قراءة في التناسخ والمسخ
حياة واحدة أم متعددة ؟ صورة واحدة أو صور عديدة من فصيلة واحدة أو ترقي وهبوط ؟
هل هكذا يعيش البشر في فتراتهم الزمنية ؟ مالدليل على ذلك ؟ ماهو رأي القران بذلك ؟
أصدق الحديث كتاب ال... وبحثنا هنا بسيط ومن له الدليل الاقوى فليتفضل مشكورا
القراءة الاولى آيات الرجوع
( كيف تكفرون بال... وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم اليه ترجعون ) البقرة 28
(واتقوا يوما ترجعون فيه الى ال... ثم توفى كل نفس ماكسبت وهو لايظلمون ) البقرة 281
( هو يحيي ويميت واليه ترجعون ) يونس 56
( قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم الى ربكم ترجعون ) السجدة 11
بعد الوفاة من هذه الدنيا لاعودة اليها بل يبدأ الحساب في البرزخ ومن ثم يوم القيامة الكبرى
القراءة الثانية آيات البعث
( ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون ) البقرة 56
( وإن الساعة آتية لاريب فيها وإن ال... يبعث من في القبور ) الحج 7 أي البعث بعد القبر
( ثم إنكم بعد ذلك لميتون – ثم إنكم يوم القيامة تبعثون ) المؤمنون 15-16
( قال رب فأنظرني الى يوم يبعثون ) ص 79 طبعا هنا لأبليس
( زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على ال... يسير ) التغابن 7
القراءة الثالثة الحياة بعد الموت
( ألم تر الى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم ال... موتوا ثم أحياهم إن ال... لذو فضل على الناس ولكنّ أكثر الناس لايشكرون ) البقرة 243
حين أماتهم ال... أرجعهم للحياة كما كانوا قبل الموت وليس بشكل أو صورة أخرى
( وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم إن الانسان لكفور ) الحج 66
( ال... الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم ...) الروم 40
( قالوا ياويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ماوعد الرحمن وصدق المرسلون ) يس 51
( وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا ومأواكم النار ومالكم من ناصرين )جاثية 34
( ذلكم بأنكم اتخذتم آيات ال... هزوا وغرتكم الحياة الدنيا فاليوم لايخرجون منها ولا هم يستعتبون ) جاثية 35 وهنا في يوم البعث ولماذا لايستعتبون ؟ لأنهم حوسبوا في البرزخ
( قالوا ربنا أمتنا أثنتين واحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل الى خروج من سبيل ) غافر 11
إن أهم نقطة في هذه الاية وربما هذا الموضوع هو عدد مرات الموت والحياة للانسان أي
ما هو عدد المرات التي يموت فيها الانسان ؟
العدد 2 ولشرح هذه الاية نقول التالي : كنا مادة ميتة فأحيانا الخالق الى الحياة الدنيا ( حياة 1 ) ثم أماتنا الموتة الاولى ( موت 1) ثم أحيانا في القبر ( حياة 2 ) وتسمى بالبرزخ ( دليلها غافر 46 ) ويحاسب الانسان فيها الحساب الفردي ثم يموت الانسان ( موت 2 ) ثم ينفخ في الصور( ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الارض إلا ما شاء ال... ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ) الزمر 68 وتكون القيامة الكبرى وهنا الحساب للأمم والجماعات ( يوم ندعو كل أناس بإمامهم ) الاسراء 71 وفيها تكون الحياة الأزلية والمصير إما الى الجنة أو الى النار وفيها المرجون الى أمر ال... ( التوبة 106) ولذلك كان
( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد ) غافر 51
النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) غافر 46
وهنا عندما حدد الوقت غدوا وعشيا اقتضى ان يكون مكان محدد بينما في الاخرة لايوجد ليل ولا شمس بل ضياء وكذلك يوجد دليل آخر للبرزخ وهو ( فيومئذ لايسئل عن ذنبه انس ولا جان ) الرحمن 39 وفي آية أخرى ( وقفوهم انهم مسؤولون ) فالجمع بينهما يقتضي ان من أذنب في الحياة الدنيا ولم يتب عذّب في البرزخ ويخرج يوم القيامة وليس عليه ذنب يسأل عنه
وكذلك ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي انفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الارض ...) النساء 97 تدل على سؤال القبر وحياة البرزخ
