بسم الله الرحمن الرحيم
علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام أمه من بنات ملوك الفرس، وَ كَانَ يُقَالُ لَهُ اِبْنُ اَلْخِيَرَتَيْنِ لِقَوْلِ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: ((إِنَّ لِلَّهِ مِنْ عِبَادِهِ خِيَرَتَيْنِ فَخِيَرَتُهُ مِنَ اَلْعَرَبِ قُرَيْشٌ وَمِنَ اَلْعَجَمِ فَارِسُ))[1].
فهي شاه زنان بنت يزدجرد بن شهريار بن شيرويه بن كسر ى.
وقد قال الشيخ المفيد في كتابه الارشاد: كان امير المؤمنين عليه السلام قد ولّى حريث ابن جابر الحنفي جانبا من المشرق، فبعث اليه ببنتي يزدجرد ابنة شهريار فنحل ابنه الحسين عليه السلام شاه زنان منهما، واولدهما زين العابدين وماتت في نفاسها، ونحل الاخرى محمد بن ابي بكر فولدت له القاسم.
وقد قال فيه صاحب امير المؤمنين ابي الاسود الدؤلي:
وإنّ وليداً بين كسرى وهاشمٍ *************** لأكرمُ من نيطت عليه التمائمُ
فهو زين العابدين لعبادته التي شبهت بعبادة جده امير المؤمنين عليه السلام، والسجاد لكثرة سجوده ولذلك ايضا لقب بذي الثفنات، نتيجة لموت اللحم من اثر السجود فكان يقص اللحم من جبهته في كل عام مرتين، فقد ورد عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ اَلْبَاقِرُ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ : ((إِنَّ أَبِي عَلِيَّ بْنَ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ، مَا ذَكَرَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ نِعْمَةً عَلَيْهِ إِلاَّ سَجَدَ وَلاَ قَرَأَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهَا سُجُودٌ إِلاَّ سَجَدَ وَلاَ دَفَعَ اَللَّهُ عَنْهُ سُوءاً يَخْشَاهُ أَوْ كَيْدَ كَائِدٍ إِلاَّ سَجَدَ وَلاَ فَرَغَ مِنْ صَلاَةٍ مَفْرُوضَةٍ إِلاَّ سَجَدَ وَلاَ وُفِّقَ لِإِصْلاَحٍ بَيْنَ اِثْنَيْنِ إِلاَّ سَجَدَ وَكَانَ أَثَرُ اَلسُّجُودِ فِي جَمِيعِ مَوَاضِعِ سُجُودِهِ فَسُمِّيَ اَلسَّجَّادَ لِذَلِكَ))[2]، ويلقب ايضا بالبكاء لأنّه قضى عمره من بعد واقعة الطف يبكي على ابيه الحسين عليه السلام، وقد ورد في ذلك عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ : ((بَكَى عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ عَلَى أَبِيهِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ صَلَوَاتُ اَللَّهِ عَلَيْهِمَا عِشْرِينَ سَنَةً أَوْ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَمَا وُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ طعاما[طَعَامٌ]إِلاَّ بَكَى عَلَى اَلْحُسَيْنِ))[3]، فهو عليه السلام في هذه المواقف اراد أن يشحن نفوس المسلمين التي ماتت بخذلانها لأبيه الحسين عليه السلام، ويهيئ هذه النفوس كي تثور على الظالمين تثور على يزيد وعلى حكام بني امية الذين استهزئوا بالقيم الإنسانية، واستباحوا محارم الله، وقتلوا الدعوة الإسلامية، وذلك من اجل اطماعهم وعروشهم.
وكانت النتيجة من هذه الافعال التي كان يقوم بها الامام سلام الله عليه، من خلال هذه المواقف الحقة اعطت ثمارها وجعلت الجماهير الإسلامية في الحجاز والعراق والمناطق الاخرى بالثورة ضد الحكم الاموي، وكان يلقب بالعابد وجاء عَنْ عِمْرَانُ بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ: كَانَ اَلزُّهْرِيُّ إِذَا حَدَّثَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ اَلْحُسَيْنِ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ قَالَ حَدَّثَنِي زَيْنُ اَلْعَابِدِينَ عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ فَقَالَ لَهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: وَ لِمَ تَقُولُ لَهُ زَيْنُ اَلْعَابِدِينَ قَالَ: لِأَنِّي سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ اَلْمُسَيَّبِ يُحَدِّثُ عَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ قَالَ: ((إِذَا كَانَ يَوْمُ اَلْقِيَامَةِ يُنَادِي مُنَادٍ أَيْنَ زَيْنُ اَلْعَابِدِينَ فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَلَدِي عَلِيُّ بْنُ اَلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ يَخْطُو بَيْنَ اَلصُّفُوفِ))[4].
وكان له عليه السلام أخوين هما: علي الاكبر قتل في كربلاء ولا بقية له وأمه آمنة بنت ابي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي وامها بنت ابي سفيان ابن حرب، وعبد الله الرضيع واخته سكينة فأمهما الرباب بنت امرؤ القيس وقتلوه مع ابيه في يوم الطف، وله أخت ثانية اسمها فاطمة وامها ام اسحاق بن طلحة بن عبيد الله.
الامام زين العابدين عليه السلام رافق ابيه الى كربلاء لكن المصلحة الإلهية اقتضت ان يتمرض مرضا شديدا، وقد عجز عن حمل السلاح، فلم يقاتل وبقي بعد ابيه مع الاسارى والعيال، وأُخذ الى الكوفة أسيرا ثم الى الشام، ومن الشام عاد بالرؤوس الشريفة واعادها الى كربلاء مع الاجساد الطاهرة.
[1] كشف الغمة، ج 2، ص 107.
[2] وسائل الشيعة، ج 7، ص 20.
[3] كامل الزيارات، ج 1، ص 107.
[4] علل الشرائع، ج 1، ص 229.
تعليق