بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
أمور في طريق لقاء الله تعالى
١. ستر العورة: إن هناك تأكيداً على ستر العورة في الصلاة، إذ لا بد من ستر هذا الجزء من البدن، لأنه لا يستحسن إظهاره.. فالعورات الظاهرية تكوين، خلقها رب العالمين لحكمة؛ فلولاها لما كان هناك تناسل!.. وكذلك فإن باطن الإنسان له عورات، يستقبح إظهارها، فلكل منا عيوبه وخبائثه التي سترها الله عز وجل، وهي حالات: الحقد، والحسد، و..الخ.. ومن هنا ورد: (لو تكاشفتم لما تدافنتم)!.. فمن نعم رب العالمين علينا أن جعل ظواهرنا خيراًً من بواطننا، حيث أن كل فرد -ما عدا المعصوم- ظاهره خير من باطنه.. فكم من ساعات الغفلة، وكم من المعاصي التي ارتكبناها في السر، وكم من الهفوات التي نسيناها!.. ولكنّ هناك فرقاً بين العورة الظاهرية، والعورة الباطنية: العورة الظاهرية لا تعدم، وإنما تستر!.. أما العورة الباطنية، فبالإمكان أن تعدم، حيث من الممكن أن يصل الإنسان إلى مستوى لا يكون له عورة في الباطن.. بحيث لو كشف الباطن للآخرين، لا يرون إلا الجميل.. لأنه لو تم ستر عورة الباطن؛ فإنه يوم القيامة نفتضح على رؤوس الأشهاد.. لذا، المؤمن يطلب من الله -عز وجل- أن يخلصه من الملكات الخبيثة، فمن أدعيتنا في الدنيا أننا نقول: (اللهم!.. لا تفضحني على رؤوس الأشهاد)!..
٢. القضاء على العورات الباطنية: إن ترك الذنوب أمر جيد، ولكن الأرقى من ذلك أن نقضي على مناشئ الفساد في الروح.. فالذنب تارة يصدر من الأعضاء الخارجية من: العين، والأذن، والفم.. وتارة يكون القلب هو مصدر المعصية.. حيث أن بعض الأمور التي تجول في قلب العبد، تسجل عليه المؤاخذة والخطيئة.. والمعاصي الجوارحية هي انعكاس للمعاصي الجوانحية: فالقلب الذي يشتغل بسوء الظن أو الحسد -مثلاً- لا بد أن تظهر آثار هذه الحالة يوماً من الأيام.. مثلاً: الإنسان تارة ترتفع درجة حرارته، بسبب مرض خفيف، فيتناول دواء مسكناً.. وتارة يكون ارتفاع الحرارة بسبب غدة خبيثة، فهنا يتناول المسكن، ولكن الحل الأساسي هو في اجتثاث أصول المرض من الوجود.. فلو كان هناك إنسان متدين، وإمام جماعة؛ ولكنه: حسود؛ لا يتحمل نعم الآخرين.. وباطنه يغلي، ولكن لا يغتاب، ويمسك لسانه؛ خوفاً من الله -عز وجل- هذا من أهل الجنة قطعاً، ويصلى خلفه بلا إشكال!.. ولكنه مثل ذاك المريض الذي يعاني من وجود غدة سرطانية في جسمه، وكل يوم يأخذ دواء مسكناً.. فهذا ليس حل؛ لأنه ربما في يوم من الأيام ينقطع هذا الدواء من السوق، فيظهر أثر هذه الغدة.. فهذا يصلي ويصوم ويقيم الليل، ولكن قلبه غير سليم؛ فهذا الإنسان عبادته لم تحقق ثمرة الوجود، {يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}.