وكذلك يمكن ان يستفاد ( وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ) النساء 159 على الرجعة التي هي رجوع بعض المؤمنين وبعض الكافرين عند ظهور مهدي هذه الامة (عج) نظرا لعموم قوله ( من أهل الكتاب ) الشامل للأحياء الموجودين حين نزول المسيح وبعضا من غيرهم الذين ماتوا على الكفر ( مواهب الرحمن ج10 ص 134 وكذلك ينقل عن الزمخشري في تفسير هذه الاية ص 127 قوله ويجوز ان يراد انه لايبقى احد من جميع أهل الكتاب إلا ليؤمنن به على ان ال... يحييهم في قبورهم في ذلك الزمان , ويعلمهم نزوله وما انزل له ويؤمنون به حين لاينفعهم ايمانهم )
ولاننسى أنه لايمكن للانسان كقاعدة عامة أن يعود للحياة الدنيا بعد الموت وذلك
( أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين ) الزمر 58
( بلى قد جاءتك آياتي فكذّبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين ) الزمر 59
ولا ننسى ( ولو ردّوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون ) الانعام 28
ولو ردوا لعادوا اي حرف امتناع لإمتناع أي يدل على امتناع الجواب لإمتناع الشرط أي عدم عودتهم للحياة ( الاتقان في علوم القران للسيوطي ج2 ص 503 وجاء في الفائدة اخرج ابن حاتم , من طريق الضحاك , عن ابن عباس قال: كل شيء في القران (لو) فإنه لايكون ابدا.
أي يعيش حياته الدنيا ولا رجعة له اليها من بعد الموت وهذه قاعدة عامة ويوجد في كتب الشيعة لعودة بعض البشر من محضّ الايمان ومن محضّ الكفر عند عودة الامام المهدي عج ودليلهم فيها هو ( ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذّب بآياتنا ) النمل 83 بينما الحشر يوم القيامة لكل البشر ( وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا ) الكهف 47
القراءة الرابعة آيات للعظة والعبرة
( قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون ) الاعراف 25
( كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ) آل عمران 185
( إنا نحن نحي الموتى ونكتب ماقدّموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين ) يس 12
( ال... يتوفى الانفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الاخرى الى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) الزمر 59
( هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا أجلا مسمى ولعلكم تعقلون )غافر 67
( هو الذي يحيي ويميت فإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ) غافر 68
( لا أله إلا هو يحيي ويميت ربكم ورب آبائكم الأولين ) الدخان 8
( ذلكم بأنكم اتخذتم آيات ال... هزوا وغرتكم الحياة الدنيا فاليوم لايخرجون منها ولا هم يستعتبون ) جاثية 35
( يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج – انا نحن نحيي ونميت والينا المصير ) ق43- 44
( أم اتخذوا من دونه أولياء فال... هو الولي وهو يحيي الموتى وهو على كل شيء قدير ) الشورى 9
( ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الارض بغير الحق وبما كنتم تفسقون ) الاحقاف 20
القراة الخامسة أسئلة حول الحياة
وجدنا من خلال قراءتنا لآيات القران الكريم أن لاعودة للحياة الدنيا ومن يقول بذلك فعليه الاجابة عن هذه الاسئلة :
- كم مرة يعود الانسان للحياة الدنيا وما السبب ؟
- هل يعود بصورة بشر أو حجر أو حيوان وما الدليل القرآني
- ما الفائدة من العودة والقرآن الكريم يصرّح لوردوا لعادوا لما نهوا عنه ؟
- ما الفائدة من العودة وهناك عذاب القبر وعذاب الآخرة وما الدليل القرآني ؟
- يتعرض الانسان في الحياة الدنيا لأمراض وعاهات وامراض نفسية فهل عند عودته سترافقه ايضا مع ذاكرته وخزينه المعرفي من يوم ولادته ؟
- كيف ستؤل الايات السابقة ولاننسى أن كل حديث يعارض القران الكريم سوف يرمى به عرض الجدار ولا قيمة علمية له ولاننسى ( وال... خلقكم ثم يتوفاكم ومنكم من يرد الى أرذل العمر لكي لايعلم بعد علم شيئا ....) النحل 70
القراءة السادسة التناسخ والمسخ
منقول من كتاب مواهب الرحمن في تفسير القران للمرحوم المرجع الاعلى السيد عبد الاعلى السبزواري بتصرف الجزء الاول صفحة 293
- ( التناسخ ) وهو عبارة عن انتقال نفس من بدن – كان بينهما اتحاد في مدة من الزمان قليلة كانت أو كثيرة – الى بدن آخر وحصول الاتحاد بينهما .وله اقسام صعودي ونزولي وعرضي
- ( المسخ ) وهو تجسّم الملكات ( وهو تحول شكل الانسان الى ماكان يفكر ويتعامل به مع الاخرين ) وظهورها عن كل نفس في بدن يناسب تلك الملكات, والصفات النفسانية في الخارج بصور تناسبها . ولاربط لأحد الموضوعين بالآخر .
