بِسْمِ اَللهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
قال الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾[1].
كان آدم يملك بفضل الله قابلية خارقة لفهم الحقائق. وشاء الله أن ينقل هذه القابلية من مرحلة القوّة إلى مرحلة الفعل، وهو قوله: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾.
اختلف المفسرون في تفسير «تعليم الأسماء»، ومن المؤكد أن المقصود من ذلك ليس هو تعليم الأسماء دون المعاني، فذلك لا يكسب آدم فخراً، بل المقصود هو معاني الأسماء والمفاهيم والمسميات.
هذا العلم بالكون وبأسرار الموجودات وخواصها، كان مفخرة كبيرة لآدم طبعاً.
وفي تفسير العياشي عَنْ أَبِي اَلْعَبَّاسِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اَللهِ ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ مَاذَا عَلَّمَهُ قَالَ: ((اَلْأَرَضِينَ وَاَلْجِبَالَ وَاَلشِّعَابَ وَاَلْأَوْدِيَةَ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى بِسَاطٍ تَحْتَهُ فَقَالَ: وَهَذَا اَلْبِسَاطُ مِمَّا عَلَّمَهُ)).[2]
وفي التفسير أيضا عن داود بن سرحان العطار، قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدعا بالخوان فتغذينا ثم دعا بالطست والدست سنانه فقلت: جعلت فداك، قوله: وعلم آدم الاسماء كلها، الطست والدست سنانه منه، فقال عليه السلام: ((الفجاج والاودية وأهوى بيده كذا وكذا))[3]، هذا تفسير مهم.
ولكن التفسير الأهم ما رُوِيَ عَنِ أَيْمَنَ بْنِ مُحْرِزٍ عَنِ اَلصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: ((أَنَّ اَلله تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَّمَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَسْمَاءَ حُجَجِ َالله كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ وَهُمْ أَرْوَاحٌ عَلَى اَلْمَلاَئِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ بِأَنَّكُمْ أَحَقُّ بِالْخِلاَفَةِ فِي اَلْأَرْضِ لِتَسْبِيحِكُمْ وَتَقْدِيسِكُمْ مِنْ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلاّٰ ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ اَلْعَلِيمُ اَلْحَكِيمُ قَالَ اَللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمّٰا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِم وَقَفُوا عَلَى عَظِيمِ مَنْزِلَتِهِمْ عِنْدَ اَللهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ فَعَلِمُوا أَنَّهُمْ أَحَقُّ بِأَنْ يَكُونُوا خُلَفَاءَ اَللهِ فِي أَرْضِهِ وَحُجَجَهُ عَلَى بَرِيَّتِهِ ثُمَّ غَيَّبَهُمْ عَنْ أَبْصَارِهِمْ وَاِسْتَعْبَدَهُمْ بِوَلاَيَتِهِمْ وَمَحَبَّتِهِمْ وَقَالَ لَهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ اَلسَّماواتِ وَاَلْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ)).[4]
علم الأسماء إذن لم يكن يشبه «علم المفردات»، بل كان يرتبط بفلسفة الأسماء وأسرارها وكيفياتها وخواصها. والله سبحانه منح آدم هذا العلم ليستطيع أن يستثمر المواهب المادية والمعنوية في الكون على طريق تكامله.
كما منح الله آدم قابلية التسمية، ليستطيع أن يضع للأشياء أسماء، وبذلك يتحدث عن هذه الأشياء بذكر اسمها لا بإحضار عينها. وهذه نعمة كبرى، نفهمها لو عرفنا أن علوم البشرية تنقل عن طريق الكتب والمدوّنات. وما كان هذا التدوين مقدوراً لولا وضع الأسماء للأشياء وخواصها.
فتعليم الله عز وجل لآدم عليه السلام تكويني، أي إن الله أودع هذا العلم في وجود آدم بالقوة، ودفعه خلال مدّة قصيرة إلى المرحلة الفعلية.
وإطلاق كلمة «تعليم» في القرآن على «التعليم التكويني» ورد في موضع آخر من القرآن، كقوله تعالى: ﴿عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾[5]، وواضح أن الله سبحانه علّم الإِنسان البيان في مدرسة الخلقة، أي منحه الكفاءة والخصائص الفطرية اللازمة للبيان والكلام.
ولعل الملائكة كان لديهم اعتقاد في البداية أنهم يحملون الكفاءة اللازمة لهذا الهدف، لكن الله بيّن لهم الفرق بين كفاءتهم وكفاءة آدم بتجربة تعليم الأسماء.
المراد بالأسماء التي عُلِّم آدم إياها هم أهل البيت لا أسماؤهم، فالمقصود بالأسماء نفس محمد وآل بيته.
فالتعبير بهؤلاء لا يعبّر عن غير العقلاء، فلا يقال: هؤلاء الحجارة، بل يقال: هذه الحجارة، ولا يقال: هؤلاء البلدان، بل يقال: هذه البلدان، فهؤلاء إنما يعبّر بها عن العقلاء، ولذلك عندما تقول الآية: ﴿أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ﴾ فمعنى ذلك أن هناك أشخاصًا عقلاء كانوا موجودين في زمن آدم، وقد قال الله تبارك وتعالى للملائكة: أنبئوني بأسماء هؤلاء العقلاء، ولو كان المقصود اللغات لما صح التعبير عنها بهؤلاء؛ لأن اللغات ليست من العقلاء.
[1] سورة البقرة، الآية: 31.
[2] بحار الأنوار، ج 11، ص 147.
[3] تفسير العياشي، ج 1، ص 33.
[4] كمال الدين وتمام النعمة، ج 1، ص 13.
[5] سورة الرحمن، الآية: 4.
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
قال الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾[1].
