تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد
كل شخصية في هذا الوجود لها ميزات ولها خصائص، تتميز بها عن باقي الشخصيات التي تعيش معها على وجه هذه البسيطة، فمن افضل واهم الشخصيات بعد شخصية الرسول وامير المؤمنين والسيدة الزهراء والامام الحسن صلوات الله عليهم، تأتي شخصية الامام الحسين عليه السلام، حيث أنّه لما كان فتى كانت شخصيته بلا حدود، فقوته وجرأته بانت وظهرت منذ الصبا، وذكر ذلك العديد من اهل التواريخ والسير فقد ورد عَنْ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ (عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ) : ((أَنَّ اَلْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ أَتَى عُمَرَ بْنَ اَلْخَطَّابِ وَهُوَ عَلَى اَلْمِنْبَرِ يَوْمَ اَلْجُمُعَةِ، فَقَالَ لَهُ: اِنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِ أَبِي، فَبَكَى عُمَرُ، ثُمَّ قَالَ: صَدَقْتَ يَا بُنَيَّ، مِنْبَرُ أَبِيكَ لاَ مِنْبَرُ أَبِي))[1].
هذه الرواية تتجلى فيها ميزة الشجاعة وعدم الرهبة من السلطان في شخصية الحسين عليه السلام؛ فأمام الحاكم الغاصب للخلافة والناصب العداء لأمير المؤمنين عليه السلام والذي يخطب على المنبر، يأمره بأن ينزل من هذا المنبر فتعجب هذا الجاهل الذي ارتقى المنبر! كيف تتحدث معي ومن الذي علمك بأن تتحدث هكذا؟ فهذا دليل واضح يتحدث عن شخصية الحسين وهو فتى سلام الله عليه.
فليس له نظير في هذا الوجود كيف لا وقد تغذى في حجر جده صلى الله عليه واله الحنان والحب والعطف، وفي ظل ابيه ترعرع معه وتلقى المعرفة والعناية والرعاية، وفي كنف امه السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام وجد الأم الرؤوفة والتي هي ريحانة رسول الله ومهجة قلب رسول الله صلى الله عليه واله، وايضا يعيش في وسط اخوته الحسن والسيدة زينب سلام الله عليهما، وكيف ربى اولاده بأعوام كانت مملوءة في الاحترام المقدس والحب المتبادل، فالجامعة المحمدية الإسلامية الأصيلة التي من خريجيها الامام الحسين عليه السلام والذي يؤكد ذلك الآية الشريفة في قوله تعالى: ﴿... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾[2]، وما حديث الكساء الا هو اكبر شاهد على هذه المكانة والمنزلة عند الله تعالى وخصوصا أنّه موجود في كتب الفريقين والتي تصرح بكل وضوح عن ما ذكر في هذا الحديث: ((ثُمَّ أَتَيتُ نَحوَ الكِساءِ وَقُلتُ : أَلسَّلامُ عَلَيكَ يا أبَتاهُ يا رَسُولَ الله أَتأذَنُ لي أَن أَكونَ مَعَكُم تَحتَ الكِساءِ ؟ قالَ : وَعَليكَ السَّلامُ يا بِنتِي وَيا بَضعَتِي قَد أَذِنتُ لَكِ، فَدَخَلتُ تَحتَ الكِساءِ ، فَلَمَّا إكتَمَلنا جَمِيعاً تَحتَ الكِساءِ أَخَذَ أَبي رَسُولُ اللهِ بِطَرَفَيِ الكِساءِ وَأَومَأَ بِيَدِهِ اليُمنى إِلىَ السَّماءِ وقالَ : أَللّهُمَّ إِنَّ هؤُلاءِ أَهلُ بَيتِي وخَاصَّتِي وَحَامَّتي، لَحمُهُم لَحمِي وَدَمُهُم دَمِي، يُؤلِمُني ما يُؤلِمُهُم وَيُحزِنُني ما يُحزِنُهُم، أَنَا حَربٌ لِمَن حارَبَهُم وَسِلمٌ لِمَن سالَمَهُم وَعَدوٌّ لِمَن عاداهُم وَمُحِبٌّ لِمَن أَحَبَّهُم، إنًّهُم مِنّي وَأَنا مِنهُم فَاجعَل صَلَواتِكَ وَبَرَكاتِكَ وَرَحمَتكَ وغُفرانَكَ وَرِضوانَكَ عَلَيَّ وَعَلَيهِم وَاَذهِب عَنهُمُ الرَّجسَ وَطَهِّرهُم تَطهِيراً ..
فَقالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : يا مَلائِكَتي وَيا سُكَّانَ سَماواتي إِنّي ما خَلَقتُ سَماءً مَبنَّيةً وَلا أرضاً مَدحيَّةً وَلا قَمَراً مُنيراً وَلا شَمساً مُضيِئةً وَلا فَلَكاً يَدُورُ وَلا بَحراً يَجري وَلا فُلكاً يَسري إِلاّ في مَحَبَّةِ هؤُلاءِ الخَمسَةِ الَّذينَ هُم تَحتَ الكِساء))[3]، وهكذا فهذه الاحاديث التي ذكرها الرسول بخصوص الحسن والحسين صلوات الله عليهم شاهدة على علاقة النبي صلى الله عليه واله بهما.
وفي ظروف تلك الولادة المباركة لما جاء الرسول صلى الله عليه واله الى اسماء بنت عميس وقال لها ((يا اسماء هلمي بابني)) فدفعته في خرقه بيضاء فأذن في اذنه اليمنى واقام في اليسرى، احتفالية رائعة وجميلة وعظيمة من خير خلق الله من الذين خلق كل الخلق لأجلهم وهم سادات الخلق بهذه الولادة الجديدة والعظيمة على قلب رسول الله صلى الله عليه واله.
لنا ولكم كل التهنئة والتبريك وجعلنا من الذين يحيونها في كل عام.
[1] الأمالي للطوسي، ج 1، ص 703.
[2] سورة الأحزاب، الآية: 33.
[3] عوالم العوالم، ج 11، ص 930.
تعليق