ماذا نقول : (رمضان) أم (شهر رمضان) ؟
خلفية هذا السؤال هو ما ورد في بعض الأخبار عند الخاصّة والعامة، التي تحثّ على قول: شهر رمضان، وتنهى عن قول: رمضان.
فمن رواياتنا -على سبيل المثال دون الحصر- ما رواه الكليني في الكافي بسنده عن الإمام الباقر(عليه السلام): لا تقولوا هذا رمضان، ولا ذهب رمضان، ولا جاء رمضان؛ فإنّ رمضان اسم من أسماء الله (عزّ وجلّ) لا يجيء ولا يذهب، وإنّما يجيء ويذهب الزائل، ولكن قولوا: شهر رمضان؛ فإنّ الشهر مضاف إلى الاسم والاسم اسم الله عزّ ذكره..وثمّة أخبار أخرى غيرها.
لا أحد يعلم المقصود من هذه الأخبار على وجه التحديد حتى يومنا هذا، فليس كلّ ما في النصوص الشريفة قد علم وجهه بالقطع، وأحيط بتفسيره على سبيل الجزم، ومن ثمّ فما يهمنا الآن هو السؤال عن حكم ذلك؟ ولك أن تقول: عن كيفية تعامل العلماء مع أمثال هذه الروايات؟.طبعًا، ليس هناك أحدٌ من العلماء قد أفتى بحرمة قول(رمضان) أو أوجب قول(شهر رمضان)؛ إذ ليس هناك أيّ دليل تامّ يدلّ على ذلك، وأما النهي الوارد في الأخبار فهو أعمّ من الحرمة-كما قرّر في علم الأصول- فضلًا عن أنّ النصوص الشريفة نفسها قد ورد فيها التعبير بـ(رمضان) مجرّدة. عدا هذا المعنى المجمع عليه، انقسم العلماء على رأيين:
فالمشهور أعرض عن تلكم الروايات، ولم يحكموا بكراهة مثل هذا الاستعمال، والرأي عندهم أنّ(رمضان) اسم علم للشهر الكريم، مشتق من(الرمْض) وهو-بسكون الميم- المطر وقت الخريف، أو(الرمَض)التحريك الذي يعني شدة الحر إلى غير ذلك من وجوه التسمية، فالمقصود أنّهم لم يفتوا بكراهة قول(رمضان) مجردًا من شهر، لكن رغم ذلك فالاحتياط –وهو حسنٌ على كل حال- يرجّح أن يقال: شهر رمضان دون(رمضان) وحدها. وفي مقابل المشهور، هناك قلة من العلماء ممن خالف المشهور، ليس في الحكم وحسب، وإنّما في معناه واشتقاقه أيضًا، فيرى هؤلاء-بعد أن صححوا الروايات وعملوا بها- أولًا- أنّ(رمضان) اسم من أسماء الله تعالى، فهو اسم جامد غير مشتق. وثانيًا- أنّ قول(رمضان) مرادا به الشهر الكريم؛ مكروه.
جاء في مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام، للمحقق السيد محمد بن علي العاملي(ت1009هـ): اختلف في رمضان [على قولين]: فقيل: إنّه اسم من أسماء الله تعالى وعلى هذا فمعنى شهر رمضان : شهر الله. وقد ورد ذلك في عدة أخبار، منها ما رواه الكليني في الصحيح...(ونقل الخبر المتقدّم)، وعن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: لا تقولوا رمضان، ولكن قولوا شهر رمضان، فإنكم لا تدرون ما رمضان. وقيل: إن رمضان علم للشهر، كرجب وشعبان، ومنع الصرف؛ للعلمية والألف والنون. (انظر-مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام،ج6،ص15ط: مؤسسة آل البيت) .
قلتُ: لا أرى تنافي بين القولين؛ لاحتمال أنّ الاشتراك بالنقل، فمن المحتمل-بناءً على الأخبار- أن تكون كلمة(رمضان) في أول أمرها وسابق عهدها-في العربية أو غيرها من اللغات القديمة التي لم نطلع عليها-كانت اسمًا من أسماء الله تعالى، ثمّ نقلت إلى الشهر المخصوص، ومن ثمّ كأنّ تلكم الأخبار تحثّ على إضافة قرينة عند إرادة الشهر؛ حذرًا من اللبس، ولتكن تلك القرينة لفظية صريحة كما في كلمة(شهر)، أو ما إذا كان سياق الكلام يشكل قرينة على إرادة الشهر الكريم مثلما هو شأن الأخبار التي استعملتْ (رمضان) وهي بصدد الحديث عن الصيام ومتعلقاته، فهذه وتلك كلاهما قرينتان يقع بهما تمييز(رمضان) الشهر عن رمضان بوصفه اسمًا من أسماء الله تعالى.
وأيًا يكن الأمر، ففي ضوء ما مرّ: لا شكّ أنّ الأفضل عند الجميع هو استعمال(شهر رمضان) و تحاشي استعمال(رمضان) وحدها، ولو على المبدأ الذي قرّره الأعلام في علم الأصول من أنّ الاحتياط حسنٌ على كلّ حال .
منقول من غير تصرف : ( مقالة للسيد الأستاذ علي العزام الحسيني - دامت بركاته - ) .