كان آدم يملك بفضل الله قابلية خارقة لفهم الحقائق. وشاء الله أن ينقل هذه القابلية من مرحلة القوّة إلى مرحلة الفعل، وهو قوله: ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾.
اختلف المفسرون في تفسير «تعليم الأسماء»، ومن المؤكد أن المقصود من ذلك ليس هو تعليم الأسماء دون المعاني، فذلك لا يكسب آدم فخراً، بل المقصود هو معاني الأسماء والمفاهيم والمسميات.
هذا العلم بالكون وبأسرار الموجودات وخواصها، كان مفخرة كبيرة لآدم طبعاً.
وفي تفسير العياشي عَنْ أَبِي اَلْعَبَّاسِ عَنْ أَبِي عَبْدِ اَللهِ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اَللهِ ﴿وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا﴾ مَاذَا عَلَّمَهُ قَالَ: ((اَلْأَرَضِينَ وَاَلْجِبَالَ وَاَلشِّعَابَ وَاَلْأَوْدِيَةَ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى بِسَاطٍ تَحْتَهُ فَقَالَ: وَهَذَا اَلْبِسَاطُ مِمَّا عَلَّمَهُ)).[2]
وفي التفسير أيضا عن داود بن سرحان العطار، قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدعا بالخوان فتغذينا ثم دعا بالطست والدست سنانه فقلت: جعلت فداك، قوله: وعلم آدم الاسماء كلها، الطست والدست سنانه منه، فقال عليه السلام: ((الفجاج والاودية وأهوى بيده كذا وكذا))[3]، هذا تفسير مهم.
ولكن التفسير الأهم ما رُوِيَ عَنِ أَيْمَنَ بْنِ مُحْرِزٍ عَنِ اَلصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: ((أَنَّ اَلله تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَّمَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَسْمَاءَ حُجَجِ َالله كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ وَهُمْ أَرْوَاحٌ عَلَى اَلْمَلاَئِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ بِأَنَّكُمْ أَحَقُّ بِالْخِلاَفَةِ فِي اَلْأَرْضِ لِتَسْبِيحِكُمْ وَتَقْدِيسِكُمْ مِنْ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلاّٰ ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ اَلْعَلِيمُ اَلْحَكِيمُ قَالَ اَللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمّٰا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِم وَقَفُوا عَلَى عَظِيمِ مَنْزِلَتِهِمْ عِنْدَ اَللهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ فَعَلِمُوا أَنَّهُمْ أَحَقُّ بِأَنْ يَكُونُوا خُلَفَاءَ اَللهِ فِي أَرْضِهِ وَحُجَجَهُ عَلَى بَرِيَّتِهِ ثُمَّ غَيَّبَهُمْ عَنْ أَبْصَارِهِمْ وَاِسْتَعْبَدَهُمْ بِوَلاَيَتِهِمْ وَمَحَبَّتِهِمْ وَقَالَ لَهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ اَلسَّماواتِ وَاَلْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ)).[4]
علم الأسماء إذن لم يكن يشبه «علم المفردات»، بل كان يرتبط بفلسفة الأسماء وأسرارها وكيفياتها وخواصها. والله سبحانه منح آدم هذا العلم ليستطيع أن يستثمر المواهب المادية والمعنوية في الكون على طريق تكامله.
كما منح الله آدم قابلية التسمية، ليستطيع أن يضع للأشياء أسماء، وبذلك يتحدث عن هذه الأشياء بذكر اسمها لا بإحضار عينها. وهذه نعمة كبرى، نفهمها لو عرفنا أن علوم البشرية تنقل عن طريق الكتب والمدوّنات. وما كان هذا التدوين مقدوراً لولا وضع الأسماء للأشياء وخواصها.
فتعليم الله عز وجل لآدم عليه السلام تكويني، أي إن الله أودع هذا العلم في وجود آدم بالقوة، ودفعه خلال مدّة قصيرة إلى المرحلة الفعلية.
وإطلاق كلمة «تعليم» في القرآن على «التعليم التكويني» ورد في موضع آخر من القرآن، كقوله تعالى: ﴿عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾[5]، وواضح أن الله سبحانه علّم الإِنسان البيان في مدرسة الخلقة، أي منحه الكفاءة والخصائص الفطرية اللازمة للبيان والكلام.
ولعل الملائكة كان لديهم اعتقاد في البداية أنهم يحملون الكفاءة اللازمة لهذا الهدف، لكن الله بيّن لهم الفرق بين كفاءتهم وكفاءة آدم بتجربة تعليم الأسماء.
المراد بالأسماء التي عُلِّم آدم إياها هم أهل البيت لا أسماؤهم، فالمقصود بالأسماء نفس محمد وآل بيته.
فالتعبير بهؤلاء لا يعبّر عن غير العقلاء، فلا يقال: هؤلاء الحجارة، بل يقال: هذه الحجارة، ولا يقال: هؤلاء البلدان، بل يقال: هذه البلدان، فهؤلاء إنما يعبّر بها عن العقلاء، ولذلك عندما تقول الآية: ﴿أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ﴾ فمعنى ذلك أن هناك أشخاصًا عقلاء كانوا موجودين في زمن آدم، وقد قال الله تبارك وتعالى للملائكة: أنبئوني بأسماء هؤلاء العقلاء، ولو كان المقصود اللغات لما صح التعبير عنها بهؤلاء؛ لأن اللغات ليست من العقلاء.
[1] سورة البقرة، الآية: 31.
[2] بحار الأنوار، ج 11، ص 147.
[3] تفسير العياشي، ج 1، ص 33.
[4] كمال الدين وتمام النعمة، ج 1، ص 13.
[5] سورة الرحمن، الآية: 4.
تعليق