فإذن، إن أول خطوة يقوم بها المؤمن، هي أنه يبحث عن باطنه، ليكتشف الملكات الصالحة، والملكات الخبيثة فيه!.. فقبل المجاهدة، وقبل النصيحة والموعظة، وقبل المعاركة مع النفس؛ عليه بمراقبة نفسه: عندما يسمع أن صاحبه أو جاره قد تحسن وضعه مادياً -مثلاً-؛ هل هو مرتاح نفسياً أو متأذٍّ.. أو مثلاً: هناك فتاة كان على وشك الزواج بها، فجاء شاب آخر وعقد عليها؛ هل يعيش حالة الغليان الباطني، أو يقول: الأمر إلى الله عز وجل!.. {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
٣. الخوف من عدم القبول: إن البعض يدفع الخمس ويدفع الزكاة، ولكن على مضض.. هذا خمسه مقبول إن شاء الله -تعالى-، ولكن لا يصل إلى الكمالات العليا.. فشتان بين هذا وبين ما يقوله القرآن الكريم: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ}؛ أي لأنهم إلى ربهم راجعون، وعندما يلاقون ربهم، قد لا يشكرهم على إنفاقهم، وذلك لسببين:
أ- قد يكون هذا الإنفاق في غير حله، فربما يكون قد كسب المال من غير الحلال.. وعليه، فإنه يجب أن يُحاسب، لا أن يكافأ على الإنفاق في سبيل الله عز وجل.. لأنه أنفق من مال الغير مثلاً.
ب- قد يكون العمل غير مقبول، حيث يمكن أن يكون هناك عدة أسباب لعدم القبول.. فعن الإمام العسكري -عليه السلام-: (الإشراك في الناس، أخفى من دبيب النمل على المسح الأسود في الليلة المظلمة).
ولهذا عندما نستقرئ أعماق النفس، فإننا نلاحظ أن هناك أموراً خفية جداً، هي التي تحرك الإنسان نحو الله -سبحانه وتعالى- وهي ليست الدواعي الحقيقية.. وهذا ليس من الإخلاص!..
٤. سبر الأغوار: من هنا لابد للإنسان من سبر غور النفس، وعمل استقراء لواقعه ولحاله.. فعدم النظر إلى أجنبية، وعدم الاستماع إلى الغناء، وعدم السرقة، وعدم القتل؛ ليس بذاك العمل العظيم!.. وكذلك فإن كل حرام -هذه الأيام- له بديل: لحم الخنزير؛ بديله لحم العجل.. والخمر؛ بديله العصائر.. والزنا؛ بديله الزواج.. كل شيء له بديل!.. فإذن، أين الإيمان، وأين التقوى، وأين المجاهدة؟!.. المجاهدة هي: أن يعيش الإنسان حالة حب الخير للآخرين، وأن لا يجد في نفسه بخلاً، وأن يكون متواضعاً.. حيث أن البعض له نظرة دونية واحتقار للغير.. وهو ما نجده في تعامل البعض مع من تحت أيديهم من المستضعفين من الخلق، ناسين إنسانيتهم، وأن لهم كرامتهم عند الله تعالى.. فهذا بمَ سيجيب رب العالمين إذا قيل له: ماذا عملت بقولي: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}.. لمَ كنت تحتقر هذا الإنسان المسكين الذي كان يعمل تحت يدك؟.. فكيف إذا أهنته؟!.. أين المعايير؟.. وأين المقاييس؟.. وأين التقوى الباطنية؟..
فإذن، إن رب العالمين خلق العورات وسترها!.. كان بإمكانه أن يجعل بني آدم كالنحلة: يأكل الطعام ويخرج منه العسل.. ولكنه شاء أن يخلقه هكذا!.. أما الملكات الباطنية؛ فهذا شغل العبد.. والذي يعيش شيئاً من الملكات الخبيثة؛ فإنها تظهر ساعة الموت: فصاحب الملكات الطيبة، وهو يحتضر، وفي إغماءته الأخيرة ولسانه يلهج بذكر الله -عز وجل-.. وصاحب الملكات الخبيثة، وهو صاح ينعقد لسانه، يحب أن يتشهد الشهادتين فلا يتمكن!.. لذا، على المؤمن أن يكون مستعداً للموت: فيصفي علاقته: مع ربه، ومع الخلق، ومع نفسه.. فالبعض يخرج إلى الشارع، تضربه سيارة، وإذا به يفاجأ بعالم البرزخ: لا وصية، ولا ثلث، ولا رد مظالم، ولا كلمة أخيرة، ولا تلفظ بالشهاتين..الخ.. وعليه، فإن من النعم الإلهية على العبد، أن يكون مستعداً لهذا الأمر الذي لابد منه!..
