بسم الله الرحمن الرحيم
قال صاحب الميزان: " البرزخ هو الحاجز بين الشيئين كما في قوله:{بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ} (الرحمن:20)، والمراد بكونه وراءهم في قوله تعالى: {وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}(المؤمنون:100).
كونه أمامهم محيطا بهم وسمي وراءهم بعناية أنه يطلبهم كما أن مستقبل الزمان أمام الإنسان ويقال: وراءك يوم كذا بعناية أن الزمان يطلب الإنسان ليمر عليه وهذا معنى قول بعضهم: إن في وراء "معنى الإحاطة، قال تعالى: {وَكَانَ وَرَاءهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا}(الكهف:79).
و المراد بهذا البرزخ عالم القبر وهو عالم المثال الذي يعيش فيه الإنسان بعد موته إلى قيام الساعة على ما تدل عليه آيات أخر وتكاثرت فيه الروايات من طرق الشيعة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة أهل البيت عليهم السلام وكذا من طرق أهل السنة، وقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ*لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}(المؤمنون:100).
تذكر الآية أنهم بعد الموت في حياة برزخية متوسطة بين الحياة الدنيوية التي هي لعب ولهو والحياة الأخروية التي هي حقيقة الحياة كما قال: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}(العنكبوت:64).
وبالجملة الدنيا دار عمل والبرزخ دار تهيؤ للحساب والجزاء، والآخرة دار حساب وجزاء، قال تعالى: {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا}(التحريم:8) فهم يحضرونه بما كسبوه في الدنيا من النور وهيئوه في البرزخ ثم يسألونه يوم القيامة إتمام نورهم وإذهاب ما معهم من بقايا عالم اللهو واللعب*.
____________________
* تفسير الميزان ج 15ص42_44.
تعليق