تويت
بِسْمِ اَللهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ﴾[1].
الفساد لغةً: في لسان العرب: المفسدة: خلاف المصلحة، والاستفسادُ: خلاف الاستصلاح، وقالوا: هذا الامر مفسدة لكذا، أي فيه فساد. قال الشاعر: «إِنَّ الشبابَ والفَراغَ والجِدَهْ******* مَفْسَدَةٌ للعَقْلِ أَيُّ مَفْسدَه»
المفْسَدَةُ: خلاف المصلحة.
فالفسادُ: بمعنى القحط، وقلة الريع، ومحق البركات، وقيل: هو قتل ابن آدم أخاه.
وقيل: الذي لا نفع فيه.
الفساد اصطلاحاً:
الفساد: «كل ما يغير عن استقامة الحال.
والافساد في الارض: العمل فيها بما نهى الله عنه، وتضييع ما أمر الله بحفظه، كما قال تعالى حاكيا عن الملائكة: ﴿أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا﴾[2]، يعنون من يعصيك ويخالف أمرك[3].
لمّا اقتضت الإرادة الإلهية بخلق السماوات والأرض وأنشأهما على أحسن حال، إلى أن اسكن تعالى في الأرض البشر، فغيّروا وبدّلوا وأفسدوا، وتميّزت ببعثة الانبياء فيها، فانطلق الرسل في مهمّتهم الرسالية الكبرى لنشر الصلاح فيها بعد طغيان الفساد، فكانوا حرباً على الفساد بكلّ أنواعه وأشكاله، وعملوا على نشر الفضيلة وقيم الخير في مواجهة الفساد والطغيان.
ومن جملة ما جاء به الرسل بيان اخطار ظاهرة الفساد في الدنيا، والعواقب الوخيمة لها في الآخرة، ليرتدع الناس عن الإقدام عليها ولينتهوا عنها.
وذلك قوله تعالى في القرآن الكريم: ﴿ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاس﴾[4].
واستعمل الفقهاء في رسائلهم الفقهية أبواب المعاملات لفظ الفساد بمعنى البطلان، كما يستعمل بمعنى الخروج عن الاستقامة.
وقد ذكر الفساد في القرآن الكريم في أكثر من خمسين موضعا، اشتركت في التحذير من الفساد والمفسدين وفي الإنكار على سلوكيّاتهم وأفكارهم.
وتوجد عدّة أسباب للفساد منها:-
السبب الاول: عبادة غير الله.
السبب الثاني: اتّباع الحق للباطل.
السبب الثالث: المتسلطون الجائرون.
السبب الرابع: الاصرار على التمرد.
السبب الخامس: كثرة المعاصي.
وهناك أنواع للفساد نذكر منها:-
1 - الكفر والصدّ عن سبيل الله:
قال الله تبارك وتعالى: ﴿الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُون﴾[5].
وهذا الصدّ عن سبيل الله يكون من خلال إضلالَ الناس وتشكيكَهم في دينهم وصرفَهم عن الطريق المستقيم، والعدولُ عن الحقّ بعد معرفتِه.
ومن خلال البدع المخالفة لشرع الله: ورد في الحديث عَنْ رَسُولِ اَللَّهِ صَلَّى اَللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ قوله: ((لاَ تَرْجِعُنَّ بَعْدِي كُفَّاراً مُرْتَدِّينَ مُتَأَوِّلِينَ لِلْكِتَابِ عَلَى غَيْرِ مَعْرِفَةٍ وَتَبْتَدِعُونَ اَلسُّنَّةَ بِالْهَوَى لِأَنَّ كُلَّ سُنَّةٍ وَحَدَثٍ وَكَلاَمٍ خَالَفَ اَلْقُرْآنَ فَهُوَ رَدٌّ وَبَاطِلٌ))[6].
2 - النِّـفاق:
قال جلَّ جلاله: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا﴾[7].
3 - قتل النفس:
قال تبارك وتعالى: ﴿مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا﴾[8].
4 - بخس الموازين والتطفيف بالكيل:
قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾[9].
5 - قطع الأرحام:
قال الله تبارك وتعالى: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُم﴾[10].
6 - الإسراف ومجاوزة الحدّ في الغيّ والتمادي في المعاصي:
قال الله تبارك وتعالى على لسان موسى عليه السلام: ﴿كُلُواْ وَاشْرَبُواْ مِن رِّزْقِ اللَّهِ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِين﴾[11].
7- ارتكاب المنكرات والفواحش:
قال الله تبارك وتعالى: ﴿وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُون﴾[12].
[1] سورة البقرة، الآية: 11.
[2] سورة البقرة، الآية: 30.
[3] التبيان: ج 1، ص 75.
[4] سورة الروم، الآية: 41.
[5] سورة النحل، الآية: 88.
[6] خصائص الأئمّة، للشريف الرضي، 75.
[7] سورة النساء، الآية: 61.
[8]سورة المائدة، الآية: 32.
[9] سورة الإسراء، الآية: 35.
[10] سورة محمّد، الآية: 22.
[11] سورة البقرة، الآية: 60.
[12] سورة الحجرات، الآية: 7.
تعليق