تويت
بِسْمِ اَللهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
قال الله تعالى في الكتاب الكريم: ﴿.. قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾[1].
ممّا يلفت النظر في هذه الآية أن الوصف الوحيد الذي استعمله القرآن لمدح الأزواج في جنّات النعيم هو أنّها «مطهرة». وهي إشارة إلى أول شرط في الزوجة هو «الطهر». وكل ما سواه من الشروط والأوصاف ثانوي.
روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: ((إِيَّاكُمْ وَخَضْرَاءَ الدِّمَنْ. قَيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ! وَمَا خَضْرَاءُ الدّمَنْ؟ قَال: الْمَرْأَةُ الْحَسْنَاءُ في مَنْبَتِ السُّوءِ))[2].
﴿وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ﴾ طهرن مما يختص بالنساء من المحيض، وما لا يختص بهن من الأقذار والأدناس، ويدخل تحت ذلك الطهر من دنس الطباع وسائر العيوب.
وبمناسبة ذكر الأزواج توجد عدة أوصاف لنساء الجنة منها: -
أوّلأً: تشبيههنَّ بالياقوت والمرجان، إذ يقول عزَّ من قائلٍ في محكم آياته: ﴿كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ﴾[3]، والياقوت حجر كريم ثمين جداً، وهناك الياقوت الأبيض والأحمر والأصفر والأخضر، ومن خصائصه أنَّ كثرة مسِّه ولمسه لا تعدمه بريقه وتألَّقه. وأحد دواعي تشبيه الحور بالياقوت هو جانب الصفاء والتألق، أما الجانب الثاني في علَّة تشبيه الحور بالياقوت فهو جانب اللون، فهن حمراوات كالياقوت، بيضاوات كالمرجان.
ثانيا: حور وكاللؤلؤ، فيقول تعالى في وصف الحور العين: ﴿وَحُورٌ عِينٌ* كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُون﴾[4].
(حور) جمع (حورا) و(احور)، وعلى قول الكثير من أرباب اللغة والمفسِّرين (شدة بياض العين في شدة سوادها) وهذا غاية جمال العين، ولقد فسَّره البعض ببياض جميع الجسم، أمَّا كـلـمـة (عـيـن) جمع (أعين)، (على وزن أفضل)، و(عيناء) في الأصل بمعنى العين الـوسـيعة، وتطلق هذه الكلمة على المرأة التي تمتلك عينين واسعتين جميلتين وجذابتين، أو الرجل كذلك.
إنَّ الحور العين تتصف بجميع الصفات والمحاسن وحسن الظاهر والباطن والفضائل الجسمانية والروحانية والأخلاقية، وبذلك فيتصفن بكل ما هو حسن.
ثالثاً: قاصرات الطرف ولم يُطمثنَّ، ويقول جلَّ وعلا في وصفهن: ﴿فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ﴾[5].
قاصرات الطرف: والمراد قصور طرفهن على أزواجهن يرضين بهم ولا يرون غيرهم أو هو كناية عن كونهن ذوات غنج ودلال.
الطمث: الافتضاض والنكاح بالتدمية، والمعنى: لم يمسسهن بالنكاح إنس ولا جان قبل أزواجهن.
رابعاً: ومن صفاتهن ما في قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء* فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا* عُرُبًا أَتْرَابًا﴾[6].
(أنشأناهنَّ): أي إنا أوجدناهن وأحدثناهن وربيناهن إحداثا وتربية خاصة، وفيه تلويح إلى أنهن لا يختلف حالهن بالشباب والشيب وصباحة المنظر وخلافها
(جعلناهنَّ أبكارا): أي خلقناهن عذارى، كلما آتاهن أزواجهن وجدوهن أبكاراً، ويستفاد من بـعـض الـروايات وكلمات المفسرين أنَّ هذه الحالة حالة دائمة لا تتغير.
و(عُرُبًا): أي متحننات على أزواجهنَّ متحبِّبات إليهم، وقـيـل: عـاشـقـات لأزواجهنَّ، وقيل: العروب، اللعوب مع زوجها، وفسَّرها البعض أيضا بمعنى الدلال.
و(أَتْرَابًا): جمع ترب بالكسر فالسكون بمعنى المثل أي إنهن أمثال أو أمثال في السن لأزواجهن.
خامساً: وهو بيت القصيد، فيقول سبحانه وتعالى أيضاً ﴿وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾[7]. فكما يدلَّ التعبير على نقائها وصفائها من كل النقائص والأقذار الجسمية والـخـلقية، كذلك يشمل أيضا نزاهتها من العيوب والأدران المعنوية والخلقية، فالزوجة في الآخرة مطهَّرة من كل ما يكرهه الزوج فيها، وما لم يحبَّه في الدنيا يختفي.
[1] سورة البقرة، الآية: 25.
[2] وسائل الشيعة، ج 14، ص 19.
[3] سورة الرحمن، الآية: 58.
[4] سورة الواقعة، الآيتان: 22-23.
[5] سورة الرحمن، الآيتان: 56- 58.
[6] سورة الواقعة، الآيتان: 35-37.
[7] سورة البقرة، الآية: 25.
تعليق