- والذي ينفيه أكابر الفلاسفة وأجمع المسلمون على نفيه انما هو التناسخ لاتجسّم الملكات, وما أثبته جمع بالبرهان إنما هو الثاني وادعى أهل العرفان فيه الشهود والعيان....( لاحظ هنا كلمة وأدعى أي ان السيد لم يثبت له هذا الكلام)
ثم إن أساس مذهب التناسخ يدور مدار أحد أمور ثلاثة : إما قدم النفوس , أو كون النفوس المجردة كالماديات التي تعتورها التغيرات والتبدلات , أو النقص في قدرة ال...وتضييقها بقدر عقولهم . والكل باطل فلا تناسخ في عالم الدنيا ولا في عالم الغيب أي دار السعادة والشقاوة , ولا في عالم العقول المحضة ....
وعلى فرض تحقق المسخ الاصطلاحي فما هو الموجود من القردة والخنازير ليس من نسل المسوخ لما دل من النصوص على أن المسوخ لا بقاء لها بعد ثلاثة أيام .انتهى النقل . وجاء في ج5 ص 93 في شرح الاية ( ربنا إنك جامع الناس ليوم لاريب فيه إن ال... لايخلف الميعاد ) ال عمران9 الثالثة : .....الجواب عنها : إن المعاد الجسماني ليس من التناسخ في شيء , وبينهما تباين كلي , لأن التناسخ الباطل عبارة عن انتقال الروح من بدن في هذا العالم الى بدن غيره ,كل منهما في عرض الاخر , وأما بقاء الروح الى عالم آخر طولي وتغيير بدنه حسب المقتضيات والملكات , فلا ربط له بالتناسخ أصلا , بل يكون المقام نظير ما اذا ابتلى بدن الانسان بمرض ....فالمعاد الجسماني من هذا القبيل هذا فيما اذا تغيّر البدن في عالم الحشر وأما اذا لم يتغيّر فلا موضوع للشبهة أصلا .
وهنا نعود للتساؤل ماهي أسباب وشروط وموجبات المسخ لأنه ( وكيف كان, فهو عقاب الهي كان في الامم السابقة يعاقب به الخارجين عن طاعته المتوغلين في معصيته, وقد ارتفع عن أمة الاسلام ببركة خاتم الانبياء ) ج12 ص 95 انتهى النقل
ومن هنا نقول لو كان المسخ حقيقة موجودة فهو يناقض مايذكره السيد ومن جانب آخر لم نسمع يوما بأن شخصا قد مسخ في حياتنا الحالية ولم تذكر كتبنا الماضية والحالية أي حالة من حالات المسخ واذا كان المسخ بعد الموت فمما سبق وجدنا أن لا عودة للحياة الدنيا بعد الموت الانعام 28 ( ولو ردوا لعادوا لما نهو عنه)
جاء في كتاب ماذا نستفيد من الامام المهدي وهو غائب ؟ اصدار مركز بقية ال... الاعظم ص 65 ...وهنا وجّه كلامه للأنصاري وقال : مارأيك في إمراة مسخ زوجها ؟ فأجابه الانصاري : نظرا لعدم بحث هذا الموضوع في الكتب والرسالات العلمية ( أي لاوجود للمسخ في حياتنا بعد النبي (ص) الى الان وبدليل آخر لاوجود له ذكر ومسائل في كتبنا الفقهية) فإنني لن أستطيع الاجابة عنه.