خلفية هذا السؤال هو ما ورد في بعض الأخبار عند الخاصّة والعامة، التي تحثّ على قول: شهر رمضان، وتنهى عن قول: رمضان.
فمن رواياتنا -على سبيل المثال دون الحصر- ما رواه الكليني في الكافي بسنده عن الإمام الباقر(عليه السلام): لا تقولوا هذا رمضان، ولا ذهب رمضان، ولا جاء رمضان؛ فإنّ رمضان اسم من أسماء الله (عزّ وجلّ) لا يجيء ولا يذهب، وإنّما يجيء ويذهب الزائل، ولكن قولوا: شهر رمضان؛ فإنّ الشهر مضاف إلى الاسم والاسم اسم الله عزّ ذكره..وثمّة أخبار أخرى غيرها.
لا أحد يعلم المقصود من هذه الأخبار على وجه التحديد حتى يومنا هذا، فليس كلّ ما في النصوص الشريفة قد علم وجهه بالقطع، وأحيط بتفسيره على سبيل الجزم، ومن ثمّ فما يهمنا الآن هو السؤال عن حكم ذلك؟ ولك أن تقول: عن كيفية تعامل العلماء مع أمثال هذه الروايات؟.طبعًا، ليس هناك أحدٌ من العلماء قد أفتى بحرمة قول(رمضان) أو أوجب قول(شهر رمضان)؛ إذ ليس هناك أيّ دليل تامّ يدلّ على ذلك، وأما النهي الوارد في الأخبار فهو أعمّ من الحرمة-كما قرّر في علم الأصول- فضلًا عن أنّ النصوص الشريفة نفسها قد ورد فيها التعبير بـ(رمضان) مجرّدة. عدا هذا المعنى المجمع عليه، انقسم العلماء على رأيين:
فالمشهور أعرض عن تلكم الروايات، ولم يحكموا بكراهة مثل هذا الاستعمال، والرأي عندهم أنّ(رمضان) اسم علم للشهر الكريم، مشتق من(الرمْض) وهو-بسكون الميم- المطر وقت الخريف، أو(الرمَض)التحريك الذي يعني شدة الحر إلى غير ذلك من وجوه التسمية، فالمقصود أنّهم لم يفتوا بكراهة قول(رمضان) مجردًا من شهر، لكن رغم ذلك فالاحتياط –وهو حسنٌ على كل حال- يرجّح أن يقال: شهر رمضان دون(رمضان) وحدها. وفي مقابل المشهور، هناك قلة من العلماء ممن خالف المشهور، ليس في الحكم وحسب، وإنّما في معناه واشتقاقه أيضًا، فيرى هؤلاء-بعد أن صححوا الروايات وعملوا بها- أولًا- أنّ(رمضان) اسم من أسماء الله تعالى، فهو اسم جامد غير مشتق. وثانيًا- أنّ قول(رمضان) مرادا به الشهر الكريم؛ مكروه.
جاء في مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام، للمحقق السيد محمد بن علي العاملي(ت1009هـ): اختلف في رمضان [على قولين]: فقيل: إنّه اسم من أسماء الله تعالى وعلى هذا فمعنى شهر رمضان : شهر الله. وقد ورد ذلك في عدة أخبار، منها ما رواه الكليني في الصحيح...(ونقل الخبر المتقدّم)، وعن غياث بن إبراهيم، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: لا تقولوا رمضان، ولكن قولوا شهر رمضان، فإنكم لا تدرون ما رمضان. وقيل: إن رمضان علم للشهر، كرجب وشعبان، ومنع الصرف؛ للعلمية والألف والنون. (انظر-مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام،ج6،ص15ط: مؤسسة آل البيت) .
قلتُ: لا أرى تنافي بين القولين؛ لاحتمال أنّ الاشتراك بالنقل، فمن المحتمل-بناءً على الأخبار- أن تكون كلمة(رمضان) في أول أمرها وسابق عهدها-في العربية أو غيرها من اللغات القديمة التي لم نطلع عليها-كانت اسمًا من أسماء الله تعالى، ثمّ نقلت إلى الشهر المخصوص، ومن ثمّ كأنّ تلكم الأخبار تحثّ على إضافة قرينة عند إرادة الشهر؛ حذرًا من اللبس، ولتكن تلك القرينة لفظية صريحة كما في كلمة(شهر)، أو ما إذا كان سياق الكلام يشكل قرينة على إرادة الشهر الكريم مثلما هو شأن الأخبار التي استعملتْ (رمضان) وهي بصدد الحديث عن الصيام ومتعلقاته، فهذه وتلك كلاهما قرينتان يقع بهما تمييز(رمضان) الشهر عن رمضان بوصفه اسمًا من أسماء الله تعالى.
وأيًا يكن الأمر، ففي ضوء ما مرّ: لا شكّ أنّ الأفضل عند الجميع هو استعمال(شهر رمضان) و تحاشي استعمال(رمضان) وحدها، ولو على المبدأ الذي قرّره الأعلام في علم الأصول من أنّ الاحتياط حسنٌ على كلّ حال .
منقول من غير تصرف : ( مقالة للسيد الأستاذ علي العزام الحسيني - دامت بركاته - ) .
تعليق