بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد
بذور الشيطان تنتج زرعا خبيثا مُرّ المذاق لبني البشر، ويحاول بكل ما اوتي من حيلة لزرع العداوة والشقاق بينهم لقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ..﴾[1].
فتوجد لديه اساليب متعددة للوصول الى هذه الغاية ومن جملة هذه الاساليب اسلوب الإشاعة.
ومعنى الاشاعة في اللغة: مصدر أشاعَ خَبر مكذوب، غير موثوق فيه، وغير مُؤكَّد، ينتشر بين الناس.
أو انتشار كلام لا أصل له.
وهو من الشيوع والانتشار.
وقد وصل ابليس الى غايته من خلال تعليم الانسان كيف يبث الإشاعة لكي تنتشر التفرقة بين الناس.
وقد دخلت في مجريات حياتنا الاجتماعية والمالية والسياسية وهي موجودة لدي طبقات البشر وليس لها بلد معين، وتختلف الاشاعات ويختلف أثرها وهدفها والغرض منها ومن يروجها تبعا لنوعية الموضوع أو للوزن الاجتماعي.
والاشاعة قد تكون مجهولة المصدر ولكن يتناول انتشارها الناس فيما بينهم لغرض ودائما ما تبدأ الاشاعة بخبر وعند تداولها يزداد مفهومها بمهارة وكفاءة ناقلها - وعند سؤاله عن مصدرها يقول إنني سمعتها ولا يذكر المصدر.
ووسائل الاعلام المختلفة المقروءة أو المسموعة أو المرئية ويضاف اليها الانترنت من الأسباب الأساسية في سرعة انتشار الاشاعة.
وحاول الانسان أن يبرع في هذا المجال ويخترع الكثير من الوسائل للوصول الى هذه الغاية بل اصبحت نوع من الحروب التي تستخدم بين الشعوب وبين الناس لغرض الوصول للغايات الدنيئة.
فمن أخطر الحروب النفسية التي تستخدم في هذا العصر لتحقيق نصر دنيوي قذر على انسان مؤمن أو على جماعة محترمة، هي حرب بث الاشاعات والافتراءات الكاذبة..
يقول عزّ وجلّ: ﴿وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ..﴾[2].
وفي أغلب الأحيان نساهم بنشر الاشاعة في المجتمع دون قصد، فإن عدم التحقق والتدقيق من الخبر قبل نشره هو مشاركة في إثم الاشاعة..
وفي أسئلة طرحها شامي بعثه معاوية بن أبي سفيان جاء متخفيا لأمير المؤمنين عليه السلام،
فَقَالَ: ((يَا شَامِيُّ هَذَانِ اِبْنَا رَسُولِ اَللَّهِ وَهَذَا اِبْنِي فَاسْأَلْ أَيَّهُمْ أَحْبَبْتَ فَقَالَ أَسْأَلُ ذَا اَلْوَفْرَةِ يَعْنِي اَلْحَسَنَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَكَانَ صَبِيّاً فَقَالَ لَهُ اَلْحَسَنُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ سَلْنِي عَمَّا بَدَا لَكَ: فَقَالَ اَلشَّامِيُّ كَمْ بَيْنَ اَلْحَقِّ وَاَلْبَاطِلِ؟
فَقَالَ اَلْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَيْنَ اَلْحَقِّ وَاَلْبَاطِلِ أَرْبَعُ أَصَابِعَ فَمَا رَأَيْتَهُ بِعَيْنِكَ فَهُوَ اَلْحَقُّ وَقَدْ تَسْمَعُ بِأُذُنَيْكَ بَاطِلاً كَثِيراً))[3].
ومما يضحك ويبكي أن البعض يعرف صديقه حق المعرفة وقد عاشره، ولكنه ينقل عنه كلاماً لا صحة له ولا دقة فيه، وإن كان صحيحاً لا يبادر الى نصحه وتنبيهه، بل يسارع في نشر ما سمعه عنه..
فقد ورد عن مُحَمَّدُ بْنُ اَلْحُسَيْنِ اَلرَّضِيُّ فِي نَهْجِ اَلْبَلاَغَةِ عَنْ أَمِيرِ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: ((أَيُّهَا اَلنَّاسُ مَنْ عَرَفَ مِنْ أَخِيهِ وَثِيقَةً فِي دِينٍ وَسَدَادَ طَرِيقٍ فَلاَ يَسْمَعَنَّ فِيهِ أَقَاوِيلَ اَلرِّجَالِ أَمَا إِنَّهُ قَدْ يَرْمِي اَلرَّامِي وَتُخْطِئُ اَلسِّهَامُ وَ يَحِيكُ اَلْكَلاَمُ وَبَاطِلُ ذَلِكَ يَبُورُ وَاَللَّهُ سَمِيعٌ وَشَهِيدٌ (أَلاَ إِنَّهُ مَا بَيْنَ اَلْحَقِّ وَ اَلْبَاطِلِ) إِلاَّ أَرْبَعُ أَصَابِعَ وَجَمَعَ أَصَابِعَهُ وَوَضَعَهَا بَيْنَ أُذُنِهِ وَعَيْنِهِ ثُمَّ قَالَ اَلْبَاطِلُ أَنْ تَقُولَ سَمِعْتُ وَاَلْحَقُّ أَنْ تَقُولَ رَأَيْت))[4].
فالمطلوب: التفكر والتأكد من صحة ما ننقل ونقول، قبل النقل، وإلا فقد اكون مشاركاً في الإثم..
عَنِ اِبْنِ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: ((مَنْ بَهَتَ مُؤْمِناً أَوْ مُؤْمِنَةً بِمَا لَيْسَ فِيهِ بَعَثَهُ اَللَّهُ فِي طِينَةِ خَبَالٍ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ قُلْتُ وَمَا طِينَةُ اَلْخَبَالِ قَالَ صَدِيدٌ يَخْرُجُ مِنْ فُرُوجِ اَلمُومِسَاتِ))[5].
[1] سورة المائدة، الآية: 91.
[2] سورة النساء، الآية: 83.
[3] الخصال، ج 2، ص 440.
[4] وسائل الشيعة، ج 16، ص 379.
[5] الكافي، ج 2، ص 357.
تعليق