فقال الرجل : افترض حصل هذا ومسخ الزوج فما هو تكليف المراة ؟
فقال الانصاري : في رأيي إذا مسخ الرجل بشكل حيوان فعلى المراة ان تأخذ العدة للطلاق ومن ثم يمكنها الزواج بآخر , أما إذا مسخ الزوج على هيئة حجر أو جماد فعلى المراة أن تأخذ عدة الوفاة حيث مات زوجها .
الخلاصة :
القران كتاب هداية وجاء بلسان عربي مبين وأكثر آياته واضحة المعاني وفيه تبيان لكل شي وربما في القرون الوسطى ومن خلال الترجمة من اساطير الهند واليونان دخلت الكثير من المفاهيم الخاطئة والمغلوطة ومن خلال البحث العلمي يتبين زيف هذه الادعاءات والمعلومات ولذلك نقول إن الانسان يعيش حياة واحدة فقط في الحياة الدنيا ويأتي اليها ليس بأختياره ويخرج منها ليس بأختياره ولذلك ( وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الاخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون ) الانعام 32 ولا ننسى ( إنما يتقبل ال... من المتقين ) المائدة 27 ولاننسى أن إنما هي اداة حصر ونفي عما عداها وبالتالي اليوم هو للعمل وغدا سيكون الحساب عليه وهذا ماجاء في القران الكريم ( حتى اذا جاء احدهم الموت قال رب ارجعون – لعلّي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ الى يوم يبعثون ) المؤمنون 99-100
الملحق : جاء في موقع الدرر السنية للمشرف علوي بن عبد القادر السقاف
مَعنى الفِراسةِ لُغةً:
الفِراسةُ مَصدَرٌ، مِن قَولِك: تَفرَّسَ يتَفرَّسُ فِراسةً، وهي بمعنى: التَّثَبُّتِ والنَّظَرِ، ومنه: تَفرَّستُ فيه خيرًا، أي: تعرَّفْتُه بالظَّنِّ الصَّائِبِ. وهو يتَفرَّسُ، أي: يتَثَبَّتُ وينظُرُ. تَقولُ منه: رَجُلٌ فارِسُ النَّظَر، وفارِسٌ بذلك الأمرِ: إذا كان عالِمًا به .
مَعنى الفِراسةِ اصطِلاحًا:
1- قيل: (الاستِدلالُ بهَيئاتِ الإنسانِ وأشكالِه وألوانِه وأقوالِه على أخلاقِه وفضائِله ورَذائِلِه) .
2- وقيل: هي (الاستِدلالُ بالخِلقةِ على الأخلاقِ) .
3- وقيل: الفِراسةُ هي الاستِدلالُ بالأُمورِ الظَّاهرةِ على الأُمورِ الخَفيَّةِ .
4- وقيل: (هي عِلمٌ ينكشِفُ مِنَ الغَيبِ بسَبَبِ تَفرُّسِ آثارِ الصُّوَرِ) .
5- وقيل: هي عِلمٌ تتعَرَّفُ منه أخلاقُ الإنسانِ: مِن هَيئَتِه ومِزاجِه وتَوابعِه، وحاصِلُه الاستِدلالُ بالخَلقِ الظَّاهرِ على الخُلُقِ الباطِنِ .
الفَرقُ بَينَ الفِراسةِ وسوءِ الظَّنِّ:
قال أبو طالبٍ المَكِّيُّ: (الفَرقُ بَينَ الفِراسةِ وسوءِ الظَّنِّ: أنَّ الفِراسةَ ما تَوسَّمتَه مِن أخيك بدَليلٍ يظهَرُ لك، أو شاهدٍ يبدو منه، أو عَلامةٍ تَشهَدُها فيه، فتَتَفرَّسُ مِن ذلك فيه، ولا تَنطِقُ به إن كان سوءًا، ولا تُظهِرُه، ولا تَحكُمُ عليه، ولا تَقطَعُ به فتَأثَمَ.
