بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد
مولود ولد في المجتمع القرشي الذي كان يعيش حياة تختلف عن حياة الحضارات المحيطة به كحضارة النيل ووادي الرافدين، وعرف هذا المجتمع بالتجارة بين اليمن والشام وهو مجتمع ينحدر من ديانة النبي ابراهيم عليه السلام التي حرفوها وعبدوا الاصنام.
احيط هذا المولود بإحاطة الهية وكانت الولادة حيث أنّه ولد يتيم الأب وكان في رعاية جده، وعاش في ظله وبعد أن سرق الموت الجد والأم، أصبح في رعاية عمه وقد أحسن العم الرعاية والحماية لهذا الصبي الذي عرف بين المجتمع المكي بطيبته وكرم اخلاقه وعدم انجرافه في الاخلاق السائدة في ذلك المجتمع؛ لأنّه عاش في اظهر عائلة كريمة يرتبط نسلها بالنبي إسماعيل عليه السلام وهم على دين ابيه ابراهيم الخليل عليه السلام وقد التزموا به كل الالتزام.
وكان يذهب مع جده الى غار حراء يتعبد معه والجد كان يبتعد عن قومه الذين انغمسوا في عباده الاوثان وفعل المنكرات، فكان يعتزلهم ويتوجه الى الله سبحانه وتعالى في ذلك الغار واستمر هذا الصبي على العبادة والانقطاع الى الله سبحانه وتعالى بعد رحيل جده والى أن اصبح يافعا شابا معروفا بحسن الخلق وبالاستقامة، واشاد بذلك الكل واشركوه في منازعاتهم فمنها المعروفة بعلقة الدم فلما ارادوا أن يرفعوا الحجر الاسود ويضعوه في مكانه على ركن الكعبة بعد ان هُدمت نتيجة للسيول واراد زعيم كل قبيلة أن يرفع الحجر فتنازعوا، ورفعت السيوف بينهم وقالوا بيننا علقة الدم بعد ذلك قالوا نرضى بأول داخل الى البيت الحرام فنرضى بحكمه، فكان الداخل هذا الشاب وهو النبي محمد صلى الله عليه واله فأشار عليهم بأن يوضع الحجر على عباءته ويمسك كل زعيم قبيلة من طرف ويرفعوا رفعة واحدة الحجر ووضعه بيديه الشريفتين في مكانه وهذه خصلة وميزة كانوا يعترفون بها وسموه الصادق الامين .
ومارس حياته الطبيعية مع الناس ولما عرف بالأمانة طلبته السيدة خديجة بنت خويلد كي يمارس دور الإدارة لتجارتها بين اليمن والشام وكان له من العمر 25 عاما، وقد مارس هذا الدور ونمت تجارتها واصبحت الارباح اكثر من الأول؛ لأنّ العاملين كانوا يسرقون منها فأعجبت به وتزوج منها وكانت نتيجة هذا الزواج هي السيدة الزهراء سلام الله عليها.
فالله سبحانه وتعالى اراد أن يكون هذا النبي المبعوث رحمة للعالمين له انطلاقة في زمن معين في مدة معينة لكي يبلغ الناس دين الله في الارض فالله بعلمه وبإرادته اختار وقتا مناسبا كي ينطلق النبي محمد صلى الله عليه واله برسالة عالمية تختم بها الاديان والنبوات، فكان هذا التتويج لرسول الله صلى الله عليه واله برسالة الاسلام هو في يوم السابع والعشرين من شهر رجب كهذا اليوم فكانت الانطلاقة، وكلنا يعرف أنّ الرسول صلى الله عليه واله جاء اليه الملاك جبرائيل واخبره في شأن البعثة وأنّه النبي الذي تختم به النبوات، والرسالة التي ارادها الله عز وجل الى جميع البشر وذلك لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾[1].
فكانت الانعطافة الكبيرة والعظيمة نحو التبليغ لهذا الدين الحنيف من خلال ما جاء به جبرائيل عليه السلام عندما قال له بقوله تعالى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾[2].
فاستبشر الرسول وتلقى هذا التكليف بكل رحابة صدر وفرحة عارمة، وكان معه أمير المؤمنين عليه السلام فآمن به وهو أول رجل امن به، وبعد أن ذهب الى بيته آمنت به زوجته خديجة فكانت الدعوة السرية لثلاث سنوات من بعد ذلك تحولت الى الدعوة العلنية فالمبعث النبوي الشريف مناسبة عظيمة، والاحتفال بها يجب أن يكون بما يلائمها وبما يكون رافعا من شأن هذه المناسبة، لكي يعرف الناس كل الناس عظم هذا الرسول وعظم ما كُلف به.
[1] سورة آل عمران، الآية: 19.
[2] سورة العلق، الآية: 1.