🔸غزوة وادي الرمل ( السلسلة )🔸
بـطولات أمير المؤمنين عليه السلام وتفانيه
بينما النبي صلى الله عليه وآله ذات يوم جالسا، إذ جاءه أعرابي فجثا بين يديه، ثم قال.
إني جئتك لأنصحك، قال: " وما نصيحتك؟ " قال: قوم من العرب قد عملوا على أن يثبتوك بالمدينة، ووصفهم له.
قال: فأمر أمير المؤمنين عليه السلام أن ينادي بالصلاة جامعة، فاجتمع المسلمون، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
" أيها الناس، إن هذا عدو الله وعدوكم قد أقبل إليكم، يزعم أنه يثبتكم بالمدينة، فمن للوادي؟ ".
فقام رجل من المهاجرين فقال: أنا له يا رسول الله. فناوله اللواء وضم إليه سبعمائة رجل وقال له: " امض على اسم الله ".
فمضى فوافى القوم ضحوة، فقالوا له: من الرجل؟ قال. أنا رسول لرسول الله، إما أن تقولوا: لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، أو لأضربنكم بالسيف؟ قالوا له: ارجع إلى صاحبك، فإنا في جمع لا تقوم له.
فرجع الرجل، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك، فقال النبي صلى الله عليه وآله: " من للوادي؟ " فقام رجل من المهاجرين فقال: أنا له يا رسول الله.
قال: فدفع إليه الراية ومضى، ثم عاد بمثل ما عاد به صاحبه الأول.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " أين علي بن أبي طالب؟ فقام أمير المؤمنين عليه السلام فقال: " أنا ذا يا رسول الله؟ " قال: " امض إلى الوادي " قال: " نعم " وكانت له عصابة لا يتعصب بها حتى يبعثه النبي عليه السلام في وجه شديد.
فمضى إلى منزل فاطمة عليها السلام، فالتمس العصابة منها؟
فقالت: " أين تريد، أين بعثك أبي؟ قال: إلى وادي الرمل " فبكت إشفاقا عليه.
فدخل النبي صلى الله عليه وآله وهي على تلك الحال. فقال لها: " ما لك تبكين؟ أتخافين أن يقتل بعلك؟ كلا، إن شاء الله " فقال له علي عليه السلام: " لا تَنْفس علي بالجنة، يا رسول الله ".
ثم خرج ومعه لواء النبي صلى الله عليه وآله فمضى حتى وافى القوم بسحر فأقام حتى أصبح، ثم صلى بأصحابه الغداة وصفهم صفوفا، واتكأ على سيفه مقبلا على العدو، فقال لهم: " يا هؤلاء، أنا رسول رسول الله إليكم، أن تقولوا لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وإلا ضربتكم بالسيف ".
قالوا: ارجع كما رجع صاحباك.
قال: " أنا أرجع؟! لا والله حتى تسلموا أو أضربكم بسيفي هذا، أنا علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ".
فاضطرب القوم لما عرفوه، ثم اجترؤوا على مواقعته، فواقعهم عليه السلام، فقتل منهم ستة أو سبعة، وانهزم المشركون، وظفر المسلمون وحازوا الغنائم، وتوجه إلى النبي صلى الله عليه وآله.
فروي عن أم سلمة - رحمة الله عليها - قالت: كان نبي الله عليه السلام قائلا في بيتي إذ انتبه فزعا من منامه، فقلت له: الله جارك، قال: " صدقت " الله جاري لكن هذا جبرئيل عليه السلام يخبرني:
أن عليا قادم " ثم خرج إلى الناس فأمرهم أن يستقبلوا عليا عليه السلام وقام المسلمون له صفين مع رسول الله صلى الله عليه وآله.
فلما بصر بالنبي صلى الله عليه وآله ترجل عن فرسه وأهوى إلى قدميه يقبلهما، فقال له عليه السلام: " إركب فإن الله تعالى ورسوله عنك راضيان " فبكى أمير المؤمنين عليه السلام فرحا، وانصرف إلى منزله، وتسلم المسلمون الغنائم.
فقال النبي صلى الله عليه وآله لبعض من كان معه في الجيش:
" كيف رأيتم أميركم؟ " قالوا: لم ننكر منه شيئا، إلا إنه لم يؤم بنا في صلاة إلا قرأ بنا فيها بقل هو الله أحد. فقال النبي صلى الله عليه وآله " سأسأله عن ذلك ".
فلما جاءه قال له: " لم تقرأ بهم في فرائضك إلا بسورة الاخلاص؟ " فقال: يا رسول الله أحببتها " قال له النبي عليه السلام: " فإن الله قد أحبك كما أحببتها ".
ثم قال له: " يا علي، لولا أنني أشفق أن تقول فيك طوائف ما قالت النصارى في عيسى بن مريم، لقلت فيك اليوم مقالا لا تمر بملأ منهم إلا أخذوا التراب من تحت قدميك ".
وقد ذكر كثير من أصحاب السيرة : أن في هذه الغزاة نزل على النبي صلى الله عليه وآله: (والعاديات ضبحا) .. إلى آخرها فتضمنت ذكر الحال فيما فعله أمير المؤمنين عليه السلام فيها.
كما في تفسير القمي وأمالي الطوسي ومجمع البيان ومناقب ابن شهر آشوب ..الخ
📙: الإرشاد للمفيد .