وسوءُ الظَّنِّ: ما ظَنَنتَه مِن سوءِ رَأيِك فيه، أو لأجْلِ حِقدٍ في نَفسِك عليه، أو لسوءِ نيَّةٍ تَكونُ، أو خُبثِ حالٍ فيك تَعرِفُها مِن نَفسِك، فتَحمِلُ حالَ أخيك عليها، وتَقيسُه بك، فهذا هو سوءُ الظَّنِّ والإثمُ، وهو غِيبةُ القَلبِ) .
الفَرقُ بَينَ الفِراسةِ والإلهامِ:
قال المُلَّا علي القاريُّ: (الفَرقُ بَينَ الإلهامِ والفِراسةِ: أنَّها كشفُ الأُمورِ الغَيبيَّةِ بواسِطةِ تَفرُّسِ آثارِ الصُّوَرِ، والإلهامُ كَشْفُها بلا واسِطةٍ) .
الفَرقُ بَينَ الفِراسةِ والكِهانةِ:
الفِراسةُ: غالبًا لا يدَّعي صاحِبُها الغَيبَ، بخِلافِ الكاهنِ؛ فإنَّه يدَّعي الغَيبَ، ويفتَخِرُ بادِّعائِه، بَل ورُبَّما كثُرَ مُريدوه بسَبَبِ هذا الادِّعاءِ، وهذا بخِلافِ المُتَفرِّسِ، لا يدَّعي الغَيبَ، فضلًا أن يفتَخِرَ به.
الكِهانةُ: لها مُقدِّماتٌ غالبًا غَيرُ مَشروعةٍ، وأمَّا الفِراسةُ فإنَّها تَعتَمِدُ على مُقدِّماتٍ مَشروعةٍ
الفراسة في القران الكريم
1- قال اللهُ تبارك وتعالى:إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ [الحجر: 75] .
قال مُجاهِدٌ: (للمُتَوسِّمينَ: للمُتَفرِّسينَ) ، وقال النَّسَفيُّ: (للمُتَفرِّسينَ المُتَأمِّلينَ، كأنَّهم يَعرِفونَ باطِنَ الشَّيءِ بسِمةٍ ظاهرةٍ). وقيل: (هم الذين يَعلَمونَ النَّاسَ بسِيماهم على ما يُريهمُ اللهُ منها) .
2- قال تعالى: تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ [البقرة: 273] ، (أي: تَتَفرَّسُ فيهم أحوالَهم، وذلك مِمَّا يدُلُّ على أنَّ للفِراسةِ حُكمًا صادِقًا) ، وقال ابنُ كثيرٍ: (أي: : بما يظهَرُ لذَوي الألبابِ مِن صِفاتِهم) .
3- قال تعالى: وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ [محمد: 30] ، قد مَدَحَ اللهُ سُبحانَه وتعالى الفِراسةَ وأهلَها في مَواضِعَ مِن كِتابِه، هذا منها، وهذه مِن فِراسةِ الأُذُنِ والسَّمعِ
اقسام الفراسة
قَسَّمَها ابنُ القَيِّمِ إلى ثَلاثةِ أقسامٍ:
إيمانيَّةٌ: وسَبَبُها: نورٌ يقذِفُه اللهُ في قَلبِ عَبدِه، يُفرِّقُ به بَينَ الحَقِّ والباطِلِ، والحالي والعاطِلِ، والصَّادِقِ والكاذِبِ.
وحَقيقَتُها: أنَّها خاطِرٌ يهجُمُ على القَلبِ ينفي ما يُضادُّه، يثِبُ على القَلبِ كوُثوبِ الأسَدِ على الفريسةِ...
وهذه الفِراسةُ على حَسَبِ قوَّةِ الإيمانِ؛ فمَن كان أقوى إيمانًا فهو أحَدُّ فِراسةً... وأصلُ هذا النَّوعِ مِنَ الفِراسةِ: مِنَ الحَياةِ والنُّورِ اللَّذَينِ يهَبُهما اللهُ تعالى لمَن يشاءُ مِن عِبادِه، فيحيا القَلبُ بذلك ويستَنيرُ، فلا تَكادُ فِراسَتُه تُخطِئُ. قال اللهُ تعالى: أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا [الأنعام: 122] ، كان مَيْتًا بالكُفرِ والجَهلِ، فأحياه اللهُ بالإيمانِ والعِلمِ، وجَعَلَ له -بالقُرآنِ والإيمانِ- نورًا يستَضيءُ به في النَّاسِ على قَصدِ السَّبيلِ، ويمشي به في الظُّلمِ.
