بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد
عند الربط بين سعي الانسان لإدارة شؤون حياته وتحصيل ما ينفع لنفسه ولعائلته، وفي خضم الاعمال التي يؤديها خارجا فيكون متعبا قد شقي وكدح فيحتاج الى الراحة، فهل الراحة تكون من خلال أن يستلقي في بيته؟ قد يكون الجواب نعم باعتبار أنّ الجسد يحتاج الى الراحة، لكن النفس ايضا تحتاج للراحة فما الذي يريح هذه النفس؟ والجواب: الذي يريح النفس توطيد العلاقة مع الله سبحانه وتعالى وحسن التواصل معه، وهذا يتحقق من خلال الصلاة لأنّها صلة بين العبد وبين الله عز وجل، فلما يؤديها وهو في حالة توجه وخشوع وخضوع ومعرفة، لمّا يعرف ما يقول وبين يدي من يقف يتوج هذا العمل بعد الانتهاء منه بالتعقيبات، وهي تكملة بل هي تزيين للعمل الذي تواصل به مع الله سبحانه وتعالى، فمن جملة هذه التعقيبات تسبيحة السيدة الزهراء سلام الله عليها والتي اشار بها الرسول صلى الله عليه واله عليها وعلى بعلها امير المؤمنين وذلك كي تمثل ما طلبته الزهراء من ابيها صلوات الله عليهم، بأن تريد خادمة تعينها على عمل البيت فتشبه هذه التسبيحة بالذي يخدم الانسان لكي يعينه في اعماله الشاقة فالتشبيه هو كما أنّ الخادم يؤدي دور الإعانة على الاعمال الشاقة، ايضا التسبيحة تؤدي دور الإعانة على الاعمال المفروضة على العبد، فيكتمل العمل ويزين بالتعقيبات، واهم هذه التعقيبات تعقيب السيدة الزهراء عليها السلام.
فتسبيح السيدة الزهراء عليها السلام من أفضل تعقيبات الصلاة، وينبغي للمؤمن المداومة عليه بعد الصلاة الواجبة، وقُبيل النوم، وقبل زيارة المعصومين عليهم السلام.
وكثيرا ما ذكر الله عز وجل في كتابه الكريم أهمية التسبيح، فوردت مادة (سبح) 92 مرة كقوله تعالى: ﴿وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾[1].
التسبيح يعني تنزيه اللَّه سبحانه من كل صفة غير محمودة.
يقول الراغب الأصفهاني في مفرداته: السبح: المرُّ السريع في الماء وفي الهواء، يقال: سَبَحَ سبْحاً وسباحة، والتسبيح تنزيه اللَّه تعالى، وأصله المرُّ السريع في عبادة اللَّه تعالى وجعل ذلك في حبل الخير.[2]
والأحاديث متواترة في فضله وعلو شأنه، فهو يوجب غفران الذنوب، ويرضي الرحمن، وأفضل من صلاة ألف ركعة مستحبة، ويثقل الميزان، وسبيل المؤمن إلى الجنّة.
وقد ورد في قصة هذا التسبيح عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ: ((أَهْدَى بَعْضُ مُلُوكِ اَلْأَعَاجِمِ إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ رَقِيقاً فَقُلْتُ لِفَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ: اِذْهَبِي إِلَى رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فَاسْتَخْدِمِيهِ خَادِماً فَأَتَتْهُ فَسَأَلَتْهُ ذَلِكَ وَذَكَرَ اَلْحَدِيثَ بِطُولِهِ اِخْتَصَرْنَاهُ نَحْنُ هَاهُنَا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: يَا فَاطِمَةُ أُعْطِيكِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكِ مِنْ خَادِمٍ وَمِنَ اَلدُّنْيَا بِمَا فِيهَا تُكَبِّرِينَ اَللَّهَ بَعْدَ كُلِّ صَلاَةٍ ثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ تَكْبِيرَةً وَتُحَمِّدِينَ اَللَّهَ ثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ تَحْمِيدَةً وَتُسَبِّحِينَ اَللَّهَ ثَلاَثاً وَثَلاَثِينَ تَسْبِيحَةً ثُمَّ تَخْتِمِينَ ذَلِكَ بِلاَ إِلَهَ إِلاَّ اَللَّهُ فَذَلِكَ خَيْرٌ لَكِ مِنَ اَلَّذِي أَرَدْتِ وَمِنَ اَلدُّنْيَا بِمَا فِيهَا فَلَزِمَتْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ هَذَا اَلتَّسْبِيحَ بَعْدَ كُلِّ صَلاَةٍ وَنُسِبَ إِلَيْهَا إِلَى آخِرِ مَا يَأْتِي))[3].
وعَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ سِنَانٍ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ: ((مَنْ سَبَّحَ تَسْبِيحَ فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ قَبْلَ أَنْ يَثْنِيَ رِجْلَيْهِ مِنْ صَلاَةِ اَلْفَرِيضَةِ غَفَرَ اَللَّهُ لَهُ ولْيَبْدَأْ بِالتَّكْبِيرِ))[4].
وعَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: ((مَنْ سَبَّحَ تَسْبِيحَ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا اَلسَّلاَمُ فَقَدْ ذَكَرَ اَللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً))[5].
وعَنْ صَالِحِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ عُقْبَةَ عَنِ اَلْبَاقِرِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنَّهُ قَالَ: ((مَا مِنْ عَبْدٍ عَبَدَ اَللَّهَ بِشَيْءٍ مِنَ اَلتَّمْجِيدِ أَفْضَلَ مِنْ تَسْبِيحِ فَاطِمَةَ اَلزَّهْرَاءِ عَلَيْهَا السَّلاَمُ وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ أَفْضَلَ مِنْهُ لَنَحَلَهُ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ))[6].
يُؤتى بالتسبيح بعد التسليم مباشرة بلا فصل، (كأنك لازلت في الصلاة).
[1] سورة الأحزاب، الآية: 42.
[2] المفردات للراغب الأصفهاني، ص226.
[3] مستدرك الوسائل، ج 5، ص 35.
[4] الكافي، ج 3، ص 342.
[5] وسائل الشيعة، ج 6، ص 443.
[6] الكافي، ج 3، ص 343.
تعليق