بِسْمِ اَللهِ اَلرَّحْمنِ اَلرَّحِيمِ
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
اللهم صلِّ على مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّد
قال الله تعالى في كتابه الكريم:﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ﴾[1].
﴿هَذهِ الشَّجَرَةَ﴾ الشجرة: كل ما قام على ساق من النبات. وهو اسم يعم النخلة والكرمة وغيرهما. وما لم يقم على ساق لا يسمى شجراً كالبقل والحشيش. واما اليقطين كالقرع والبطيخ فقد سميّ شجراً. قال الله تعالى: ﴿وأنبتنا عليه شجرة من يقطين﴾ قال صاحب العين: الشجرة واحدة تجمع على الشجر والشجرات والأشجار واختلفوا في الشجرة التي نهى الله آدم عنها. فقال ابن عباس: هي السنبلة وقال ابن مسعود والسدي وجعفر بن زهير: هي الكرمة. وقال ابن جريج هي التينة وروي عن علي (عليه السلام) انه قال: شجرة الكافور وقال الكلبي: شجرة العلم على الخير والشر. وقال ابن جذعان: هي شجرة الخلد التي كان يأكل منها الملائكة. والاقاويل الثلاثة الأول أقرب.
وفي العيون عَنْ عَبْدِ اَلسَّلاَمِ بْنِ صَالِحٍ اَلْهَرَوِيِّ قَالَ: قُلْتُ لِلرِّضَا عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَا اِبْنَ رَسُولِ االله أَخْبِرْنِي عَنِ اَلشَّجَرَةِ اَلَّتِي أَكَلَ مِنْهَا آدَمُ وَحَوَّاءُ مَا كَانَتْ فَقَدِ اِخْتَلَفَ اَلنَّاسُ فِيهَا فَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِي أَنَّهَا اَلْحِنْطَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِي أَنَّهَا اَلْعِنَبُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَرْوِي أَنَّهَا شَجَرَةُ اَلْحَسَدِ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: ((كُلُّ ذَلِكَ حَقٌّ قُلْتُ فَمَا مَعْنَى هَذِهِ اَلْوُجُوهِ عَلَى اِخْتِلاَفِهَا فَقَالَ يَا أَبَا اَلصَّلْتِ إِنَّ شَجَرَةَ اَلْجَنَّةِ تَحْمِلُ أَنْوَاعاً فَكَانَتْ شَجَرَةُ اَلْحِنْطَةِ وَفِيهَا عِنَبٌ وَلَيْسَتْ كَشَجَرَةِ اَلدُّنْيَا وَإِنَّ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ لَمَّا أَكْرَمَهُ الله تَعَالَى ذِكْرُهُ بِإِسْجَادِ مَلاَئِكَتِهِ وَبِإِدْخَالِهِ اَلْجَنَّةَ قَالَ فِي نَفْسِهِ هَلْ خَلَقَ الله بَشَراً أَفْضَلَ مِنِّي فَعَلِمَ اَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَا وَقَعَ فِي نَفْسِهِ فَنَادَاهُ اِرْفَعْ رَأْسَكَ يَا آدَمُ وَاُنْظُرْ إِلَى سَاقِ اَلْعَرْشِ فَرَفَعَ آدَمُ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَى سَاقِ اَلْعَرْشِ فَوَجَدَ عَلَيْهِ مَكْتُوباً لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ أَمِيرُ اَلْمُؤْمِنِينَ وَزَوْجَتُهُ فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ وَاَلْحَسَنُ وَاَلْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ اَلْجَنَّةِ فَقَالَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَا رَبِّ مَنْ هَؤُلاَءِ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ هَؤُلاَءِ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ وَهُمْ خَيْرٌ مِنْكَ وَ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِي وَلَوْلاَ هُمْ مَا خَلَقْتُكَ وَلاَ خَلَقْتُ اَلْجَنَّةَ وَاَلنَّارَ وَلاَ اَلسَّمَاءَ وَاَلْأَرْضَ فَإِيَّاكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِمْ بِعَيْنِ اَلْحَسَدِ فَأُخْرِجَكَ عَنْ جِوَارِي فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ بِعَيْنِ اَلْحَسَدِ وَتَمَنَّى مَنْزِلَتَهُمْ فَتَسَلَّطَ عَلَيْهِ اَلشَّيْطَانُ حَتَّى أَكَلَ مِنَ اَلشَّجَرَةِ اَلَّتِي نُهِيَ عَنْهَا وَتَسَلَّطَ عَلَى حَوَّاءَ لِنَظَرِهَا إِلَى فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ بِعَيْنِ اَلْحَسَدِ حَتَّى أَكَلَتْ مِنَ اَلشَّجَرَةِ كَمَا أَكَلَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَأَخْرَجَهُمَا االله عَزَّ وَجَلَّ عَنْ جَنَّتِهِ فَأَهْبَطَهُمَا عَنْ جِوَارِهِ إِلَى اَلْأَرْضِ)).[2]
والمراد بالشّجرة المنهيّة مرتبة النّفس الانسانيّة التي هي جامعة لمقام الحيوانيّة والمرتبة الآدميّة ارتفع الاختلاف من الاخبار فإنّ النّفس الانسانيّة شجرة لها انواع الثّمار والحبوب واصناف الاوصاف والخصال لانّ الحبوب والثّمار وان لم تكن بوجوداتها العينيّة الدّانيّة موجودة فيها لكنّ الكلّ بحقائقها موجودة فيها فتعيين تلك الشّجرة بشيءٍ من الحبوب والثّمار أو العلوم والاوصاف بيان لبعض شؤنها.
وروي في تفسير الامام العسكري (عليه السلام): أنّها شجرة علم محمّدٍ وآل محمّدٍ (صلوات الله عليهم) الّذين آثرهم الله تعالى به دون سائر خلقه فقال الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبَا هَٰذهِ الشَّجَرَةَ﴾؛ شجرة العلم، علم محمد وآل محمد الذي آثرهم الله به، دون سائر خلقه. فإنها لمحمد وآل محمد، خاصة دون غيرهم. لا يتناول منها بأمر الله، إلّا هم. و منها كان يتناول النبي - صلى الله عليه وآله - وعلي وفاطمة والحسن والحسين - صلوات الله عليهم - بعد إطعامهم اليتيم والمسكين والأسير، حتى لم يحسوا بعد بجوع ولا عطش ولا تعب.[3]
[1] سورة البقرة، الآية: 35.
[2] عيون أخبار الرضا (عليه السلام)، ج 1، ص 306.
[3] تفسير کنز الدقائق وبحر الغرائب، ج 1، ص 362.
تعليق