اللهم صل على محمد وآل محمد
أمور في طريق لقاء الله تعالى
١. ستر العورة: إن هناك تأكيداً على ستر العورة في الصلاة، إذ لا بد من ستر هذا الجزء من البدن، لأنه لا يستحسن إظهاره.. فالعورات الظاهرية تكوين، خلقها رب العالمين لحكمة؛ فلولاها لما كان هناك تناسل!.. وكذلك فإن باطن الإنسان له عورات، يستقبح إظهارها، فلكل منا عيوبه وخبائثه التي سترها الله عز وجل، وهي حالات: الحقد، والحسد، و..الخ.. ومن هنا ورد: (لو تكاشفتم لما تدافنتم)!.. فمن نعم رب العالمين علينا أن جعل ظواهرنا خيراًً من بواطننا، حيث أن كل فرد -ما عدا المعصوم- ظاهره خير من باطنه.. فكم من ساعات الغفلة، وكم من المعاصي التي ارتكبناها في السر، وكم من الهفوات التي نسيناها!.. ولكنّ هناك فرقاً بين العورة الظاهرية، والعورة الباطنية: العورة الظاهرية لا تعدم، وإنما تستر!.. أما العورة الباطنية، فبالإمكان أن تعدم، حيث من الممكن أن يصل الإنسان إلى مستوى لا يكون له عورة في الباطن.. بحيث لو كشف الباطن للآخرين، لا يرون إلا الجميل.. لأنه لو تم ستر عورة الباطن؛ فإنه يوم القيامة نفتضح على رؤوس الأشهاد.. لذا، المؤمن يطلب من الله -عز وجل- أن يخلصه من الملكات الخبيثة، فمن أدعيتنا في الدنيا أننا نقول: (اللهم!.. لا تفضحني على رؤوس الأشهاد)!..
٢. القضاء على العورات الباطنية: إن ترك الذنوب أمر جيد، ولكن الأرقى من ذلك أن نقضي على مناشئ الفساد في الروح.. فالذنب تارة يصدر من الأعضاء الخارجية من: العين، والأذن، والفم.. وتارة يكون القلب هو مصدر المعصية.. حيث أن بعض الأمور التي تجول في قلب العبد، تسجل عليه المؤاخذة والخطيئة.. والمعاصي الجوارحية هي انعكاس للمعاصي الجوانحية: فالقلب الذي يشتغل بسوء الظن أو الحسد -مثلاً- لا بد أن تظهر آثار هذه الحالة يوماً من الأيام.. مثلاً: الإنسان تارة ترتفع درجة حرارته، بسبب مرض خفيف، فيتناول دواء مسكناً.. وتارة يكون ارتفاع الحرارة بسبب غدة خبيثة، فهنا يتناول المسكن، ولكن الحل الأساسي هو في اجتثاث أصول المرض من الوجود.. فلو كان هناك إنسان متدين، وإمام جماعة؛ ولكنه: حسود؛ لا يتحمل نعم الآخرين.. وباطنه يغلي، ولكن لا يغتاب، ويمسك لسانه؛ خوفاً من الله -عز وجل- هذا من أهل الجنة قطعاً، ويصلى خلفه بلا إشكال!.. ولكنه مثل ذاك المريض الذي يعاني من وجود غدة سرطانية في جسمه، وكل يوم يأخذ دواء مسكناً.. فهذا ليس حل؛ لأنه ربما في يوم من الأيام ينقطع هذا الدواء من السوق، فيظهر أثر هذه الغدة.. فهذا يصلي ويصوم ويقيم الليل، ولكن قلبه غير سليم؛ فهذا الإنسان عبادته لم تحقق ثمرة الوجود، {يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}.
