إنّ بعض الأحداث التي تمرّ في حياة الإنسان تؤثر فيه بشكل أو بآخر وتترك في نفسه انطباعات قد تكون جميلة ومؤثرة كأنها لوحة تشكيلية لها
مغازيها وأسرارها، وكثيرة هي تلك المحطات في حياتنا ولعلّها تجعلنا نقفز في مشاعرنا فجأة، فبسمة الوالدين الحانية عند زيارتهما بعد أن تأخذنا
الحياة بعيداً ونسرق الوقت من بين انشغالاتنا المتعددة لزيارتهما ترانا نفاجأ بأن ذلك البيت الذي ألفناه صار بارداً وفارغاً وبدت جدرانه وكأنها
ورقة كُتب عليها تاريخ ذكرياتنا لأيام رحلت ولن تعود، وأنّ أصوات ضحكاتنا التي كانت تملأ هذا المكان بدت هادئة وصامتة، ودبكات ركضاتنا
خلف بعضنا أصبح وقع أقدام ثقيلة حملتنا لهذا المكان، ودموع خصوماتنا في ساعات اللعب البريء كانت كأنها رسم لوحة على رمال البصر
سرعان ما كان يغمرها الماء فيمحيها كأنها توقد المشاعر التي أطفأتها مشاكل الحياة وإنّ هذين القلبين ما يزالان ينبضان بالحبّ بلا مقابل كما
عهدناهما، وما يزال حضنهما دافئاً وإن كنا مشغولين عنهما بصخب الحياة وضجيجها، وحبنا لهما متكلف وبسمتنا لهما يعلوها الجمود والبرود،
فنحن الأبناء دائماً نريد المقابل لحبنا لهما.
فيا قائدي سفينتي نحو مرفأ الأمان عذراً؛ لأنني قطعتُ عليكما خلوتكما لكنني أردت أن أقول لكما شكراً لكلّ شيء قدمتماه لي..
شكراً من كلّ قلبي.
رجاء علي مهدي
تم نشره في المجلة العدد66
تعليق