تتسع المفاهيم الايمانية لتنفتح على عوالم الغيبيات والاتجاه الكلي نحو فكرة التسليم؛ لأن العقل قاصر عن ادراك كنه الغيبيات بكل ما تحتويه العقيدة من مفاهيم وقواعد وأصول للبحث عن اليقين الفكري الذي يبنى عليه الايمان بثبات يتحدى به كل مجابهة ضالة، والعقيدة المهدوية رسالة إلهية تحمل الثراء الفكري، وتتوغل في القيم الروحية التي يؤمن بها المسلمون، وخاصة اتباع اهل البيت (عليهم السلام)؛ كونهم ينتهجون نهج الامامة منفردين عن بقية المذاهب الأخرى.
عند تمحيص أهمية الرواية بجوهر الاحتفاء الإنساني في قضية المهدي، سنجد أن المدرك الايماني هو محصن للإنسان من أي تأثيرات مبتدعة والاحتفاء الإنساني بشخصية المهدي (عجل الله فرجه) ذو منحى عالمي موجود في الفكر الإنساني، جعله مطمعاً لبعض من يدعي المهدوية, عبر كل جيل وعبر كل بيئة تظهر الادعاءات المهدوية؛ كونها تحتاج الى تدنٍّ في مستوى الوعي العام لتنمو هذه الفكرة وتجد أصداء تتبع الضلالة بعمى دون ادنى تفكير، هذا ما يجعلنا بحاجة الى فهم وادراك عمق وجود الحجة (عليه السلام).
ولا بد من دراسة وتفسير النصوص الواردة بكينونته مثل غيبته وسياقات الظهور والاثر المرجو من قيم الانتظار وتدارك الوعي؛ كي لا ينحدر الإنسان لمستوى اللاوعي فيتبع مدّعي المهدوية بوهم عالٍ، او يتبع مغريات ترديه الى عتمات الموت.
فكرة المنقذ والمصلح العالمي قضية كونية تؤمن بها الشعوب والأمم، وهناك من يجعل قوة هذا التأثير المعنوي بأنه تقليد لباقي الأديان في حال أن الفكرة المهدوية وليدة الدين والأديان، وهي رؤى تكاملية، فهي من مصدر واحد هو الله سبحانه وتعالى والاختلاف الموجود هو في تشخيص الرمز المهدوي والمذهب الشيعي شخص هويته واستمد معرفته من وصايا النبي (ص) مع هذا لا تخلو امة من رموز الضلالة واهل الانحراف الفكري والنفسي والذي يكون تأثيره تأثيراً سلبياً، ومع هذا يؤثر على جوهر الانتماء؛ كون هذه النماذج تعتبر بلاء ولا بد من الفتن كي نتمحص ايماننا، ووعينا وعي ينظر الى هذه الابتلاءات والفتن؛ ليأخذ العبرة والموعظة، وذلك بامتلاكنا الخلفية الثقافية الواعية للتشخيص السبب الذي يجعلهم يدعون المكانة.
ما هي دوافع الاستغلال ومعرفة قيم الانحراف نفسه، والا كيف يجرؤ من يدعي في مجتمع مسلم مؤمن بأنه المهدي او يدّعي النيابة الخاصة والعامة، ونحن نعلم أن المهدوية تنحصر في الامام الحجة بن الحسن حسب احاديث النبي (ص) وأئمة المذهب، نجد اليوم أن الدعوات المهدوية تعيد لنا الانتماء الى الحوزة وتدعي انهم وكلاء صاحب الزمان (عليه السلام)، قلة الوعي الديني والثقافي لدى أبناء الأمة نتيجة الجهل بحقيقة القضية المهدوية وابعادها التاريخية الماضوية والمستقبلية، وعدم المواظبة على العلم، والبحث عن الجذور الحقيقية للقضية المهدوية من أجل التمسك بالإسلام المحمدي الأصيل الذي غرسه فينا أهل البيت (عليهم السلام).
=
تعليق