المحققون في روايات التاريخ الاسلامي يغفلون عن عامل مهم جدا في تقييم الروايات ,
هذا العامل هو العامل النفسي للرواي او للرواة ,ومن تلك الروايات التي بُني عليها صرح كامل
من نتائج ومفاهيم وحتى احكام شرعية هو زواج عائشة بعمر 9 تسع سنوات , فهل حقا كان ذلك ؟
زواج النبي ص بعائشة وهي طفلة , اكذوبة ام حقيقة ؟
كان من افتراءات عائشة وعشقها لنفسها أن صورت نفسها بأنها صغيرة السن وكأن عجلة الزمن لاتدركها, فلم تدع فرصة الا وانتهزتها لتبين صغر سنها وهي خصلة يفعلها كثير من بنات حواء ,وتغافل المؤرخون عن هذه الخصلة الانثوية فيها فأخذوا باقوالها رغماً عن مخالفتها للواقع التاريخي, وجعلوا من رواياتها مصدراً مهما لتقصي حقائق التاريخ, وفاتهم أن الذي تحكمه أهواءه وحبه لنفسه لايذكر تمام الحقيقة .
وفقا لاقوال عائشة يقول جمع من المؤرخين والكتاب أن النبي تزوجها وهي ابنة ست سنين ودخل بها وهي في التاسعة من عمرها!
وتقول عائشة بخصوص زواجها :
(تزوجني النبي وأنا بنت ست سنين، فقدمنا المدينة.. فأسلمتني إليه وأنا يومئذ بنت تسع سنين!) ( كتاب صحيح البخاري ,باب تزويج النبي عائشة وقدومها المدينة وبنائه بها ) .قولها في الرواية ..فأسلمتني اليه .. تعني به أن أمها (أم رومان) أسلمتها للنبي صلى الله عليه وآله , وهي بنت تسع سنين. فهل حقاً تزوج النبي صلوات الله عليه من طفلة عمرها تسع سنين؟
ان حب عائشة اللامحدود لتصغير عمرها كحال بعض بنات حواء هو السبب في الحديث أعلاه ,فهي تفضل أن يدخل النبي في طفلة عمرها تسع سنين ولاتهمها نتائج قولها ذلك مادامت النتيجة توصل الناس الى التصديق بصغر سنها وحداثتها. تأمل رواية عائشة الاتية بخصوص موت النبي ولايفوت عائشة أن تقحم في الرواية أنها صغيرة السن!
(عن ابن إسحاق قال ,حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ،عن أبيه عباد قال : (سمعت عائشة تقول : مات رسول الله (ص) بين سحري ونحرى وفي دولتي لم أظلم فيه أحداً فمن سفهي وحداثة سني أن رسول الله (ص) قبض وهو في حجري ثم وضعت رأسه على وسادة وقمت ألتدم )(مسند أحمد بن حنبل ج6 ص274.) وفي رواية اخرى تقول ( فمن سفهي وحداثة سني أنه قبض في حجري فوضعت رأسه على الوسادة وقمت ألتدم مع النساء).
إن عائشة تتحدث عن موت النبي, وإذا بها تقحم في الرواية صغر سنها وانها قليلة الوعي فقامت تلطم مع النسوة لانها سفيهة وحديثة السن كما زعمت . وفقا لروايات عائشة يكون عمرها حين وفاة النبي تسعة عشر عاما تماماً , لانها تقول أنها لها تسع سنين من العمر عند القدوم الى المدينة والنبي مات بعد عشر سنوات من القدوم الى المدينة وبأضافة التسع سنين من العمر الى عشر سنين تكون النتيجة تسعة عشر عاما تماما ! في بيئة العرب تلك وغيرها, لا تعتبر المرأة في ذلك السن سفيهة وحديثة السن؟ لكن عائشة تمرر هذه الحقيقة وتقحمها في قصتها فالتقطها الباحثون ليقولوا بصغر سن عائشة وحداثتها بينما هي إمرأة في العشرين , هذا اذا سلمنا جدلا بصغر سنها عند زواجها من النبي ولكن بعد تقصي روايات أخرى يتبين في أن عمرها حين وفاة النبي صلى الله عليه وآله كان قد تجاوز العشرين وكما يلي:
روى البخاري على لسان عائشة رواية وفيها تؤكد صغر سنها وحداثتها فتقول: (لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله طرفي النهار بكرة وعشية، فلما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرًا قبل الحبشة)( البخاري –باب جوار ابي بكر في عهد النبي) . رواية عائشة هذه تتضعضع أمام حقائق تاريخية اخرى , فقد هاجر المسلمون الى الحبشة في السنة الخامسة تقريبا للبعثة النبوية ,واذن عائشة كانت تتذكر ذلك حسب حديث البخاري أعلاه حيث تقول انها تتذكر ان ابواها مسلمين عندما بدأت تعي ماحولها وهي طفلة . ان أقل العمر الذي يتذكر فيه الطفل هو ثلاث الى اربع سنوات ويعني ذلك ان