بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد
موقف محرج سأتعرض له عند لقائي بالله تعالى في عرصات يوم القيامة، ماذا أقول له عندما يسألني بل يعاتبني عن لذة ساعة أو نصف ساعة بل أقل من ذلك كأن تكون خمس دقائق نسفت كل وفاء بيني وبينه تعالى؟ فلم يقف أمامي كل تلك النعم والمنح التي أغدق بها عليّ، هذا ما تحدث به نبي الله يوسف عليه السلام لقوله تعالى: ﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ* وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ۖ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ ۚ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ ۚ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ﴾[1]، فهو الشاب اليافع الجميل صاحب الحكمة لديه حياء جبل من الورع والتقوى، طمعت فيه امرأة العزيز وكثير من النساء ممكن أن تطمع فيه كما في الآيات اللاحقة لقوله تعالى: ﴿وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ ۖ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا ۖ إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ* فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ ۖ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ﴾[2]، وهذا الأمر ممكن أن يمرّ فيه كثير من الشباب في كل الأزمنة والعصور خصوصا في زماننا هذا حيث العولمة والانفتاح والتحرر من التقاليد والأعراف والحرية المطلقة وبث السموم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي فتحت آفاق الاختلاط الغير مراقب من الأهل ورفعت كل القيود كما فعلت امرأة العزيز (زليخة) لقوله تعالى: ﴿وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ﴾.
ولكن وفي ظل هذا الظرف الشيطاني الذي يُضلل به الشاب، وهو يردد له في أذنيه من يراك افعلها ومن بعد ذلك تتوب، هي فرصة مؤاتيه فلا تفوتها ففي تلك اللحظات مع نبي الله يوسف عليه السلام وامرأة من أجمل نساء عصرها وعلى فراش الاسياد والملوك واحكام الأبواب السبعة بأقفالها المميزة، فقال عليه السلام لها وللشيطان من ورائها كلا مثلي لا يفعل الخطيئة ولا يتنكر لنعمة الله عليه ويستحيي منه، فهو الذي يراه في كل شيء فهذا عيب كبير لا افعله وهو يعلم كل ما يخفى لقوله تعالى: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾[3]، فهو نكران للجميل وكفران للنعمة وجحود للخالق فلست ممن يسمح لنفسه بالمعصية، ولمّا قالت له هذا أمر خاص بيني وبينك وليس بعام، قال لها: كل خاص يعلم به أربعة مطلعين علينا ويعلمون ماذا نريد أن نفعل وهم الله عز وجل وولي الأمر على الخلق أبي نبي الله يعقوب عليه السلام وأنا وأنت، فليس بالأمر الخاص.
فهذا الموقف ممكن أن يتعرض له كل شاب فكيف يتصرف معه هل يأخذ العبرة ويكون فعله مستمد من فعل نبي الله يوسف عليه السلام والذي كانت جائزته أن ملّكه الله تعالى خزائن الأرض، ويلتزم بخط الهداية لقوله تعالى: ﴿مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ۗ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾[4]، أم يغرق في بحر وساوس الشيطان واتباعه ويطوق بحبل المعصية الى يوم الحساب لقوله تعالى: ﴿وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ۖ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا﴾[5].
تصور ذلك فماذا اعددت من رد فعل لما ممكن أن تتعرض له أو يتعرض لك، تكون في صف يوسف عليه السلام الذي خلّد موقفه القرآن الكريم، أم تكون في صف اهل الحسرة والندامة يوم القيامة لقوله تعالى: ﴿أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ﴾[6].
[1] سورة يوسف، الآيتان: 23-24.
[2] نفس السورة، الآيتان: 30-31.
[3] سورة غافر، الآية: 19.
[4] سورة الإسراء، الآية: 15.
[5] نفس السورة، الآية: 13.
[6] سورة الزمر، الآية: 56.
تعليق