بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل محمد وآل محمد
اللهم صل محمد وآل محمد
في سنة 254 للهجرة استشهد الامام الهادي علي بن محمد عليه السلام وذلك في حكم المعتمد العباسي، وهناك اختلاف في أنّه هو وضع السم للإمام أم أنّه امر بوضع السم للإمام والامر كله واحد، بعد ذلك استلم الإمامة ابنه الامام الحسن الزكي العسكري عليه السلام، ومن طبيعة الناس انها تبحث عن من يلي زعيمها في حياته وهذا هم من الهموم تعيشه الناس سواء كان هذا الزعيم زعيما دنيويا أو دينيا، فالشيعة كانت تراقب الامام الحسن وتبحث عن خليفته، بالإضافة الى ذلك الطغمة العباسية الحاكمة والتي تعلم كل العلم من خلال الروايات الواردة عن الرسول صلى الله عليه واله وعن الائمة الاطهار امام بعد امام عليهم السلام، أنّ الإمامة من بعد الامام الحسن العسكري ستكون لولده المهدي فقد وردت أحاديث من فريقي المسلمين منها: عن جابر بن سمرة يقول: دخلت مع أبي على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فسمعته يقول: ((«إنّ هذا لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة»، ثم تكلّم بكلام خفي عليّ، فقلت لابي ما قال؟ قال: كلّهم من قريش))[1]، وأشار إلى الإمام الحسين عليه السلام وقال : ((إنّ ابني هذا إمام ابن إمام أخو إمام أبو أئمة تسعة، تاسعهم قائمهم))[2].
فالسلطة كانت تراقب بيت الامام قبل الشيعة كي تقتل هذا الامام قبل أنْ يولد فان لم تتمكن تقتله بعد ولادته، فكانت مراقبة شديدة على بيت الامام خصوصا أنّ اخا الامام جعفر بن علي الذي يسمى بجعفر الكذاب كان متعاونا مع الطغمة العباسية طمعا في زعامة الشيعة، فالشك والارتياب موجود لدى عموم الناس في تلك الفترة والذي يناسب هذا الامر هو أنْ يخفى امر ولادة الامام عليه السلام حفاظا على حياته ولكي لا تخلو الأرض من حجة كما ورد عَنْ أَبِي اَلْجَارُودِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: ((إِنِّي وَاِثْنَيْ عَشَرَ مِنْ وُلْدِي وَأَنْتَ يَا عَلِيُّ زِرُّ اَلْأَرْضِ يَعْنِي أَوْتَادَهَا وَجِبَالَهَا بِنَا أَوْتَدَ اَللَّهُ اَلْأَرْضَ أَنْ تَسِيخَ بِأَهْلِهَا فَإِذَا ذَهَبَ اَلاِثْنَا عَشَرَ مِنْ وُلْدِي سَاخَتِ اَلْأَرْضُ بِأَهْلِهَا وَلَمْ يُنْظَرُوا))[3].
وعند ولادته في ليلة 15 شعبان سنة 255 للهجرة لم يعلم بذلك الا السيدة حكيمة عمة الامام العسكري عليه السلام، فكانت الولادة المباركة التي بها جال نور الامام في السماء وفي الأرض.
من هنا الامام العسكري عليه السلام لكي لا يكون الامر سوئه اكثر من نفعه ابلغ خواص الشيعة الذين يثق بهم بان خليفته قد ولد وبالحفظ الالهي والرعاية الإلهية، وعن محمّد بن عليّ بن بلال قال: ((خرج إليَّ من أبي محمّد قبل مضيه بسنتين يخبرني بالخلف من بعده، ثمّ خرج إليَّ من قبل مضيه بثلاثة أيّام يخبرني بالخلف من بعده))[4].
فلم يكن أحد يعلم بهذه الولادة وبأمر الامام الا عند شهادة الامام العسكري عليه السلام وخروج ولده المهدي عليه السلام للصلاة على ابيه، بعد أنْ تقدم عمه جعفر الكذاب لكي يصلي على الامام العسكري، وكما ورد في الروايات أنّ غلاما خرج ونحى عمه وصلى على ابيه والرواية هي: قد حَدَّثَ أَبُو اَلْأَدْيَانِ قَالَ: (كُنْتُ أَخْدُمُ اَلْحَسَنَ بْنَ عَلِيِّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ.. فَتَقَدَّمَ جَعْفَرُ بْنُ عَلِيٍّ لِيُصَلِّيَ عَلَى أَخِيهِ فَلَمَّا هَمَّ بِالتَّكْبِيرِ خَرَجَ صَبِيٌّ بِوَجْهِهِ سُمْرَةٌ بِشَعْرِهِ قَطَطٌ بِأَسْنَانِهِ تَفْلِيجٌ فَجَبَذَ بِرِدَاءِ جَعْفَرِ بْنِ عَلِيٍّ وَقَالَ تَأَخَّرْ يَا عَمِّ فَأَنَا أَحَقُّ بِالصَّلاَةِ عَلَى أَبِي فَتَأَخَّرَ جَعْفَرٌ وَقَدِ اِرْبَدَّ وَجْهُهُ وَاِصْفَرَّ - فَتَقَدَّمَ اَلصَّبِيُّ وَصَلَّى عَلَيْهِ وَدُفِنَ إِلَى جَانِبِ قَبْرِ أَبِيهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ)[5].
[1] الغيبة للطوسي: 128.
[2] كمال الدين وتمام النعمة، ج 1، ص 377.
[3] الكافي، ج 1، ص 534.
[4] نفس المصدر، ص 328.
[5] بحار الأنوار، ج 50، ص 332.
تعليق