تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد
صاحب الهيبة والوقار أشجع اهل زمانه بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، البطل الذي لا يهاب من يقاتله ومن يواجهه، يأتي الى بيته مهرولا مستبشرا فرحا بعد أن أخبره خادمه قنبر بأنّ مولودا قد ولد في بيته من زوجته ام البنين سلام الله عليها.
علي بن ابي طالب عليه السلام في يوم 4 شعبان سنة 26 للهجرة في لحظات فرح وبهجة بهذا المولود ويسميه بعد أنْ قالت له ابنته السيدة زينب سلام الله عليها ما تسمي هذا القمر يا اباه قال: اُسميه العَبَّاس.
وهو من أسماء الاسد أُخذ من لفظ العبوس ومعناه الغضب.
العَبَّاسُ : (الأسَدُ الذي تهربُ منه الأُسودُ)[1]، وهذا شبيه بتسمية أسد الأسود، هكذا أراد الامير عليه السلام بهذه التسمية بعد أنْ هنأ امه بسلامتها وسلامة مولودها، وقبله واذن في اذنه اليمنى واليمنى واقام في اليسرى، فكانت هذه التسمية هي مفصلا مهما ببداية حياة العباس عليه السلام، فأمير المؤمنين عليه السلام نتيجة لعلمه بالغيب وعلمه أنّ هذا المولود سيكون بطلا من ابطال الإسلام، وسيعبس في وجه المنكر والباطل، فسيكون عبوسا في ساحات الوغى امام اعداء اهل البيت عليهم السلام، وهو الذي يدمر كتائب وعسكر وجند الأعداء، وهو الذي سينشر الموت غضبا بين صفوفهم في يوم كربلاء.
العباس عليه السلام صاحب ملامح رائعة بصورة لطيفة من صور جمال الانسان، ولهذا لُقب بقمر بني هاشم لبهائه وروعة شكله وجمال طلعته، صاحب الجسم المتكامل الذي يُظهر آثار البطولة والشجاعة، فقد وُصف من قبل الرواة (بالجميل الوسيم يركب الفرس المطهم)[2].
ولا عجب بهذه التسمية لأنّ اجداده سُموا بمثل هذه التسميات، فعبد المطلب كان يسمى قمر قريش، وكذلك ابو النبي صلى الله عليه واله عبد الله كان يسمى قمر الحرم لشدة وضاءته وجماله والرسول صلى الله عليه واله كان يسمى قمر الحرمين وكذلك ابوه علي بن ابي طالب عليه السلام وصفه الامام الحسين في كربلاء عندما أَنْشَأَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَوْمَ اَلطَّفِّ فَقَاَلَ:
وَالِدِي شَمْسٌ وأُمِّي قَمَرٌ
فَأَنَا اَلْكَوْكَبُ واِبْنُ اَلْقَمَرَيْنِ.
العباس عليه السلام مظهر لهذه الاقمار وجماله يُدلّل على ذلك.
ألم يوصف بأنّه إذا خرج في الليلة الظلماء يضيء كما يضيء القمر وهذا ممّا وصف الله تعالى به الرسول صلى الله عليه واله، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا﴾[3].
وكذلك هو نموذج مصغر من ابيه امير المؤمنين عليهما السلام، نشأ عليه السلام النشأة الكريمة الصالحة التي قليل من العباد من ينشأ بمثلها، في ظلال الاب الذي هو رائع ورائد العدالة الاجتماعية في الارض وقد غذاه بالتقوى وبالعلوم وزرع في نفسه النزعات الشريفة والعادات الطيبة، وكذلك امه السيدة فاطمة ام البنين زرعت جميع صفات الكمال والفضيلة بل غذته بحب الخالق العظيم، فجعل همه طلب مرضاة الله عز وجل وطاعته، ولازم هذا الامر طوال حياته، ولازم اخويه الحسن والحسين عليهما السلام سيدي شباب اهل الجنة وتلقى منهما قواعد الفضيلة وأُسس الآداب الرفيعة، وخصوصا ملازمته لأخيه سيد الشهداء الامام الحسين عليه السلام فلم يفارقه في حله وترحاله ولم يفارقه وقد تأثر بسلوكه الى آخر حياته بعد أنْ قدم حياته في سبيل الحسين وفي سبيل الإسلام.
ومن أجمل حوادث حياته لما كان العباس عليه السلام صغيرا في حضن ابيه شمّر عن ساعدي ابي الفضل وكفيه الصغيرتين واخذ يقبلهما ويبكي، فاندهشت ام البنين عليها السلام وتعجبت من هذا الامر وسألت عليا عليه السلام لماذا تُقبل كفي العباس عليه السلام قال: اقبلهما لأنّهما ستقطعان في كربلاء دفاعا عن اخيه الحسين عليه السلام.
علما أنّ هذا التقبيل ليس هو فقط من باب المحبة والشفقة عليه بل كذلك هو من باب بيان المنزلة والمقام للعباس عليه السلام.
[1] معجم المعاني الجامع.
[2] مقاتل الطالبيين، ص 56.
[3] سورة الأحزاب، الآيتان: 45-46.
تعليق