عالم بلا فقر حلم جميل تسعى الشعوب إلى تحقيقه على مسرح الحياة ولكن كيف يمكن إيجاد عالم كهذا في ظل هيمنة غربية تتجاهل حقوق الفقراء؟ هي ترى أن الفقراء فائض بشري يجب الخلاص منه
ويحلم الناس بدنيا لا ظلم فيها وهذا أمل عريض يراود المظلومين المجروحين في أرض الله الواسعة فكيف السبيل إلى ذلك والطغاة يحكمون قبضتهم على كل شيء؟
وينشد أهل الخير حياة تعلو فيها الفضيلة على الرزيلة وتحترم فيها الأخلاق والقيم و يتمناها أهل التقوى والمغفرة فكيف يتحقق لهم ذلك في ظل عالم كفور كنود؟
لكن هل معنى ذلك اليأس من التغيير وعدم الرجاء في الإصلاح؟
والجواب أن الله العلي القدير بشرنا بغد أفضل ومستقبل مشرق وفى كلام الله تبارك وتعالى وحديث رسوله محمد ص ما يحمل المبشرات التي تبعث الأمل وتهزم اليأس القاتل للنفوس.
وما الحديث عن الإمام المهدي عليه السلام إلا دليل قاطع وبرهان ساطع على أن ريح التغيير قادمة لا محالة وأن الخير سينتصر وأن الشر سينهزم وأن الكفر والظلم سيمحى من على وجه الأرض.
• و حكومة الإمام المهدي التي ستقام بإذن الله إذا أشرقت الأرض بنور ربها وأذن له في الظهور حسب علمه تبارك وتعالى ستكون حكومة ربانية محمدية مهدوية لا مثيل لها في تاريخ البشر السياسي والاقتصادي والاجتماعي في القديم والحديث.
• إنها نظام متفرد ومتميز .
• فهي ليست ملكية استبدادية تتسلط بالقهر والغلبة .
• وليست نظام أرستقراطي يتسلط بالنسب والجاه والمال والعشيرة.
• كما أنها ليست حكومة منتخبة عن طريق الشعب حتى نسميها حكومة ديمقراطية.
• بل هي حكومة العلم والإيمان والعدل والإنصاف والطهر والنقاء يتسنم الناس فيها ذروة المجد الإسلامي ويتنسم في أجوائها عبير الحرية الحقة ويحطمون قيود الذل والاستعباد ويصاغ الإنسان فيها صياغة إيمانية جديدة وتظهر في ظلها كلمة الله وينتشر التوحيد الخالص من شوائب الشرك وأدران الرياء وهى بحق كما عبر عنها وعن قائدها الإمام علي (عليه السلام): يؤيده الله بملائكته ويعصم أنصاره وينصره بآياته ويظهره على أهل الأرض حتى يدينوا طوعا وكرها ويملأ الأرض عدلا وقسطا ونورا وبرهانا يدين له عرض البلاد وطولها حتى لا يبقى كافر إلا آمن ولا طالح إلا صلح ويصطلح في ملكه السباع وتخرج الأرض بركاتها وتنزل من السماء بركتها وتظهر له الكنوز يملك ما بين الخافقين أربعين عاما فطوبى لمن أدرك أيامه وسمع كلامه. (من لا يحضره الفقيه/ الشيخ الصدوق).
• هذا وصف جامع وشامل لحكومة الإمام المهدي عليه السلام العالمية والتي يحلم بها الإنسان المعذب على مدى التاريخ البشري:
فما بين جروح الظلم الدامية وصرخة المظلوم المدوية يرنو البصر إلى مشاهد الرحمة فلا يجد.
- ويشد السمع حاسته نحو صوت العدالة فلا يصل إليه شيء.
فهل هذه إرادة الخالق ونصيب المخلوق؟
• كلا ثم كلا فحاشا لله أن تكون هذه إرادته في أن يسود الشر ويقود الظالم ويسيطر أهل البغي والعدوان معاذ الله وتعالى عن ذلك علوا كبيرا.
• كما أن معاناة وعذابات البشر ليست قدرا محتوما وقضاءاً مبرما؟ إذن فلا محيص ولا مجال من أن للحق في هذه الدنيا دولة وللصلاح فوز ونجاح وللعدل ظهور وغلبة بهذا أخبرت السماء وبشرت الرسل ان وعد الله حق ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ *وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾ (سورة القصص الآيتان ٥-٦).
• وهذا الوصف الدقيق من الإمام علي (عليه السلام) يحدد ملامح الدولة الإسلامية ومعالم الحكومة العالمية بقيادة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه).
- وعلى مائدة الإمام نعيش مع هذا النص العلوي الجليل.
- وقبل ذلك نعرف بالإمام المهدي (عجّل الله فرجه).
١. هو الإمام الثاني عشر محمد بن الحسن العسكري بن الإمام على الهادي بن الإمام محمد الجواد بن الإمام على الرضا بن الإمام موسى الكاظم بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام على زين العابدين بن الإمام الحسين بن الإمام على بن أبى طالب (صلوات الله وتسليماته عليهم أجمعين).
٢. وقد ولد سنة ٢٥٥هجرية واستلم زمام الأمور وتحمل عبء المسؤولية والقيادة الرسالية حتى عام ٢٦٠هجرية .
٣. ثم غاب الغيبة الصغرى إلى عام ٣٢٩ ه.
٤. ثم بدأت الغيبة الكبرى منذ هذا التاريخ وإلى يومنا هذا
٥. حتى يأذن الله له بالظهور والخروج
٦. وهو الذي أخبرت عنه الكتب السماوية وعلى رأسها القرآن الكريم .
١- قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ (سورة الأنبياء آية ١٠٥) قال الطبرسي في تفسير هذه الآية الشريفة: قال أبو جعفر (عليه السلام) هم أصحاب المهدي في آخر الزمان ويدل على ذلك ما رواه العام و الخاص عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلاً صالحاً من أهل بيتي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما قد ملئت ظلماً وجورا.
٢- قال تعالى: ﴿وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور﴾ (سورة إبراهيم آية ٥) يستفاد من أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) من أيام الله ظهور مهدي هذه الأمة وقيام دولته التي يحق الله فيها الحق بكلماته ويزهق الباطل ويقطع دابر الكافرين.
٣- قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ (سورة التوبة آية ٣٣) يقول الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء معلقاً على هذه الآية المباركة: لا شك أن الدين الإسلام من حين ظهوره إلى الآن لم يظهر ويغلب على جميع الأديان بحيث لا يكون على وجه الأرض دين سواه وقد وعد الله سبحانه بذلك في هذه وآيات أخرى والله سبحانه لا يخلف الميعاد فلا بد في وقت من الأوقات أن يقوم داع إلى الله سبحانه وإلى دينه الحق بحيث لا يعبد في الأرض غيره تعالى شأنه كما لا يعبد في السماء سواه .هناك يملأها قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً .
وهذا فرع من أصل بل أصول يبتنى بعضها على بعض يبتدئ من إثبات الحكيم بنعوته الجلالية وتنتهي إلى وجوب وجود الإمام في كل عصر إن الأرض لا تخلوا من حجة وأنها لولا وجود الحجة لساخت وانقلبت بمن فيها كما ورد في الحديث المروى من طرق الفريقين. (جنة المأوى ص ٢٦٤)
تعليق