بـطولات أمير المؤمنين عليه السلام وتفانيه
بينما النبي صلى الله عليه وآله ذات يوم جالسا، إذ جاءه أعرابي فجثا بين يديه، ثم قال.
إني جئتك لأنصحك، قال: " وما نصيحتك؟ " قال: قوم من العرب قد عملوا على أن يثبتوك بالمدينة، ووصفهم له.
قال: فأمر أمير المؤمنين عليه السلام أن ينادي بالصلاة جامعة، فاجتمع المسلمون، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
" أيها الناس، إن هذا عدو الله وعدوكم قد أقبل إليكم، يزعم أنه يثبتكم بالمدينة، فمن للوادي؟ ".
فقام رجل من المهاجرين فقال: أنا له يا رسول الله. فناوله اللواء وضم إليه سبعمائة رجل وقال له: " امض على اسم الله ".
فمضى فوافى القوم ضحوة، فقالوا له: من الرجل؟ قال. أنا رسول لرسول الله، إما أن تقولوا: لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، أو لأضربنكم بالسيف؟ قالوا له: ارجع إلى صاحبك، فإنا في جمع لا تقوم له.
فرجع الرجل، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك، فقال النبي صلى الله عليه وآله: " من للوادي؟ " فقام رجل من المهاجرين فقال: أنا له يا رسول الله.
قال: فدفع إليه الراية ومضى، ثم عاد بمثل ما عاد به صاحبه الأول.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " أين علي بن أبي طالب؟ فقام أمير المؤمنين عليه السلام فقال: " أنا ذا يا رسول الله؟ " قال: " امض إلى الوادي " قال: " نعم " وكانت له عصابة لا يتعصب بها حتى يبعثه النبي عليه السلام في وجه شديد.
فمضى إلى منزل فاطمة عليها السلام، فالتمس العصابة منها؟
فقالت: " أين تريد، أين بعثك أبي؟ قال: إلى وادي الرمل " فبكت إشفاقا عليه.
فدخل النبي صلى الله عليه وآله وهي على تلك الحال. فقال لها: " ما لك تبكين؟ أتخافين أن يقتل بعلك؟ كلا، إن شاء الله " فقال له علي عليه السلام: " لا تَنْفس علي بالجنة، يا رسول الله ".
ثم خرج ومعه لواء النبي صلى الله عليه وآله فمضى حتى وافى القوم بسحر فأقام حتى أصبح، ثم صلى بأصحابه الغداة وصفهم صفوفا، واتكأ على سيفه مقبلا على العدو، فقال لهم: " يا هؤلاء، أنا رسول رسول الله إليكم، أن تقولوا لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وإلا ضربتكم بالسيف ".
قالوا: ارجع كما رجع صاحباك.
قال: " أنا أرجع؟! لا والله حتى تسلموا أو أضربكم بسيفي هذا، أنا علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ".
فاضطرب القوم لما عرفوه، ثم اجترؤوا على مواقعته، فواقعهم عليه السلام، فقتل منهم ستة أو سبعة، وانهزم المشركون، وظفر المسلمون وحازوا الغنائم، وتوجه إلى النبي صلى الله عليه وآله.
فروي عن أم سلمة - رحمة الله عليها - قالت: كان نبي الله عليه السلام قائلا في بيتي إذ انتبه فزعا من منامه، فقلت له: الله جارك، قال: " صدقت " الله جاري لكن هذا جبرئيل عليه السلام يخبرني:
أن عليا قادم " ثم خرج إلى الناس فأمرهم أن يستقبلوا عليا عليه السلام وقام المسلمون له صفين مع رسول الله صلى الله عليه وآله.
فلما بصر بالنبي صلى الله عليه وآله ترجل عن فرسه وأهوى إلى قدميه يقبلهما، فقال له عليه السلام: " إركب فإن الله تعالى ورسوله عنك راضيان " فبكى أمير المؤمنين عليه السلام فرحا، وانصرف إلى منزله، وتسلم المسلمون الغنائم.
فقال النبي صلى الله عليه وآله لبعض من كان معه في الجيش:
" كيف رأيتم أميركم؟ " قالوا: لم ننكر منه شيئا، إلا إنه لم يؤم بنا في صلاة إلا قرأ بنا فيها بقل هو الله أحد. فقال النبي صلى الله عليه وآله " سأسأله عن ذلك ".
فلما جاءه قال له: " لم تقرأ بهم في فرائضك إلا بسورة الاخلاص؟ " فقال: يا رسول الله أحببتها " قال له النبي عليه السلام: " فإن الله قد أحبك كما أحببتها ".
ثم قال له: " يا علي، لولا أنني أشفق أن تقول فيك طوائف ما قالت النصارى في عيسى بن مريم، لقلت فيك اليوم مقالا لا تمر بملأ منهم إلا أخذوا التراب من تحت قدميك ".
وقد ذكر كثير من أصحاب السيرة : أن في هذه الغزاة نزل على النبي صلى الله عليه وآله: (والعاديات ضبحا) .. إلى آخرها فتضمنت ذكر الحال فيما فعله أمير المؤمنين عليه السلام فيها.
كما في تفسير القمي وأمالي الطوسي ومجمع البيان ومناقب ابن شهر آشوب ..الخ
📙: الإرشاد للمفيد .
تعليق