عائشة كان عمرها على اقل تقدير أربع سنين عند هجرة الحبشة هذا اذا لم تكن اكبر من ذلك . بعد حوالي ثمان سنين من هجرة الحبشة يهاجر المسلمون الى المدينة وبأضافة هذه السنين الثمان الى عمر عائشة التقريبي الذي قدرنا بأنه اربع سنين يكون عمرها عند هجرة المسلمين الى مدينة يثرب اكبر من اثني عشر 12 سنة. وتتضافر الروايات على ان عائشة دخلت بيت النبي وصارت زوجة له بعد الهجرة الى المدينة ( ودخل بها بالمدينة ) ( المنتظم ج5 ص302), وهذا يعني أن عمرها انذاك كان يقارب الاربعة عشرعاماَ فكيف تقول انها كانت بنت تسع سنين عند زوجها من النبي؟
أورد ابن سعد , أن عائشة كانت متزوجة قبل زواجها من النبي : (خطب رسول الله عائشة بنت أبي بكر ، فقال ابوبكر: إني كنت أعطيتها مطعماً لإبنه جبير فدعني حتى أسلها منهم ، فإستسلها منهم فطلقها فتزوجها رسول الله ).( الطبقات لابن سعد ج8 ص 59, المعجم الكبير للطبراني ج23 ص 26, الاصابة لابن حجر ج8ص17) تأمل الرواية حين يقول : (فإستسلها منهم فطلقها!) يعني انها كانت متزوجة وليست مخطوبة, ولايبين هذا النص كم لها من العمر آنذاك عندما كانت متزوجة لجبير بن مطعم, فهل كانت متزوجة منه وهي طفلة؟
قال ابن الجوزي في عائشة
(كانت مسماة لجبير بن مطعم فلما خطبها رسول الله (ص) استلها أبو بكر منهم فزوجها رسول الله (ص) في شوال سنة عشر من النبوة ) (المنتظم لابن الجوزي ج5 ص302 ), ولم يدخل بها النبي إلا بعد الهجرة بأتفاق الروايات ومنها رواية البخاري التي تقدمت : (...... فقدمنا المدينة.. فأسلمتني إليه وأنا يومئذ بنت تسع سنين!) ( كتاب صحيح البخاري ,باب تزويج النبي عائشة ), لايهم ماتقوله عائشة بأنها بنت تسع سنين, فما يهم هو أن النبي دخل بها بعد الهجرة, و الهجرة الى المدينة كانت في السنة الثالث عشر للبعثة بأتفاق أغلب المؤرخين. لنتذكر هذه الحقائق ثم نمضي في البحث.
لمعرفة سن عائشة يمكن مقارنة عمرها مع عمر أختها أسماء بنت ابي بكر :
قال الذهبي في اسماء (وكانت أسن من عائشة ببضع عشرة سنة. )
وقال كذلك (كانت أسماء أكبر من عائشة بعشر. )( سير أعلام النبلاء للذهبي , ترجمة أسماء)
ويقول شارح البخاري في اسماء ولدت (اسماء) قبل الهجرة بسبع وعشرين سنة ) ( عمدة القاري في شرح البخاري ج2 ص93 للعيني المتوفى 855 هجرية)
أي أن أسماء عند الهجرة كانت عمرها سبع وعشرين عاما , وبما أن الذهبي ذكر أن أسماء كانت تكبر عائشة بعشر سنوات كما تقدم , إذن يكون عمر عائشة يوم الهجرة أقل من عمر اختها بعشر سنوات وبما أن أختها كان لها من العمر سبع وعشرين عاما
إذن يكون عمر عائشة يوم الهجرة 27-10= 17 سبعة عشر عاما!!!!
إذن هذا يجعل من عمر عائشة سبعة عشر عاما على أقل تقدير حين زواجها من النبي صلى الله عليه وآله . لكن عائشة تصر على صغر سنها عند زواجها وتصر على عذريتها وعدم زواجها سابقا وتتهافت ادعاءات صغر السن أمام الروايات التاريخية الاخرى التي تقدم ذكرها . إن كذبة صغر سن عائشة عند زواجها من النبي كان لتجميل صورتها وتصغير سنها , وفي ذلك هلل المحرفون وصفقوا ,حيث نالوا بتلك الكذبة تشويها كبيراً للنبي الكريم وأظهروه بمظهر الرجل الشهواني الذي يتزوج طفلة صغيرة لاتفقه شيئاً. لكن تلك الطفلة كما تدعي عائشة تفضح نفسها عند وفاة النبي صلى الله عليه وآله في روايتها التي تقدمت حيث لم تنسى عائشة أن تقحم صغر سنها في روايتها فتقول : (من سفهي وحداثة سني!) وهي لها من العمر عشرون عاما حسب رواياتها ولها من العمر سبع وعشرون عاما حسب الروايات التي تقدمت , فمن أين اتت تلك السفاهة لامرأة بالغة. لقد بنى المستشرقون من روايات عائشة جبالاً من التشويه والحط لشخص النبي العظيم , ولازالت نتائج تلك الكذبة تشوه النبي صلى الله عليه وآله في كل آن, مرة برسم كاريكاتوري ومرة برواية تصور زواج بطفلة !
بقلم مروان
في عام 2013
تعليق