فإذن، إن أول خطوة يقوم بها المؤمن، هي أنه يبحث عن باطنه، ليكتشف الملكات الصالحة، والملكات الخبيثة فيه!.. فقبل المجاهدة، وقبل النصيحة والموعظة، وقبل المعاركة مع النفس؛ عليه بمراقبة نفسه: عندما يسمع أن صاحبه أو جاره قد تحسن وضعه مادياً -مثلاً-؛ هل هو مرتاح نفسياً أو متأذٍّ.. أو مثلاً: هناك فتاة كان على وشك الزواج بها، فجاء شاب آخر وعقد عليها؛ هل يعيش حالة الغليان الباطني، أو يقول: الأمر إلى الله عز وجل!.. {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
٣. الخوف من عدم القبول: إن البعض يدفع الخمس ويدفع الزكاة، ولكن على مضض.. هذا خمسه مقبول إن شاء الله -تعالى-، ولكن لا يصل إلى الكمالات العليا.. فشتان بين هذا وبين ما يقوله القرآن الكريم: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ}؛ أي لأنهم إلى ربهم راجعون، وعندما يلاقون ربهم، قد لا يشكرهم على إنفاقهم، وذلك لسببين:
أ- قد يكون هذا الإنفاق في غير حله، فربما يكون قد كسب المال من غير الحلال.. وعليه، فإنه يجب أن يُحاسب، لا أن يكافأ على الإنفاق في سبيل الله عز وجل.. لأنه أنفق من مال الغير مثلاً.
ب- قد يكون العمل غير مقبول، حيث يمكن أن يكون هناك عدة أسباب لعدم القبول.. فعن الإمام العسكري -عليه السلام-: (الإشراك في الناس، أخفى من دبيب النمل على المسح الأسود في الليلة المظلمة).
ولهذا عندما نستقرئ أعماق النفس، فإننا نلاحظ أن هناك أموراً خفية جداً، هي التي تحرك الإنسان نحو الله -سبحانه وتعالى- وهي ليست الدواعي الحقيقية.. وهذا ليس من الإخلاص!..
٤. سبر الأغوار: من هنا لابد للإنسان من سبر غور النفس، وعمل استقراء لواقعه ولحاله.. فعدم النظر إلى أجنبية، وعدم الاستماع إلى الغناء، وعدم السرقة، وعدم القتل؛ ليس بذاك العمل العظيم!.. وكذلك فإن كل حرام -هذه الأيام- له بديل: لحم الخنزير؛ بديله لحم العجل.. والخمر؛ بديله العصائر.. والزنا؛ بديله الزواج.. كل شيء له بديل!.. فإذن، أين الإيمان، وأين التقوى، وأين المجاهدة؟!.. المجاهدة هي: أن يعيش الإنسان حالة حب الخير للآخرين، وأن لا يجد في نفسه بخلاً، وأن يكون متواضعاً.. حيث أن البعض له نظرة دونية واحتقار للغير.. وهو ما نجده في تعامل البعض مع من تحت أيديهم من المستضعفين من الخلق، ناسين إنسانيتهم، وأن لهم كرامتهم عند الله تعالى.. فهذا بمَ سيجيب رب العالمين إذا قيل له: ماذا عملت بقولي: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}.. لمَ كنت تحتقر هذا الإنسان المسكين الذي كان يعمل تحت يدك؟.. فكيف إذا أهنته؟!.. أين المعايير؟.. وأين المقاييس؟.. وأين التقوى الباطنية؟..
فإذن، إن رب العالمين خلق العورات وسترها!.. كان بإمكانه أن يجعل بني آدم كالنحلة: يأكل الطعام ويخرج منه العسل.. ولكنه شاء أن يخلقه هكذا!.. أما الملكات الباطنية؛ فهذا شغل العبد.. والذي يعيش شيئاً من الملكات الخبيثة؛ فإنها تظهر ساعة الموت: فصاحب الملكات الطيبة، وهو يحتضر، وفي إغماءته الأخيرة ولسانه يلهج بذكر الله -عز وجل-.. وصاحب الملكات الخبيثة، وهو صاح ينعقد لسانه، يحب أن يتشهد الشهادتين فلا يتمكن!.. لذا، على المؤمن أن يكون مستعداً للموت: فيصفي علاقته: مع ربه، ومع الخلق، ومع نفسه.. فالبعض يخرج إلى الشارع، تضربه سيارة، وإذا به يفاجأ بعالم البرزخ: لا وصية، ولا ثلث، ولا رد مظالم، ولا كلمة أخيرة، ولا تلفظ بالشهاتين..الخ.. وعليه، فإن من النعم الإلهية على العبد، أن يكون مستعداً لهذا الأمر الذي لابد منه!..
تعليق