بسم الله الرحمن الرحيم
ولله الحمد والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وآله الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جاء في الزيارة الجامعة لأئمة الهدى عليهم السلام هذه الفقرة الشريفة: ((وَشُهَدَاءَ عَلَى خَلْقِهِ))..
نحن الاثني عشرية نعتقد اعتقاداً جازماً بأئمة الهدى عليهم السلام وهم الأوصياء الموصى بهم من قبل الله تعالى بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وهم الذين حملوا أعباء الرسالة وهداية الخلق من بعده..
ومن مهامهم الشريفة هو شهادتهم عليهم السلام على الخلق أجمعين.. فكل إمام يكون شهيداً على أهل زمانه كما ورد في الكافي الشريف: عن سماعة قال: قال أبوعبد الله عليه السلام في قول الله عزّ وجلّ: "فكيف إذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً" قال: ((نزلت في أمة محمد صلّى الله عليه وآله خاصة، في كل قرن منهم إمام منا شاهد عليهم ومحمد صلى الله عليه وآله شاهد علينا))..
فيتّضح من الحديث الشريف أعلاه انّ أعمالنا مشهودة من قبل أئمتنا عليهم السلام، وهذه الشهادة لابد أن تكون مدعاة لعمل الطاعات والانزجار عن المعاصي، لأنّ تلك الأعمال لابد أن يأتي اليوم الذي تُعرض فيه ويُفتضح ما كان مخفياً والشاهد يصدّق على هذه الأفعال والأعمال، فأشدّ يوم على العبد هو يوم العرض..
لذلك على شيعة ومحبي أهل البيت عليهم السلام الانتباه جيداً أكثر من غيرهم لهذا الأمر.. لأنّنا ندّعي الوصل بهم واقتفاء آثارهم..
وخاصّة إذا ما تأمّلنا قوله تعالى: ((وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)) (التوبة: 105).. فعن ابي بصير، عن ابي عبد الله عليه السلام قال: ((تعرض الاعمال على رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، اعمال العباد كل صباح، ابرارها وفجارها، فاحذروها وذلك قول الله عزّ وجلّ: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله) وسكت))..
وبعد التأمل ألا يجدر بنا أن نستحي من الرسول والأئمة عليهم الصلاة والسلام من عرض أعمالنا عليهم في كل يوم، فهل يرضى أحدنا يا ترى أن يسيء الى أئمته عليهم السلام وهو يدّعي حبّهم والسير على نهجهم.. فعن سماعة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: ((مالكم تسوؤون رسول الله صلّى الله عليه وآله؟ ! فقال رجل: كيف نسوؤه؟ فقال: أما تعلمون أن أعمالكم تعرض عليه، فإذا رأى فيها معصية ساء ه ذلك، فلا تسوؤوا رسول الله وسروه))..
وخاصة انّ الامام عليه السلام يحذّرنا من هذا العرض، لأن قبولنا عندهم بأن نكون موالين ومحبين منوط بقبول تلك الأعمال، وما لم يرضوه لن يرضى عنه الله تعالى أبداً..
فحريّ بنا أن نخجل من إمام زماننا عجّل الله تعالى فرجه الشريف وهو يرى أعمالنا التي تسوؤه، وخاصة ونحن ندعو له بالفرج وأن يُكحل أنظارنا برؤياه الشريفة، فكيف التوفيق بين الدعاء له وبين أعمالنا التي تزعجه.. لذا نأمل أن يكون هذا العرض وتلك الشهادة محفزة لبناء أنفسنا بناءً صحيحاً متفقاً مع مبادئ وقيم أهل البيت عليهم السلام، وأن تكون حصناً حصيناً لأنفسنا من ارتكاب المعاصي والذنوب حتى وإن كانت صغيرة بنظرنا..
ألا يرى أحدنا انّه عندما يتصرف أحد أولادنا تصرفاً مشيناً أمام المجتمع سوف نخجل ونشعر بالانزعاج.. فكيف بأئمتنا عليهم السلام وهم يرون ما نفعله ونحن المحسوبين عليهم..
نسأل الله تعالى أن تكون أعمالنا وإياكم مفرحة لأئمتنا عليهم السلام لنكون بحق من أتباعهم ومواليهم...
تعليق