بسم الله الرحمن الرحيم
الفيوضات والبركة الإلهية لا تنفك أن تنزل من السماء على اهل الأرض، وقد خص تبارك وتعالى أزمنة بعينها فتكون عبارة عن محطات يتوقف فيها الانسان وينيب امره الى الله تعالى.
وهذا يكون لمن قصّر التعلق بهذه الدنيا وابتعد عن لذاتها، وكل محطة هي عبارة عن منهج يستزيد ويزيد تحصيل العبد الذي لزم درب السلوك الى الله سبحانه وتعالى واجتهد فيه، فمن تلك الأزمنة المباركة التي حفها عز وجل بالعطاء المميز هو شهر شعبان والروايات كثيرة بخصوص هذا الشهر وفضل هذا الشهر بل هي غزيرة، وتبين المزيد من بركة هذا الشهر وترشد الى الافضل من الاعمال والتي ترفع العبد الى الله سبحانه وتعالى برضاه وعفوه وقبوله.
عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ (صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ) وَقَدْ تَذَاكَرَ أَصْحَابُهُ عِنْدَهُ فَضَائِلَ شَعْبَانَ فَقَالَ: ((شَهْرٌ شَرِيفٌ وَهُوَ شَهْرِي وَحَمَلَةُ اَلْعَرْشِ تُعَظِّمُهُ وَتَعْرِفُ حَقَّهُ وَهُوَ شَهْرٌ يُزَادُ فِيهِ أَرْزَاقُ اَلْمُؤْمِنِينَ كَشَهْرِ رَمَضَانَ، وَتُزَيَّنُ فِيهِ اَلْجِنَانُ وَإِنَّمَا سُمِّيَ شَعْبَانَ، لِأَنَّهُ تَتَشَعَّبُ فِيهِ أَرْزَاقُ اَلْمُؤْمِنِينَ كَشَهْرِ رَمَضَانَ، وَتُزَيَّنُ فِيهِ اَلْجِنَانُ وَإِنَّمَا سُمِّيَ شَعْبَانَ، لِأَنَّهُ تَتَشَعَّبُ فِيهِ أَرْزَاقُ اَلْمُؤْمِنِينَ وَهُوَ شَهْرُ اَلْعَمَلِ فِيهِ يُضَاعَفُ اَلْحَسَنَةُ بِسَبْعِينَ وَاَلسَّيِّئَةُ مَحْطُوطَةٌ وَاَلذَّنْبُ مَغْفُورٌ وَاَلْحَسَنَةُ مَقْبُولَةٌ وَاَلْجَبَّارُ جَلَّ جَلاَلُهُ يُبَاهِي فِيهِ بِعِبَادِهِ وَيَنْظُرُ إِلَى صُوَّامِهِ وَقُوَّامِهِ فَيُبَاهِي بِهِمْ حَمَلَةَ اَلْعَرْشِ))[1].