- فِراسةُ الرِّياضةِ والجوعِ، والسَّهَرِ والتَّخَلِّي؛ فإنَّ النَّفسَ إذا تَجَرَّدَت عنِ العَوائِقِ صارَ لها مِنَ الفِراسةِ والكشفِ بحَسَبِ تَجَرُّدِها. وهذه فِراسةٌ مُشتَرَكةٌ بَينَ المُؤمِنِ والكافِرِ، ولا تدُلُّ على إيمانٍ ولا على وِلايةٍ، وكثيرٌ مِنَ الجُهَّالِ يغتَرُّ بها. وللرُّهبانِ فيها وقائِعُ مَعلومةٌ، وهي فِراسةٌ لا تَكشِفُ عن حَقٍّ نافِعٍ، ولا عن طَريقٍ مُستَقيمٍ، بل كشفُها جُزئيٌّ مِن جِنسِ فِراسةِ الوُلاةِ، وأصحابِ عِبارةِ الرُّؤيا والأطِبَّاءِ ونَحوِهم.
وللأطِبَّاءِ فِراسةٌ مَعروفةٌ مِن حِذقِهم في صِناعَتِهم. ومَن أحَبَّ الوُقوفَ عليها فليُطالِعْ تاريخَهم وأخبارَهم، وقَريبٌ مِن نِصفِ الطِّبِّ فِراسةٌ صادِقةٌ يقتَرِنُ بها تَجرِبةٌ. واللهُ سُبحانَه أعلَمُ.
- الفِراسةُ الخَلقيَّةُ: وهي التي صَنَّف فيها الأطِبَّاءُ وغَيرُهم. واستَدَلُّوا بالخَلقِ على الخُلُقِ؛ لِما بَينَهما مِنَ الارتِباطِ الذي اقتَضَته حِكمةُ اللهِ؛ كالاستِدلالِ بصِغَرِ الرَّأسِ -الخارِجِ عنِ العادةِ- على صِغَرِ العَقلِ. وبكِبَرِه، وبسَعةِ الصَّدرِ، وبُعْدِ ما بَينَ جانِبَيه: على سَعةِ خُلُقِ صاحِبِه، واحتِمالِه وبَسطَتِه. وبضيقِه على ضيقِه. وبخُمودِ العَينِ وكَلالِ نَظَرِها على بَلادةِ صاحِبِها، وضَعفِ حَرارةِ قَلبِه. وبشِدَّةِ بَياضِها مَعَ إشرابِه بحُمرةٍ -وهو الشَّكلُ- على شَجاعَتِه وإقدامِه وفِطنَتِه. وبتَدويرِها مَعَ حُمرَتِها وكثرةِ تَقَلُّبِها، على خيانَتِه ومَكرِه وخِداعِه.
ومُعظَمُ تَعلُّقِ الفِراسةِ بالعَينِ؛ فإنَّها مِرآةُ القَلبِ، وعُنوانُ ما فيه. ثُمَّ باللِّسانِ؛ فإنَّه رَسولُه وتُرجُمانُه... وأصلُ هذه الفِراسةِ: أنَّ اعتِدالَ الخِلقةِ والصُّورةِ هو مِنِ اعتِدالِ المِزاجِ والرُّوحِ، وعنِ اعتِدالِها يكونُ اعتِدالُ الأخلاقِ والأفعالِ، وبحَسَبِ انحِرافِ الخِلقةِ والصُّورةِ عنِ الاعتِدالِ يقَعُ الانحِرافُ في الأخلاقِ والأعمالِ .
وذَكرَ ابنُ القَيِّمِ أيضًا أنَّ الفِراسةَ ثَلاثةُ أنواعٍ: وهي فِراسةُ العَينِ، وفِراسةُ الأُذُنِ، وفِراسةُ القَلبِ
جاء في لسان العرب التالي : فراسةوالفِراسة، بالكسر: الاسم من قولك تفرَّسْت فيه خيراً.
