بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
فقد عاصر الامام الحسن العسكري عليه السلام خلال عمره القصير الذي لم يتجاوز ال(28) عاماً، فئة أكثر قساوة من بين حكام بني العباس وتعرض أكثر من أبائه عليهم السلام للأذى فأنهم كانوا يتخوفون مما بلغهم من كون الامام الحجة المهدي (علیه السلام) منه (علیه السلام) لذا حبسوه (علیه السلام) عدة مرات وحاولوا قتله فكان ينجو من محاولاتهم، وهم المعتز بن المتوكل، وبعده المهتدي بن الواثق، ثم المعتمد احمد بن المتوكل الذي حكم ثلاثاً وعشرين سنة ، وكانت شهادة الامام (علیه السلام) في أوائل حكم هذا الطاغية اللعين.
فتروي الكثير من الكتب الموثقة منها "المناقب" و"مجمع البحرين الطريحي" و"الكافي" و"كشف الغمة" و"حديقة الشيعة" و"بحار الأنوار" وغيرها بأن المعتمد العباسي حاول أكثر من مرة قتل أو اغتيال الامام الحسن العسكري ولكنه لم يفلح حتى تمكن من دس السم اليه (علیه السلام) في السنة الخامسة من حكمه ، وقد سُقيَ (علیه السلام) ذلك السم في أول شهر ربيع الأول سنة 260 للهجرة ، وظل الامام العسكري (علیه السلام) سبعة أيام يعالج حرارة السم ، حتى استشهد في يوم الجمعة الثامن من شهر ربيع الأول ذاته وانتقل إلى جوار ربه في سامراء.
كما أن الامام العسكري (علیه السلام) وفضلاً على ما أصابه من العباسيين، قد تعرض للطامعين من الحاسدين ، وكان من أبرزهم أخوه جعفر ابن الامام الهادي (علیه السلام) الذي اطلق عليه فيما بعد لقب "جعفر الكذاب" والذي كان على اتصال بخلفاء بني العباس وكان يتجسسس على الامام وعائلته الشريفة بحثاً مع حكام الجور والطغيان عن منقذ البشرية وقائمها (علیه السلام) لكن دون جدوى.
ولما استشهد الامام العسكري (علیه السلام) ضجت لفقدانه "سر من رأى" ضجة عظيمة وحمل أهلها النعش الطاهر بتجليل واهتمام بالغين ، فأراد "جعفر الكذاب" أن يصلي عليه لكن ثار الله الموعود ذا الطلعة البهية (علیه السلام) هو الذي صلى عليه وجهزه، ودفن الامام الحسن العسكري (علیه السلام) في داره مع أبيه الامام الهادي (علیه السلام) وراء ظهره .
ورغم مدة امامته القصيرة لكن الامام الحسن العسكري (علیه السلام) تصدى وبكل قوة كما فعل آبائه الأطهار(عليهم السلام) باعتبارهم حماة الرسالة والعقيدة الاسلامية، تصدى هو الآخر (علیه السلام) للفرق الضآلة في عصره الشريف ومنها فرقة "الثنوية" (وهم من أثبت مع القديم قديماً غيره، وهم المجوس يثبتون مع مبدأ الخير مبدءاً للشر وهما النور والظلمة)، وكذلك فرقة "الصوفية" والذي وصفهم (علیه السلام) في حديثه أبي هاشم الجعفري والذي سيأتي في آخر المقال، حيث أوضح الامام العسكري (علیه السلام) فساد معتقدات هاتين الفرقتين الضالتين من خلال بيانه لآرائهم وأساليبهم في التعامل وعلاقاتهم مع الناس.
ثم أنه (علیه السلام) واجه حركة أكثر خطورة في حياته وهي "حركة التنصير" التي آل اليها الكثير من المسلمين لما رأوه من خداع "جاثليق" زمانهم وهو يمطر السماء بدعواته اثر الجفاف الذي حل بمدينة سامراء آنذاك وهي قصة سنذكرها في مقال بذكرى ميلاد الامام الحسن العسكري (علیه السلام) الاغر.
ومن هذا المنطلق كان لا بد للامام العسكري (علیه السلام) أن يواصل نهج آبائه الائمة الميامين (علیه السلام) في هداية وتوعية وتنوير أفكار المسلمين خاصة شيعة أهل البيت (عليهم السلام) الذين يمثّلون الجماعة الصالحة في المجتمع الاسلامي، حيث انتهج طريق الكتمان والحذر في التواصل معهم فيما عمل على تمهيدهم لقضية الامام المهدي (علیه السلام) وإعدادهم لعصر الغيبة وسلك طريق الوصل مع الشيعة عبر الوكلاء والاعداد لمدرسة الفقهاء وقيادة العلماء الصالحين للأمة في عصر الغيبة باعتبارهم الامناء على العباد متمسكين بنهجه الشريف (ع) في مقارعة الفرق الضآلة والمنحرفة وإرشاداته وتوصيات آبائه الكرام عليهم السلام نحو طريق الصواب والحق، وهو ما ذكرته كتب كثيرة منها.."الكامل في التاريخ" و"مروج الذهب" و"الكامل لابن الأثير" و"تاريخ الطبري" و"الحضارة الاسلامية" و"تجارب الاُمم لمسكويه" و" الخرائج والجرائح" وغيرها.
وخير ما نختتم به مقالنا هذا هو حديث الامام الحسن العسكري عليه السلام مع أبي هاشم الجعفري، حيث قال (علیه السلام) : "ياأبا هاشم : سيأتي زمان على الناس وجوههم ضاحكة ، مستبشرة ، وقلوبهم مظلمة منكدرة ، السُّنة فيهم بدعة ، والبدعة فيهم سُنّة ، المؤمن بينهم محقَّر والفاسق بينهم موقَّر ، اُمراؤهم جاهلون جائرون ، وعلماؤهم في أبواب الظلمة سائرون ، أغنياؤهم يسرقون زاد الفقراء ، وأصاغرهم يتقدّمون على الكبراء ، وكل جاهل عندهم خبير وكل محيل عندهم فقير ; لا يتميزون بين المخلص والمرتاب ، ولا يعرفون الضأن من الذئاب ، علماؤهم شرار خلق الله على وجه الأرض ، لأنّهم يميلون إلى الفلسفة والتصوف ، وأيم الله إنّهم من أهل العدول والتحرف ، يبالغون في حبّ مخالفينا ويُضلّون شيعتنا وموالينا ، فان نالوا منصباً لم يشبعوا من الرثاء ، وإن خذِلوا عبدوا الله على الرياء ، ألا إنّهم قطّاع طريق المؤمنين والدعاة إلى نحلة الملحدين ، فمن أدركهم فليحذرهم وليصن دينه وإيمانه . ثم قال : ياأبا هاشم : هذا ما حدثني به أبي عن آبائه عن جعفر بن محمد (عليهم السلام) وهو من أسرارنا فاكتمه إلاّ عن أهله" - (حديقة الشيعة : 592 عن السيد المرتضى الرازي في كتبه: بيان الأديان وتبصرة العوام والفصول التامّة في هداية العامّة عن الشيخ المفيد مسنداً، الأنوار النعمانية : 2 / 293، ذرائع البيان في عوارض اللسان : 38 ).
تعليق