بسم الله الرحمن الرحيم
الـلهـم صـل عـلى محـمـد وال محـمـد
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين
ان الامام الحسين (عليه السلام) كان مرتبطا بالسماء ، وانه قدم كل مايملك في سبيل الله والاسلام ، فكان مسددا من قبل الله سبحانه وتعالى وحباه الله بالكرامات الكثيرة ومنها هذه الكرامة :الـلهـم صـل عـلى محـمـد وال محـمـد
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين
جاء في بعض كتب أصحابنا، قال: وروي أن المتوكل - لعنه الله - من خلفاء بني العباس كان كثير العداوة، شديد البغض لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله،
وهو الذي أمر الحارثين بحرث قبر الحسين عليه السلام، وإن يخربوا بنيانه ويخفوا آثاره، وأن يجروا عليه الماء من النهر العلقمي بحيث لا تبقى له أثر ولا أحد يقف له على خبر وتوعد الناس بالقتل لمن زار قبره،
وجعل رصدا من أجناده، وأوصاهم كل من وجدتموه يريد زيارة الحسين عليه السلام فاقتلوه،
يريد بذلك إطفاء نور الله وإخفاء آثار ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله .
فبلغ الخبر إلى رجل من أهل الخير يقال له: زيد المجنون، ولكنه ذو عقل سديد، ورأي رشيد، وإنما لقب بالمجنون لأنه أفحم كل لبيب وقطع حجة كل أديب، وكان لا يعي من الجواب ولا يمل من الخطاب.
فسمع بخراب بنيان قبر الحسين عليه السلام وحرث مكانه، فعظم ذلك عليه واشتد حزنه وتجدد مصابه لسيده الحسين عليه السلام،
وكان مسكنه يومئذ بمصر، فلما غلب عليه الوجد والغرام لحرث قبر الإمام عليه السلام خرج من مصر ماشيا هائما على وجهه شاكيا وجده إلى ربه،
وبقى حزينا كئيبا حتى بلغ الكوفة .
وكان البهلول يومئذ بالكوفة، فلقيه زيد المجنون وسلم عليه فرد عليه السلام، فقال له البهلول: من أين لك معرفتي ولم ترني قط؟ فقال زيد: يا هذا اعلم أن قلوب المؤمنين جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، فقال له البهلول: يا زيد ما الذي أخرجك من بلادك بغير دابة ولا مركوب؟ فقال: والله ما خرجت إلا من شدة وجدي وحزني وقد بلغني أن هذا اللعين أمر بحرث قبر الحسين عليه السلام وخراب بنيانه وقتل زواره، فهذا الذي أخرجني من موطني ونقص عيشي وأجرى دموعي وأقل هجوعي،
فقال البهلول: وأنا والله كذلك فقال له: قم بنا نمضي إلى كربلاء لنشاهد قبور أولاد علي المرتضى.
قال: فأخذ كل بيد صاحبه حتى وصلا إلى قبر الحسين عليه السلام، وإذا هو على حاله لم يتغير، وقد هدموا بنيانه، وكلما أجروا عليه الماء غار وحار واستدار بقدرة
لعزيز الجبار، ولم يصل قطرة واحدة إلى قبر الحسين عليه السلام، وكان القبر الشريف إذا جاءه الماء يرتفع أرضه بإذن الله تعالى فتعجب زيد المجنون مما شاهده وقال: انظر يا بهلول يريدون ليطفؤا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون.
قال: ولم يزل المتوكل يأمر بحرث قبر الحسين عليه السلام مدة عشرين سنة والقبر على حاله لم يتغير، ولا يعلوه قطرة من الماء،
فلما نظر الحارث إلى ذلك قال: آمنت بالله و بمحمد رسول الله صلى الله عليه وآله والله لأهربن على وجهي وأهيم في البراري ولا أحرث قبر الحسين عليه السلام ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، وإن لي مدة عشرين سنة أنظر آيات الله وأشاهد براهين آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله ولا أتعظ ولا أعتبر،
ثم إنه حل النيران و طرح الفدان وأقبل يمشي نحو زيد المجنون وقال له: من أين أقبلت يا شيخ؟ قال: من مصر فقال له: ولأي شئ جئت إلى هنا وأنه لأخشى عليك من القتل فبكى زيد و قال: والله قد بلغني حرث قبر الحسين عليه السلام فأحزنني ذلك وهيج حزني ووجدي.
فانكب الحارث على أقدام زيد يقبلهما وهو يقول: فداك أبي وأمي فوالله يا شيخ من حين ما أقبلت إلي أقبلت إلي الرحمة واستنار قلبي بنور الله، وإني آمنت بالله ورسوله، وإن لي مدة عشرين سنة وأنا أحرث هذه الأرض وكلما أجريت الماء إلى قبر الحسين عليه السلام غار وحار واستدار، ولم يصل إلى قبر الحسين عليه السلام منه قطرة و كأني كنت في سكر وأفقت الآن ببركة قدومك إلي فبكى زيد وتمثل بهذه الأبيات:
تالله إن كانت أمية قد أتت * قتل ابن بنت نبيها مظلوما فلقد أتاه بنو أبيه بمثله * هذا لعمرك قبره مهدوما أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا * في قتله فتتبعوه رميما
فبكى الحارث وقال: يا زيد قد أيقظتني من رقدتي وأرشدتني من غفلتي وها أنا الآن ماض إلى المتوكل بسر من رأى اعرفه بصورة الحال إن شاء (الله) أن يقتلني وإن شاء (الله) أن يتركني.
فقال له زيد: وأنا أيضا أسير معك إليه وأساعدك على ذلك،
قال: فلما دخل الحارث إلى المتوكل وخبره بما شاهد من برهان قبر الحسين عليه السلام استشاط غيضا وازداد بغضا لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وأمر - لعنه الله - بقتل الحارث وأمر أن يشد رجله في حبل ويسحب على وجهه في الأسواق ثم يصلب في مجتمع الناس، ليكون عبرة لمن اعتبر ولا يبقى أحد يذكر أهل البيت بخير أبدا.
وأما زيد المجنون فإنه ازداد حزنه واشتد عزاؤه، وطال بكاؤه، وصبر حتى أنزلوه من الصلب، وألقوه على مزبلة هناك فجاء إليه زيد فاحتمله إلى دجلة و غسله وكفنه وصلى عليه ودفنه، وبقى ثلاثة أيام لا يفارق قبره وهو يتلو كتاب الله عنده .
--------------------------------------------------------
العوالم ، الإمام الحسين (ع) - الشيخ عبد الله البحراني - الصفحة ٧٢
تعليق