وتفرَّس فيه الشيءَ: توسَّمَه. والاسم الفِراسَة، بالكسر. وفي الحديث:
اتَّقُوا فِراسَة المؤمن؛ قال ابن الأَثير: يقال بمعنيَين: أَحدهما ما دل
ظاهرُ الحديث عليه وهو ما يُوقِعُه اللَّه تعالى في قلوب أَوليائه
فيَعلمون أَحوال بعض الناس بنَوْع من الكَرامات وإِصابة الظنّ والحَدْس،
والثاني نَوْع يُتَعَلَم بالدلائل والتَّجارب والخَلْق والأَخْلاق فتُعرَف به
أَحوال الناس، وللناس فيه تصانيف كثيرة قديمة وحديثة، واستعمل الزجاج منه
أَفعل فقال: أَفْرَس الناس أَي أَجودهم وأَصدقهم
جاء في موقع طريق الاسلام الالكتروني التالي
معنى الفِرَاسة اصطلاحًا: قيل: هو عِلْمٌ تُتَعرَّف منه أخلاق الإنسان: من هيئته ومزاجه وتوابعه، وحاصله الاستدلال بالخَلْق الظَّاهر على الخُلق الباطن ((كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم) للتهانوي [1/56]). وقيل: الفِرَاسة هي الاستدلال بالأمور الظَّاهرة على الأمور الخفيَّة ((كشاف اصطلاحات الفنون والعلوم) للتهانوي [2/1265]).
جاء في موقع اسلام ويب عن موضوع الفراسة
وبخصوص ما سألت عنه عن معنى الفراسة وكيفية التحلى بها؛ فاعلم بارك الله فيك أن الفِراسة مأخوذة من التفرس بالشيء، وهي خاطر يهجم على القلب، ويَثِب عليه وُثُوبَ الأسد على فريسته.
وتعرف الفراسة اصطلاحا على أنها: الاستدلال بالأحوال الظاهرة في الجسد (أشكال وألوان وأعضاء) على الأحوال الباطنة، وقد أشار القرآن والسنة إلى ذلك، ففي القرآن قال تعالى " تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ " البقرة (273) وقال سبحانه: "إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ " الحجر(75), وقال تعالى: "... يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام".
وقد قال صلى الله عليه وسلم: " اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله " وقال الإمام علي رضي الله عنه: " ما اضمر أحدا شيئا إلا ظهرت في فلتات لسانه وصفحات وجهه", وقد قسَّم ابن الأثير الفراسة إلى قسمين:
- الأول: ما دل ظاهر هذا الحديث عليه: " اتقوا فراسة المؤمن"، وهو ما يوقعه الله تعالى في قلوب أوليائه؛ فيعلمون أحوال بعض الناس بنوع من الكرامات, وإصابة الظن والحدس.
- الثاني نوع يتعلم بالدلائل, والتجارب, والخلق, والأخلاق, فتعرف به أحوال الناس.أ.هـ.
وقال المناوي: "اتقوا فراسة المؤمن، أي اطلاعه على ما في الضمائر بسواطع أنوار أشرقت في قلبه؛ فتجلت له بها الحقائق، فإنه ينظر بنور الله؛ أي يبصر بعين قلبه المشرق بنور الله تعالى".
ومن القصص المشهورة في الفراسة ما ذكره الحاكم عن قتيبة قال: رأيت محمد بن الحسن والشافعي قاعدين بفناء الكعبة؛ فمر رجل فقال أحدهما لصاحبه: تعال حتى نزكن -أي نتفرس- على هذا الآتي؛ أي حرفة معه؟ فقال أحدهما: خياط، وقال الآخر: نجار، فبعثا إليه فسألاه؛ فقال: كنت خياطاً وأنا اليوم نجار!!
وأما كيفية الحصول عليها فتعمد على ثلاثة أمور:
1- كثرة القراءة فإنما العلم بالتعلم.
2- كثرة التعبد لله عز وجل, فالمؤمن يرى بنور الله عز وجل, وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن للمؤمن فراسة.
3- الجلوس مع أهل الحكمة والعلماء.
ناصر حيدر
تعليق