وَلَقَدْ مَرَّ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَخْلاَطِ اَلْمُسْلِمِينَ لَيْسَ فِيهِمْ مُهَاجِرِيٌّ وَلاَ أَنْصَارِيٌّ وَهُمْ قُعُودٌ فِي بَعْضِ اَلْمَسَاجِدِ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ إِذَا هُمْ يَخُوضُونَ فِي أَمْرِ اَلْقَدَرِ وَغَيْرِهِ مِمَّا اِخْتَلَفَ فِيهِ اَلنَّاسُ قَدِ اِرْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمْ وَاِشْتَدَّ فِيهِمْ مَحْكُهُمْ وَجِدَالُهُمْ فَوَقَفَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ وَأَوْسَعُوا لَهُ وَقَامُوا إِلَيْهِ يَسْأَلُونَهُ اَلْقُعُودَ إِلَيْهِمْ فَلَمْ يَحْفِلْ بِهِمْ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ وَنَادَاهُمْ: ((يَا مَعْشَرَ اَلْمُتَكَلِّمِينَ فِيمَا لاَ يَعْنِيهِمْ وَلاَ يَرِدُ عَلَيْهِمْ إِلَى أَنْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: يَا مَعْشَرَ اَلْمُبْتَدِعِينَ هَذَا يَوْمُ غُرَّةِ شَعْبَانَ اَلْكَرِيمِ سَمَّاهُ رَبُّنَا شَعْبَانَ لِتَشَعُّبِ اَلْخَيْرَاتِ فِيهِ قَدْ فَتَحَ فِيهِ رَبُّكُمْ أَبْوَابَ جِنَانِهِ وَعَرَضَ عَلَيْكُمْ قُصُورَهَا وَخَيْرَاتِهَا بِأَرْخَصِ اَلْأَثْمَانِ وَأَسْهَلِ اَلْأُمُورِ فَابْتَاعُوهَا وَعَرَضَ لَكُمْ إِبْلِيسُ اَللَّعِينُ بِشُعَبِ شُرُورِهِ وَبَلاَيَاهُ فَأَنْتُمْ وَإِنَّمَا تَنْهَمِكُونَ فِي اَلْغَيِّ وَاَلطُّغْيَانِ وَ تَتَمَسَّكُونَ بِشُعَبِ إِبْلِيسَ وَتَحِيدُونَ عَنْ شُعَبِ اَلْخَيْرِ اَلْمَفْتُوحِ لَكُمْ أَبْوَابُهُ هَذِهِ غُرَّةُ شَعْبَانَ وَشُعَبُ خَيْرَاتِهِ اَلصَّلاَةُ وَاَلصَّوْمُ وَاَلزَّكَاةُ وَاَلْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَاَلنَّهْيُ عَنِ اَلْمُنْكَرِ وَبِرُّ اَلْوَالِدَيْنِ وَاَلْقَرَابَاتُ وَاَلْجِيرَانُ وَإِصْلاَحُ ذَاتِ اَلْبَيْنِ وَاَلصَّدَقَةُ عَلَى اَلْفُقَرَاءِ وَاَلْمَسَاكِينِ..))[2].
وممكن ان يكون أبرز خيرات هذا الشهر هو تنقية العبد وازالة ما علق به من شوائب واخطاء وتقصيرات بالخطة العبادية الأخلاقية التي وضعها لنفسه، عند ذاك يقدم هذا كله لشهر رمضان كي يليق للعبد أن يكون بضيافة الله عز وجل.
ومن المعلوم أن شهر شعبان هو الممهد والمدخل لشهر رمضان، فقد ورد عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ قَالَ: ((شَعْبَانُ اَلْمُطَهِّرُ وَرَمَضَانُ اَلْمُكَفِّرُ إِنَّ رَجَباً شَهْرُ اَللَّهِ اَلْأَصَمُّ وَشَعْبَانَ تُرْفَعُ فِيهِ أَعْمَالُ اَلْعِبَادِ))[3].
وفيه عدة مناسبات جليلة ومنها:
2 شعبان، عام 2 للهجرة، فرض صيام شهر رمضان المبارك.
3 شعبان، عام 3 للهجرة، ولادة الإمام الحسين سيد الشهداء (عليه السلام)، الإمام الثالث من أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
4 شعبان، عام 26 للهجرة، ولادة أبي الفضل العباس (عليه السلام)، حامل راية الإمام الحسين (عليه السلام) في واقعة كربلاء.
5 شعبان، عام 38 للهجرة، ولادة الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام)، الإمام الرابع من أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
8 أو 9 شعبان، عام 260 للهجرة، بداية الغيبة الصغرى للإمام المهديّ المنتظر عليه السلام.
11 شعبان، عام 33 للهجرة، ولادة علي الأكبر (عليه السلام) بن الإمام الحسين (عليه السلام) ومن شهداء واقعة كربلاء.
15 شعبان، عام 255 للهجرة، ولادة الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف)، آخر أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
27 شعبان، عام 95 للهجرة، شهادة التابعي سعيد بن جبير على يد الحجّاج بن يوسف الثقفي.
[1] وسائل الشيعة، ج 10، ص 498.
[2] مستدرك الوسائل، ج 7، ص 542.
[3] مستدرك الوسائل، ج 7، ص 544.
تعليق