بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
اللهم صل على محمد وآل محمد
رُوِيَ: أَنَّ اَلنَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ قَالَ: ((اَللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَبَلِّغْنَا شَهْرَ رَمَضَانَ وَأَعِنَّا عَلَى اَلصِّيَامِ وَاَلْقِيَامِ وَحِفْظِ اَللِّسَانِ وَغَضِّ اَلْبَصَرِ وَلاَ تَجْعَلْ حَظَّنَا مِنْهُ اَلْجُوعُ وَاَلْعَطَشُ))[1].
حديث نبوي ذو مضامين عالية جدا وهي ترشد الى اهمية الاشهر الثلاثة، من خلال البركة في شهري رجب وشعبان وتتويج العمل في شهر رمضان، فلمّا يقول الرسول صلى الله عليه واله اللهم بارك لنا في رجب وشعبان ما معنى البركة؟
البركة: من فعل برك الجمل ثنى رجليه وألصق صدره ومنطقة بطنه بالأرض.
برك الرجل: ثبت أو اقام.
بركت السماء: أي تهاطلت امطارها دون انقطاع.
برك على الامر: واضب، ثابر، داوم.
برك الطالب: اجتهد.
برك للقتال بركا: جثا على ركبتيه.
وبرك: اناخ في موضع فلزمه.
بركت المرأة: تزوجت ولدها ولد كبير.
فمعنى البركة التي في الحديث بارك: يعني النماء والخير الكثير، والنفع الكثير فعندما قال عيسى عليه السلام في مهد امه مباركا، لقوله تعالى: ﴿وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا﴾[2]، أي نفاعا كثير النفع.
فالرسول صلى الله عليه وآله هنا يدعو الله عز وجل بأن يُنمي ويزيد في الثواب والخير في شهري رجب وشعبان، وهذا الدعاء هو طلب من رسول الله صلى الله عليه وآله بلسانه عن الأمة جمعاء لكي تعرف الأمة أنّ هذين الشهرين هما عبارة عن شهرين ممهدين لشهر رمضان، وزاد في الطلب صلى الله عليه واله عندما قال: بلغنا شهر رمضان أي أجعلنا من اهل شهر رمضان لكي نكون في ضيافتك، فنتحصل على الثواب الجزيل والعمل الكثير ونتميز به عن باقي اشهر السنة وطلب صلى الله عليه وآله الإعانة من الله عز وجل على الصيام وعلى القيام لأداء المستحبات بالإضافة الى حفظ اللسان، فقد ورد عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ آبَائِهِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلاَمُ فِي وَصِيَّةِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ لِعَلِيٍّ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: ((يَا عَلِيُّ أَفْضَلُ اَلْجِهَادِ مَنْ أَصْبَحَ لاَ يَهُمُّ بِظُلْمِ أَحَدٍ يَا عَلِيُّ مَنْ خَافَ اَلنَّاسُ لِسَانَهُ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ اَلنَّارِ، يَا عَلِيُّ شَرُّ اَلنَّاسِ مَنْ أَكْرَمَهُ اَلنَّاسُ اِتِّقَاءَ فُحْشِهِ وَشَرِّهِ يَا عَلِيُّ شَرُّ اَلنَّاسِ مَنْ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَاهُ وَشَرٌّ مِنْهُ مَنْ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ))[3]؛ لأنّ اللسان عقور فلما يحفظ الانسان لسانه في شهر رمضان الاعمال تتضاعف وايضا في نفس الوقت يغض البصر عن المحارم، فقد ورد عَنْ أَبِي عَمْرٍو اَلزُّبَيْرِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ قَالَ: ((إِنَّ اَللَّهَ فَرَضَ اَلْإِيمَانَ عَلَى جَوَارِحِ اِبْنِ آدَمَ وَقَسَمَهُ عَلَيْهَا وَفَرَّقَهُ فِيهَا فَلَيْسَ مِنْ جَوَارِحِهِ جَارِحَةٌ إِلاَّ وَقَدْ وُكِّلَتْ مِنَ اَلْإِيمَانِ بِغَيْرِ مَا وُكِّلَتْ بِهِ أُخْتُهَا إِلَى أَنْ قَالَ: .. وَفَرَضَ عَلَى اَلْبَصَرِ أَنْ لاَ يَنْظُرَ إِلَى مَا حَرَّمَ اَللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْ يُعْرِضَ عَمَّا نَهَى اَللَّهُ عَنْهُ مِمَّا لاَ يَحِلُّ لَهُ وَهُوَ عَمَلُهُ وَهُوَ مِنَ اَلْإِيمَانِ فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ))[4]، ولا نكن من الذين يصومون فقط عن الطعام ويمضون شهرهم جله في النوم، وفي بعض الاعمال الدنيوية الملهية المبعدة عن الله عز وجل، كالتسمر امام التلفزيونات، أو الانقطاع من خلال الموبايل بوسائل التواصل الاجتماعي الكثيرة، والتي تستدرج الانسان خصوصا المؤمن الى الضياع، الى البحث عن المعاصي، والى الابتعاد عن الله عز وجل، وعن ذكر الله عز وجل.
وعليه لمّا نهتم بمثل هذه الروايات، ونعمل على اساسها نكون ممن اراد الرسول ان نكون في شهر رمضان.
بلغنا الله واياكم شهر رمضان وجعلنا من اهل الصيام والقيام.
[1] اقبال الأعمال، ج 2، ص 628.
[2] سورة مريم، الآية: 31.
[3] وسائل الشيعة، ج 16، ص 34.
[4] نفس المصدر، ج 15، ص 164.
تعليق