة الأصولية هو حمل هذه الروايات المطلقة على ما ورد من الروايات المعلَّلة فتكون المطلقات مقيَّدة بالروايات المعلَّلة
بمعنى : سيكون ذكر اطلاق اسمه الصريح الشريف ( الذي له مبرر نذكره قريبا ) له مخصص ينهي هذا الاطلاق ، ويعني هذا انه ينهي التصريح باسمه .
أما لو نحاول فهم الحكمة من تسميته صراحتا في بعض الاحيان ، فهنا يمكن القول احتمالا معقول الى ان الرسول الخاتم محمد ص وبقية المعصومين ع كان الاصل والحكمة عندهم حفظ وستر كشف اسمه الصريح بالعموم على طول الزمان ، ولكن ايضا اقتضت الحكمة ايضا كشف اسمه الصريح اضطرارا لتثبيت امر حجيته على الناس وخاصة شيعته وهذا يتطلب معرفته واسمه الشريف الصريح كي يعرف امام زمانهم بلا شك كما هو حال من كان قبله . ولتكون الحجة بالغة ثابته وبالنّـــص كما ثبتت بالنص امامة من قبله ، فاذا وصل وثبت لديهم هذا رجع الامر الى اصله العام المفروض البقاء عليه في كل الازمان وهو عدم التصريح باسمه حتى وهم يعلمون به . فتامل
ومن هنا ايضا تنكشف بهذا التعليل مبرر ما يمكن ان يستشكله احد ما من الصيحة الجبرائيلية الموعودة وفيها وعلى اثرها يكون الظهور ، فقد ورد في اهم صيغها هو ( ان امامكم فلان بن فلان ، فاسمعوا له واطيعوا )
فهنا المقصود والمتوقع من فلان بن فلان هو ذكر اسمه الصريح !
وذكر اسمه الصريح ليس هو فقط الكشف عن اسمه وقتها بل هو تثبيت وتاكيد من عُلم اسمه سابقا ونهي عن ذكره لاحقا حتى ياذن الله بظهوره ✓ويشخصه الناس بصفاته الخاصة ومنها اسمه الصريح الذي علم وعرف به ، فافهم .
والله اعلم
الباحث الطائي
تعليق