إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

عبق الولادات..مداد الكلمات

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عبق الولادات..مداد الكلمات


    (مدن صناعة الإنسان)
    بقلم: آلاء عبدالكريم حسن


    خطواته كأنها أنغام يعزفها على الأرض له هدوء وسكينة ووقار كأن خصاله صاغها الرحمن بطينة عجنت بماء الذهب مُحمد طالب نبيه كثيراً ما كان يبحث ويقرأ عن محاور الحياة الدينية والثقافية والاجتماعية ويسعى ان يرتشف من كل واحةٍ معرفةً، رغبةً منه بأن يضيف كمالات جديدة إلى ذاته، ففي يومٍ من الأيام سأل أباه الروحي نصير قائلاً: إذا أراد الإنسان بناء نفسه روحيًا وفكريًا وثقافيًا فأي الطرائق والمدارس التي يجب عليه أن يقصدها؟
    فقال له أباه الروحي: عليه أن يقصد مُدن
    ( صناعة الإنسان)، فردّ مُحمد بنبرة التعجب قائلاً:
    صناعة الإنسان!!
    وهل توجد مدن وظيفتها صناعة الإنسان؟
    فقال له: نعم يا عزيزي محمد، ففي مجرة درب التبانة توجد أربعة مُدن متباعدة البوصلة متقاربة في الغاية، في هذه المدن تجري وقائع عملية بنيوية لتنقيةِ وإعادةِ تأهيلِ وبرمجةِ الإنسان ونقله من أدنى درك من الحضيض والضياع إلى درجة النور والكمال الإلهي.
    فتشوّق محمد وألحّ على أُستاذه ليشدّ الرحال إلى تلك المُدن النورانية على بساط رحلة الكمال، فحاول محمد أن يطلب من البساط أن يطير لكنه كان يأبى الطيران، فقال محمد لأستاذه: ما به هذا البساط لا يطير يا أُستاذي؟
    فقال له أستاذه: إن العبارة السرية لبساط رحلة الكمال هي الصلاة على محمد وآل محمد فإذا أردت التسهيل لشؤونك والتوفيق في أعمالك انثر عليها بركة الصلاة على الهادي وآله.
    فعندما قام مُحمد بالصلاة على محمد وآل محمد طار البساط، وانطلقوا برحلتهم الكمالية حتى وصلوا إلى باب مدينة كُتب عليها ( مدينة الصفاء والنقاء الداخلي) فوجدوا عند بوابة المدينة عدد من المؤرخين والعلماء وأشهر حكام الدول ذوي العدل والكمال كانوا مجتمعين ينتظرون إذن الدخول، فقال محمد لأستاذه: ما بال هذه النخبة من العلماء قد وقفوا في صفوف متلهفة لدخول هذه المدينة؟ ماذا يفعلون فيها؟
    فقال له أستاذه: يا ولدي قد أتت هذه الوفود لتلتقي بمالك هذه المدينة وصاحب أكبر ثورة إصلاحية.
    فقال محمد: ومن صاحب هذه المدينة؟
    فقال الأستاذ: صاحب هذه المدينة هو الإمام الحسين (عليه السلام) فإذا كان جده الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) مدينة العلم فحفيده الشهيد هو مدينة الإصلاح منه ستتعلم التوجّه التام إلى الله تعالى والانقطاع اليه والاتصال به في كل لحظاتك وسكناتك فقد قال (عليه السلام) فالتوجّه إلى الله تعالى أساس كل خير وهذا ما دل عليه سيد الشهداء بقوله (إلهي ماذا وجد من فقدك وما الذي فقد من وجدك لقد خاب من رضي دونك بدلا)، وكذلك تتعلم منه كيفية صناعة الحرية الحقيقية وكيف تختار طريقة عيشك فقد وضع لك منهاجاً بيوم عاشوراء عندما قال: (لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلا برماً)
    وعندما أكمل محمد فصول تعلمهُ في هذه المدينة قال له أستاذه: علينا أن نشد الرحال إلى المدينة الثانية لنحصل على المادة المثبتة والراسخة لكي ترسّخ في نفسك ما تعلمته من مدينة سيد الإصلاح، فقال له محمد: وما هذه المادة وفي أي مدينة سنحصل عليها؟
    فقال له أستاذه: إنها مادة عُمق البصيرة وصلابة الإيمان وستحصل عليها في مدينة سيد الماء والولي الناصر أبي الفضل العباس (عليه السلام) ومن مميزات السقّاء أنك ستتعلم منه الرأي الصحيح والشجاعة والصبر والوفاء والثبات على المبدأ رغم الجراح.
    أمضى محمدٌ عِدّةَ أيامٍ في تلك المدينة وفي كل يوم يكتشف درساً جديداً عن الاخوّة والثبات والولاء حتى أعلن بساط رحلة الكمال أن موعد الرحلة إلى المدينة الثالثة قد آن ميعادها، إلى مدينة قدوة الزاهدين ومنارة العابدين مدينة الإمام السجاد ليتعلم منها كيف يكون أجمل روح عابدة، لكن استوقفت محمد بعض المشاهد في هذه المدينة فرأى أُناساً تعمل وتقرأ فسأل محمد أستاذه وقال:
    هذه المدينة كنتُ أعتقدُ أنها مخصصة فقط للعبادة فلماذا أرى هؤلاء الناس بعضهم يقرأ والبعض الآخر يعمل؟
    فقال له أستاذه: ياولدي محمد إن العبادة ليست فقط بالصلاة والصوم وإنما طلب العلم عبادة والسعي لقضاء حوائج الناس عبادة والقيام بأعمال المنزل عبادة والبر بوالديك أعظم العبادات، فقال محمد: اللهم اجعلني سبيل الخير بين البرايا.
    وبعد أن أتمّ محمد فصول تعلمه في هذه المدن الثلاث قال أستاذه نصير : هنيئاً لك يا ولدي إكمال رحلة كمالك في مدن الأنجم الزاهرة الثلاث فقال محمد: قبل شروعنا بالرحلة قلت انها أربعة مدن ولكن للآن زرنا فقط ثلاث مدن، فقال له أستاذه: هذه المدن هي مدن صناعة الإنسان الكمالي التي تؤهلك لتكون قائداً ملهمًا في مدينة القائم من آل بيت محمد، فمن واجباتك في هذه المدينة هو الانتظار، والانتظار يستبطن التهيؤ وإعداد جميع الوسائل لنصرة صاحب الزمان، فقال محمد: اللهم اجعلنا من المنتظرين العاملين لا المنتظرين القانطين ببركة محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين.​
    التعديل الأخير تم بواسطة الحسين منقذي; الساعة 02-03-2024, 09:38 AM.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
x
يعمل...
X