تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد
الوعد الالهي باستخلاف هذه الارض من خلال الامام المهدي عجل الله فرجه الشريف لقوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾[1]، جعل كثيرا من الناس تهتم بهذا الموضوع وتبحث عن كل ما يحقق هذا الموضوع كالعلامات الحتمية وغير الحتمية، والاحداث التي تمر على المسلمين وعلى العالم من بعد غيبته الكبرى عليه السلام، فأدت الى أنّ هناك كثير من الذين يطمعون في أنْ يكونوا قاده للناس، أو يتحصلوا على المصالح والمناصب الدنيوية، طمعوا في أنْ يكونوا هم ذلك الامام الذي يملأ الارض قسطا وعدلا كما مُلأت ظلما وجورا، وقد توالت الاحداث العظيمة على مرّ السنين الواحدة تلو الاخرى وهي ذات بأس وشدة تتميز بالقتل والسبي، وبدأت الادعاءات في التأريخ الإسلامي الأوّل فذهبت السبئية إلى مهدوية الإمام علي عليه السلام، وذهبت الكيسانية إلى مهدوية محمد بن الحنفية وولده أبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية، وادعى الحسنيون مهدوية محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى، وقال العباسيون بمهدوية محمد بن عبد الله العباسي، وذهبت الناووسية إلى مهدوية الإمام الصادق عليه السلام، وذهبت الإسماعيلية إلى مهدوية إسماعيل ابن الإمام الصادق عليه السلام، وقالت الفطحية بإمامة عبد الله بن الأفطح ومهدوية ولده محمد بن عبد الله الأفطح، وقالت الواقفية بإمامة ومهدوية الإمام الكاظم عليه السلام وهكذا فالقائمة طويلة، وتشمل من هم ليسوا من الشيعة.
وفي زماننا هذا كلما حدث قالت الناس أنّ هذا هو الزمان الذي يسمى بعصر الظهور، وذلك لتوهين الناس وبحثا عن القيادة المزعومة التي يريدونها، فالأحداث التي مرت في القرن الماضي وهذا القرن من حروب وغيرها، فكان هناك كثير من وسائل الاعلام والناس قد وضعت النقاط على الحروف في هذه المسالة تزويرا وبهتاناً خدمة لمصالح الهيمنة على العالم الإسلامي، وحددت زماننا هو الذي سيظهر فيه الامام المهدي، وخابت تلك الاماني الى أن برز تنظيم القاعدة وداعش، فاستغل القريب والبعيد هذه الفرصة ووضع النقاط على الحروف بأنّ هذا هو زمن السفياني الذي من بعده يأتي زمن الظهور وكذلك ما حدث في سوريا وهو قريب من الروايات التي تتحدث عن خروج السفياني فقد ورد عَنِ اِبْنِ عَمِيرَةَ عَنِ اَلْحَضْرَمِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ كَيْفَ نَصْنَعُ إِذَا خَرَجَ اَلسُّفْيَانِيُّ قَالَ: ((تُغَيِّبُ اَلرِّجَالُ وُجُوهَهَا مِنْهُ وَلَيْسَ عَلَى اَلْعِيَالِ بَأْسٌ فَإِذَا ظَهَرَ عَلَى اَلْأَكْوَارِ اَلْخَمْسِ يَعْنِي كُوَرَ اَلشَّامِ فَانْفِرُوا إِلَى صَاحِبِكُمْ))[2].
فهنا أصبح تأكيد مُلح على أنّ هذا وقت خروج الامام تطبيقا للروايات المختصة بهذا الامر.
فهذه ثقافة انحرف بها المغرضون بل حتى بعض الذين يهتمون بمسألة ظهور الامام عليه السلام وقالوا أنّ هذا هو الزمن.
لكن نحن كاتباع للإمام ومنتظرين لظهوره فهل يجب علينا أن نؤمن بمثل هذه الادعاءات، ونكون من اهلها بل نشارك بتأييدها! أم أنّنا نلتزم بالروايات التي حذرت من مثل هذه الامر، ووضعت لنا خطوط نلتزم بها ولا ننجرف مع كل مدعي وكل مريد لمثل هذا الامر؟ طبعا الامر الثاني هو الذي هو الذي يجب ان نكون وعليه لزام علينا ان نتثقف بثقافة معرفة هذا الامر، ودورنا هو التمهيد لظهور الامام ولا يمكن أن يكون إلّا من خلال العمل على الالتزام بالخط الالهي المتمثل بولاية اهل البيت عليهم السلام، فَعَنْ أَبِي بَصِيرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السَّلام أَنَّهُ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ: ((مَنْ سُرَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ الْقَائِمِ فَلْيَنْتَظِرْ، وَلْيَعْمَلْ بِالْوَرَعِ وَمَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ وَهُوَ مُنْتَظِرٌ، فَإِنْ مَاتَ وَقَامَ الْقَائِمُ بَعْدَهُ كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ أَدْرَكَهُ، فَجِدُّوا وَانْتَظِرُوا، هَنِيئاً لَكُمْ أَيَّتُهَا الْعِصَابَةُ الْمَرْحُومَةُ))[3]،وعدم الانخداع بالمظاهر حتى وإنْ كانت ذات هالة اعلامية كبيرة وذات انتماء ممكن أن يكون ديني كبير لأنّ المؤمن كيّس فطن.
[1] سورة البقرة، الآية: 30.
[2] بحار الأنوار، ج 52، ص 272.
[3] بحار الأنوار، ج 52، ص140.